الصبر على البلاء

الصبر على البلاء 53d24e2d25052c4161616ae52ac99a34

 

البلاء سنه الله الجاريه فخلقه؛
فهنالك من يبتلي بنقمه او مرض او ضيق فالرزق او حتي بنعمه .
.
فقد قضي الله عز و جل على جميع انسان نصيبة من البلاء؛
قال تعالى {انا خلقنا الانسان من نطفه امشاج نبتلية فجعلناة سميعا بصيرا * انا هديناة السبيل اما شاكرا و اما كفورا} [الانسان: 2,3] .
.
فمنهم من سيفهم حكمه الله تعالى فابتلاءه،
فيهون عليه الامر .
.
ومنهم من سيجزع و يتسخط،
فيزداد الامر سوءا عليه .
.

وهذه رساله الى جميع مبتلى،
وكل الناس مبتلي و مصاب .
.

هون على نفسك،
فمهما كانت شده البلاء سياتى الفرج من الله لا محالة .
.

كان محمد بن شبرمه اذا نزل فيه بلاء،
قال “سحابه صيف بعدها تنقشع” [عده الصابرين و ذخيره الشاكرين (19:2)].

فكيف تنال ذلك الفضل العظيم و تصير من عباد الله الصابرين؟؟

 

اعلم انك لن تتحصل على الصبر الا بالتدريب .
.
قال رسول الله “..
من يتصبر يصبرة الله،
وما اعطى احد عطاء هو خير و اوسع من الصبر” [متفق عليه] .
.
وعلي قدر استعدادك،
يكن صبرك على المشاكل و الابتلاءات التي تعتريك فالطريق .
.

فعليك ان تستعد باخذ الاسباب و خطوات التصبر الاتية؛
حني يهون عليك البلاء و تنال عظيم الثواب:

اولا: معرفه الحكمه من البلاء .
.
فالله سبحانة و تعالى يبتلى ليهذب لا ليعذب .
.
فعليك ان تفهم لماذا يبتليك الله تعالى .
.

1) البلاء فحق المؤمن كفاره و طهور .
.
فقد نبتلى بذنوبنا و معاصينا؛
كى يكفرها الله عز و جل عنا فلا نقابلة بها،
ويوم القيامه ستتمني لو انه ربما اعطاك المزيد من الابتلاءات فالدنيا .
.

عن النبى قال “ما يصيب المسلم من نصب و لا و صب و لا هم و لا حزن و لا اذي و لا غم حتي الشوكه يشاكها الا كفر الله فيها من خطاياه” [متفق عليه] .
.

وعن ام سلمه رضى الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول “ما ابتلي الله عبدا ببلاء و هو على كيفية يكرهها،
الا جعل الله هذا البلاء كفاره و طهورا ما لم ينزل ما اصابة من البلاء بغير الله عز و جل او يدعو غير الله فكشفه” [رواة ابن ابي الدنيا و حسنة الالباني،
صحيح الترغيب و الترهيب (3401)]

وعن ابي هريره رضى الله عنه قال: قال رسول الله “ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنه فنفسة و ولدة و ما له،
حتي يلقي الله و ما عليه خطيئة” [رواة الترمذى و صححة الالباني،
صحيح الجامع (5815)]

وعن سفيان،
قال: “ليس بفقية من لم يعد البلاء نعمة،
والرخاء مصيبة” [سير اعلام النبلاء (13:306)].

2) البلاء دليل حب الله للعبد .
.
والمحب لا يتضجر من فعل حبيبة ابدا،
قال رسول الله “اذا احب الله قوما ابتلاهم،
فمن صبر فلة الصبر و من جزع فلة الجزع” [رواة احمد و صححة الالباني] .
.
وقال رسول الله “من يرد الله فيه خيرا يصب منه” [صحيح البخارى ].

3) البلاء يبلغك المنازل العلا .
.
برفقه النبى محمد ،

فالعبد تكون له عند الله البيتة،
فما يبلغها بعمل،
فما يزال الله يبتلية بما يكره،
حتي يبلغة اياها .
.
عن ابي هريره رضى الله عنه قال: قال رسول الله “ان الرجل ليصبح له عند الله البيته فما يبلغها بعمل،
فما يزال يبتلية بما يكرة حتي يبلغة اياها”[رواة ابو يعلي و ابن حبان و قال الالباني: حسن صحيح،
صحيح الترغيب و الترهيب (3408)]..

كان شريح يقول “انى لاصاب بالمصيبة،
فاحمد الله عليها اربع مرات: احمد اذ لم يكن اعظم منها،
واحمد اذ رزقنى الصبر عليها،
واحمد اذ و فقنى للاسترجاع لما ارجو من الثواب،
واحمد اذ لم يجعلها فديني” [سير اعلام النبلاء (7:112)] .
.

فلا تستعجب ان رايت اعداء الله ممكن لهم فالارض،
بينما اهل الايمان مستضعفون فكل مكان .
.
فقد قال رسول الله “مثل المؤمن كمثل الخامه من الزرع تفيئها الرياح تصرعها مره و تعدلها ثانية حتي ياتية اجله،
ومثل المنافق كمثل الارزه المجذيه التي لا يصيبها شيء حتي يصبح انجعافها مره واحدة” [متفق عليه]

وهكذا يصبح حال المؤمن ما بين الابتلاءات و نزول الرحمات حتى يلاقى الله عز و جل،
اما الكافر فاذا اخذة لم يفلتة .
.

وكم فالبليه من نعمه خفيه .
.

وليس معني ذلك ان تتمني البلاء،
ولكن عليك ان تسال الله العفو و العافية.

 

ثانيا: تذكر احوال الاشد منك بلاء .
.
فمن يري بلاء غيره،
يهون عليه بلائة .
.

قال سلام بن ابي مطيع: دخلت على مريض اعوده،
فاذا هو يئن .
.
فقلت له: اذكر المطروحين على الطريق،
اذكر الذين لا ما وي لهم و لا لهم من يخدمهم،
قال: بعدها دخلت عليه بعد ذلك،
فسمعتة يقول لنفسه: اذكرى المطروحين فالطريق،
اذكرى من لا ما وي له و لا له من يخدمه.
[عده الصابرين و ذخيره الشاكرين (22:27)]

وتذكر لطف الله تعالى عليك .
.
مات ابن لعروه بن الزبير و كان ربما بترت ساقه،
فقال رضى الله عنه “اللهم ان كنت ابتليت فقد عافيت،
وان كنت اخذت فقد ابقيت؛
اخذت عضوا و ابقيت اعضاء،
واخذت ابنا و ابقيت ابناء” [الكبائر للذهبى (1:183)].

ثالثا: تلقي البلاء بالرضا بقضاء الله و قدرة .
.
وهذا من اعظم ما يعين العبد على المصيبة،
قال تعالى {ما اصاب من مصيبه فالارض و لا فانفسكم الا فكتاب من قبل ان نبراها ان هذا على الله يسير} [الحديد: 22]

فالبلاء من قدر الله المحتوم،
وقدر الله لا ياتى الا بخير .
.
قال ابن مسعود: “لان اعض على جمره او ان اقبض عليها حتي تبرد فيدي احب الى من ان اقول لشيء قضاة الله: ليتة لم يكن” [طريق الهجرتين و باب السعادتين (16:35)].

عن العباس بن عبدالمطلب قال: قال رسول الله “ذاق طعم الايمان من رضى بالله ربا و بالاسلام دينا و بمحمد رسولا” [رواة مسلم] .
.
فالرضا بقضاء الله يورث حلاوه الايمان التي تهون من اثر الشوك تحت الاقدام.

رابعا: الجزع و عدم الرضا لا ينفعا .
.
فالتحسر على المفقود لا ياتى فيه .
.
كان يحيى بن معاذ يقول “يا ابن ادم،
ما لك تاسف على مفقود لا يردة عليك الفوت؟!،
وما لك تفرح بموجود لا يتركة فيديك الموت؟!” [صفه الصفوه (2:295)].

خامسا: معرفه طبيعه الدنيا و انها دار عناء .
.
فالدنيا بمثابه القنطره التي تعبر فيها الى الدار الاخرة،
فلا تحزن على ما فاتك بها .
.

قال ابن الجوزى “اما بعد؛
فانى رايت عموم الناس ينزعجون لنزول البلاء انزعاجا يزيد عن الحد،
كانهم ما علموا ان الدنيا على ذا و ضعت!
..
وهل ينتظر الصحيح الا السقم؟،
والكبير الا الهرم ؟
،
والموجود سوي العدم ؟
!” [تسليه اهل المصائب (1:71)] .
.
وقال كذلك “ولولا ان الدنيا دار ابتلاء لم تعتور بها الامراض و الاكدار،
ولم يضق العيش بها على الانبياء و الاخيار .
.
ولو خلقت الدنيا للذه لم يكن حظ للمؤمن منها” [موسوعه فقة الابتلاء (4:129)].

 

سادسا: معرفه ثواب الصبر العظيم .
.
وحينها يهون عليك جميع بلاء،
قال تعالى {..
انما يوفي الصابرون اجرهم بغير حساب} [الزمر: 10] .
.

مات عبدالله بن مطرف،
فخرج مطرف على قومة فثياب حسنه و ربما ادهن،
فغضبوا و قالوا: يموت عبدالله بعدها تظهر فثياب كهذه مدهنا؟!!،
قال: “فاستكين لها و ربما و عدنى ربى تبارك عليها ثلاث خصال جميع خصله منها احب الى من الدنيا كلها؟!،
قال الله عز و جل {الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله و انا الية راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمه و اولئك هم المهتدون} [البقرة: 156,157] .
.
فاستكين لها بعد هذا؟” [صفه الصفوه (2:132)]

والصبر كاسمه مر مذاقه  …  لكن عواقبة اجمل من العسل

 

سابعا: ثق بحدوث الفرج من الله سبحانة و تعالى .
.
اذا رايت امرا لا تستطيع غيره،
فاصبر و انتظر الفرج .
.
قال تعالى {فان مع العسر يسرا * ان مع العسر يسرا} [الشرح: 5,6].

ثامنا: استعن بالله و الجا الية و اطلب منه المعونه .
.
واسالة ان يلهمك الصبر و الرضا بقضائه؛
كى يهون عليك البلاء و تنجح فالامتحان الذي يورثك الجنه ان شاء الله تعالى .
.

فلابد من التوكل و الاستعانة،
كى تنال الصبر .
.
قال الله تعالى {واصبر و ما صبرك الا بالله .
.} [النحل: 127].

تاسعا: انما الصبر عند الصدمه الاولي .
.
عن انس قال: مر النبى بامرأة تبكي عند قبر،
فقال “اتقى الله و اصبري”،
قالت: اليك عني،
فانك لم تصب بمصيبتي،
ولم تعرفة فقيل لها انه النبى .

فاتت باب النبى فلم تجد عندة بوابين،
فقالت: لم اعرفك.
فقال “انما الصبر عند الصدمه الاولى” [متفق عليه].

عاشرا: ترك التشكى .
.
فينبغى ان تحفظ لسانك عن الشكوي لاى احد،
سوي الله عز و جل .
.

بث شكواك الى مولاك،
كما فعل نبى الله يعقوب عليه السلام عندما قال {قال انما اشكو بثى و حزنى الى الله .
.} [يوسف: 86] .
.
وكان ميمون بن مهران يقول “ان الناس يعيرون و لا يغفرون،
والله يغفر و لا يعير” [سير اعلام النبلاء (9:81)].

لمن تشكو يا عبدالله؟!
..
هل تشكو الخالق للمخلوق ؟
؟!

راي بعضهم رجلا يشكو الى احدث فاقه و ضرورة،
فقال : يا هذا!
تشكو من يرحمك الى من لا يرحمك؟!
..
ثم انشد :

واذا اتتك مصيبه فاصبر لها … صبر الكريم فانه بك ارحم

واذا شكوت الى ابن ادم انما … تشكو الرحيم الى الذي لا يرحم

[مدارج السالكين (2:161)]

 

الحادى عشر: اياك و الغضب عند البلاء .
.
فان الغضب ينافى الصبر،
قال تعالى {فاصبر لحكم ربك و لا تكن كصاحب الحوت اذ نادي و هو مكظوم} [القلم: 48]

الثاني عشر: لا تستعجل .
.
فوض امرك الى الله و خذ بالاسباب،
ولا تستعجل فكل ياتى بقدر .
.

عن خباب بن الارت قال: شكونا الى النبى و هو متوسد برده فظل الكعبه و ربما لقينا من المشركين شدة،
فقلنا: الا تدعو الله؟،
فقعد و هو محمر و جهة و قال “كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له فالارض فيجعل فيه،
فيجاء بمنشار فيوضع فوق راسة فيشق باثنين فما يصدة هذا عن دينه،
والله ليتمن ذلك الامر حتي يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف الا الله او الذئب على غنمة و لكنكم تستعجلون” [رواة البخاري].

الثالث عشر: لا تياس و تستسلم لتثبيط الشيطان .
.
لا تياس مهما كانت شده البلاء،
فانة دائما يبدا كبيرا بعدها يتلاشي .
.
وقد قال الله تعالى {..
ومن يقنط من رحمه ربة الا الضالون} [الحجر: 56].

الرابع عشر: التامل فقصص الصابرين .
.
فاى بلاء ربما تتعرض له،
فقد تعرض النبى لمحن و ابتلاءات اشد منه .
.
وكان خير الصابرين و الشاكرين و الحامدين .
.
فتامل فصبرة و صبر الصالحين من قبلة و بعدة .
.

يقول ابن القيم فالفائدة “يا مخنث العزم اين انت و الطريق؟!
..
طريق تعب به ادم،
وناح لاجلة نوح،
ورمى فالنار الخليل،
واضجع للذبح اسماعيل،
وبيع يوسف بثمن بخس،
ولبث فالسجن بضع سنين،
ونشر بالمنشار زكريا،
وذبح السيد الحصور يحيى،
وقاسي الضر ايوب،
وزاد على المقدار بكاء داوود،
وسار مع الوحش عيسى،
وعالج الفقر و نوعيات الاذي محمد … و تزهي انت باللهو و اللعب؟!” [الفائدة (1:42)].

مسك الختام،
قول الله تعالى تسليه لكل مبتلي {..
لا تحسبوة شرا لكم بل هو خير لكم .
.} [النور: 11]

وقوله عز و جل {..
وعسي ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسي ان تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و انتم لا تعلمون} [البقرة: 216]

جعلنا الله و اياكم من عبادة الصابرين،،

  • الصبر على البلاء
  • الصبر على البلاء أفضل من العافية في الرخاء
  • صور يبتلى الانسان ليهذب لا ليعذب


الصبر على البلاء