روح النائم تتعلق ببدنه من وجه ،
و تفارقه من وجه ,
هى تقبض و ترسل كما دلت على ذلك نصوص الكتاب و السنه .
.
وقدعقد ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح مساله بعنوان هل تتلاقي ارواح الاحياء و ارواح الاموات ام لا؟)
ثم قال رحمه الله شواهد هذه المساله و ادلتها اكثر من ان يحصى ها الا الله تعالى و الحس و الواقع من اعدل الشهود بها ،
فتلتقى ارواح الاحياء و الاموات كما تلتقى ارواح الاحياء)
وقد قال الله تعالى الله يتوفي الانفس حين موتها و التى لم تمت في منامها فيمسك التى قضي عليها الموت و يرسل الاخري الى اجل مسمي ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون [الايه 42]
ثم ذكر اثرا عن ابن عباس رضى الله عنهما في تفسير هذه الايه انه قال بلغنى ان ارواح الاحياء و الاموات تلتقى في المنام فيتساءلون فيمسك الله ارواح الموتي و يرسل ارواح الاحياء الى اجسادها .
واشار ابن جرير الطبرى رحمه الله الى هذا التفسير حيث قال ذكر ان ارواح الاحياء و الاموات تلتقى في المنام في تعارف ما شاء الله منها فاذا اراد كلها الر جوع الى اجسادها الى اجل مسمي و ذلك الى انقضاء مده حياتها
ونحو الذى قلنا في ذلك ،
قال اهل التاويل ثم ذكر بعض الاثار بنحو ما قال ابن عباس رضى الله عنهما).
ويؤكد ابن كثير رحمه الله تفسير هذه الايه بذلك فيقول: “فيه دلاله على انه تجتمع في الملا الاعلي كما و رد بذلك الحديث المرفوع الذى رواه ابن منده و غيره ،
و في صحيحى البخارى و مسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد بن ابى سعيد عن ابيه ،
عن ابى هريره رضى الله عنه قال قال رسول الله اذا اوي احدكم الى فراشه فلينفضه بداخله ازاره فانه لا يدرى ما خلفه عليه ،
ثم ليقل باسمك ربى وضعت جنبى و بك ارفعه ان امسكت نفسى فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ”
وقال بعض السلف يقبض ارواح الاموات اذا ما توا و ارواح الاحياء اذا ناموا فتتعارف ما شاء الله ان تتعارف ،
فيمسك التى قضى عليها الموت ،
التى قد ما تت و يرسل الاخري الى اجل مسمي .
وقال السعدى – رحمه الله – في تفسير هذه الايه وفى هذه الايه ،
دليل على ان الروح و النفس جسم قائم بنفسه ،
مخالف جوهره جوهر البدن ،
و انها مخلوقه مدبره يتصرف الله فيها بالوفاه و الامساك،
و الارسال).
وان ارواح الاحياء تتلاقي في البرزخ ،
فتتجمع فتتحادث فيرسل الله ارواح الاحياء و يمسك ارواح الاموات .
ولقد عقد السيوطى رحمه الله في كتابه ” شرح الصدور بشرح حال الموتي و القبور ” باب لهذه المساله و ذكر بعض الاثار التى ذكرها ابن القيم – رحمه الله .
وممن فصل القول في هذه المساله ايضا الامام البقاعى رحمه الله في كتاب “سر الروح” مؤيدا ما ذهب اليه ابن القيم رحمه الله ,
وكذلك نعمان الالوسى رحمه الله في كتابه “الايات البينات في عدم سماع الاموات ” حيث قال هل تتلاقي ارواح الاحياء و ارواح الاموات؟).
ثم قال: “وجوابها نعم” ثم استدل بالايه السابقه و تفسير ابن عباس لها ,
و وجه استشهاد هؤلاء العلماء رحمهم الله ،
هذه الايه على التقاء الارواح .
ان النفس الممسكه هى من توفيت وفاه الموت اولا ،
و النفس المرسله من توفيت وفاه النوم ،
و المعني على هذا القول انه سبحانه يتوفي نفس الميت فيمسكها و لا يرسلها الى جسدها قبل يوم القيامه ،
و يتوفي نفس النائم ثم يرسلها الى جسدها الى بقيه اجلها فيتوفاها الوفاه الاخري ,
و على ذلك يكون معنى قوله تعالى فيمسك التى قضي عليها الموت اريد ان من ما ت قبل ذلك لقيت روحه روح الحى .
لكن ذكر شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله انه ليس في هذه الايه دلاله على التقاء ارواح الاحياء و الاموات فقال رحمه الله
والقول الثانى و عليه الاكثرون ان كلا من النفسين الممسكه و المرسله توفيتا وفاه النوم ،
و اما التى توفيت وفاه الموت فتلك قسم ثالث و هى التى قدمها بقوله الله يتوفي الانفس و على هذا يدل الكتاب و السنه فان الله قال الله يتوفي الانفس حين موتها و التى لم تمت في منامها فيمسك التى قضي عليها الموت و يرسل الاخري الى اجل مسمي فذكر امساك التى قضي عليها الموت من هذه الانفس التى توفاها بالنوم واما التى توفاها حين موا فتلك لم يصفها بامساك و لا ارسال و لا ذكر في الايه التقاء الموتي و النيام ,
و قد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح ان هذا القول هو اختيار شيخ الاسلام
ثم قال رحمه الله و الذى يترجح هو القول الاول لانه سبحانه اخبر بوفاتين وفاه كبري و هى وفاه الموت،
و وفاه صغري و هى وفاه النوم ،
و قسم الارواح قسمين قسما قضى عليها الموت فامسكها عنده و هى التى توفاها وفاه الموت ،
و قسما لها بقيه اجل فردها الى جسدها الى استكمال اجلها وجعل سبحانه الامساك و الارسال حكمين للوفاتين المذكورتين اولا.
فهذه ممسكه و هذه مرسله ،
و اخبر ان التى لم تمت هى التى توفاها في منامها فلو كان قد قسم وفاه النوم الى قسمين وفاه موت ،
و وفاه نوم لم يقل والتى لم تمت في منامها فانها من حين قبضت ما تت و هو سبحانه قد اخبر انها لم تمت فكيف يقول فيمسك التى قضي عليها الموت ثم قال رحمه الله و لمن نصر هذا القول ،
يعنى به القول الثانى ،
ان يقول قوله تعالى فيمسك التى قضي عليها الموت بعد ان توفاها وفاه النوم فهو سبحانه توفاها وفاه النوم اولا ثم قضي عليها الموت بعد ذلك ,
ثم ذكر ابن القيم رحمه الله نقلا عن شيخه ان الايه تتناول النوعين فقد قال شيخ الاسلام ابن تيميه “والتحقيق ان الايه تتناول النوعين ،
فان الله ذكر توفيتين ،
توفى الموت ،
و توفى النوم،
و ذكر امساك المتوفاه و ارسال الاخري و معلوم انه يمسك كل ميته سواء ما تت في النوم او قبل ذلك ،
و يرسل من
لم تمت.
وقوله تعالى يتوفي الانفس حين موتها يتناول ما ما تت من اليقظه و ما ما تت في النوم
فلما ذكر التوفيتين ذكر انه يمسكها في احد التوفيتين و يرسلها في الاخرى،
و هذا ظاهر اللفظ و مدلوله بلا تكلف .
وما ذكر من التقاء ارواح النيام و الموتي لا ينا في ما في الايه ،
و ليس في لفظها دلاله عليه لكن قوله فيمسك التى قضي عليها الموت يقضى انه يمسكها و لا يرسلها كما يرسل النائمه ،
سواء توفاها في اليقظه او في النوم و لذلك قال النبى ” اللهم انت خلقت نفسى و انت تتوفاها ،
لك مماتها و محياها،
فان امسكتها فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ” فوصفها بانها في حال توفى النوم اما ممسكه واما مرسله هذا ما يتعلق باستدلال العلماء هذه الايه على تلاقى الارواح ،
اما استدلالهم بالاحاديث فقد ذكر منها ابن القيم – رحمه الله – ما ثبت عنه انه قال ” الارواح جنود مجنده فما تعارف منها ائتلف ،
و ما تناكر منها اختلف ” .
وقد ذكر القرطبى رحمه الله انه قيل في معنى هذا الحديث ،
تلاقى ارواح النيام و الموتي و قيل غير هذا و الله اعلم