احب البلاد الى الله

احب البلاد الى الله 59ea648d419b48c4afbfcec0f71fa9f7

 

الحمد لله رب العالمين،
والصلاة و السلام على رسولة الامين،
وعلي الة و صحبة اجمعين،
وعلي التابعين لهم باحسان الى يوم الدين..

اما بعد:

فان المساجد بيوت الله -جل و علا-،
وخير بقاع الارض،
واحب البلاد الية سبحانة و تعالى،
وقد اضافها الى نفسة تشريفا لها و تكريما،
فقال تعالى: {وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا} سورة الجن (18).

فى تلك البقاع المفضله تؤدي افرض فرائض الله،
بل اهم ركن من اركان الاسلام بعد الشهادتين،
وهي فريضه الصلاة،
وفيها يعلم الجاهل،
ويذكر الغافل،
ويرشد الحيران،
ويعان المحتاج.

من تلك البقاع المباركه تظهر العلماء و الفقهاء،
والقاده و العظماء،
والعباد و الزهاد،
وفيها رفعت الايدى لرب الارض و السماء،
وعفرت الجباة لذى العزه و الكبرياء،
وفى مدحها و فضل بنائها،
جاءت احاديث سيد ولد عدنان،
وتنافس الخطباء و الوعاظ و الشعراء فايهما يحوز على قصب السبق فو صفها،
ووصف عامريها بالذكر و الدعاء،
والتعليم و الخشوع و البكاء،
فهذا احد الشعراء يصف من يرتادها و يحن اليها كلما سمع النداء فيقول:

لابد من صنع الرجال *** و مثلة صنع السلاح

وصناعه الابطال علم *** ربما دراة اولو الفلاح

لا يصنع الابطال الا *** فمساجدنا الفساح

فى روضه القران ف*** ظل الاحاديث الصحاح

من خان حى على الصلاة *** يخون حى على الكفاح

 

بتلك البيوت تعلقت قلوب المحبين لله،
وانقطعت الى ملازمتها لاظهار ذكرة فيها،
فالملازمين لها رجال: {لا تلهيهم تجاره و لا بيع عن ذكر الله و اقام الصلاة و ايتاء الزكاه يخافون يوما تتقلب به القلوب و الابصار * ليجزيهم الله اقوى ما عملوا و يزيدهم من فضلة و الله يرزق من يشاء بغير حساب} سورة النور(36-38).

وسنقف مع حديث من احاديث رسول الله -صلي الله عليه و سلم- فهذا المعنى.

نص الحديث:

عن ابي هريره ان رسول الله -صلي الله عليه و سلم- قال: (احب البلاد الى الله مساجدها،
وابغض البلاد الى الله اسواقها) رواة مسلم.

 

شرح الحديث:

قوله: (احب البلاد الى الله مساجدها)؛
لانها بيوت الطاعات،
واساسها على التقوى..

ففى المساجد يعبد الله و يوحد،
ويثني عليه و يمجد و يحمد،
وفيها يركع له و يسجد،
وفيها يذكر الله و يقرا القران،
وفيها تقام الصلوات،
ومجالس العلم و التعلم،
فيذكر الناسي،
ويعلم الجاهل،
ويرشد الحيران،
وما الى هذا من الامور التي من اجلها بنيت المساجد..
ف لذا كانت احب البلاد الى الله.

قوله: (وابغض البلاد الى الله اسواقها)؛
لانها محل الغش و الخداع و الربا و الايمان الكاذبه و اخلاف الوعد و الاعراض عن ذكر الله و غير هذا مما فمعناه.

ففى الاسواق النصب و الاحتيال و السرقة،
والغش و المكر و الخديعة،
والحلف الكاذب،
وفيها معصيه الرحمن،
وسماع مزامير الشيطان،
وفيها يباع ما حرم الله من خمر و سجائر و مخدرات،
وفيها مزاحمه الرجال للنساء،
والتبرج و السفور،
وخلوه المرأة بالبائعين،
بل و بها الشيطان حيث ينصب رايتة فيها،
فيسول الشر و يزينة و يحسنه،
ويكرة الخير و يبغضة الى قلوب الناس،
فتلك و ظيفته: {قال فبعزتك لاغوينهم اجمعين* الا عبادك منهم المخلصين} سورة ص(82) (83).

واخرج مسلم فصحيحة عن سلمان الفارسى –رضي  الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه و سلم-: (لا تكونن ان استطعت اول من يدخل السوق و لا احدث من يظهر منها،
فانها معركه الشيطان،
وبها ينصب رايته).

قال القرطبي -رحمة الله-: “لما كثر الباطل فالاسواق و ظهرت بها المناكر: كرة دخولها لارباب الفضل و المقتدي بهم فالدين تنزيها لهم عن البقاع التي يعصي الله فيها،
فحق على من ابتلاة الله بالسوق ان يخطر ببالة انه ربما دخل الشيطان و محل جنوده،
وانة ان اقام هنالك هلك،
ومن كانت هذي حالة اقتصر منه على قدر ضرورتة و تحرز من سوء عاقبتة و بليته”.

فينبغى التقليل من دخول الاسواق التي بها منكرات،
وان اضطر الانسان الى دخولها فليدخلها و هو متادب باداب السوق: من الدعاء،
وغض البصر،
ورد السلام،
والامر بالمعروف و النهى عن المنكر،
وما الى هذا من الاداب الاسلامية.

ذلك ان النبى –صلي الله عليه و سلم- ربما شبة السوق بساحه معركه بين الشيطان و بين بنى ادم،
قال القرطبي -رحمة الله-: “تشبية النبى -صلي الله عليه و سلم- السوق بالمعركه تشبية حسن،
وذلك ان المعركه موضع القتال سمى بذلك لتعارك الابطال به و مصارعه بعضهم بعضا فشبة السوق و فعل الشيطان فيها و نيلة منهم مما يحملهم من المكر و الخديعه و التساهل فالبيوع الفاسده و الكذب و الايمان الكاذبه و اختلاط الاصوات و غير هذا بمعركه الحرب و من يصرع فيها”1..

ف لذا كانت الاسواق من ابغض البقاع الى الله،
فينبغى ان تكون الاسواق من ابغض البقاع الى عباد الله الذين يحبون الله،
فان من احب شيئا احب ما يحبه،
وكرة ما يكرهه.

بعض النصوص ففضل بناء المساجد:

لقد جاءت نصوص كثيرة ففضل بنائها و عمارتها،
فمن هذا قوله تعالى: {انما يعمر مساجد الله من امن بالله و اليوم الاخر و اقام الصلاة و اتي الزكاه و لم يخش الا الله فعسي اولئك ان يكونوا من المهتدين} سورة التوبة(18).
والعماره تشمل العماره المعنويه و العماره الحسية..

وجاء فالحديث عن عثمان بن عفان -رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (من بني مسجدا يبتغى فيه و جة الله بني الله له بيتا فالجنة)2.
وفى رواية: (بني الله له مثلة فالجنة).

وروي البزار و اللفظ له و الطبرانى فالصغير و ابن حبان فصحيحة عن ابي ذر -رضى الله عنه- قال: قال رسول -صلي الله عليه و سلم-: (من بني لله مسجدا قدر مفحص قطاه بني الله له بيتا فالجنة)،
ورواة ابن خزيمه من حديث جابر بن عبدالله -رضى الله عنهما- و لفظه: (ومن بني مسجدا كمفحص قطاه او اصغر بني الله له بيتا فالجنة).
ومفحص القطاه هو عشها.
والقطاه واحده القطا طائر معروف من نوعيات الحمام..

ماذا يعني التبرك بالمساجد؟:

يعني هذا الصلاة بها و الاعتكاف و قراءه القران و القيام بانواع العبادات المختلفة.

فالمساجد لها مزيه عموما،
ولكن هنالك اربعه مساجد لها مزيد من المزايا و هي: المسجد الحرام،
ومسجد رسول الله -صلي الله عليه و سلم-،
والمسجد الاقصى،
ومسجد قباء؛
لقوله صلى الله عليه و سلم كما فالصحيحين: (صلاه فمسجدى ذلك خير من الف صلاه فيما سواة الا المسجد الحرام).

وعند الامام احمد بزيادة: (وصلاه فالمسجد الحرام اروع من ما ئه صلاه فهذا).
ولقوله -صلي الله عليه و سلم- كما فالبخارى و مسلم: (لا تشد الرحال الا الى ثلاثه مساجد: مسجدى هذا،
والمسجد الحرام،
والمسجد الاقصى).
ولقوله صلى الله عليه و سلم: (من تطهر فبيته،
ثم اتي مسجد قباء و صلى به صلاه كان له كاجر عمرة)3.

بل جميع المساجد بها الفضل و البركة،
بما يمن الله بها على عبادة بمغفره الذنوب،
فقد جاء فالحديث الذي اخرجة مسلم عن ابي هريره -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه و سلم-: (من تطهر فبيته بعدها مشي الى بيت =من بيوت الله ليقضى فريضه من فرائض الله كانت خطوتاة احداهما تحط خطيئه و الثانية ترفع درجة).

وقد جاء فحديث السبعه الذين يظلهم الله فظلة يوم لا ظل الا ظله: (ورجل قلبة ملعق بالمساجد) متفق عليه.

والمجتمعين به لمدارسه كتاب الله تنزل عليهم السكينة،
وتغشاهم الرحمة،
وتحفهم الملائكة،
ويذكرهم الله فيمن عنده؛
كما جاء بذلك الحديث الذي اخرجة مسلم عن ابي هريرة-رضى الله عنه- عن النبى -صلي الله عليه و سلم- قال: (وما اجتمع قوم فبيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونة بينهم،
الا نزلت عليهم السكينة،
وغشيتهم الرحمة،
وحملتهم الملائكة،
وذكرهم الله فيمن عنده)..

فعلينا جميعا ان نكثر من البقاء فالمساجد فانها احب البقاع و البلاد الى لله،
كما علينا ان نحذر من كثرة البقاء فالاسواق فانها من ابغض البلاد الى الله.

وصلي الله على نبينا محمد و على الة و صحبة و سلم..


احب البلاد الى الله