فمما تلى فهذه الليلة قول الله تعالى :
{ جميع نفس ذائقه الموت و انما توفون اجوركم يوم القيامه فمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقد فاز و ما الحياة الدنيا الا متاع الغرور }ال عمران185
الله جل و علا حكم فهذه الايه بان جميع منفوسه اتيها الموت و لا محالة ،
طال الزمن او قصر ،
و لذا اتي بصيغه ( جميع ) و هي تعد عند العلماء من اعظم صيغ العموم { جميع نفس ذائقه الموت } حتي ان ذلك الموت اذاق بدن و روح النبى صلى الله عليه و سلم ،
فقد قال عليه الصلاة و السلام لما كان يعانى من سكرات الموت كما عند البخارى ( كان عندة ركوه من ماء فكان يضع يدة فهذا الماء و يمسح على و جهة و يقول لا الة الا الله ،
ان للموت لسكرات ) و فروايه عند الترمذى كان يقول ( اللهم اعنى على سكرات الموت )
ولو قال قائل : ذلك النبى صلى الله عليه و سلم يعانى من الموت و شدتة ،
وقد جاء فالحديث الذي فحديث البراء الطويل كما عند الترمذى ( ان المؤمن اذا اخذت روحة تقول له الملائكه اخرجى ،
فتخرج كما تظهر القطره ففى السقاء ) يعني كما تظهر قطره الماء من القربه ،
وما اسهل خروجها ،
فلماذا شدد على النبى صلى الله عليه و سلم فهذا الموت ؟
قال العلماء : كما نقل القرطبي رحمة الله هذا : لان الله سبحانة و تعالى اراد من ذلك امورا ،
منها : ان يبين للخليقه ان للموت شده ،
ولا ممكن ان يحصل ذلك الا بان يحصل فعليا على اعظم البشر ،
وهو الرسول صلى الله عليه و سلم ،
لا شك ان الخبر من الله و من الرسول صلى الله عليه و سلم اتانا بشده سكرات الموت ،
لكن كون هذا يقع على النبى صلى الله عليه و سلم يصبح اعظم بيانا و اوضح صورة .
ومنها : ان الله سبحانة و تعالى اراد ان يشدد على النبى صلى الله عليه و سلم فالموت حتي ترتفع درجتة اعلي و اعلي ،
لا لذنب او لخطايا ،
وانما لرفعه منزلتة صلوات ربى و سلامة عليه ،
وهذا ربما يحصل للمؤمنين ،
قد يحصل لهم من الشده و العناء عند سكرات الموت ما يرفع الله فيها درجاتهم ،
بينما اخرون لا يحصل لهم كهذا .
قال تعالى : { جميع نفس ذائقه الموت } و عبر هنا بالذوق ،
لان الذوق هو اشد ما يصبح على الانسان ،
كون الانسان يذوق شيئا ،
هذا اشد ما يصبح عليه ،
و لذا قال { جميع نفس ذائقه الموت } و لذا لما استبطات كفار قريش موت النبى صلى الله عليه و سلم نزل قوله تعالى { انك ميت و انهم ميتون } الزمر30 ،
ثم ما النهاية ؟
ماذا قال بعدين عز و جل { بعدها انكم يوم القيامه عند ربكم تختصمون }الزمر31 ،
فريق فالجنه ،
وفريق فالنار ،
و لذا لما قالوا ان محمدا سيموت و تذهب رسالتة و تزول دعوتة ،
ماذا قال سبحانة و تعالى { و ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افان مت فهم الخالدون }الانبياء34 ،
لو مت اهم سيخلدون ؟
!
الجواب : لا ،
ثم ما الذي قال بعدين فسورة الانبياء ؟
{ جميع نفس ذائقه الموت و نبلوكم بالشر و الخير فتنه و الينا ترجعون }الانبياء35 ،
يعني ما يصيب الناس فهذه الدنيا من خير ،
كصحة و نعمه و رزق و ما ل و اولاد و زوجات ،
او ما اصابة من شر او مما لا يلائمة من مرض او بليه او محنه او هم او قلق او ما شابة هذا ،
كل هذا مقدر ،
ولكن اراد الله بهذا ان يبتلى الناس ،
من اتاة الله نعمه هل سيشكر ؟
من احل الله فيه نقمه هل سيصبر ؟
فمن اصابتة نعماء او اصابتة ضراء ،
المصير الى ماذا ؟
الي الموت .
{ جميع نفس ذائقه الموت و انما توفون اجوركم يوم القيامه فمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقد فاز } و مهما طال عمر الانسان فانه ذاهب لا محالة ،
وقد جاء عند البخارى و مسند الامام احمد و غيرهما ( ان الله سبحانة و تعالى لما اراد ان يقبض روح موسي عليه السلام بعث الية ملك الموت ) و كان الانبياء يخيرون قبل ان تقبض ارواحهم ،
يعني ما ياتية الموت فجاه – لا – ياتى الملك و يقول للرسول ساقبض روحك اتريد ان تموت ؟
فان شاء ان يؤجلة اجلة ( فلما جاء ملك الموت الى موسي ليقبض روحة ،
قام موسي فصك و جة ملك الموت ففقا عينة ،
فلما رجع ملك الموت الى الله سبحانة و تعالى ،
وهو اعلم بما دار بينهما ،
قال ارسلتنى الى عبد لا يريد الموت ،
فلما رجع و ربما قال الله سبحانة و تعالى له اذهب الى موسي و قل له يضع يدة على ظهر ثور و له بما غطت يدة بكل شعره سنه يعيشها ،
فذهب ملك الموت و اخبر موسي ،
فقال موسي عليه السلام بعدها ماذا ؟
) يعني اذا ذهبت هذي السنون ما الذي بعدين ( قال الموت ،
قال اذا الان ) ما دام ان النهاية هي الموت فمن الان ،
والعجيب ان الانسان لو هرب من انسان او هرب من شيء قد ينجو منه و قد لا ينجو منه ،
لكنة فالغالب انه ينجو منه باذن الله تعالى ،
الا الموت ،
و لذا قال تعالى{ قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم }الجمعة8 ،
يعني تفر من ذلك الطريق و انت تعلم ان ملك الموت مع طريق احدث ،
لابد ان يلاقيك ملك الموت لا محالة ،
و لذا انظر الى ذلك التعبير{ قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم بعدها تردون الى عالم الغيب و الشهاده فينبئكم بما كنتم تعملون }الجمعة8
ثم ما النهاية بعد ذلك الموت ؟
لو كانت النهاية الى تراب و تتحلل العظام و تزول هذي الابدان و ينتهى الامر و يذهب جميع انسان بما عمل لكان الامر هينا ،
ولكن كما قال تعالى { فمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقد فاز } ما نوعيه ذلك الفوز ،
ما صفتة ؟
اقرا الايات الثانية ،
اقرا سورة البروج {ان الذين امنوا و عملوا الصالحات لهم جنات تجرى من تحتها الانهار هذا الفوز الكبير }البروج11،
هذا اكبر فوز ان تنال الجنه و ان تنجو من النار ،
ثم انظر الى السياق { فمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقد فاز } لم يقل ( فمن زحزح نفسة ،
او نجا نفسة ،
او ادخل نفسة الجنه ) لا ،
{ فمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقد فاز } يعني ذلك بفضل من الله و كرم ،
مهما عملت يا ابن ادم من اعمال صالحه فانها لا توفى قيمه الجنه ،
لكن الله سبحانة و تعالى لما ذكر جزاء المتقين و بين انهم دخلوا الجنه { جزاء بما كانوا يعملون }الاحقاف14 ،
انما ذلك العمل الصالح اسباب فدخولهم الجنه ،
والا لو و جميع الانسان الى عملة ما و فقيمه الجنه ،
ولكن ذلك فضل من الله و كرم { فمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقد فاز } ما النهاية ؟
{ و ما الحياة الدنيا الا متاع الغرور } متاع ،
يستمتع فيها الانسان
{ الغرور } الباطل ،
يعني كم من نعمه او لذه تلذذنا فيها بعدها ذهبت و زالت ،
فكان الله سبحانة و تعالى يبين لنا و يرشدنا الى ان نستفيد من هذي الدنيا فنستعين فيها على طاعه الله سبحانة و تعالى ،
لم ؟
لانها ذاهبه و زائله ،
فنسال الله سبحانة و تعالى ان يعيننا على انفسنا و ان يوفقنا لكل خير و ان يجنبنا جميع شر ،
والله اعلم و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد .
- كل نفس ذائقة الموت