تفسير ليس لها من دون الله كاشفة
تفسير مؤثر لسورة الواقعه
ازفت الازفه ليس لها من دون الله كاشفه
ثم قال تعالى ازفت الازفه و هو كقوله تعالى و قعت الواقعه [ الواقعه 1 ] .
ويقال كانت الكائنه .
و هذا الاستعمال يقع على و جوة منها ما اذا كان الفاعل صار فاعلا لمثل ذلك الفعل من قبل ،
ثم صدر منه مره اخرى مثل الفعل ،
فيقال فعل الفاعل اي الذى كان فاعلا صار فاعلا مره اخرى ،
يقال حاكة الحائك اي من شغلة ذلك من قبل فعلة ،
و منها ما يصير الفاعل فاعلا بذلك الفعل ،
و منه يقال ” اذا ما ت الميت انقطع عملة ” و اذا غصب العين غاصب ضمنة ،
فقوله ازفت الازفه يحتمل ان يكون من القبيل الاول اي قربت الساعة التي كل يوم يزداد قربها ،
فهي كائنه قريبه و ازدادت في القرب ،
و يحتمل ان يكون كقوله تعالى و قعت الواقعه اي قرب و قوعها و ” ازفت ” فاعلها في الحقيقة القيامه او الساعة ،
فكانة قال ازفت القيامه الازفه او الساعة او مثلها .
وقوله تعالى
ليس لها من دون الله كاشفه فيه و جوة
احدها لا مظهر لها الا الله ،
فمن يعلمها لا يعلم الا باعلام الله تعالى اياة و اظهارة اياها له ،
فهو كقوله تعالى ان الله عندة علم الساعة [ لقمان 34 ] و قوله تعالى لا يجليها لوقتها الا هو [ الاعراف 187 ] .
ثانيها لا ياتى بها الا الله ،
كقوله تعالى وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو [ الانعام 17 ] و فيه مسائل
الاولي ” من ” زائده تقديرة ليس لها غير الله كاشفه ،
و هي تدخل على النفى فتؤكد معناة ،
تقول ما جاءنى احد و ما جاءنى من احد ،
و على هذا يحتمل ان يكون فيه تقديم و تاخير ،
تقديرة ليس لها من كاشفه دون الله ،
فيكون نفيا عاما بالنسبة الى الكواشف ،
و يحتمل ان يقال ليست بزائده بل معنى الكلام انه ليس في الوجود نفس تكتشفها اي تخبر عنها كما هي ،
و متى و قتها من غير الله تعالى يعني من يكشفها فانما يكشفها من الله لا من غير الله يقال كشف الامر من زيد ،
و ” دون ” يكون بمعنى ” غير ” كما في قوله تعالى ائفكا الهه دون الله تريدون [ الصافات 86 ] اي غير الله .
المساله الثانية ” كاشفه ” صفه لمؤنث اي نفس كاشفه ،
و قيل هي للمبالغه كما في العلامه و على هذا لا يقال بانه نفى ان يكون لها كاشفه بصيغه المبالغه ،
و لا يلزم من الكاشف الفائق نفى نفس الكاشف ؛
لانا نقول لو كشفها احد لكان كاشفا بالوجة الكامل ،
فلا كاشف لها و لا يكشفها احد ،
و هو كقوله تعالى و ما انا بظلام للعبيد [ ق 29 ] من حيث نفى كونة ظالما مبالغا ،
و لا يلزم منه نفى كونة ظالما ،
و قلنا هناك انه لو ظلم عبيدة الضعفاء بغير حق لكان في غايه الظلم و ليس في غايه الظلم فلا يظلمهم اصلا .
المساله الثالثة اذا قلت ان معناة ليس لها نفس كاشفه ،
فقوله من دون الله استثناء على الاشهر من الاقوال ،
فيكون الله تعالى نفسا لها كاشفه
نقول الجواب عنه من و جوة
الاول لا فساد في ذلك قال الله تعالى و لا اعلم ما في نفسك [ المائده 116 ] حكايه عن عيسي عليه السلام و المعنى الحقيقة .
الثاني ليس هو صريح الاستثناء فيجوز فيه ان لا يكون نفسا .
الثالث الاستثناء الكاشف المبالغ .
[ ص: 25 ]