محاضرات عن التوبة

محاضرات عن التوبة 9dcfe3cb6e4e9070f1dc1f42a6cfe22e

 

وهي عبارة عن معني ينتظم من ثلاثه امور مترتبة: اولها العلم،
وثانيها الحال،
وثالثها الفعل.
والاول موجب للثاني،
والثاني موجب للثالث.
والمراد بالعلم معرفه ضرر الذنوب و انها السمومات المهلكه للدين المفوته لحياة الابد،
الحاجبه للعبد عن محبوبة من السعادة الابدية.

ثم يحصل من ذلك العلم حال،
وهو ان يثور من هذي المعرفه تالم القلب بسبب فوات المحبوب،
فان القلب مهما شعر بفوات محبوبة تالم،
وينبعث من ذلك الالم فالقلب حالة ثانية تسمي اراده و قصدا الى فعل له تعلق بالحال بترك الذنب الذي كان له ملابسا،
وبالاستقبال بالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب الى احدث العمر،
وبالماضى بتلافى ما فات بالجبر و القضاء ان كان قابلا للجبر.

والعلم الاول هو مطلع هذي الخيرات،
وهو عبارة عن الايمان و التصديق بان الذنوب سموم مهلكة،
واذا اشرق على القلب ثار الندم الباعث على ما تقدم.
وكثيرا ما يطلق اسم التوبه على معني الندم و حدة و يجعل العلم كالسابق و المقدمه و الترك كالثمره و التابع،
وبهذا الاعتبار قال صلى الله عليه و الة و سلم: الندم توبة[1].
اذ لا يخلو الندم عن علم اوجبة و اثمرة و عن عزم يتبعة و يتلوه.

فى و جوبها و فضلها

لا ريب فو جوب الاحتراز عن الامراض و المهالك المفوته لحياة الجسد عقلا و شرعا،
فوجوب الاحتراز عن امراض الذنوب و مهلكات الخطايا المفوته لحياة الابد بطريق اولى،
وقال تعالى: ((توبوا الى الله جميعا اية المؤمنون لعلكم تفلحون))[2] و قال تعالى: ((يا ايها الذين امنوا توبوا الى الله توبه نصوحا عسي ربكم ان يكفر عنكم سيئاتكم))[3] و النصوح الخالص لله الخالي عن الشوائب.
وقال تعالى: ((ان الله يحب التوابين و يحب المطهرين[4]))[5].

وقال رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم: التائب حبيب الله،
والتائب من الذنب كمن لا ذنبة له[6].

وقال الباقر عليه السلام: الله اشد فرحا بتوبه عبدة من رجل اضل راحلتة و زادة فليلة ظلماء فوجدها،
فالله تعالى اشد فرحا لتوبه عبدة من هذا الرجل براحلتة حين و جدها[7].

وقال الصادق عليه السلام: ان الله[8] يفرح بتوبه عبدة المؤمن اذا تاب كما يفرح احدكم بضالتة اذا و جدها[9].

وعنة عليه السلام[10] فقوله تعالى: ((توبوا الى الله توبه نصوحا))[11] قال: هو الذنب الذي لا يعود به ابدا.
قيل: و اينا لم يعد؟
قال: يا فلان ان الله يحب من عبادة المفتن التواب يعني كثير الذنب كثير التوبة[12].

وعنة صلى الله عليه و الة و سلم[13]: اذا تاب العبد توبه نصوحا احبة الله و ستر عليه.
قيل: و كيف يستر عليه؟
قال: ينسى ملكية ما كانا يكتبان عليه،
ويوحى الله الى جوارحة و الى بقاع الارض ان اكتمى عليه ذنوبه،
فيلقي الله تعالى حين يلقاة و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب[14].

وقال الباقر عليه السلام: التائب من الذنب كمن لا ذنب له،
والمقيم على الذنب و هو يستغفر[15] منه كالمستهزئ[16].

فى فوريتها

اما فوريتها فلا ريب فيها،
لان دفع ضرر الذنوب فورى و جوبه،
علي ان اصل التوبه هو معرفه كون المعاصى مهلكات،
وهذا العلم من نفس الايمان،
وهو و اجب فوري.

والعلم بضرر الذنوب انما اريد ليصبح باعثا على تركها،
فمن لم يتركها فهو فاقد لهذا الجزء من الايمان،
وهو المراد بقوله صلى الله عليه و الة و سلم: لا يزنى الزانى حين يزنى و هو مؤمن[17].
اذ ليس المراد نفى الايمان بالله و صفاتة و كتبة و رسلة و ملائكته،
بل نفى الايمان بكون الزنا مبعدا عن الله و موجبا للمقت،
كما اذا قال الطبيب ذلك سم فلا تتناوله،
فاذا تناولة يقال تناول و هو غير مؤمن،
اى بقوله انه سم مهلك،
لا انه غير مؤمن بوجود الطبيب،
لان العالم بالسم لا يتناولة اصلا،
فالعاصى بالضروره ناقص الايمان.

وليس الايمان بابا واحدا،
بل هو نيف و سبعون بابا اعلاها شهاده ان لا الة الا الله و ادناها اماطه الاذي عن الطريق.
ومثلة قول القائل: ليس الانسان موجودا واحدا بل هو نيف و سبعون موجودا اعلاها القلب و الروح و ادناها اماطه الاذي عن البشرة،
بان يصبح مقصوص الشارب مقلم الاظفار نقى البشره عن الخبث،
حتي يتميز عن البهائم المتلوثه بارواثها المستكرهه الصور بطول مخالبها و اظلافها.

فالايمان كالانسان،
وفقد شهاده التوحيد يوجب البطلان بالكليه كفقد الروح و الذي ليس له الا شهاده التوحيد و الرساله كالانسان مقطوع الاطراف مفقود العينين فاقد لجميع اجزائة الظاهره و الباطنه الا اصل الروح.

وكما ان من ذلك حالة قريب من ان يموت فتزايلة الروح الضعيفه المنفرده التي تخلف عنها الاعضاء التي تمدها و تقويها،
فايضا من ليس له الا اصل الايمان،
وهو مقصر فالاعمال قريب من ان تنقلع شجره ايمانة اذا صدر منها الرياح العاصفه المحركة للايمان فمقدمه قدوم ملك الموت و وروده،
فكل ايمان لم يثبت فالنفس اصلة و لم تنتشر فالاعمال فحلوة لم يثبت على عواصف الاهوال عند ظهور ناصيه ملك الموت،
وخيف عليه سوء الخاتمه الا ما سقى بماء الطاعات على توالى الايام و الساعات حتي رسخ و ثبت.

وانما انقطعت نياط[18] العارفين خوفا من دواهي[19] الموت و مقدماتة الهائله التي لا يثبت عليها الا الاقلون،
فالبدار البدار الى التوبه قبل ان تعمل سموم الذنوب بروح الايمان عملا يجاوز الامر به اختيار الاطباء و لا ينفع بعدة الاحتماء،
فلا ينفع بعد هذا نصح الناصحين و وعظ الواعظين،
ويحق الكلمه عليه بانه من الهالكين[20].

فى عمومها

اعلم ان و جوب التوبه عام فالاشخاص و الاحوال،
فلا ينفك احد عنه البتة،
قال تعالى: ((وتوبوا الى الله جميعا))[21] فعمم الخطاب،
وكل انسان لا يخلو عن معصيه بجوارحه،
فان خلا فبعض الاحوال عن معصيه الجوارح فلا يخلو عن الهم بالذنوب بالقلب،
فان خلا عن الهم فلا يخلو عن و سواس الشيطان بايراد الخواطر المتفرقه المذهله عن ذكر الله،
فان خلا عنه فلا يخلو عن الغفله و القصور فالعلم بالله و صفاتة و اثارة بحسب طاقته،
وكل هذا نقص و له سبب و ترك اسبابة بتشاغل اضدادها رجوع عن طريق الى ضده.

والمراد بالتوبه الرجوع،
ولا يتصور الخلو فحق الادمى عن ذلك النقص،
وانما يتفاوتون فالمقادير،
واما الاصل فلا بد منه.

الا ان الانبياء و الاوصياء ذنوبهم ليست كذنوبنا[22]،
فانما هي ترك دوام الذكر و الاشتغال بالمباحات و حرمانهم زياده الاجر بسبب ذلك،
ولهذا و رد: ان «حسنات الابرار سيئات المقربين»[23] و قال الصادق عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم كان يتوب الى الله و يستغفرة فكل يوم و ليلة ما ئه مره من غير ذنب،
ان الله يخص اولياءة بالمصائب لياجرهم عليها من غير ذنب[24] اي كذنوبنا،
فان ذنب جميع احد انما هو بحسب قدرة و منزلتة عند الله.

وهذا باب شريف ينفتح منه معاني اعتراف الانبياء و الائمه عليهم السلام بذنوبهم و بكائهم و تضرعهم[25].

ثم اعلم انه لا يكفى فتدارك الشهوات تركها فالمستقبل،
بل لابد من محو اثارها التي انطبعت فالقلب بنور الطاعات،
قال صلى الله عليه و الة و سلم: اتبع السيئه بالحسنه تمحها[26].

وينبغى ان تكون الحسنه الماحيه للسيئه مناسبه لتلك السيئة،
فيكفر سماع الملاهى بسماع القران و حضور المجالس التي يذكر الله بها و انبياؤة و خلفاؤه[27]،
ويكفر القعود بالمسجد جنبا[28] بالعباده به و نحو ذلك،
وليس هذا شرطا.

روى ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه و الة و سلم: انني عالجت امرأة فاصبت منها جميع شيء الا المسيس فاقض على بحكم الله.
فقال: اما صليت معنا؟
فقال: بلى.
فقال: ان الحسنات يذهبن السيئات[29].

وينبغى ان يصبح عن قرب عهد بالخطيئة،
بان يتندم عليها و يمحو اثرها قبل ان يتراكم الرين على القلب فلا يقبل المحو،
قال الله تعالى: ((انما التوبه على الله للذين يعملون السوء بجهاله بعدها يتوبون من قريب… (17) و ليست التوبه للذين يعملون السيئات حتي اذا حضر احدهم الموت قال انني تبت الان))[30].
قال الصادق عليه السلام: هذا اذا عاين امر الاخرة[31]،
وذلك ان التوبه مقبوله قبل ان يعاين[32].

وعن النبى صلى الله عليه و الة و سلم[33] قال: من ترك المبادره الى التوبه بالتسويف كان بين خطرين عظيمين: احدهما ان تتراكم الظلمه على قلبة من المعاصى حتي يصير رينا[34] و بالتاكيد فلا يقبل المحو.
والثاني ان يعاجلة المرض او الموت فلا يجد مهله للاشتغال بالمحو[35].
و لذا و رد فالخبر: «ان اكثر صياح اهل النار التسويف[36]»[37].

فى قبول التوبة

قال فالاحياء[38]: اعلم انك اذا فهمت معني القبول لم تشك فان جميع توبه صحيحة فهي مقبولة،
فالناظرون بنور البصائر المستمدون من انوار القران علموا ان جميع قلب سليم مقبول عند الله و متنعم فالاخره فجوار الله،
ومستعد لان ينظر بعينة الباقيه الى و جة الله،
وعلموا ان القلب خلق سليما فالاصل،
فكل مولود يولد على الفطرة[39] و انما تفوتة السلامة بكدوره ترهق و جهة من غبره الذنوب و ظلمتها.

وعلموا ان نار الندم تحرق تلك الغبرة،
وان نور الحسنه تمحو عن و جة القلب ظلمه السيئة،
وانة لا طاقة لظلام المعاصى مع نور الحسنات كما لا طاقة لظلام الليالي مع نور النهار،
بل كما لا طاقة لكدوره الوسخ مع بياض الصابون،
فكما ان الثوب الوسخ لا يقبلة الملك لان يصبح لبسه،
فالقلب المظلم لا يقبلة الله تعالى لان يصبح فجواره،
وكما ان استخدام الثوب فالاعمال الخسيسه يوسخ الثوب و غسلة بالصابون و الماء الحار ينظفة لا محالة فاستخدام القلب فالشهوات يوسخ القلب و غسلة بماء الدموع و حرقه الندم تنظفة و تطهرة و تزكيه.

وكل قلب زكى طاهر فهو مقبول،
فعلي الانسان التزكيه و التطهير و على الله القبول،
الا ان يغوص الوسخ لطول تراكمة فتجاويف الثوب و خلله،
فلا يقوي الصابون على قلعه.
ومثال هذا ان تتراكم الذنوب حتي يصير بالتاكيد و رينا على القلب،
فمثل ذلك القلب لا يرجع و لا يتوب.

نعم ربما يقول باللسان تبت،
فيصبح هذا كقول القصار بلسانة ربما غسلت الثوب،
وذلك لا ينظف الثوب اصلا  ما لم يغير صفه الثوب باستخدام ما يضاد الوصف المتمكن منه[40]،
قال الله تعالى: ((وهو الذي يقبل التوبه عن عباده))[41] و قال: ((غافر الذنب و قابل التوب))[42].

اقول: من طريق الخاصة[43] فالكافي[44] عن الصادق او الباقر عليه السلام: ان الله عزوجل قال لادم عليه السلام: جعلت لك ان من عمل من ذريتك سيئه بعدها استغفر غفرت له.
قال: يا رب زدني.
قال: جعلت لهم التوبه حتي تبلغ النفس هذه.
قال: يا رب حسبي[45].

وعن الباقر عليه السلام قال: اذا بلغت النفس هذي و اوما[46] بيدة الى حلقة لم يكن للعالم توبه و كان للجاهل توبة[47].

وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم: من تاب قبل موتة بسنه قبل الله توبته،
ثم قال: ان السنه لعديد من تاب قبل موتة بشهر قبل الله توبتة بعدها قال: ان الشهر لكثير،
ثم قال: من تاب قبل موتة بجمعه قبل الله توبته،
ثم قال: و ان الجمعة لعديد من تاب قبل موتة بيوم قبل الله توبته،
ثم قال: ان يوما لعديد من تاب قبل ان يعاين قبل الله توبته[48].

وزاد فروايه الصدوق[49]: من تاب قبل موتة بساعة تاب الله عليه،
ثم قال: و ان الساعة لعديد من تاب و ربما بلغت نفسة هنا و اشار بيدة الى حلقة تاب الله عليه[50].

وقال النبى صلى الله عليه و الة و سلم: لو عملتم الخطايا حتي تبلغ السماء بعدها ندمتم لتاب الله عليكم[51].

وقال الباقر عليه السلام لمحمد بن مسلم[52]: ذنوب المؤمن اذا تاب منها مغفوره له،
فليعمل المؤمن لما يستانف بعد التوبه و المغفرة،
اما و الله انها ليست الا لاهل الايمان.
قلت: فان عاد بعد التوبه و الاستغفار فالذنوب و عاد فالتوبة؟
فقال عليه السلام: اتري العبد المؤمن يندم على ذنبة و يستغفر الله منه و يتوب بعدها لا يقبل الله توبته.
قلت: فانه فعل هذا مرارا يذنب بعدها يتوب و يستغفر؟
فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار و التوبه عاد الله عليه بالمغفرة،
((وان الله غفور رحيم))[53] يقبل التوبه و يعفو عن السيئات[54].[55]

وقال الصادق عليه السلام: ان الرجل ليذنب الذنب فيدخلة الله فيه الجنة.
قيل[56]: يدخلة الله بالذنب الجنة؟
قال: نعم،
انة ليذنب فلا يزال منه خائفا ما قتا لنفسة فيرحمة الله فيدخلة الجنة[57].

فى تقسيم الذنوب التي يثاب منها

وتنحصر كل الذنوب فاربع صفات: صفات ربوبية،
وشيطانية،
وبهيمية،
وسبعية..
لكون طينه الانسان معجونه من اخلاط مختلفة[58] يقتضى جميع منها اثرا:

فالربوبيه كالكبر و الفخر و التجبر و حب المدح و الثناء و العز و دوام البقاء و طلب الاستعلاء و نحوها،
وهذه ام المهلكات.

والشيطانيه كالحسد و البغى و الحيله و الخداع و الامر بالفساد و المنكر و الغش و الشقاق و الدعوه الى البدع و الضلالة.

والبهيميه كالشرة و التكالب و الحرص و الزنا و اللواط و السرقه و طعام ما ل الايتام و نحوها.

والسبعيه يتشعب منها الغضب و الحقد و التهجم على الناس بالضرب و الشتم و القتل و استهلاك الاموال و نحوها.

ثم هذي امهات الذنوب و منابعها،
وتنفجر الذنوب من هذي المنابع على الجوارح،
فبعضها فالقلب خاصة كالكفر و البدعه و النفاق  و اضمار السوء للناس،
وبعضها على العين و السمع،
وبعضها على اللسان،
وبعضها على البطن و الفرج،
وبعضها على اليدين و الرجلين،
وبعضها على كل البدن.

وتنقسم قسمه اخرى الى ما بين العبد و بين الله و الى ما يتعلق بحقوق العباد: فما يتعلق بالعبد خاصة كتركة الصلاة و الصوم و نحوهما،
وما يتعلق بحقوق العباد كتركة الزكاه و قتل النفس و غصب الاموال و شتم العرض.

وتنقسم قسمه ثالثة الى كبائر و صغائر،
قال الله تعالى: ((ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم))[59] و قال تعالى: ((والذين[60] يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش الا اللمم))[61].

وقد اختلفت الاقوال و الاخبار فتعيين الكبائر،
والاشهر انها ما توعد الله عليه النار.
فعن الصادق عليه السلام فقوله تعالى: ((ان تجتنبوا كبٰائر مٰا تنهون عنه))[62] قال: الكبائر التي اوجب الله عليها النار[63].

وفى الصحيح[64] عن ابي جعفر الثاني[65] قال: سمعت ابي[66] يقول: سمعت ابي موسي بن جعفر يقول: دخل عمرو بن عبيد[67] على ابي عبدالله عليه السلام،
فلما سلم و جلس تلا هذي الايه ((الذين يجتنبون كبٰائر الاثم و الفوٰاحش))[68] بعدها امسك،
فقال له عليه السلام ما اسكتك؟
قال: احب ان اعرف الكبائر من كتاب الله فقال: نعم يا عمرو،
اكبر الكبائر الاشراك بالله يقول الله ((من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة))[69]،
وبعدة الياس من روح الله لان الله يقول: ((انة لا يياس من روح الله الا القوم الكافرون))[70]،
ثم الامن من مكر الله لان الله تعالى يقول: ((فلا يامن مكر الله الا القوم الخٰاسرون))[71]،
ومنها عقوق الوالدين لان الله جعل العاق جبارا شقيا و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق لان الله تعالى يقول: ((فجزاؤة جهنم خٰالدا فيهٰا))[72] الاية،
وقذف المحصنه لان الله تعالى يقول: ((لعنوا فالدنيٰا و الاخره و لهم عذٰاب عظيم))[73]،
واكل ما ل اليتيم لان الله يقول: ((انمٰا ياكلون فبطونهم نٰارا و سيصلون سعيرا))[74]،
والفرار من الزحف لان الله يقول: ((ومن يولهم يومئذ دبرة الا متحرفا لقتٰال او متحيزا الى فئه فقد بٰاء بغضب من الله و ما وٰاة جهنم و بئس المصير))[75]،
واكل الربا لان الله يقول: ((الذين ياكلون الربٰا لا يقومون الا كمٰا يقوم الذي يتخبطة الشيطان من المس))[76]،
والسحر لان الله يقول:((ولقد علموا لمن اشترٰاة مٰا له فالاخره من خلاق))[77]،والزنا لان الله يقول:((ومن يفعل هذا يلق اثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامه و يخلد به مهانا))[78]،
واليمين الغموس الفاجره لان الله يقول: ((الذين يشترون بعهد الله و ايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم فالاخرة))[79]،
والغلول لان الله يقول: ((ومن يغلل يات بما غل به[80] يوم القيامة))[81]،
ومنع الزكاه المفروضه لان الله يقول: ((فتكوي فيها جباههم و جنوبهم و ظهورهم))[82]،
وشهاده الزور،
وكتمان الشهاده لان الله يقول: ((ومن يكتمها فانه اثم قلبه))[83]،
وشرب الخمر لان الله تعالى نهي عنها كما نهي عن عباده الاوثان،
وترك الصلاة متعمدا او شيئا مما فرض الله لان رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم قال:bمن ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمه الله و ذمه رسولهv،
ونقض العهد و قطيعه الرحم لان الله يقول: ((لهم اللعنه و لهم سوء الدار))[84].
قال: فخرج عمرو و له صراخ من بكائه،
وهو يقول: هلك من قال براية و نازعكم فالفضل و العلم[85].

فان قيل: كيف و رد الشرع بما لم يبين حده،
والكبائر مبهمه ربما اختلفت فالاخبار؟.

فالجواب: ان جميع ما لا يتعلق فيه حكم فالدنيا جاز ان يتطرق الية الابهام،
وال كبار على الخصوص لا حكم لها فالدنيا من حيث انها كبيرة،
فان موجبات الحدود معلومه باساميها،
وانما حكم ال كبار ان اجتنابها يكفر الصغائر[86] و ان الصلوات الخمس لا تكفرها،
كما فالحديث النبوي: «الصلوات الخمس و الجمعة الى الجمعة تكفر ما بينهن ان اجتنب الكبائر»[87].

وهذا امر  يتعلق بالاخره و الابهام فيه اليق حتي يصبح الناس على حذر و وجل،
فلا يتجراون على الصغائر اعتمادا على الصلوات الخمس و تجنب الكبائر،
ثم تجنب ال كبار انما يكفر الصغيرة[88].

فى بيان ما تعظم فيه الصغائر

اعلم ان الصغيرة تكبر باسباب:

الاول: الاصرار و المواظبة[89]،
ففى الكافى عن الصادق عليه السلام قال: لا صغار مع الاصرار و لا كبار مع الاستغفار[90].

وعنة عليه السلام[91] قال: لا و الله لا يقبل[92] شيئا من طاعتة على الاصرار على شيء من معاصيه[93].

وقال الباقر عليه السلام فقوله تعالى: ((ولم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون))[94] قال: الاصرار ان يذنب الذنب فلا يستغفر و لا يحدث نفسة بتوبه فذلك الاصرار[95].

وقد مثلوا  هذا بقطرات من الماء تقع على الحجر على توالى فتؤثر فيه،
وذلك القدر من الماء لو صب عليه دفعه لم يؤثر،
و لذا قال رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم: خير الاعمال ادومها و ان قل[96].

والحاجات تستبان باضدادها[97]،
فاذا كان النافع من العمل هو الدائم و ان قل فايضا القليل من السيئات اذا دام عظم تاثيرة فظلام القلب.

ومنها: ان يستصغر الذنب،
فان العبد جميع ما استعظمة من نفسة صغر عند الله و جميع ما استصغرة كبر عند الله لان استعظامة يصدر نفور القلب عنه و كراهتة له،
وذلك النفور يمنع من شده تاثرة فيه و استصغارة يصدر عن الالف به،
وذلك يوجب شده الاثر فالقلب،
والقلب هو المطلوب تنويرة بالطاعات و المحذور تسويدة بالسيئات،
و لذا لا يؤاخذ بما يجرى عليه فالغفلة.

وقد جاء فالحديث: ان[98] المؤمن يري ذنبة كالجبل فوقة يخاف ان يقع عليه،
والمنافق يري ذنبة كذباب مر على انفة فاطاره[99].

وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم[100]: اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر.
قيل[101]: و ما المحقرات؟
قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبي لى لو لم يكن[102] غير ذلك[103].

وعن الكاظم عليه السلام قال: لا تستكثروا كثير الخير و لا تستقلوا قليل الذنوب،
فان قليل الذنوب يجتمع حتي يصبح كثيرا،
وخافوا الله فالسر حتي تعطوا من انفسكم النصف[104].

ومنها: السرور بالصغيرة و الفرح و التبجح بها،
واعتداد التمكن من هذا نعمه و الغفله عن كونة اسباب الشقاوة،
وكلما غلبت حلاوه الصغيرة عند الكبر كبرت الصغيرة و عظم اثرها فتسويد قلبه،
حتي ان من المذنبين من يتمدح بذنبة و يتبجح،
ويقول المناظر فمناظرتة اما رايتنى كيف فضحته.

والذنوب مهلكات،
وينبغى ان يصبح مرتكبها فحزن و تاسف بسبب غلبه عدوة الشيطان عليه،
والمريض الذي يفرح بان ينكسر اناؤة الذي به دواؤة حتي يتخلص من الم شربة لا يرجي شفاؤه.

ومنها: ان يتهاون بستر الله عليه و حلمة عنه و امهالة اياه،
ولا يدرى انه انما يمهل مقتا ليزداد بالامهال اثما[105]،
فيظن ان تمكنة من المعاصى عنايه من الله تعالى به،
فيصبح هذا لامنة من مكر الله و جهلة بمكامن[106] الغرور،
كما قال تعالى: ((ويقولون فانفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها و بئس[107] المصير))[108].

ومنها: ان ياتى بالذنب و يخرجة بان يذكرة بعد اتيانة او ياتى فيه فمشهد غيره،
فان هذا جنايه منه على ستر الله الذي اسدلة عليه،
وتحريك لرغبه الشر فمن اسمعة ذنبة او اشهدة فعله،
فهما جنايتان انضمتا الى جنايتة فتغلظت به،
فان انضاف الى هذا الترغيب للغير به و الحمل عليه و تهيئه الاسباب له صارت جنايه رابعة و تفاحش الامر.
وهذا لان من صفات الله و نعمة انه يخرج الرائع و يستر القبيح و لا يهتك الستر[109]،
فالاظهار كفران لهذه النعمة.

وفى الكافى عن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم: المستتر بالحسنه تعدل[110] سبعين حسنة،
والمذيع بالسيئه مخذول،
والمستتر فيها مغفور له[111].

وقال الصادق عليه السلام: من جاءنا يلتمس الفقة و القران و تفسيرة فدعوه.
ومن جاءنا يبدى عوره ربما سترها الله عليه[112] فنحوه[113].

ومنها: ان يصبح المذنب عالما يقتدي فيه فاذا فعلة بحيث يري هذا منه كبر ذنبه،
كلبس العالم الابريسم[114] و الذهب،
واخذة ما ل الشبهه من اموال السلاطين،
ودخولة على السلاطين و توددة اليهم،
ومساعدتة اياهم بترك الانكار عليهم،
واطلاقة اللسان فالغيبه و الاعراض و تعدية باللسان فالمناظره و قصدة الاستخفاف و نحو ذلك،
فهذه الذنوب يتبع العالم عليها فيموت و يبقي ((شرة مستطيرا))[115] فالعالم مددا متطاولة.
فطوبي لمن اذا ما ت ما تت معه ذنوبه.

وفى الخبر: من سن سنه سيئه فعليه و زرها و وزر من عمل فيها لا ينقص من اوزارهم شيء[116]،
قال تعالى: ((ونكتب ما قدموا و اثارهم))[117] و الاثار ما يلحق الاعمال بعد انقضاء العمل و العامل،
ولهذا قيل: bمثل زله العالم كانكسار السفينه تغرق و يغرق اهلها»[118].[119]

فى تجزئه التوبة

وملخص الكلام بها ان التوبه عن بعض الذنوب اما ان تكون عن الكبائر دون الصغائر او عن الصغائر دون الكبائر او عن كبار دون كبيرة:

اما الاول: فهو يمكن للعلم بان الكبائر اعظم عند الله و اجلب لسخطة و مقته،
والصغائر اقرب الى تطرق العفو اليه،
وقد كثر التائبون و لم يكن احد منهم معصوما،
فلا تستدعى التوبه العصمة.
والطبيب ربما يحذر المريض العسل تحذيرا شديدا و يحذرة السكر تحذيرا اخف منه على و جة يخرج منه عدم ظهور اثره.

واما القسم الثاني: فهو يمكن كذلك لاعتقادة ان بعض الكبائر اشد و اغلظ عند الله،
كالذى يتوب عن القتل و النهب و الظلم و مظالم العباد لعلمة بان ديوان العباد لا يترك،
وما بينة و بين الله يسرع العفو اليه.

الثالث: ان يتوب عن صغار و هو مصر على كبار يعلم انها كبيرة،
كالذى يتوب عن الغيبه او عن النظر الى غير المحرم او ما يجرى مجراة و هو مصر على شرب الخمر،
وهو يمكن اذ ما من مؤمن الا و هو خائف على معاصية و نادم على فعلة ندما اما ضعيفا و اما قويا،
ولكن تكون لذه نفسة فتلك المعصيه احسن من الم قلبة فالخوف منها،
لاسباب توجب ضعف الخوف من الجهل و الغفله و سبب توجب قوه الشهوة،
فيصبح الندم موجودا و لكن لا يصبح العزم قويا عليه.

ويقول: لله على امران و لى على المخالفه به عقوبتان،
وانا ملى فاحدهما بقهر الشيطان عاجز عنه فالاخر فاقهرة فما اقدر عليه،
وارجوة بمجاهدتى به ان يكفر عنى ما عجزت عنه بفرط شهوتي.

وهذا حال جميع مسلم،
وقد قال صلى الله عليه و الة و سلم: bالندم توبةv[120] و لم يشترط الندم عن جميع ذنب،
وقال عليه السلام[121]: bالتائب من الذنب كمن لا ذنب لهv[122] و لم يقل التائب من الذنوب كلها.

فى اقسام العباد فالتوبة

وهم طبقات:

الطبقه الاولى: ان يتوب العاصى و يستقيم الى احدث عمره،
فيتدارك ما فرط من امرة و لا يحدث نفسة بالعود الى ذنوبه،
الا الزلات التي لا ينفك البشر عنها فالعادة،
وهي التوبه النصوح.

الطبقه الثانية: تائب سلك طريق الاستقامه فامهات الطاعات و كبائر الفواحش كلها،
الا انه ليس ينفك عن ذنوب تعترية لا عن عمد و تجريد قصد و لكن يبتلي فيها فمجارى احواله،
من غير ان يقدم عزما على الاقدام عليها و لكنة اذا اقدم لام نفسة و ندم و جدد عزمة على عدم العود.
وهذه رتبه عاليه و ان كانت نازله عن الاولي ،

وهي اغلب احوال التائبين،
لان الشر معجون بطينه الادمى قلما ينفك عنه،
قال تعالى: ((الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش الا اللمم))[123] و قال تعالى: ((والذين اذا فعلوا فاحشه او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب الا الله))[124].
وفى الحديث.
«خياركم جميع مفتن تواب»[125].
وفى الرواية: «المؤمن كالسنبله تفيء احيانا و تميل احيانا»[126].

الطبقه الثالثة: ان يتوب و يستمر على الاستقامه لمدة بعدها تغلبة شهوتة فبعض الذنوب فيقدم عليها عن قصد و صدق شهوة بعجزة عن قهر الشهوة،
الا انه مع هذا مواظب على الطاعات و تارك جمله من السيئات مع القدره و الشهوة،
وانما قهرتة هذي الشهوة الواحده او الشهوتان،
وهو يود قمعها و يقول: ليتنى لم افعل و ساتوب،
ولكنة يسوف نفسة فالتوبه يوما بعد يوم،
قال تعالى: ((واخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و احدث سيئا))[127] فهو مرجو عسي الله ان يتوب عليه اذا تاب[128].

الطبقه الرابعة: ان يتوب و يستقيم لمدة بعدها يعود الى مقارفه الذنب من غير ان يحدث نفسة بالتوبه و من غير ان يتاسف على فعله،
بل ينهمك[129] انهماك الغافل فاتباع الشهوات،
فهذا اقبح حال التائبين و امر فمشيئه الله.

فى العلاج للاقبال على التوبة

وهي اربعه امور:

الاول: ان ينظر الى الايات و الاخبار المخوفه للمذنبين و العاصين و ما بها من التهديد و الوعيد على العقاب الشديد و العذاب الاكيد،
ففى بعض الاخبار من طرق الجمهور عنه صلى الله عليه و الة و سلم قال: ما من يوم طلع فجرة و لا ليلة غاب شفقها الا و ملكان يتجاوبان باربعه اصوات: يقول احدهما يا ليت ذلك الخلق لم يخلقوا،
ويقول الاخر يا ليتهم اذ خلقوا علموا لماذا خلقوا،
فيقول الاخر و يا ليتهم اذ لم يعلموا لماذا خلقوا عملوا بما علموا فيقول الاخر و يا ليتهم اذ لم يعملوا بما علموا تركوا الخوض فما لم يعلموا[130].

وفى رواية: تجالسوا فتذاكروا ما علموا،
فيقول الاخر و يا ليتهم اذ لم يعملوا بما علموا تابوا عما عملوا[131].

وقال بعض العارفين[132]: ما من عبد يعصى الا استاذن مكانة من الارض ان يخسف به،
واستاذن سقفة من السماء ان يسقط عليه كسفا،
فيقول الله للارض و للسماء،
كفا عن عبدى و امهلاه،
فانكما لم تخلقاة و لو خلقتماة لرحمتماه،
لعلة يتوب الى فاغفر له،
لعلة يستبدل صالحا فابدلة له حسنات،
فذلك معني قوله تعالى: ((ان الله يمسك السماوات و الارض ان تزولا و لئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده))[133].

الثاني: حكايات المذنبين التائبين و ما جري عليهم من المصائب بسبب ذنوبهم.

الثالث: ان يتصور المذنب ان تعجيل العقوبه فالدنيا متوقع على الذنب،
وان جميع ما يصيب العبد من المصائب بسبب جنايه صدرت منه،
قال تعالى: ((وما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم و يعفوا عن كثير))[134].

وقال الصادق عليه السلام فهذه الاية[135]: ليس من التواء عرق و لا نكبه حجر و لا عثره قدم و لا خدشة[136] عود الا بذنب.[137]

وفى روايه اخرى: اما انه ليس من عرق يضرب و لا نكبه و لا صداع و لا مرض الا بذنب،
وذلك قول الله عزوجل فكتابه: ((ما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم و يعفوا عن كثير))[138] قال[139]: و ما يعفو الله اكثر مما يؤاخذ به[140].

وقال عليه السلام[141]: ان الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاه الليل،
وان العمل السيئ اسرع فصاحبة من السكين فاللحم[142].

الرابع: ذكر ما و رد من العقوبات على احاد الذنوب كالخمر و الزنا و السرقه و القتل و الغيبه و الكبر و الحسد،
وهو مما لا ممكن حصره[143].
وفى الحديث يقول الله تعالى: «ادني ما اصنع بالعبد اذا اثر شهوتة على طاعتى ان احرمة لذيذ مناجاتي»[144].

وقال عليه السلام[145]: من هم بالسيئه فلا يعملها،
فانة قد عمل العبد سيئة[146] فيراة الرب تبارك و تعالى فيقول: و عزتي[147] لا اغفر لك بعد هذا ابدا[148].

وقال الكاظم عليه السلام: حق على الله ان لا يعصي فدار الا اضحاها للشمس حتي يطهرها[149].[150]

وقال رسول الله صلى الله عليه و الة و سلم: ان العبد ليحبس على ذنب من ذنوبة ما ئه عام و انه لينظر الى ازواجة فالجنه يتنعمن[151].

وقال امير المؤمنين عليه السلام لقائل بحضرته: استغفر الله: ثكلتك امك،
اتدرى ما الاستغفار؟
ان الاستغفار درجه العليين،
وهو اسم و اقع على سته معان: اولها الندم على ما مضى،
والثاني العزم على ترك العود الية ابدا،
والثالث ان تؤدى الى المخلوقين حقوقهم حتي تلقي الله املس ليس عليك تبعة،
والرابع ان تعمد الى جميع فريضه عليك ضيعتها تؤدى حقها،
والخامس ان تعمد الى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبة بالاحزان حتي يلصق الجلد بالعظم و ينشا بينهما لحم جديد،
والسادس ان تذيق الجسم الم الطاعه كما اذقتة حلاوه المعصية،
فعند هذا تقول: استغفر الله[152].

وفى مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: التوبه حبل الله و مدد عنايته،
ولابد للعبد من مداومه التوبه على جميع حال،
فتوبه الانبياء من اضطراب السر،
وتوبه الاولياء من تلوين الخطرات،
وتوبه الاصفياء من التنفيس،
وتوبه الخلص من الاشتغال بغير الله،
وتوبه العالم من الذنوب.

ولكل واحد منهم معرفه و علم فاصل توبتة و منتهي امره،
وذلك يطول شرحة هنا.

فاما توبه العالم فان يغسل باطنة من الذنوب بماء الحسره و الاعتراف بجنايتة دائما،
واعتقاد الندم على ما مضي و الخوف على ما بقى من عمره،
ولا يستصغر ذنوبة فيحملة هذا الى الكسل،
ويديم البكاء و الاسف على ما فاتة من طاعه الله،
ويحبس نفسة عن الشهوات،
ويستغيث الى الله ليحفظة على و فاء توبته،
ويعصمة من العود الى ما سلف،
ويروض نفسة فميدان الجهاد و العباد،
ويقضى الفوائت من الفرائض،
ويرد المظالم،
ويعتزل قرناء السوء،
ويسهر ليلة و يظما نهاره،
ويتفكر دائما فعاقبته،
ويستعين بالله سائلا منه الاستقامه فسرائة و ضرائه،
ويثبت عند المحن و البلاء كى لا يسقط عن درجه التوابين،
فان هذا طهاره من ذنوبة و زياده فعملة و رفعه فدرجاتة قال الله عزوجل: ((وليعلمن[153] الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين))[154].[155]


محاضرات عن التوبة