زواج المصلحة

زواج المصلحة images152

 

 

 

 

زواج المصلحة هو نوع حديث من عقود الزواج قائم على قضاء المصالح فقط دون لقاء بين الزوجين،
فلا يجمع الزوجين به بيت =واحد،
ولا يتعاشران معاشرة الازواج.

عرف فبلاد الغرب،
وليس الغرض منه ان يصبح زواجا مستقرا كالزواج الذي نعرفه،
ولة صور عديده منها:

الصورة الاولى: يتفق رجل و امرأة على عقد زواج مقابل مبلغ من المال يدفعة اليها،
وقد يصبح ذلك المبلغ مقطوعا او موزعا على سنوات- حسب الاتفاق- و هذا فمقابل ان تذهب معه الى مصلحه شرطة الاجانب عند تجديد الاقامه جميع سنة،
الي ان يحصل على الاقامه الرسمية،
ومن بعدها يفسخ العقد،
وفى تلك الخلال اما ان يعيش الرجل مع هذي المرأة عيشه الزوجين؛
فيضمهما بيت =واحد يتعاشران به معاشرة الازواج غير انهما يتفقان على فسخ العقد عند حصول الزوج على الاقامه الرسمية،
وهذا الاتفاق لا يصرح فيه بالتاكيد عند الجهه العاقدة،
لان القانون لا يسمح بذلك.

الصورة الثانية: لا يعيش الرجل مع المرأة التي عقد عليها امام السلطات،
ولا يخالطها و لا تخالطه،
بل يتفقان على ان تذهب معه عند تجديد الاقامه جميع سنة،
كى تقول للسلطات انها مرتبطه فيه كزوج،
وتاخذ المبلغ المتفق عليه،
ويذهب بعد هذا جميع واحد الى حال سبيله،
مع العلم بان ذلك اللون من الوان الزواج ربما يقدم عليه الرجل لاجل ان يحصل هو على الاقامة،
وبالمقابل ربما تفعلة المرأة مع الرجل لتحصل على الاقامة،
ويمكن ان يصبح احدهما غير مسلم،
ويمكن ان يصبح الاثنان مسلمين!
وفى جميع الاحوال فانه اثناء هذي المدة تكون الزوجه محسوبه على زوجها من الناحيه القانونية،
ويصبح هو محسوبا عليها من الناحيه القانونيه كذلك،
ولو افترضنا ان هذي المرأة عاشرت رجلا اخر،
وانجبت منه،
فان المولود يسجل باسم الزوج المؤقت،
ولو جاء هو يطالبها بحق المعاشرة الزوجية فانها لا تستطيع ان تمتنع عن هذا قانونا،
وخاصة اذا كانت هي المحتاجه الى الاقامة.

وهذا العقد بصورتية المذكورتين انما يتم فالبلديه كسائر العقود المدنيه فهذا البلد،
وقد يصبح عقدا شرعيا بشروطة الشرعيه المعتبرة،
ولكن الجانبين لا يصرحان بذلك الاتفاق فصلب العقد،
وانما هو اتفاق بينهما بحضور بعض افراد العائلتين: (عائلة الزوج،
وعائلة الزوجة).

الصورة الثالثة: ان يتزوج الرجل المرأة بصداق،
ولكنة مضمر فنفسه،
ويصرح لاصدقائة و اقاربة ان غرضة ليس الزواج،
وانما هو الحصول على الاقامة،
فمتي حصل على الاقامه طلق زوجتة هذه،
وهو لا يستطيع ان يصرح بهذا امام المراة،
خوفا من ان تطردة قبل الحصول على الاقامه .

اراء للفقهاء المعاصرين

اختلف الفقهاء المعاصرون فهذا الزواج بصورة المذكوره ما بين محلل و محرم،
وقد التزمنا بايرادها؛
لان المساله معاصرة،
وخاصة ببلاد الغرب،
حيث لم ترد هذي الصور عند الفقهاء القدماء.

اولا: راى المجلس الاوروبى للافتاء و البحوث

فصل المجلس الاوروبى للافتاء و البحوث القول فالصور الثلاث،
لانة هو الذي اوردها،
فقال:

الصورة الاولى: حرام ياثمان عليه؛
وذلك بسبب منافاه ذلك العقد لمقصد الشريعه فالزواج،
اذ هو عقد صورى مقصود فيه امر احدث غير الزواج،
فهو لو استوفي شروط العقد،
فانة لا يحل لهذا المعنى،
وايضا لاجل ان قانون البلاد لا يسمح به،
يتاكد المنع بمجيء هذي الصورة مخالفه لقانون البلد،
والقانون هنا متفق مع المقصد الشرعي،
كما ان هذي الصورة لا تخلو من شبة بنكاح المتعه الذي حرمة النبي  “صلي الله عليه و سلم”   كما فحديث سبره بن معبد انه كان مع رسول الله  “صلي الله عليه و سلم”   فقال: «يايها الناس انني ربما كنت اذنت لكم فالاستمتاع من النساء و ان الله ربما حرم هذا الى يوم القيامه فمن كان عندة منهن شيء فليخل سبيلة و لا تاخذوا مما اتيتموهن شيئا» (1)،
من جهه التوقيت الذي به الى فتره الحصول على الاقامه بعدها يفسخ العقد بعد ذلك.

والصورة الثانية: كالاولي فالتحريم و بها قضية مقطوع بحرمتها و هي زواج المسلمه بغير المسلم،
فان مجرد العقد فاسد،
سواء للغايه المذكوره فالسؤال،
او لمجرد الزواج.

واما الصورة الثالثة: فالعقد و ان كانت صورتة صحيحة،
الا ان الزوج اثم بغشة المراة،
وذلك لاضمارة نيه الطلاق من حين العقد،
والزواج فالاسلام يعني الديمومه و البقاء و الاستقرار للحياة الزوجية،
والطلاق طارئ بعد العقد،
ولهذا الاسباب =حرم الزواج المؤقت و اعتبر فاسدا.

ايضا فان الايجاب و القبول فالزواج شرطان اساسيان فيه،
والمرأة حين قبلتة زوجا،
فانما كان مقصدها حقيقة الزواج و لو علمت انه قبلها زوجه مؤقته يطلقها متي شاء لرفضت ذلك،
فاذا كان عازما الطلاق عند العقد اثر هذا فصحة العقد،
لان المرأة فتاة قبولها على غير ما اراد (2).

ثانيا: راى الشيخ عبد الله بن بية

اما الشيخ عبد الله بن بيه فقد نقل الحالات التي اوردها المجلس الاوروبى للافتاء و البحوث،
ونقل اجابه المجلس عليها،
ثم عقب قائلا: «قلت: ان بطلان ذلك العقد ليس صحيحا؛
فالزواج فالاسلام ليس مقصودا منه الديمومه و البقاء،
وانما له قصود مختلفة ذكرها النبي   “صلي الله عليه و سلم”   فقوله: «تنكح المرأة لاربع خصال لمالها و لحسبها و لجمالها و لدينها..» (3) و لهذا فلا عبره بقصد الطلاق عند النكاح لتحقق هذي القصود او بعضها بالنكاح،
ثم ان الزواج اذا و قع بشروطة فانه زواج صحيح حتي و لو نوي عدم الاستمتاع بها»(4) و الذي تطمئن الية النفس ان ما و رد فحديث ابي هريره لا يعبر عن مقاصد الزواج،
وانما عن الاسباب التي تدعو الناس للزواج،
وهو عرض من النبي   “صلي الله عليه و سلم”   لاحوال الناس و عاداتهم فالخصال التي بسببها يصبح الاقبال على اختيار الزوجة،
ثم به ارشاد للظفر بذات الدين،
اما مقاصد الزواج و غاياتة فامر مختلف عن هذا.

الراى المختار

لمناقشه هذي المساله و ترجيح راى فيها،
فانة يجب علينا ان نتحدث عن امرين:

الاول: عرض موقف الفقهاء من مساله الالفاظ و القصود عند التعاقد،
وموقفهم من قاعدة: «العبره فالعقود للمقاصد و المعاني لا للالفاظ و المباني» اذ الزواج عقد من العقود.

الثاني: عرض مقاصد الشريعه من الزواج،
ودور هذا فالحكم على هذي المسالة.

اولا: اراء فقهاء المذاهب فمعتمد العقود بين الالفاظ و المقاصد

اختلف الفقهاء فاثر القصود فصحة التصرفات و العقود،
فمنهم من اعتبرها دون التفات الى ظاهر الالفاظ و الشروط و الموانع،
اذ ان الالفاظ موضوعه لمقاصدها و معانيها،
ومنهم من اهدرها و لم يعتبرها و اكتفي بالظاهر فقط دون رعايه لمالات العقود و تحقيق مضامينها و معانيها.

فالحنفيه يغلب عليهم الاخذ بظاهر الالفاظ فالعقود،
والاهم هو استجماع الشروط دون اعتبار للمعاني و القصود و البواعث،
ومن هنا راوا ان نكاح المحلل صحيح،
قال السرخسي: «فان تزوج فيها الثاني على قصد ان يحللها للزوج الاول من غير ان يشترط هذا فالعقد صح النكاح و يثبت الحل للاول اذا دخل فيها الثاني و فارقها،
فان شرط ان يحللها للاول فعند ابي حنيفه رحمة الله تعالى الجواب ايضا و يكرة ذلك الشرط،
وعند ابي يوسف رحمة الله تعالى النكاح جائز و لكن لا تحل فيه للاول،
وعند محمد رحمة الله تعالى النكاح فاسد» (5).

ومن يبيع العصير لمن يتخذة للخمر اجازوا بيعه،
قال السرخسي: «بيع الكرم ممن يتخذ الخمر من عينة جائز لا باس به،
وايضا بيع الارض ممن يغرس بها كرما ليتخذ من عنبة الخمر،
وهذا قول ابي حنيفه و هو القياس،
وكرة هذا ابويوسف و محمد- رحمهما الله- استحسانا؛
لان بيع العصير و العنب ممن يتخذة خمرا اعانه على المعصيه و تمكين منها،
وذلك حرام» (6).

واما المالكيه فانهم يعتبرون البواعث و القصود فالعقود،
ويحكمون بحلها او حرمتها،
او بطلانها و صحتها،
انطلاقا من بواعثها و مقاصدها،
ولا يتوقفون عند شروطها الظاهره لنشوئها؛
ولهذا ابطلوا نكاح المحلل،
قال ابن جزي: «ولا- اي لا يحل الزوجة- نكاح التيس،
وهو المحلل الذي يتزوجها ليحلها لزوجها اتفاقا،
ونكاحة باطل مفسوخ خلافا لهما- يعني ابا حنيفه و الشافعي- و المعتبر فذلك نيه المحلل لا نيه المرأة و لا نيه المحلل له و قال قوم من نوي هذا منهم افسد» (7).

وايضا نكاح المريض و المريضه لا ينعقد،
ولا يترتب عليه توارث بينهما،
جاء فالمدونة: «قلت: ارايت المرأة تتزوج و هي مريضه ايجوز تزويجها ام لا؟
قال: لا يجوز تزويجها عند ما لك،
قال: فان تزوجها و دخل فيها الزوج و هي مريضة؟
قال: ان ما تت كان لها الصداق ان كان مسها،
ولا ميراث له منها،
وان ما ت هو و ربما مسها فلها الصداق و لا ميراث لها،
وان كان لم يمسها فلا صداق لها و لا ميراث» (8).

واما الشافعيه فانهم يعتمدون الظاهر دون النظر للمعاني فالعقود،
قال الامام الشافعي: «اصل ما اذهب الية ان جميع عقد كان صحيحا فالظاهر لم ابطلة بتهمه و لا بعاده بين المتبايعين،
واجزتة بصحة الظاهر،
واكرة لهما النيه اذا كانت النيه لو اظهرت كانت تفسد البيع».

ويضرب لذا امثله فيقول: «كما اكرة للرجل ان يشترى السيف على ان يقتل فيه و لا يحرم على بائعة ان يبيعة ممن يراة انه يقتل فيه ظلما؛
لانة ربما لا يقتل به،
ولا افسد عليه ذلك البيع،
وكما اكرة للرجل ان يبيع العنب ممن يراة انه يعصرة خمرا،
ولا افسد البيع اذا باعة اياه؛
لانة باعة حلالا،
وقد ممكن ان لا يجعلة خمرا ابدا،
وفى صاحب السيف الا يقتل فيه احدا ابدا،
وكما افسد نكاح المتعه و لو نكح رجل امرأة عقدا صحيحا و هو ينوى الا يمسكها الا يوما او اقل او اكثر لم افسد النكاح،
انما افسدة ابدا بالعقد الفاسد» (9).

واما الحنابله فانهم يعتبرون البواعث و المقاصد فالعقود،
ولهذا حرموا نكاح المحلل،
قال ابن قدامة: «نكاح المحلل حرام باطل فقول عامة اهل العلم،
منهم: الحسن و النخعى و قتاده و ما لك و الليث و الثورى و ابن المبارك و الشافعي،
فان شرط عليه التحليل قبل العقد و لم يذكرة فالعقد و نواة فالعقد او نوي التحليل من غير شرط،
فالنكاح باطل ايضا» (10).

وقال فكشاف القناع عبارة صريحه و اضحة: «لا يصح نكاح المحلل؛
لانة ليس المقصود منه بقاء المرأة مع زوجها،
والعقد لا يقصد فيه نقيض مقصوده» (11).

واما الظاهريه فمذهبهم كالشافعية،
حيث يهدرون القصود فالعقود و يقيمونها على ظاهرها؛
اذ انهم يتركون الراى و القياس،
ويتوقفون عند ظواهر النصوص؛
ولهذا اباحوا نكاح المحلل و غيره،
قال ابن حزم: «والذى نقول به- و بالله تعالى التوفيق-: ان جميع نكاح انعقد سالما مما يفسده،
ولم يشترط به التحليل و الطلاق فهو نكاح صحيح تام لا يفسخ،
وسواء اشترط هذا عليه قبل العقد او لم يشترط؛
لان جميع ناكح لمطلقه ثلاثا فهو محلل و لا بد،
فالتحليل المحرم هنا هو ما انعقد عقدا غير صحيح،
واما اذا عقد النكاح على شرط التحليل بعدها الطلاق فهو عقد فاسد،
ونكاح فاسد،
فان و طئ به فان كان عالما ان هذا لا يحل فعليه الرجم و الحد؛
لانة زنا،
وعليها ان كانت عالمه كذلك،
ولا يلحق الولد،
فان كان جاهلا فلا حد عليه و لا صداق،
والولد لاحق،
وبالله تعالى التوفيق،
وهكذا القول فكل عقد فاسد بالشغار،
والمتعة،
والعقد بشرط ليس فكتاب الله تعالى،
اى شرط كان،
وبالله تعالى التوفيق» (12).

يتبين من هذا ان الحنفيه و الشافعيه و الظاهريه لا يعتبرون البواعث و القصود فالعقود،
وانما يحكمون بالصحة على العقد بناء على ظاهر الفاظة و استجماع شروطة و انتفاء موانعه،
اما المالكيه و الحنابله فان مبني الامر عندهم على النيات و البواعث و القصود متي اتضحت و ظهرت،
حتي لو توافرت الشروط و انتفت الموانع.

والذى يترجح من هذي الاقوال هو ما ذهبت الية المالكيه و الحنابله باعتبار النيات و البواعث و القصود،
وان العبره فالعقود للمقاصد و المعاني لا للالفاظ و المباني،
ولا يعني ذلك اهمال تحقق الشروط و انتفاء الموانع،
بل لابد من مسايره الشروط و الظواهر للمعاني و المقاصد؛
وذلك لعده امور:

الاول: ان ذلك الراى يتسق مع روح الاسلام و مقاصد الشريعه و مقرراتها العامة.

الثاني: ان هنالك نصوصا شرعيه تقضى بهذا الراي،
ولا ممكن تجاوزها،
من ذلك: قوله تعالى: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} (البقرة: 231)،
وقوله:{من بعد و صيه يوصي فيها او دين غير مضار}.
(النساء: 12)،
فبينت الايتان الكريمتان حرمه هذي التصرفات اذا كانت بقصد الاضرار،
وحديث: «انما الاعمال بالنيات و انما لكل امرئ ما نوى…» )،
وهو اصل فابطال الحيل و تحريم الوصول الى حاجات محرمة،
وان كانت الذرائع اليها مشروعة،
او بوسائل ظاهرها الصحة،
وقد سبقت الاشاره ففصل الوظائف الى انه من المعلوم ان شيخ الاسلام ابن تيميه و تلميذة ابن القيم اطالا النفس فالحديث عن الحيل،
قال ابن تيمية: «الحيل يستحلها من لم يفقة حكمه الشارع،
وهو ابعد الناس عن فهم مقصود الشارع و معرفه العلل،
وعن الفقة فالدين» (13)،
وفصل به ابن القيم بما لا مزيد عليه،
وبخاصة فكتابيه: اعلام الموقعين،
واغاثه اللهفان،
وعقد البخارى فجامعة الصحيح كتابا للحيل،
واخرج به الاحاديث الداله على ابطالها،
وتحدث عنها السرخسى فاخر مبسوطة فاكثر من ما ئه صفحة،
والامام الشاطبي فموافقاته،
والطاهر بن عاشور فمقاصده،
وغيرهم.

والثالث: اننا لو قلنا ان العقود تصح بشروطها و ظواهرها دون النظر الى معانيها و مقاصدها يلزم منه امور تنزهت عنها الشريعة،
اذ «الشريعه قبل ان تكون الفاظا و عبارات،
هى معان و اغراض و مقاصد تعبر عن اراده المشرع» (14)،
ومن هذي الامور اباحه نكاح المحلل،
وهو الذي لعن النبى به المحلل و المحلل له،
واباحه بيع العينة،
ومنها قبول الولاه للهديه من الرعية،
ومنها قبول الدائن الهديه من المدين،
وهي ربا،
الا اذا كانت عاده بينهما،
والله تعالى لعن اليهود حينما تحايلوا على حكمه؛
اذ حرم عليهم الصيد يوم السبت،
وحينما دبغوا الجلود فباعوها… و هكذا.

والخلاصه ان القول باهدار القصود و المعاني فالعقود يفتح النوافذ امام ارتكاب الحرام،
ويفسد الحياة الاجتماعيه و الاخلاقيه و السياسية،
ويفرغ الاحكام الشرعيه من مضمونها.

وهذا لا يعني التوسع فالاخذ بالقصود بما يهدر النصوص او ظواهرها،
وانما يلزم الاخذ بالمقاصد و المعاني حين يصبح المقصد ظاهرا و مكشوفا،
اما اذا لم تخرج المقاصد و لم تنكشف فالحكم يصبح على ظاهر الالفاظ،
وبهذا فان بناء الحكم على قصد ربما ظهر يصبح بناء على ظاهر معلوم لا على مغيب مجهول (15).

ثانيا: مقاصد الشريعه من الزواج،
ودور هذا فالحكم على للمساله التي نحن بصددها،
وللحكم على زواج المصلحه و بيان دور المقاصد الجزئيه فالاستدلال على حكمة ينبغى اولا ان نعرف مقاصد الزواج،
وقد تحدث الامامان الغزالى و الشاطبي عن ذلك.

اما الامام الغزالى فقد اورد فكتابة العظيم: «احياء علوم الدين» كلاما عن حكم و اسرار و مقاصد و فائدة الزواج نوردة باختصار من احيائه؛
حيث قال: «وفية فائدة خمسة: الولد،
وكسر الشهوة،
وتدبير البيت،
وكثرة العشيرة،
ومجاهده النفس بالقيام بهن» (16).

واما الامام ابواسحاق الشاطبي فقد تحدث عن مقاصد الزواج عرضا،
وهو يتكلم عن ان للشارع فشرع الاحكام العاديه و العباديه مقاصد اصلية و مقاصد تابعة،
ومثل لذا بالنكاح فقال: «انة مشروع للتناسل على المقصد الاول،
ويلية طلب السكن و الازدواج،
والتعاون على المصالح الدنيويه و الاخروية،
من الاستمتاع بالحلال،
والنظر الى ما خلق الله من المحاسن فالنساء،
والتجمل بمال المراة،
او قيامها عليه و على اولادة منها او من غيرها او اخوته،
والتحفظ من الوقوع فالمحظور من شهوة الفرج و نظر العين،
والازدياد من الشكر بمزيد النعم من الله على العبد».

قال: «وعند هذا يتبين ان نواقض هذي الامور مضاده لمقاصد الشارع باطلاق،
من حيث كان ما لها الى ضد المواصله و السكن و الموافقة،
كما اذا نكحها ليحلها لمن طلقها ثلاثا،
فانة عند القائل بمنعة مضاد لقصد المواصله التي جعلها الشارع مستدامه الى انقطاع الحياة من غير شرط،
اذ كان المقصود منه المقاطعه بالطلاق،
وايضا نكاح المتعة،
وكل نكاح على ذلك السبيل،
وهو اشد فظهور محافظة الشارع على دوام المواصلة،
حيث نهي عما لم يكن به ذلك» (17).

وهذه المقاصد- كما لا يخفى- مستخرجه من التامل فالنصوص الشرعيه التي تحدثت عن الزواج،
ومن ذلك: قوله تعالى: {والله جعل لكم من انفسكم ازواجا و جعل لكم من ازواجكم بنين و حفده و رزقكم من الطيبات افبالباطل يؤمنون و بنعمت الله هم يكفرون”.
(النحل: 72)،
وقوله تعالى: {ومن اياتة ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم موده و رحمه ان فذلك لايات لقوم يتفكرون} (الروم: 21).

وقول النبي  “صلي الله عليه و سلم”   فيما رواة مسلم بسندة عن عبد الله قال: قال لنا رسول الله   “صلي الله عليه و سلم”  : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءه فليتزوج فانه اغض للبصر و احصن للفرج،
ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له و جاء»(18) ،

وعن معقل بن يسار قال: جاء رجل الى النبي  “صلي الله عليه و سلم”   فقال: انني اصبت امرأة ذات حسب و جمال،
وانها لا تلد افاتزوجها؟
قال: «لا».
ثم اتاة الاخرى فنهاه،
ثم اتاة الثالثة فقال: «تزوجوا الودود الولود فانى مكاثر بكم الامم» (19).

يمكن من اثناء ما سبق القول ان مقاصد الزواج تتلخص في: طلب النسل،
الصالح،
وتحقيق عماره الله فالارض،
وهو مقصد مترتب على طلب النسل،
لانة بكثرة النسل تكون العمارة،
وتحقيق السكن النفسي،
والاشباع الجنسي،
والتراحم بين الزوجين،
واعفاف الزوج نفسه؛
فالزواج اغض للبصر و احصن للفرج،
واعفاف الطرف الاخر؛
فهو من التعاون على البر و التقوى،
واقامه الاسرة الصالحه التي تقام بها احكام الشرع،
وتحقيق الاستقرار فالمجتمع نفسيا و خلقيا،
وتقويه اواصره،
وهو ما يؤدى الى حفظ نظامة الكلى و امنة العام؛
حيث ان الشهوة لها ضرام فظهر الانسان،
وما لم يتيسر لها الطريق؛
فتصرف فمسارها المشروع،
فان هذا يؤدى الى سلوك طرق غير مشروعة،
ومسايره الفطره و عدم مصادمتها،
فاستبقاء الفطره نقيه صافيه كما خلقها الله،
والحفاظ عليها،
والسير مع مقتضياتها و فق الشرع،
وعدم مصادمتها لا شك انه مقصد عام من المقاصد المهمة.

الحكم المختار لزواج المصلحه فضوء مقاصد عقد الزواج

ومن اثناء ما سبق ممكن الاتفاق مع المجلس الاوربى للافتاء،
او مع المالكيه و الحنابلة؛
خلافا لراى العلامه ابن بية،
او الحنفيه و الشافعية؛
فزواج المصلحه بصورة التي سبق ايرادها لا يجوز بناء على انها فرغت العقد من مضمونة و معانية و مقاصده،
بناء على ان المقصد منه مكشوف و واضح،
واذا كان كلام الفقهاء و خلافهم الذي سبق ذكرة فالعقود عامة،
فكيف بعقد الزواج الذي و صفة الله ب «الميثاق الغليظ» فقوله تعالى: {وان اردتم استبدال زوج مكان زوج و اتيتم احداهن قنطارا فلا تاخذوا منه شيئا اتاخذونة بهتانا و اثما مبينا.
وكيف تاخذونة و ربما افضي بعضكم الى بعض و اخذن منكم ميثاقا غليظا}.
(النساء: 20-21).

فلا شك ان الاحتياط لهذا العقد اولى،
والحرص عليه و الورع به يصبح اكثر،
واجراءة على معانية و مقاصدة يصبح ادعي و اعلى،
و لذا فان الصورة الثالثة من صور زواج المصلحه و ان اجازها المجلس الاوربى للافتاء لاكتمال شروطها و انتفاء موانعها فانه اثم الزوج فهذه الصورة؛
لانة يضمر فنفسة الطلاق بعد قضاء مصلحته،
ولان ذلك غش للزوجه و اهلها.

وايضا يحظر ذلك الزواج؛
لان ذلك العقد بصورة ينافى ما شرع الزواج لاجله؛
ولهذا و جدنا ابن قدامه «يحرم»،
ويبطل نكاح المحلل،
سواء شرط به التحليل قبل العقد و لم يذكرة فالعقد و نواة فالعقد او نوي التحليل من غير شرط،
وراينا الشاطبي يقول ان الزواج مشروع للتناسل على المقصد الاول،
وذكر مقاصد تبعيه بعدها قال: «نهى- يعني الشارع- عما لم يكن به ذلك».

اذا اضيف لذا ان اجراء قصد الزواج للمصلحه فقط يشوة صورة المسلمين فالغرب،
ويعرض الاسلام- دينا و ملة- للقيل و القال هنالك فو قت لسنا بحاجة به الى مزيد مطارده و مزيد اتهامات تبين بما لا تردد به ان ذلك الزواج غير جائز،
وبهذا يتضح دور مقصد الحكم فالاستدلال على حكمه،
والافاده منه فالاستدلال للتوصل الى حكم فنوازلة و مستجداته.

 

  • ذجميل المال 2020
  • زواج المصلحة


زواج المصلحة