غض البصر للشيخ محمد حسان

غض البصر للشيخ محمد حسان

مما لا شك به ان البصر من اعظم المنافذ الى القلب،
يقول الامام القرطبي رحمة الله: البصر هو الباب الاكبر الى القلب،
واعمر طرق الحواس اليه،
وبحسب هذا كثر السقوط من جهتة و وجب التحذير منه،
وغضة و اجب عن كل المحرمات،
وكل ما يخشي الفتنه من اجله،
ونقصد بغض البصر ان يغمض المسلم بصرة عما حرم عليه و لا ينظر الا لما هو مباح له النظر الية ،

وان و قع نظر المسلم على محرم من غير قصد فليصرف بصرة سريعا و لا يتمادي فالنظر.

     القران يامر بغض البصر:

لما كان النظر من اهم المنافذ الى القلب،
ولما كان اطلاقة بغير قيد و لا ضابط ربما يوقع الهوي فقلب صاحبه،
ويجعلة يقع فشرك الفواحش و الفتن،
فقد امر الله بغض البصر حتي يامن العبد عواقب السوء:

(قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم و يحفظوا فروجهم هذا ازكي لهم ان الله خبير بما يصنعون).

ونلحظ هنا ان الله تعالى ربما جعل الامر بغض البصر مقدما على حفظ الفرج،
لان جميع الحوادث مبدؤها من النظر كما قيل:

كل الحوادث مبداها من النظر   و معظم النار من مستصغر الشرر
كم نظره فتكت فقلب صاحبها   فتك السهام بلا قوس و لا و تر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها       فاعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلتة ما ضر مهجته       لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

والنبى صلى الله عليه و سلم يامرك بغض بصرك:

فقد ثبت عنه صلى الله عليه و سلم انه قال:” اضمنوا لى ستا من انفسكم اضمن لكم الجنة: اصدقوا اذا حدثتم،
واوفوا اذا عاهدتم،
وادوا اذا ائتمنتم،
واحفظوا فروجكم،
وغضوا ابصاركم،
وكفوا ايديكم”.

بل جعل النبى صلى الله عليه و سلم غض البصر احد حقوق الطريق حين قال لاصحابة رضى الله عنهم:

” اياكم و الجلوس فالطرقات،
فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها.
فقال: ” فاذا ابيتم الا المجلس فاعطوا الطريق حقه.
قالوا: و ما حق الطريق يا رسول الله؟
قال: غض البصر،
وكف الاذي ،

ورد السلام،
والامر بالمعروف،
والنهى عن المنكر”.

و ربما و جد النبى صلى الله عليه و سلم الفضل بن عباس رضى الله عنهما ينظر الى امرأة جاءت تستفتية صلى الله عليه و سلم فاخذ بذقن الفضل فعدل و جهة عن النظر اليها.

وقد علق ابن القيم رحمة الله على هذا فقال:

وهذا منع و انكار بالفعل،
فلو كان النظر جائزا لاقرة عليه.

نظر الفجاة:

قد يسير الانسان فطريق او يصبح فمكان فيه اخرون فيقع بصرة على ما حرم الله تعالى بغير قصد منه فهذا ما يسمي بنظر الفجاة،
والواجب فهذه الحالة ان يصرف بصره،
فعن جرير بن عبدالله رضى الله عنه قال: سالت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن نظر الفجاه فامرنى ان اصرف بصري”.

وهذا انفع علاج و اسرعة ان يصرف العبد بصرة و لا يستديم النظر فان من استدام النظر اثم و تعدى،
فان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: يا على لا تتبع النظره النظره فان لك الاولي و ليست لك الاخرة”.

والنساء ما مورات بغض الابصار:

فان الله عز و جل يقول:(وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن و يحفظن فروجهن .
.)الاية.

والرسول صلى الله عليه و سلم يقول: “… و خير صفوف النساء المؤخر،
وشرها المقدم،
يا معشر النساء اذا سجد الرجال فاغضضن ابصاركن..”الحديث.

عنايه السلف بغض البصر:

لقد عنى السلف الصالح رضى الله عنهم بغض البصر عنايه عظيمه فوجدنا منهم مواقف و مواعظ فهذا الباب تنبئ عن علو همتهم فهذا،
ومن هذا قول انس رضى الله عنه: اذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتي تجاوزك”.

وقال بعضهم: من حفظ بصرة اورثة الله نورا فبصيرته.

وكان سفيان رحمة الله اذا خرج فيوم العيد قال: ان اول ما نبدا فيه اليوم غض ابصارنا.

ولما قال رجل للحسن رحمة الله: ان نساء العجم يكشفن صدورهن و رؤوسهن قال: اصرف بصرك.

وقال ابن مسعود: الاثم حواز القلوب (يحز فالقلوب) و ما من نظره الا و للشيطان بها مطمع.

وكان الربيع بن خثيم يغض بصرة فمر فيه نسوه فاطرق ( اي امال راسة الى صدره) فظن النسوه انه اعمي و تعوذن بالله من العمى.

من فائدة غض البصر

ذكر الامام ابن القيم رحمة الله عده فائدة و منها:


1- تخليص القلب من الم الحسرة،
فان من اطلق نظرة دامت حسرته.


2- انه يورث القلب نورا و اشراقا يخرج فالعين و فالوجة و فالجوارح،
كما ان اطلاق البصر يورثة ظلمه تخرج فو جهة و جوارحه.


3- انه يورث صحة الفراسة،
فانها من النور و ثمراته،
قال شجاع الكرماني: من عمر ظاهرة باتباع السنة،
وباطنة بدوام المراقبة،
وغض بصرة عن المحارم،
وكف نفسة عن الشهوات،
واكل من الحلال- لم تخطئ فراسته.


4- انه يفتح له طرق العلم و ابوابه،
ويسهل عليه اسبابه,
وذلك بسبب نور القلب،
فانة اذا استنار ظهرت به حقائق المعلومات،
ومن ارسل بصرة تكدر عليه قلبة و اظلم.


5- انه يورث قوه القلب و ثباتة و شجاعته،
قال بعض الشيوخ: الناس يطلبون العز بابواب الملوك،
ولا يجدونة الا فطاعه الله.


6- انه يورث القلب سرورا و فرحه و انشراحا اعظم من اللذه و السرور الحاصل بالنظر،
فلذه العفه اعظم من لذه الذنب.


7- انه يسد عن العبد بابا من ابواب جهنم،
فان النظر باب الشهوة الحامله على مواقعه الفاحشة،
فمتي غض بصرة سلم من الوقوع فالفاحشة،
ومتي اطلقة كان هلاكة اقرب.


8- انه يقوى العقل و يزيدة و يثبته،
فان اطلاق البصر و ارسالة لا يحصل الا من خفه العقل و طيشة و عدم ملاحظتة للعواقب كما قيل:


واعقل الناس من لم يرتكب سببا          حتي يفكر ما تجنى عواقبه


9- انه يخلص القلب من ذكر الشهوة و رقده الغفلة،
فان اطلاق البصر يوجب استحكام الغفله عن الله و الدار و الاخرة،
ويوقع فسكره العشق.

نسال الله الكريم ان يوفقنا لطاعتة ،

والحمد لله رب العالمين.

 

  • غض البصر محمد حسان


غض البصر للشيخ محمد حسان