صبرا ال ياسر

صبرا ال ياسر 8393ac67baa4c2556871a63566b87c89

ما هي مناسبه قول الرسول -صلي الله عليه و سلم-: (صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنة)؟


هذا قالها رسول -صلي الله عليه و سلم- لما كانوا يعذبون،
كان ياسر و عمار و ام عمار يعذبون،
فيقول لهم: صبرا يا ال ياسر فان موعدكم الجنة،
لان كفار قريش كانوا يعذبون المسلمين فمكة،
ومن هذا ال ياسر،
وبلال و غيرهم،
فالرسول -صلي الله عليه و سلم- صبرهم و شجعهم على الصبر و ان لهم فذلك الخير العظيم،
وان الله -سبحانة و تعالى- سوف يدخلهم الجنه على صبرهم على دين الله.

ابو اليقظان عمار بن ياسر رضى الله عنه ،

وامة سميه اول شهيده فالاسلام،
وابوة ياسر و اخوة عبدالله،
من السابقين الى اعتناق الاسلام،
ونبذ الشرك و عباده الاوثان،
وكانوا من المستضعفين الذين ليس لهم اهل و عشائر فمكه يحمونهم،
فكان المشركون ينزلون بهم العذاب الشديد بلا شفقه ليرجعوا عن دينهم .



قال ابن الاثير: “عمار بن ياسر بن عامر بن ما لك بن كنانه بن ما لك .
.
ثم العنسي،
ابو اليقظان،
وهو من السابقين الاولين الى الاسلام،
وهو حليف بنى مخزوم،
وامة سمية،
وهي اول من استشهد فسبيل الله عز و جل ،

وهو و ابوة و امة من السابقين،
وكان اسلام عمار بعد بضعه و ثلاثين،
وهو ممن عذب فالله ” .



اسلم عمار رضى الله عنه و رسول الله صلى الله عليه و سلم فدار الارقم بن ابي الارقم،
والوقت حينئذ وقت فتنة،
قال عمار: ” لقيت صهيب بن سنان على باب دار الارقم،
ورسول الله صلى الله عليه و سلم فيها،
فقلت له: ما تريد؟،
فقال لي: و ما تريد انت؟،
فقلت: اردت الدخول الى محمد فاسمع كلامه،
فقال: فانا اريد ذلك،
فدخلنا عليه،
فعرض علينا الاسلام فاسلمنا،
ثم مكثنا يومنا حتي امسينا،
ثم خرجنا مستخفين ” .



قال مجاهد: ” اول من اظهر الاسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

وابو بكر،
وبلال،
وخباب،
وصهيب،
وعمار،
وامة سميه ” .

محنه و بلاء :

اسلم ياسر و سميه و عمار,
واخوة عبدالله بن ياسر،
فغضب عليهم مواليهم بنو مخزوم غضبا شديدا،
وصبوا عليهم العذاب صبا،
قال ابن هشام فالسيره النبوية: ” و كانت بنو مخزوم يظهرون بعمار بن ياسر،
وبابية و امة و كانوا اهل بيت =اسلام اذا حميت الظهيرة،
يعذبونهم برمضاء مكه ( الرمل الحار من شده حراره الشمس )،
فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقول: ( صبرا ال ياسر،
فان موعدكم الجنه )،
فاما امة فقتلوها،
وهي تابي الا الاسلام ” .



مات ياسر رضى الله عنه من شده العذاب،
واغلظت امراتة سميه رضى الله عنها القول لابي جهل فطعنها فقبلها بحربه فيدية فماتت،
وهي اول شهيده فالاسلام .



وشددوا العذاب على عمار رضى الله عنه بالحر تارة،
وبوضع الصخر الاحمر على صدرة اخرى،
وبغطة فالماء حتي كان يفقد و عيه،
وقالوا له‏:‏ لا نتركك حتي تسب محمدا،
او تقول فاللات و العزي خيرا،
فوافقهم على هذا مكرها .



عن ابي عبيده بن محمد بن عمار بن ياسر عن ابية قال: ( اخذ المشركون عمار بن ياسر رضى الله عنه فلم يتركوة حتي سب النبى صلى الله عليه و سلم و ذكر الهتهم بخير،
ثم تركوه،
فلما اتي رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

قال: ما و راءك؟،
قال: شر يا رسول الله،
ما تركت حتي نلت منك و ذكرت الهتهم بخير،
قال: كيف تجد قلبك؟،
قال: اجد قلبي مطمئنا بالايمان،
قال: فان عادوا فعد،
فانزل الله تعالى: { من كفر بالله من بعد ايمانة الا من اكرة و قلبة مطمئن بالايمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم }( النحل الاية: 106 ) رواة الحاكم .



قال ابن كثير فتفسيره: ” روي العوفى عن ابن عباس: ان هذي الايه نزلت فعمار بن ياسر،
حين عذبة المشركون حتي يكفر بمحمد صلى الله عليه و سلم ،

فوافقهم على هذا مكرها،
وجاء معتذرا الى النبى صلى الله عليه و سلم ،

فانزل الله هذي الاية،
وهكذا قال الشعبي،
وابو ما لك و قتاده ” .



وعن عمر بن الحكم: قال : ” كان عمار يعذب حتي لا يدرى ما يقول ” .

ولم يكن التعذيب و الاذي مقصورا على رجال المسلمين دون نسائهم،
وانما طال النساء كذلك قسط من الاذي و العذاب بسبب اسلامهن،
كسميه فتاة خياط،
وفاطمه فتاة الخطاب،
ولبيبه جاريه بنى المؤمل،
وزنيره الرومية،
والنهديه و ابنتها،
وام عبيس،
وحمامه ام بلال و غيرهن رضى الله عنهن .
.
وقد سطرت سميه رضى الله عنها بثباتها على دينها و بموقفها الشجاع امام ابي جهل،
وثباتها على دينها اعلي و اغلى ما تقدمة امرأة فسبيل الله،
لتبقي جميع امرأة مسلمة,
حتي يرث الله الارض و من عليها ترنو اليها و يهفو قلبها فالاقتداء بها،
فلا تبخل بشيء فسبيل الله،
بعد ان جادت سميه فتاة خياط رضى الله عنها بروحها فسبيل الله .

بين العزيمه و الرخصه فالنطق بكلمه الكفر :

عبر خباب – رضى الله عنه – عن حقيقة المعاناه التي كان عليها بعض الصحابه المستضعفين من شده العذاب،
حين طلب الدعاء و الاستنصار من النبى صلى الله عليه و سلم قائلا: ( الا تدعو لنا؟،
الا تستنصر لنا؟

وهذا الاسلوب فالطلب يوحى بما و راءة من شده البلاء الذي يعيشون فيه،
وانة صادر من قلوب اتعبها الايذاء و التعذيب،
فهي تلتمس الفرج العاجل،
وتستعجل النصر فتستدعية .



قال ابن كثير و غيره: ” قال ابن اسحاق: عن سعيد بن جبير قال: قلت لعبد الله بن عباس: اكان المشركون يبلغون من اصحاب رسول الله من العذاب ما يعذرون فيه فترك دينهم؟،
قال: نعم و الله!،
ان كانوا ليضربون احدهم،
ويجيعونه،
ويعطشونة حتي ما يقدر ان يستوى جالسا من شده الضر الذي نزل به،
حتي يعطيهم ما سالوة من الفتنة،
حتي يقولوا له: اللات و العزي الهان من دون الله،
فيقول: نعم،
افتداء منهم بما يبلغون من جهدهم .
.
قلت: و فمثل ذلك انزل الله تعالى { من كفر بالله من بعد ايمانة الا من اكرة و قلبة مطمئن بالايمان و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله و لهم عذاب عظيم }( النحل الاية: 106 )،
فهؤلاء كانوا معذورين بما حصل لهم من الاهانه و العذاب البليغ،
اجارنا الله من هذا بحولة و قوتة ” .

لقد عذب المشركون من اسلم و اظهر اسلامة شديد العذاب ليرتدوا عن دينهم و يكفروا بالله و بما جاء فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

وكانوا يطلبون منهم النطق بكلمه الشرك ليكفوا عن تعذيبهم،
والا استمر تعذيبهم ما داموا على الاسلام،
فمن اولئك المعذبين من ابي ان يعطيهم شيئا مما طلبوة كبلال رضى الله عنه ،

ومنهم من اعطاهم هذا – ظاهرا – ليخففوا عنه العذاب،
وثبت على عقيده التوحيد و الايمان بالنبى صلى الله عليه و سلم فباطنه،
كعمار بن ياسر،
وفى هذا فقة يتراوح بين العزيمه و الرخصة,
يحتاج من الدعاه ان يستوعبوه,
ويضعوة فاطارة الصحيح,
وفق معاييرة الدقيقه دون افراط او تفريط .



قال ابن حجر : ” قال ابن بطال تبعا لابن المنذر : اجمع العلماء على ان من اكرة على الكفر حتي خشى على نفسة القتل،
انة لا اثم عليه ان كفر و قلبة مطمئن بالايمان،
ولا تبين منه زوجته،
ولا يحكم عليه بحكم الكفر ” .



وقال الطبري: ” عن ابن عباس قال: فاخبر الله سبحانة انه من كفر من بعد ايمانة فعليه غضب من الله و له عذاب عظيم،
فاما من اكرة فتكلم فيه لسانة و خالفة قلبة بالايمان لينجو بذلك من عدوة فلا حرج عليه،
لان الله سبحانة انما ياخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم ” .



وقال ابن كثير: ” و لهذا اتفق العلماء على انه يجوز ان يوالى المكرة على الكفر،
ابقاء لمهجته،
ويجوز له ان يستقتل،
كما كان بلال – رضى الله عنه – يابي عليهم هذا و هم يفعلون فيه الافاعيل،
حتي انهم ليضعون الصخره العظيمه على صدرة فشده الحر،
ويامرونة ان يشرك بالله فيابي عليهم و هو يقول: احد،
احد،
ويقول: و الله لو اعلم كلمه هي اغيظ لكم منها لقلتها – رضى الله عنه و ارضاة ” .

ايهما افضل: الرخصه ام العزيمة؟
:

الاروع العزيمه و الصبر و التحمل،
وخاصة لمن كان من اهل العلم،
او الفضل،
او القدوه للناس،
وهو قول الجمهور .



قال ابن بطال: ” اجمع العلماء ان من اكرة على الكفر فاختار القتل انه اعظم اجرا عند الله ممن اختار الرخصه ” .



وقال ابن كثير فتفسيره: ” و الاروع و الاولى: ان يثبت المسلم على دينه،
ولو افضي الى قتلة “.


وذكر ابن تيميه فكتابة الاستقامه حديث النبى صلى الله عليه و سلم : ( كان الرجل فيمن قبلكم،
يحفر له فالارض فيجعل فيه،
فيجاء بالمنشار فيوضع على راسه،
فيشق باثنتين و ما يصدة هذا عن دينه،
ويمشط بامشاط الحديد ما دون لحمة من عظم او عصب،
وما يصدة هذا عن دينه،
والله ليتمن ذلك الامر،
حتي يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف الا الله او الذئب على غنمه،
ولكنكم تستعجلون ) رواة البخاري،
ثم قال: ” و معلوم ان ذلك انما ذكرة النبى صلى الله عليه و سلم فمعرض الثناء على اولئك،
لصبرهم و ثباتهم،
وليصبح هذا عزه للمؤمنين من هذي الامه ” .



فالاروع الصبر و التحمل،
واما الرخصه فثابته فكتاب الله تعالى و سنه رسولة صلى الله عليه و سلم ،

قال ابو الحسن المباركفوري: ” و ذلك يدل على انه ينبغى اختيار الموت و القتل دون اظهار الشرك،
وهو و صيه بالاروع و العزيمة،
فانة يجوز التلفظ بكلمه الكفر و الشرك عند الاكراه،
لقوله تعالى: { الا من اكرة و قلبة مطمئن بالايمان }(سورة النحل من الاية: 106) .

ان المتامل فسيره النبى صلى الله عليه و سلم يري ان من اهم سمات التربيه النبويه فالمرحلة المكية: التربيه على الثبات على دين الله،
وفى قصة اسلام عمار رضى الله عنه نري كيف كان النبى صلى الله عليه و سلم يربى اصحابة على الصبر على الاذى،
والثبات امام المحن و الابتلاءات،
وعلي تعلق قلوبهم بما اعدة الله لهم فالجنه من النعيم،
مع التفاؤل و التطلع للمستقبل المشرق الذي ينصر الله به الاسلام .
.
فلم يكن فو سعة صلى الله عليه و سلم ان يقدم شيئا لال ياسر,
وليست لدية القوه ليستخلصهم من الاذي و العذاب،
فكل ما يستطيعة صلوات الله و سلامة عليه و سلم ان يحثهم على الصبر و الثبات,
ويزف لهم البشري بالمغفره و الجنة,
لتصبح قصة هذي الاسرة المباركه بقوله صلى الله عليه و سلم : ( صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنه )،
من رموز الثبات و التضحيه فسبيل الله،
وقدوه للاجيال المتلاحقه على مر العصور و التاريخ .

  • *صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة *
  • صبراً يا آل ياسر


صبرا ال ياسر