الحمد لله
المقصود بتمجيد الله و الثناء عليه قبل الدعاء : هو البداءه بحمد الله تعالى و شكرة ،
وذكر بعض اسمائة الحسني و صفاتة العلي ،
والاعتراف بين يدية سبحانة و تعالى بالذل و الفقر اليه،
لتكون هذي العبارات تمهيدا لسؤالة عز و جل ،
فهو سبحانة يحب من عبدة التذلل الية ،
والاعتراف بعظيم نعمة و جليل فضلة ،
فاذا قدم العبد صدق التذلل ،
ثم اتبعة بصدق الدعاء و المساله ،
كان هذا ادعي لاجابه الدعاء .
عن فضاله بن عبيد رضى الله عنه قال :
( سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا يدعو فصلاتة لم يمجد الله تعالى ،
ولم يصل على النبى صلى الله عليه و سلم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : عجل ذلك .
ثم دعاة فقال له او لغيرة : اذا صلى احدكم فليبدا بتمجيد ربة جل و عز ،
والثناء عليه ،
ثم يصلى على النبى صلى الله عليه و سلم ،
ثم يدعو بعد بما شاء )
رواة ابو داود (1481) ،
والترمذى (3477) و قال : حسن صحيح .
ومن امثله تمجيد الله و الثناء عليه قبل الدعاء ما رواة ابن عباس رضى الله عنهما قال :
( كان النبى صلى الله عليه و سلم اذا قام من الليل يتهجد قال :
اللهم لك الحمد انت نور السموات و الارض و من فيهن ،
ولك الحمد انت قيم السموات و الارض و من فيهن ،
ولك الحمد انت الحق ،
ووعدك حق ،
وقولك حق ،
ولقاؤك حق ،
والجنه حق ،
والنار حق ،
والساعة حق ،
والنبيون حق ،
ومحمد حق ،
اللهم لك اسلمت ،
وعليك توكلت ،
وبك امنت ،
واليك انبت ،
وبك خاصمت ،
واليك حاكمت :
فاغفر لى ما قدمت و ما اخرت ،
وما اسررت و ما اعلنت ،
انت المقدم و انت المؤخر ،
لا الة الا انت – او لا الة غيرك – )
رواة البخارى (1120) و مسلم (769) .
فتامل كيف قدم النبى صلى الله عليه و سلم قبل ان يبدا بالدعاء جملا كثيرة ،
كلها حمد لله ،
وثناء عليه ،
وتمجيد له ،
واعتراف بالفقر الية ،
واقرار بالوهيتة و ربوبيته و اسمائة و صفاتة ،
ثم بعد هذا كله بدا بالدعاء ،
وقد كان جمله واحده فقط ،
وهي : فاغفر لى ما قدمت و ما اخرت و ما اسررت و ما اعلنت .
يقول الحافظ ابن حجر رحمة الله :
” به استحباب تقديم الثناء على المساله عند جميع مطلوب ،
اقتداء فيه صلى الله عليه و سلم ” انتهى.
” فتح البارى ” (3/5)
ويقول الدكتور عبدالرزاق البدر :
” ان من ضوابط الدعاء المهمه و ادابة العظيمه ان يقدم المسلم بين يدى دعائة الثناء على ربة بما هو اهلة من نعوت الجلال ،
وصفات العظمه و الكمال ،
وذكر جودة و فضلة و كرمة و عظيم انعامة ،
وذلك انه ابلغ ما يصبح فحال السائل و الطالب ثناؤة على ربة ،
وحمدة له ،
وتمجيدة ،
وذكر نعمة و الائة ،
وجعل هذا كله بين يدى مسالتة و سيله للقبول و مفتاحا للاجابة.
ومن يتامل الادعية الوارده فالكتاب و السنه يجد كثيرا منها مبدوءا بالثناء على الله و عد نعمة و الائة ،
والاعتراف بفضلة و جودة و عطائة ،
ومن الامثله على هذا الدعاء العظيم الذي اشتملت عليه سورة الفاتحه التي هي اعظم سور القران الكريم و اجلها ( اهدنا الصراط المستقيم )
فهذا الدعاء العظيم مبدوء بالثناء على الله و حمدة و تمجيدة ،
مما هو اسباب لقبولة ،
ومفتاح لاجابتة .
قال ابن القيم رحمة الله : و لما كان سؤال الله الهدايه الى الصراط المستقيم اجل المطالب ،
ونيلة اشرف المواهب ،
علم الله عبادة طريقة سؤالة ،
وامرهم ان يقدموا بين يدية حمدة و الثناء عليه و تمجيدة ،
ثم ذكر عبوديتهم و توحيدهم ،
فهاتان و سيلتان الى مطلوبهم ،
توسل الية باسمائة و صفاتة ،
وتوسل الية بعبوديتة ،
وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء … الى ان قال رحمة الله :
وقد جمعت الفاتحه الوسيلتين ،
وهما التوسل بالحمد و الثناء عليه و تمجيدة ،
والتوسل الية بعبوديتة و توحيدة ،
ثم جاء سؤال اهم المطالب و انجح الرغائب ،
وهو الهدايه بعد الوسيلتين ،
فالداعى فيه حقيق بالاجابه .
ومن الامثله على هذا دعاء يوسف عليه السلام : ( رب ربما اتيتنى من الملك و علمتنى من تاويل الاحاديث فاطر السموات و الارض انت و ليى فالدنيا و الاخره توفنى مسلما و الحقنى بالصالحين ) ،
ودعاء ايوب عليه السلام ،
قال تعالى : ( و ايوب اذ نادي ربة انني مسنى الضر و انت ارحم الراحمين ،
فاستجبنا له فكشفنا ما فيه من ضر و اتيناة اهلة و مثلهم معهم رحمه من عندنا و ذكري للعابدين ) ،
ودعاء اولى الالباب الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم ،
ويتفكرون فخلق السموات و الارض ( ربنا ما خلقت ذلك باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) ،
ودعاء الملائكه : ( ربنا و سعت جميع شيء رحمه و علما فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك و قهم عذاب الجحيم ) ،
والامثله على هذا كثيرة جدا جدا ،
يطول عدها ،
فينبغى على المسلم ان يحافظ على ذلك الادب الرفيع عند سؤالة له سبحانة بان يثنى عليه و يحمدة و يمجدة ،
ويعترف بفضلة و انعامة ،
ثم يسالة بعد هذا ما يشاء من خيرى الدنيا و الاخرة
- كيفيه تمجيد الله والثناء عليه