في اي سنة نزل القران

في اي سنة نزل القران 156dbc0a9f623107af89a6b4de1684fd

ان ما يسمي بعلوم القران الكريم مندرج تحت نزول القران الكريم و لازم له،
وعليه فلابد من الالمام فالاسطر الاتيه بالامور الاتيه اجمالا من غير تفصيل فالدقائق،
فذلك شان الموضوعات الخاصة بالنزول الذي هو مقال البحث.


اعلم ان الامه اعتنت بنص القران الكريم و حفظة و على راس الامه نبينا محمد صلى الله عليه و سلم فقد بلغ من عنايتة بالقران الكريم و حرصة على حفظة ان كان يعاجل جبريل حين يقرئة القران حتي انزل الله عليه “لا تحرك فيه لسانك لتعجل به* ان علينا جمعة و قرانه* فاذا قراناة فاتبع قرانه* بعدها ان علينا بيانه”القيامه : 16-19 و انزل عليه “انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون”الحجر : 9 فعندئذ اطمان الرسول صلى الله عليه و سلم على القران و كان جبريل يعارض الرسول صلى الله عليه و سلم القران فكل سنه و عارضة القران فسنتة التي توفى بها مرتين.
وكان صلى الله عليه و سلم يعتنى بكتابة القران الكريم فكان له كتبة يكتبون القران الكريم،
يقول لهم ضعوا ايه هكذا فمكان هكذا من السورة كذا،
وكتب القران كله فحياتة محمد صلى الله عليه و سلم فالرقاع و اللخاف باقرارة صلى الله عليه و سلم.
ومما يدل على عنايه المسلمين بالقران الكريم انه حفظة منهم فعهد النبى صلى الله عليه و سلم عدد لا باس به،
ثم تتابع الحفظ بعد هذا حتي قيل انه قتل يوم بئر معونه سبعون من القراء.


ومن مظاهر العنايه فيه انه لما استحر القتل فالحفظه عمد ابو بكر الى جمعة فمكان واحد فالصحف،
واحتاط لذا الجمع،
حيث الف نخبه من الحفظة،
علي راسهم زيد بن ثابت الذي كان كاتب الوحى فحياة النبى صلى الله عليه و سلم و ربما كان امير المؤمنين ابو بكر الصديق موفقا فهذا الجمع،
ثم بعد ذلك الجمع ظلت الصحف عند امير المؤمنين ابي بكر فخلافتة بعدها بعد و فاتة انتقلت الى امير المؤمنين عمر رضى الله عنه بعدها بعد و فاتة كانت عند حفصه رضى الله عنها حتي كانت خلافه امير المؤمنين عثمان رضى الله عنه فحصل فزمن عثمان اختلاف بين القراء فالامصار،
فكان من توفيق الله ان جمع امير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه الصحابة،
وعرض عليهم اختلاف القراء فالامصار و فالمدينة،
وكان راية ان يجمع القران فمصحف واحد،
فوافقة الصحابه بالاجماع على ذلك،
فارسل الى حفصه و اخذ منها الصحف،
وجمع القران فمصحف واحد و وزعة على الامصار،
فكان بذلك موفقا حيث ادرك الناس قبل ان يختلفوا.
ومن مظاهر العنايه بالقران الكريم عند المسلمين،
انهم حرروا القراءات و فرقوا بين المتواتر و الشاذ،
وجعلوا قواعد لا يثبت القران الا فيها و هي:


اولا:-الاسناد المتصل للقراءه فكل طبقة.


ثانيا:-موافقه القراءه لوجة نحوي.


ثالثا:-ان يحتملها الرسم العثماني.


وكل قراءه لا تتوفر بها هذي الشروط،
فاعتبرها العلماء شاذه لا تسمي قرانا،
ولاتجوز القراءه بها(1).


ومن مظاهر العنايه بالقران الكريم عند هذي الامة،
انة لابد به من التلقى مشافهة،
تلقاة النبى صلى الله عليه و سلم من جبريل عليه السلام شفاها،
وتلقاة الصحابه الاثبات العدول من النبى صلى الله عليه و سلم بعدها تلقاة التابعون الاخيار من الصحابة،
كذلك،
ثم تلقاة اتباع التابعين من التابعين كذلك،
الي ان وصل الينا غضا طريا كما انزل،
فالقراءه سنه متبعه لا مدخل للقياس فيها،
والاعتماد بها على التلقى و التواتر.


وقد اعتني المسلمون بالقران عنايه فائقة،
حيث الفوا فكل جزء منه،
فرقوا بين مكيه،
ومدنيه.
وعرفوا مكية بانه ما نزل قبل الهجره ،
كما عرفوا المدنى بانه ما نزل بعد الهجرة،
هذا التعريف المختار،
ومع تعريف المكى و المدني،
فقد جمعوا المكي،
وميزوة دون المدنى و جميع هذا عنايه بالقران الكريم.


كما اعتنوا بسور القران الكريم و اياته،
وذكروا ان ترتيب الايات توقيفي،
من النبى محمد صلى الله عليه و سلم كما هو الان،
واما ترتيب السور ففية خلاف بينهم(2)،
كما الفوا فاسماء السور،
وعدد الايات و من هذي العنايه الدقيقه اعتناؤهم برسمة الذي رسم فيه فزمن النبى صلى الله عليه و سلم و باقراره،
واجمع عليه الصحابه بعد هذا فزمن عثمان،
وذهب العديد من العلماء الى ان رسم القران توقيفى لا تجوز مخالفته،
حتي ان بعضهم كان يري ان تكتب الكتابات الثانية كما كتب القران على رسمة و على نمطه.
وخلاصه القول ان العلماء لم يتركوا شيئا يتعلق بالقران الكريم الا و كتبوا به كناسخة و منسوخه،
واقسامه،
ومطلقة و مجمله،
ولما كان ذلك البحث الذي كلفنا بالكتابة فيه،
تحت عنوان (نزول القران) اخترنا الكتابة فيما له صله و ثيقه بالنزول.


التعريف بالقران الكريم و انه المعجزه العظمي للنبى صلى الله عليه و سلم

التعريف بالقران الكريم و انه المعجزه العظمي للنبى محمد صلى الله عليه و سلم و ربما تحدي القران باساليب منوعة،
وكونة معجزا بالفاظة و معانيه،
وان الناس لم يصرفوا عنه،
والرد على من قال بالصرفة


.


اعلم ان تعريف القران الكريم: هو كلام الله البيت على محمد صلى الله عليه و سلم المتعبد بتلاوته،
وقد عرفة صاحب المراقي فالفيتة بقوله(3) : لفظ بيت =على محمد لاجل الاعجاز و للتعبد(4)

ويطلق بالاشتراك اللفظى على مجموع القران،
وعلي جميع ايه من اياته


(5) فاذا سمعت من يتلو ايه من القران صح ان تقول انه يقرا القران “واذا قرىء القران فاستمعوا له و انصتوا لعلكم ترحمون”الاعراف : 204


والقران الكريم هو المعجزه الخالده لنبينا محمد صلى الله عليه و سلم الى يوم القيامه لان المعجزات على ضربين الاول ما اشتهر نقلة و انقرض عصرة بموت النبى صلى الله عليه و سلم.


والثاني: ما تواترت الاخبار بصحتة و حصولة و استفاضت بثبوتة و وجودة و وقع لسامعها العلم بذلك ضرورة،
ومن شرطة ان يصبح الناقلون له خلقا كثيرا و جما غفيرا،
وان يكونوا عالمين بما نقلوة علما ضروريا،
وان يستوى فالنقل اولهم و اخرهم و وسطهم فكثرة العدد،
حتي يستحيل عليهم التواطؤ على الكذب،
وهذه صفه نقل القران،
ونقل وجود النبى صلى الله عليه و سلم قال القرطبي(6): “لان الامه رضى الله عنها لم تزل تنقل القران خلفا عن سلف و السلف عن سلفة الى ان يتصل هذا بالنبى عليه الصلاة و السلام،
المعلوم و جودة بالضروره و صدقة بالادله المعجزات،
والرسول اخذة عن جبريل عليه السلام عن ربة عز و جل،
فنقل القران فالاصل رسولان معصومان من الزياده و النقصان،
ونقلة الينا بعدهم اهل التواتر الذين لا يجوز عليهم الكذب فيما ينقلونة و يسمعونة لكثرة العدد،
و لذا و قع لنا العلم الضروري بصدقهم فيما نقلوة من وجود محمد صلى الله عليه و سلم ،

ومن ظهور القران على يدية و تحدية به،
فالقران معجزه نبينا صلى الله عليه و سلم الباقيه بعدة الى يوم القيامه مع ان معجزه جميع نبى انقرضت بانقراضة او دخلها التبديل كالتوراه و الانجيل،
فلما عجزت قريش عن التاليان بمثلة و قالت: ان النبى صلى الله عليه و سلم تقوله انزل الله تحديا لهم قوله “ام يقولون تقوله بل لا يؤمنون* فلياتوا بحديث مثلة ان كانوا صادقين”الطور : 33-34 بعدها تحداهم و انزل تعجيزا ابلغ من هذا فقال “ام يقولون افتراة قل فاتوا بعشر سور مثلة مفتريات” هود: 13.
فلما عجزوا حطهم عن ذلك المقدار الى كسورة من السور القصار فقال جل و ان كنتم فريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله”البقره : 23.
فافحموا عن الجواب و تقطعت بهم الاسباب،
وعدلوا الى الحروب و العناد و اثروا سبى الحريم و الاولاد،
ولو قدروا على المعارضه لكان اهون كثيرا و ابلغ فالحجه و اشد تاثيرا مع كونهم ارباب البلاغه و عنهم تؤخذ الفصاحة.


واعلم ان القران نفسة هو المعجز بالفاظة و معانية لان فصاحتة و بلاغتة امر خارق للعاده اذ لم يوجد كلام قط على ذلك الوجه،
وما قالة النظام و من على شاكلتة من ان و جة الاعجاز فالقران هو انهم منعوا منه و صرفوا عنه قول فاسد،
لان اجماع الامه قبل حدوث المخالف ان القران هو المعجز،
فلو قلنا ان المنع و الصرفه هو المعجز لخرج القران عن ان يصبح معجزا،
وذلك خلاف الاجماع.


هذا و ربما ذكر العلماء اوجها كثيرة للاعجاز نلخص منها ما ياتى بايجاز:-


20887.
النظم البديع المخالف لكل نظم معهود فلسان العرب لان،
نظمة ليس من نظم الشعر فشيء و ايضا قال رب العزه الذي تولي نظمة “وما علمناة الشعر و ما ينبغى له”يس : 69.
وفى صحيح مسلم ان انيسا اخا ابي ذر قال لابي ذر: لقيت رجلا بمكه على دينك يزعم ان الله ارسله.
قلت: فما يقول الناس؟
قال: يقولون شاعر كاهن ساحر و كان انيس احد الشعراء قال انيس: لقد سمعت قول الكهنه فما هو بقولهم،
ولقد و ضعت قوله على اقراء الشعر(7) فلم يلتئم على لسان احد بعدى انه شعر و الله انه لصادق و انهم لكاذبون(8).


الاسلوب المخالف لجميع اساليب العرب.


الجزاله التي لا تصح من مخلوق بحال،
قال القرطبي(9): و تامل هذا فسورة ق و القران المجيد الى اخرها و قوله سبحانة “والارض جميعا قبضتة يوم القيامه و السماوات مطويات بيمينه”الزمر:67 الى احدث السورة،
وكذا قوله “ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون” ابراهيم : 42 الى احدث السورة قال ابن الحصار: فمن علم ان الله سبحانة و تعالى هو الحق علم ان كهذه الجزاله لا تصح فخطاب غيره،
ولا يصح من اعظم ملوك الدنيا ان يقول “لمن الملك اليوم”غافر : 16 و لا ان يقول “ويرسل الصواعق فيصيب فيها من يشاء” الرعد : 13


التصرف فلسان العرب على و جة لا يستقل فيه عربي حتي يقع منهم الاتفاق من جميعهم على اصابتة فو ضع جميع كلمه و حرف موضعه.


20888.
الاخبار عن الامور التي تقدمت فاول الدنيا الى وقت نزوله،
من امي ما كان يتلو من قبلة من كتاب و لا يخطة بيمينه،
مع انه اخذ بما كان من قصص الانبياء مع اممها،
وذكر ما سالة اهل الكتاب عنه،
وتحدوة فيه من قصة اهل الكهف،
وشان موسي و الخضر عليهما السلام،
وحال ذى القرنين.


20889.
الوفاء بالوعد المدرك بالحس فالعيان فكل ما و عد الله سبحانه،20890.
وينقسم الى اخبارة المطلقه كوعدة بنصر رسولة عليه السلام،
واخراج الذين اخرجوة من و طنة و الى و عد مقيد بشرط كقوله ” و من يتوكل على الله فهو حسبه”الطلاق : 3 و قوله “ومن يؤمن بالله يهد قلبه”التغابن :11


الاخبار عن المغيبات فالمستقبل التي لا يطلع عليها الا بالوحى فمن هذا ما و عد الله نبية عليه السلام انه سيظهر دينة على الاديان بقوله تعالى “هو الذي ارسل رسولة بالهدي و دين الحق ليظهرة على الدين كله”التوبه :33 ايه ففعل ذلك،
وكان ابو بكر رضى الله عنه اذا اغزي جيوشة عرفهم ما و عدهم الله فاظهار دينة ليثقوا بالنصر،
وليستيقنوا بالنجاح،
وكان عمر رضى الله عنه يفعل ذلك،
فلم يزل الفتح يتوالي شرقا و غربا،
برا و بحرا.


ما تضمنة القران الكريم من العلم الذي هو قوام كل الانام فالحلال و الحرام و سائر الاحكام.


التناسب فجميع ما تضمنة ظاهرا و باطنا من غير اختلاف.
قال تعالى ” و لو كان من عند غير الله لوجدوا به اختلافا كثيرا”النساء:82 .



الحكم الكثيرة التي لم تجر العاده بان تصدر فكثرتها و شرفها من ادمي.


التعريف بعلوم القران فنا مستقلا و متي ظهر ذلك الاصطلاح


هو علم ذو مباحث تتعلق بالقران الكريم من حيث نزولة و ترتيبة و كتابتة و جمعة و قراءاتة و تفسيرة و اعجازة و ناسخة و منسوخة و محكمة و متشابهة الى غير هذا من المباحث التي تذكر فهذا العلم(10)،
وقد يسمي ذلك العلم باصول التفسير لانة يتناول العلوم التي لابد للمفسر منها(11).


واول ظهور ذلك المصطلح لعلوم القران فنا مستقلا كان على يد الحوفى المتوفى 430ة فكتابة “البرهان فعلوم القران”،
ثم تبعة ابن الجوزى المتوفي سنه 597ة فكتابة “فنون الافنان فعجائب القران” بعدها جاء بدر الدين الزركشى المتوفي سنه 794ة بكتاب و اف سماة “البرهان فعلوم القران” بعدها جاء البلقينى المتوفي سنه 824ة فالف كتابة “مواقع العلوم من مواقع النجوم” بعدها جاء خاتمه الحفاظ و فارس الميدان جلال الدين السيوطى المتوفي سنه 911ة بكتابة “الاتقان فعلوم القران”،
وصار الناس بعدة عيالا عليه،
كل ياخذ منه،
والبعض يلخص و البعض يختصر.


وقد نشط الاتيف فعلوم القران فالعصر الحديث ككتاب مصطفى صادق الرافعى فاعجاز القران،
والنبا العظيم للدكتور محمد عبدالله دراز،
وكتاب الشيخ طاهر الجزائري (التبيان فعلوم القران) و كتاب مناهل العرفان فعلوم القران للشيخ محمد عبدالعظيم الزرقانى و كتاب المدخل فعلوم القران لشيخنا الشيخ الدكتور محمد محمد ابو شهبه رحمة الله و كتاب مباحث فعلوم القران للشيخ مناع القطان رحمة الله الى غير هذا من الاتيف الكثيرة فهذا العصر.


متي بدا النزول و كم كانت لمدة النزول


ان بحث نزول القران و تاريخ نزوله،
لمن اهم المباحث اذ فيه تعرف تنزلات القران الكريم،
ومتي نزل،
وكيف نزل،
وعلي من نزل و كيف كان يتلقاة جبريل من الله تبارك و تعالى؟
ولاشك ان العلم بذلك يتوقف على كمال الايمان،
بان القران من عند الله،
وانة المعجزه العظمي للنبى صلى الله عليه و سلم ،

كما ان كثيرا من المباحث التي تذكر فهذا الفن يتوقف على العلم بنزوله،
فهو كالاصل بالنسبة لغيره.


انزل الله القران الكريم على رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم لهدايه البشر و اخراجهم من الظلمات الى النور،
فكان نزولة حدثا جللا مؤذنا بمكانه النبى صلى الله عليه و سلم عند اهل السماء و الارض.


فانزالة الاول فليلة القدر نبة العالم العلوى على شرف هذي الامة،
وانها القائده التي جعلها الله خير امه اخرجت للناس.


قال تعالى “شهر رمضان الذي انزل به القران هدي للناس و بينات من الهدي و الفرقان” البقره الايه 185 ،

فقد مدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بانه اختارة من بينها لانزال القران العظيم فيه،
قال ابن كثير(12): “وكما اختصة بذلك فقد و رد الحديث بانه الشهر الذي كانت الكتب الالهيه تنزل به على الانبياء “.


قال الامام احمد بن حنبل(13) رحمة الله حدثنا ابو سعيد مولي بنى هاشم،
حدثنا عمران ابو العوام عن قتاده عن ابي المليح عن و اثله – يعني ابن الاسقع- ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: انزلت صحف ابراهيم فاول ليلة من رمضان،
والانجيل لثلاث عشره خلت من رمضان و انزل الله القران لاربع و عشرين خلت من رمضان.


وقد روي من حديث جابر بن عبدالله و به ان الزبور انزل لثنتى عشره خلت من رمضان و الانجيل لثمانى عشره و الباقى كما تقدم رواة ابن مردويه(14).


اما الصحف و التوراه و الزبور و الانجيل فنزل جميع منها على النبى الذي انزل عليه جمله واحده و اما القران فكان نزولة الاول جمله واحده الى بيت =العزه من سماء الدنيا،
كما تدل عليه الايات: “شهر رمضان …”البقرة: 185 “انا انزلناة فليلة مباركة”الدخان : 3 .



اما تاريخ نزول القران منجما و هو النزول الثاني،
فقد كان بعد الاربعين من عمرة صلى الله عليه و سلم حينما بعث فيوم الاثنين و كان اول ما نزل عليه صدر سورة اقرا كما ذكر هذا محققو اهل العلم من اهل التفسير و الحديث و السير،
قال العلامه الفاسى فنظمة قره الابصار فسيره المشفع المختار(15):


صلي عليه اشرف العباد


من بعد اربعين عاما غبرا

صلي عليه الله فالق الفلق

توحيد رب العالمين مرسلا


احصاءة من معجزات كالمطر


نورا و رفعه مع ابتهاجى


كما اتت بذلك الاخبار


لو شاء لكن جاد بالتاخير


منهم و من اصلابهم ابناء


وايد الحق فيه و اظهره


بيان مبعث النبى الهاد


وجاءة جبريل فغار حرا


فى يوم الاثنين بسورة العلق


فقام يدعو الانس و الجن الى


مؤيدا منه برا اعيا البشر


نفعا و كثرة و كالسراج


ومع ذا حاصرة الفجار


وكان قادرا على التدمير


حتي هدي الله فيه من شاء


ثم اعز دينة و نصره


قال فالاتقان(16): “اما انزالة الثاني مفرقا على حسب الوقائع خلافا لما كان معهودا عندهم فالكتب السابقة فقد اثار الضجه عند القوم حتي حملهم على المحاده و المساءله حتي ظهر لهم الحق فيما بعد من اسرار الحكم الالهيه فانزالة منجما على حسب الوقائع حتي اكمل الله الدين”.


هذا و ربما يظن البعض ان الايات من قوله “شهر رمضان الذي انزل به القران”البقرة:185 الخ و قوله “حم* و الكتاب المبين* انا انزلناة فليلة مباركه انا كنا منذرين” الدخان:1-3 و قوله “انا انزلناة فليلة القدر”القدر : 1.
بينها تعارض و الواقع انه لا تعارض بينها،
فالليلة المباركه هي ليلة القدر من شهر رمضان،
وانما يتعارض ظاهرها مع الواقع العملى فحياة الرسول صلى الله عليه و سلم لان القران نزل عليه اثناء ثلاث و عشرين سنة.


وقد روي من غير و جة عن ابن عباس كما قال اسرائيل عن السدى عن محمد بن ابي المجالد عن مقسم عن ابن عباس انه سالة عطيه بن الاسود فقال و قع فقلبي الشك من قول الله تعالى “شهر رمضان الذي انزل به القران”وقد انزل فشوال و ذى القعده و فذى الحجه و محرم،
وصفر و شهر ربيع فقال ابن عباس و جمهور العلماء:ان المراد بنزول القران فتلك الايات الثلاث،
نزولة جمله واحده الى بيت =العزه من السماء الدنيا تعظيما لشانة عند الملائكة،
ثم انزل بعد هذا منجما على مواقع النجوم ترتيلا فالشهور و الايام فثلاث و عشرين سنة،
حسب الوقائع و الاحداث منذ بعثة صلى الله عليه و سلم الى ان توفي حيث اقام بمكه بعد البعثه ثلاث عشره سنة،
وبالمدينه بعد الهجره عشر سنين و ذلك المذهب هو الذي جاءت فيه الاخبار الصحيحة عن ابن عباس فعده روايات منها:


1- عن ابن عباس قال انزل القران جمله واحده الى السماء الدنيا(17) ليلة القدر بعدها انزل بعد هذا فعشرين سنه بعدها قرا “ولا ياتونك بمثل الا جئناك بالحق و اقوى تفسيرا”الفرقان : 33.
وقوله “وقرانا فرقناة لتقراة على الناس على مكث” الاسراء : 106.


2- و عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: فصل القران من الذكر فوضع فبيت العزه من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل فيه على النبى صلى الله عليه و سلم.


3- و عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: انزل الله القران جمله واحده الى السماء الدنيا و كان بمواقع النجوم و كان الله ينزلة على رسولة صلى الله عليه و سلم بعضة اثر بعض.
رواة الحاكم و البيهقي(18).


4- و عنه رضى الله عنه قال انزل القران فليلة القدر فشهر رمضان الى السماء الدنيا جمله واحده بعدها انزل نجوما “رواة الطبراني”.


2- المذهب الثاني: هو المروى عن الشعبى ان المراد بنزول القران فالايات الثلاث ابتداء نزولة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

فقد ابتدا نزولة فليلة القدر من شهر رمضان و هي الليلة المباركة،
ثم تتابع نزولة بعد هذا مندرجا مع الوقائع و الاحداث فقرابه ثلاث و عشرين سنة.


قال: فليس للقران الا نزول واحد هو نزولة منجما على رسول الله صلى الله عليه و سلم لان ذلك هو الذي جاء فيه القران قال تعالى “وقرانا فرقناة لتقراة على الناس على مكث”الاسراء:106،
ولهذا جادل به المشركون لكون الكتب السماويه نقل اليهم نزولها جمله واحده قال تعالى “وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القران جمله واحده ايضا لنثبت فيه فؤادك و رتلناة ترتيلا* و لا ياتونك بمثل الا جئناك بالحق و اقوى تفسيرا”الفرقان:32-33.


قال: و لا يخرج للبشريه مزيه لشهر رمضان و ليلة القدر التي هي الليلة المباركه الا اذا كان المراد بالايات الثلاث نزول القران على رسول الله صلى الله عليه و سلم و ذلك يوافق ما جاء فقوله تعالى فغزوه بدر “وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقي الجمعان و الله على جميع شيء قدير” الانفال:41.
وقد كانت غزوه بدر فرمضان،
ويؤيد ذلك ما عليه المحققون فحديث بدء الوحي.


عن عائشه قالت: “اول ما بدئ فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحى الرؤيا الصادقه فالنوم فكان لا يري رؤيا الا جاءت كفلق الصبح”(19) فالمحققون على ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نبئ اولا بالرؤيا فالشهر الذي ولد به و هو شهر ربيع الاول،
وكانت المدة بين الرؤيا و الوحى الية يقظه سته اشهر بعدها اوحى الية يقظه ب “اقرا”


قال الشيخ مناع القطان رحمة الله(20) “وبهذا تتازر النصوص على معني واحد”.


3-المذهب الثالث:يري ان القران انزل الى السماء الدنيا فثلاث و عشرين ليلة قدر فكل ليلة منها ما يقدر الله انزالة فكل السنة،
وهذا القدر الذي ينزل فليلة القدر الى السماء الدنيا لسنه كاملة ينزل بعد هذا منجما على رسول صلى الله عليه و سلم فجميع السنة.


ولاشك ان ذلك المذهب اجتهاد من بعض المفسرين فليس هنالك ما يدل عليه،
اما المذهب الثاني فانه لا تعارض بينة و بين المذهب الاول الذي هو مذهب ابن عباس و الجمهور.


فالراجح ان القران الكريم له تنزلان،
كما علمت:


الاول:نزولة الى بيت =العزه من سماء الدنيا جملة.


وقد نقل القرطبي(21) الاجماع على ذلك النزول عن مقاتل بن حيان و ممن قال بقوله الخليمى و الماوردي(22).
الثاني:نزولة من السماء الدنيا مفرقا على مدي ثلاث و عشرين سنة.


الحكمه فانزال القران جمله الى السماء


1-تفخيم امرة و امر من نزل عليه،
وذلك باعلام سكان السموات السبع ان ذلك احدث الكتب البيته على خاتم الرسل لاشرف الامم.
قال السيوطي: نقلا عن ابي شامه فالمرشد الوجيز ” لولا ان الحكمه الالهيه اقتضت و صولة اليهم منجما بحسب الوقائع لهبط فيه الى الارض جمله كسائر الكتب البيته قبله،
ولكن الله باين بينة و بينها فجعل له الامرين: انزالة جمله بعدها انزالة مفرقا تشريفا للبيت عليه”(23).


2- و قال السخاوى فجمال القراء:” نزولة الى السماء الدنيا جمله تكريم لبنى ادم و تعظيم لشانهم عند الملائكة،
وتعريفهم عنايه الله بهم و رحمتة لهم “.


والقران بالاستقراء كان ينزل حسب الحاجة خمس ايات و عشر ايات و اكثر و اقل،
وصح نزول عشر ايات فقصة الافك جملة.


ونزول عشر ايات من اول سورة المؤمنون جملة،
كما صح نزول “غير اولى الضرر”وحدها و هي بعض ايه و هكذا قوله “وان خفتم عيلة” الى احدث الايات.


ويوضح هذا ما اخرجة البخاري(24) عن عائشه رضى الله عنها قالت: انما نزل اول ما نزل منه سورة من المفصل بها ذكر الجنه و النار،
حتي اذا ثاب الناس الى الاسلام نزل الحلال و الحرام،
ولو نزل اول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر ابدا،
ولو نزل “لاتزنوا” لقالوا لا ندع الزني ابدا.


اعلم ان القران الكريم له و جودات ثلاثة:-


1- و جودة فاللوح المحفوظ.


2- و جودة فالسماء الدنيا.


3- و جودة فالارض.


بنزولة على النبى صلى الله عليه و سلم ،

ولم يقترن النزول الا بالوجود الثاني و الثالث و ربما دل القران الكريم انه كان قبل نزولة فاللوح المحفوظ حيث يقول الله تعالى “بل هو قران مجيد* فلوح محفوظ”البروج : 21-22.


وهذا اللوح المحفوظ هو الكتاب المكنون الذي قال الله عنه “انة لقران كريم* فكتاب مكنون* لا يمسة الا المطهرون* تنزيل من رب العالمين”الواقعة: 77-80 و الذي عليه جمهور المفسرين ان الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ،
واللوح المحفوظ هو السجل العام الذي كتب الله به فالازل جميع ما كان و جميع ما يكون،
والواجب علينا ان نؤمن فيه و انه موجود ثابت،
اما البحث فيما و راء هذا فلسنا مطالبين به.


اما كيف كان جبريل يتلقي الوحي،
فلا يركن الى شيء مما قيل فذلك الا ما اوما له الدليل،
واولي قول فهذا المجال هو ما ذكرة البيهقى فتفسير قوله تعالى “انا انزلناة فليلة القدر” القدر : 1 قال: يريد و الله اعلم ” انا اسمعنا الملك و افهمناة اياة و انزلناة بما سمع،
وهذا القول يشهد له ما رواة الطبرانى من حديث النواس بن سمعان” مرفوعا الى النبى صلى الله عليه و سلم قال: “اذا تكلم الله بالوحى اخذت السماء رجفه شديده من خوف الله فاذا سمع بذلك اهل السماء صعقوا و خروا سجدا،
فيصبح اولهم يرفع راسة جبريل فيكلمة الله بوحية بما اراد فينتهى فيه حيث امر” و الحديث و ان لم يكن نصا فالقران الا ان الوحى يشمل و حى القران و غيره(25).


اما قول من قال ان جبريل اخذ القران من الكتاب،
لم يسمعة من الله،
فهذا قول باطل كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية(26) و ربما اخبر تعالى بانه بيت =منه قال تعالى “والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه بيت =من ربك بالحق” الانعام : 114 و قال تعالى “حم* تنزيل من الرحمن الرحيم” فصلت : 1-2.
وقال “حم


“تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم” الاحقاف: 1-2.
فجبريل رسول الله من الملائكه جاء فيه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم من البشر و الله يصطفى من الملائكه رسلا و من الناس.
وكلاهما مبلغ له.


قال شيخ الاسلام ابن تيمية(27): ” و هو مع ذلك كلام الله ليس لجبريل و لا لمحمد به الا التبليغ و الاداء كما ان المعلمين له فهذا الزمان و الاتين له فالصلاة او خارج الصلاة ليس لهم به الا هذا لم يحدثوا شيئا من حروفة و لا معانية “.


قال الامام السيوطي(28) قال الجويني: كلام الله البيت قسمان:


ا – قسم قال الله لجبريل قل للنبى صلى الله عليه و سلم الذي انت مرسل الية ان الله يقول افعل هكذا و كذا،
ففهم جبريل ما قالة ربه،
ثم نزل على هذا النبى صلى الله عليه و سلم و قال له ما قالة ربة و لم تكن العبارة تلك العبارة،
كما يقول الملك لمن يثق به: قل لفلان يقول لك الملك اجتهد فالخدمه و اجمع جندك للقتال.
فان قال الرسول بقول الملك لا تتهاون فخدمتة و لا تترك الجند تتفرق و حثهم على المقاتله لا ينسب الى كذب و لا تقصير فاداء الرسالة.


ب – قسم احدث قال الله لجبريل اقرا على النبى ذلك الكتاب فنزل جبريل بكلمه من الله من غير تغيير كما يكتب الملك كتابا و يسلمة الى امين و يقول له اقراة على فلان فهو لا يغير منه كلمه و لا حرفا.


قال السيوطي: القران هو القسم الثاني،
والقسم الاول هو السنة،
وقد و رد ان جبريل كان ينزل بالسنه كما ينزل بالقران قال: و لهذا جازت روايه السنه بالمعني بخلاف القران الكريم فانه نزل جبريل بالفاظة و معانية فلا تجوز روايتة بالمعنى.
والسر فذلك ان القران يقصد التعبد بالفاظة و هو ايضا معجز فلا ممكن لاحد مهما اوتى من البلاغه و الفصاحه ان ياتى بلفظ يقوم مقامه.


كما ان به تخفيفا على الامه حيث جعل البيت اليهم على قسمين قسم يروونة بلفظة الموحى فيه و قسم يروونة بالمعنى،
ولو جعل كله مما يروى باللفظ،
لشق،
او بالمعني لم يؤمن التبديل.
قال صاحب المدخل(29) : “وايضا ليس للنبى صلى الله عليه و سلم فالقران شيء الا مجرد التبليغ فقط و ذلك هو الحق الذي يجب على جميع مسلم ان يعتقدة و يؤمن فيه “.


قال: و لا يلتفت الى ما زعمة بعض من يهرف بما لايعرف،
او من يفترى و يختلق من ان جبريل اوحى الية المعنى،
وانة عبر بهذه الالفاظ الداله على المعاني بلغه العرب،
ثم نزل على النبى صلى الله عليه و سلم ايضا او ان جبريل اوحي الى النبى صلى الله عليه و سلم المعني ان النبى صلى الله عليه و سلم عبر عن هذي المعاني بلفظ من عندة فهذا القول زعم و خرص لم تقم عليه اثاره من علم.


وهو خلاف ما تواتر عليه القران و السنة،
وانعقد عليه اجماع الامه من ان القران لفظة و معناة كلام الله و من عند الله منه بدا و الية يعود.


الي ان قال: و ذلك الزعم لا يقول فيه الا جاهل استولي الجهل و الغفله عليه او زنديق ربما يدس فالدين و العلم ما ليس منه.


ولا يغتر بوجودة فبعض الكتب الاسلامية،
فاغلب الظن انه مدسوس على الاسلام و المسلمين ذلك و ربما بلغ النبى صلى الله عليه و سلم القران الكريم من غير تحريف و لا تبديل و لا تغيير لشيء منه و لا كتمان له،
ولو كان كاتما شيئا [حاشاة من ذلك] لكتم تبليغ الايات التي عوتب بها و يكفى ان تقرا قول الحق تبارك و تعالى “ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته”المائدة،
: 67 و قوله “واذا تتلي عليهم اياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقران غير ذلك او بدلة قل ما يصبح لى ان ابدلة من تلقاء نفسي ان اتبع الا ما يوحي الى انني اخاف ان عصيت ربى عذاب يوم عظيم” يونس : 15 و قوله “ولو تقول علينا بعض الاقاويل* لاخذنا منه باليمين* بعدها لقطعنا منه الوتين* فما منكم من احد عنه حاجزين” الحاقه : 44-47

  • في اي سنة انزل القران
  • في اي سنة نزل الزابور
  • في اي سنة نزل القرآن


في اي سنة نزل القران