الحديث مع النفس

الحديث مع النفس 10174

ماذا يعني الحديث مع النفس؟

اعداد: غريس فرح

وسيله مساعدة على التعاطى مع العديد من شؤون الحياة

من المعروف اننا جميعا نتحدث مع انفسنا،
علي مدي مراحل العمر،
نقيم حوارا صامتا تتخلله احيانا عبارات مسموعه تقارب التمتمة.


الاختصاصيون النفسيون يصفون ذلك النوع من الحوار بالحديث الداخلي،
ويعتبرونة و سيله مساعدة على التعاطى مع العديد من شؤون الحياة.
هذا فحال عدم تخطية حدود المعقول.


ماذا يعني الحديث مع النفس و لماذا يعطي ذلك القدر من الاهمية؟

اوجة الحديث الداخلي


من الصعدب تحديد معني و اضحا للحديث مع النفس،
لكن الاختصاصيين النفسيين يعتبرونة تجربه و اعيه و ضرورية للتعامل مع الذات و الغير.


تبدا هذي التجربه منذ اعوام الطفوله الاولى،
حيث يقيم الاطفال احيانا و خصوصا فخلال اللعب،
حوارا داخليا بصوت مسموع.
وهي ظاهره ليست بمستغربة،
باعتبارها احدي المحفزات الطبيعية المساعدة على التاقلم مع المحيط الخارجي.


بالنسبة الى الكبار،
تركز الدراسات الحاليه على فوائد الحوار الداخلي،
او التفكير بالكلمات،
وذلك على صعيد حل المشاكل العالقة،
وتامين الحوافز،
والتخطيط للمستقبل،
وتعلم اللغات و الاستفاده من الاخطاء.


هذا بالنسبة الى الاشخاص العاديين،
لكن المفهوم يتغير فحال وجود الامراض النفسية.
هنا يتخذ الحديث الداخلى منحي مختلفا،
وهو ما سنتطرق الية لاحقا،
اخذين بعين الاعتبار ملاحظات الاختصاصيين النفسيين و تفسيرهم لانعاكواب الحديث الداخلى بمختلف ابعاده.


بالعوده الى الاصحاء،
يعتبر ذلك النوع من الحديث،
علي الرغم من الصمت الذي يغلفه،
ضروره ملحه على اكثر من صعيد.
اما اهميته،
فتمكن فمقدرتة على لملمه خيوط التجارب الحسيه عبر نسيج الوعي،
الامر الذي يقربنا من معرفه ذواتنا على نحو اعمق و اوسع.
ومن هنا القول: لمعرفه انفسنا علينا التحاور معها.

العبارات الاولى


كان الاختصاصى النفسانى الروسي ليف فيغوستكى اول من تقصي ابعاد الحديث الداخلي.
فاثناء العشرينيات من القرن الماضي،
راي ان الاطفال يستعيدون الاحاديث التي يجرونها مع ذويهم و يستعملون مفرداتها للتحدث مع انفسهم،
وخصوصا اثناء قيامهم بتجارب جديدة.
وحسب راية فان ذلك الحديث،
يمكنهم من اتقان اللغة،
ويقوى تركيزهم،
ويبعد عنهم القلق و الخوف.
ونتيجة التجارب التي اجراها على مجموعات من الاطفال،
اكد ان حديث الاطفال الداخلى هو سريع و مقتضب يشبة الملاحظات المدونه على هوامش الكتب.
وهذا ينطبق احيانا على الكبار،
علما انهم عاده ما يسهبون فحوارهم الداخلى حسب مقتضيات الحاجة.

الثرثره الداخلية بين الماضى و المستقبل


اللافت انه منذ السبعينيات،
تمكن بعض الباحثين من لمله الافكار السارحه فعقل جماعات من المتطوعين،
بعدما طلبوا اليهم تدوين جميع ما يجول بخاطرهم لحظه بلحظة.
واسفرت النتائج عن نسخات مسجله عن الثرثره الدماغيه المرافقة لمعظم الاوضاع الحياتية.
وهي ثرثره يفرزها العقل لغايات تخدم الانسان و تحقق مصلحته،
ومنها،
تفعيل الانتباة و تهدئه المشاعر،
وتذكير النفس بما يجب عمله،
والصمود فو جة المصاعب عند الحاجة.


الي ذلك،
دلت التجارب على ان الحوار الداخلى يعيدنا الى الماضى و ينقلنا الى المستقبل ليؤمن شفافيه الرؤية و وضوحها.
وهذا يجعلة ضروريا من اجل تنقل العقل عبر الزمن،
وبالتالي الابقاء على التواصل بين كل مراحل الحياة،
وكان الاختصاصى الاميركى كلود سكوت ربما عبر عن الالم الذي يولدة نقص ذلك التواصل،
وذلك على اثر تعافية من الاصابة بجلطه دماغية.
فاثناء الاسابيع الخمسه التي تلت خروجة من المستشفى،
شعر بوحشه غريبة سببها عدم مقدرتة على التحاور مع نفسة و التنقل عبر الزمن.
وقد عبر عن هذا بقوله: «كان عقلى مسمرا فلحظه و جودي.
لم اتمكن من استعراض الاحداث الماضية،
ولا القلق بشان المستقبل.
لقد كان شعورا مريعا».

الكورس الداخلى و الامراض النفسية


علي الرغم من الفائدة الانفه الذكر للحديث مع النفس،
الا انه ربما يصبح فبعض الاحيان مؤشرا على وجود مرض نفسي يستوجب العلاج.
فعلي سبيل المثال،
ان التركيز على تكرار الحديث الصامت المرافق للتجارب الاليمة،
يعتبر من العوارض المرافقة للقلق و الاكتئاب.
والمعروف ان الاختصاصيين يتمكنون من تشخيص مدي خطوره القلق و الاكتئاب لدي مرضاهم من اثناء مراقبه احاديثهم الداخلية.
فاجترار المقاطع السوداويه التي تتردد اصداؤها بصمت فالعقول،
تشكل بالنسبة للمعالجين النفسيين،
الهدف الذي يسعي الية العلاج.


وكان الاختصاصيون ربما و ضعوا استراتيجيات تساعد المعنيين على التنبة الى اللحظات التي يبداون بها اجترار الحديث الداخلى ذى الوجة السلبي،
ومحاوله اسكاتة او تحويلة الى حديث ايجابي.
فعندما تبدا الافكار الاكتئابيه بمحاربه الذات بسلاح الحوار الذاتى التشاؤم يكون بامكان اصحاب العلاقه التدرب على مقاومتها عبر التحدث الى النفس بشكل يعيد اليها الثقه و الطمانينة.


هذا فحال الاصابة بالقلق و الاكتئاب.
ولكن ماذا بشان مرض التوحد؟
المكتئبون يضطرون الى تعلم اساليب لاسكات الحوار الداخلى الذي يؤجج اكتئابهم،
لكن مشكلة مرضي التوحد تكمن فعجزهم عن تسطير ذلك الحوار بشكل و اضح،
وهذا ما يحول دون تاقلمهم فالمجتمع،
وحل مشاكلهم العالقة.


من ناحيه ثانية،
فان المصابين بامراض نفسيه خطيرة،
كالاكتئاب ذى الحدين و انفصام الشخصية،
يجدون صعوبه فتمييز مصدر المفردات التي تتشكل فعقولهم،
ويعتبرونها نابعه من مصدر خارجي.
الامر الذي يتسبب بالذهان،
واحيانا الهلوسه السمعية،
وهذا يعود الى خلل فتواصل الرسائل الدماغيه بين منطقتين دماغيتين مخصصتين لهذه الغاية.
فى حال كهذه يصبح العلاج بالادويه المناسبه ضروره قصوى.

الصمت الداخلى يطمس معالم الذات


عند حصول الذهان و الهلوسه السمعية،
يضطرب المعنيون و يتساءلون عن مصدر و حقيقة المعلومات التي يتلقونها.
لكن العكس يحصل مع اصحاب العقول السليمة،
فهؤلاء يرتاحون بشكل لافت الى اصوات ذواتهم،
كونها تؤكد و جودهم.


وكانت الدراسه التي نشرتها منذ فتره مجلة العلوم الاميركية،
قد اشارت الى ان الهدف الطبيعي لوجود الحوار الداخلى هو تاكيد الشعور بالذات.
ففى جميع يوم نعيشه،
تسطر عقولنا فقره حديثة من قصة حياتنا.
وهذا يعني اننا كبشر نعتمد على ديمومه حديثنا الداخلى المرافق لمراحل حياتنا،
ولولاه،
لفقدنا جميع ارتباط بحركة الزمن،
وهو ما يحصل للمصابين بافات دماغيه سبق و اشرنا اليها،
ويسلبهم النشوه التي تؤمنها حركة الفكر و تجوالة الناشط.


هذه التجربه التي يخوضها كثيرون،
تؤكد ان الوجود هو تضليل عقلي،
اسطوره تحوكها ثرثره العقل،
وعندما تصمت هذي الثرثرة،
ينتفى الوجود،
فالي اي حد يصح ذلك القول؟


يبقي الجواب فحوزه العلم.


الحديث مع النفس