احلى مواضيع جديدة

حلم ليلة منتصف الصيف

حلم ليلة منتصف الصيف Images

حلم ليلة منتصف الصيف D8Add984D985 D984D98Ad984D8A9 D985D986D8Aad8B5D981 D8A7D984D8B5D98Ad981

تجربة “حلم ليلة منتصف صيف” مقدمة شخصية

قد تكون مسرحية ” حلم ليلة منتصف صيف ” من اشهر المسرحيات الكوميدية لوليم شكسبير.
ان قراءة اولية للنص تشعرني باني انا من يحلم ذلك الحلم الساحر. عندما رايت ادائي
الاول للمسرحية شعرت بمتعة عالية من خلال صراع الشخصيات ذكورا واناث. في حين بدى العشاق
كانهم اطفال في عمر المراهقة، لا يابهون لشيء في العالم سوى الحب، اما الساحرات فقد
بدون منعزلات وهن يرتدين ملابس مصنوعة من جلد الوحوش والملونة بجميع الالوان. لقد ركز مخرج
المسرحية كثيرا على الجوانب الاحتفالية في المسرحية من خلال شخصية الحلاق، مانحا اياي قصة ممتعة
عن قلوب خالية من الهموم بسيطة في تفكيرها.

عندما اقرا عن شكسبير والموقف السياسي للملكة اليزابيث بوصفها زعيمة نسوية لمجتمع ابوي تسود فيه
سلطة الرجل، عندها فقط ادرك حالة الانفعال اتجاه ما كنت استمتع به. وهذا جعلني مهتما
في كيف يؤثر السلوك الناتج عن خلافات الجنس والقوة في المسرح الذي كان قائما في
تلك الايام.

فيما ياتي اريد ان ابين كيف واجهت سلطة الذكر تحديات في “حلم ليلة منتصف صيف”
وما هي ردة فعل الشخصيات الذكرية. فضلا عن رغبتي في بحث وجهة نظر المسرحية المهتم
بهذا الموضوع.

الموضوع الرئيس في مسرحية “حلم ليلة منتصف صيف” كما يخبرنا القليل من الحلم، ليكون اكثر
دقة، فيتالف من احلام عدة : حلم الاعماق، حلم العشاق، وحلم هيرميا ضمن حلم اخر.
اذ تثير هذه الاحلام الخيال كما قلت، وقد خبرت هذا بنفسي.

ان وجود مسرحية ضمن مسرحية اخرى لفنان محترف هي اداة اخرى لتحدي خيال الجمهور المشاهد.
وفي مسرحية كهذه “لم تكن مشاكل الخيال والتمثيل سوى قضايا” كما صرح بذلك ريتشارد دوتون
في المقدمة لمقتطفات من نقده الذي تناول “حلم ليلة منتصف صيف”.

في الخيال وكذلك في الرواية او الوهم يمكن ان يدعو الكيان او النظام الاجتماعي الى
قضية. في حين في مسرحية “الثانية عشر ليلا” يكون التحول في كيان الجنس الموضوع المركزي،
اما مسرحية “حلم ليلة منتصف صيف” فتركز على فكرة عالم الخيال الذي يوازي عالم الواقع
في اثينا : الغابة الليلية كونها مكانا للانسلاخ بدون رقابة او سلطة. هنا يتحول بوتوم
الى حمار ويقع في الحب مع ملكة الجنيات تيتانيا (فيما يعرف بحلم بوتوم). وقد قال
لويس ادريان منتوروس بان هذا مثال على اختلال النظام الاجتماعي وهو حلم اليزابيثي مهم يعبر
عن الرغبة في امتلاك سلطة على الملكة اذ كانت هذه رغبة عامة في العصور الاليزابيثية.

وقال سي. ال . باربر بان “الغابات مناطق اثارة شديدة” . وهنا يعبر شكسبير عنها
“رغبة الطبيعة التي تكتمل بالاقتران” . وخلص باربر الى ان “طريق الطبيعة الذي شعرت به
تكون .. بالاشياء التي تكونت خلال تصادمها مع الطبيعة “. لذا بالنسبة لباربر الغابة مكان
او ميدان للمحبين لتاكيد حبهم دون الحاجة الى اذن من والديهم الامر الذي نجحوا في
تحقيقه في النهاية. لذا الحصول على فرصة لكسر القواعد التي هرب منها العشاق وكذلك بيتر
كوينس الى عالم الجن الخيالي. في الغابة حصلوا على اسباب التلاعب من خلال جرعة الحب
لدى اوبيرون، حصلوا على اندماج واعادة تحديد علاقاتهم. لذا يلعب هذا العالم الخيالي دورا هاما
في اظهار شخصيات الذين رفضوا الموافقة على النظام القائم انذاك الذي كان يحدد اسس حياتهم.

في “حلم ليلة منتصف صيف” تواجه سلطة الرجال شخصيات نسوية متمردة فهيرميا ترفض اتباع رغبة
والدها في الزواج من ديميتريوس. في حين ملكة الامزون السابقة هيبوليتا تزوجت من الدوق ثيسيوس،
وملكة الجنيات تيتانيا غير موافقة على الاقتران باوبيرون وعدم اطاعة اوامره في تسليم الصبي المسروق
له. على اية حال ، في نهاية المسرحية، اخذ النساء المتمردات اماكنهم المناسبة واستقر بهن
الحال، وحل الاشكال.

سالقي الان نظرة فاحصة على البطلات المتمردات لارى كيف وفيما اذا كانت تحديات سلطة الذكر
من قبل النساء في “حلم ليلة منتصف صيف” اثرت فعلا الى حد انها جعلت الثورة
تحدث على المسرح.

3 1 : عصيان هيرميا لابيها

العشاق الاربعة هيرميا، ليساندر، هيلينا و ديميتريوس اعترضوا على قيم والديهم قبل كل شيء، فرفضت
هيرميا رغبة والدها في الزواج من ديميتريوس لانها كانت تحب ليساندر. والامر بالنسبة لاغيوس والد
هيرميا ، في رفضها غير المقبول ، قائلة :

لقد حاز ديميتريوس على حبي

وما لي سوى حبي افصح له عنه؛

والحب لي ، ولي كل الحق فيه

وسابقى ملكا لديميتريوس ،

لقد صرح بان هيرميا ملك لديميتريوس فهو يرى نفسه مخولا لتحويل سلطته على ابنته الى
ديميتريوس، اذ يعزز اغيوس رايه عندما يستحضر “الامتياز القديم للاثينيين”. ” كما انها ملكي، وقد
اقنعها” كما انه سيفعل ذلك : كي يحتفظ بسلطته الابوية، فقد اعلن بانه سيعاقبها على
عدم طاعتها اذا لم تذعن لمطلبه. عندها حذر الدوق ثيسيوس هيرميا “يجب ان يكون والدك
كالاله بالنسبة لك” بهذا القول يدعم ثيسيوس راي اغيوس بان على الابنة طاعة والدها ويجب
ان لا تختار ما تفضله هي، بل ما يفضله والدها.

لقد كان لهيرميا فهما مختلفا للطريقة التي يمكن توضيح الموقف بها “اريد ان يرى ابي
لكن بعيني”. انها تفصح عن رغبتها في تحديد مصيرها وتريد ان تكون هي التي تقرر
بمن ستقترن من بين الرجلين المتنافسين ويتبع والدها اختيارها لا اختياره.

عندها تجرات هيرميا وناشدت والدها : “اتضرع الى فضيلتك بانني اعرف / النازلة التي ستحل
بي في هذه الحالة/ اذا رفضت الاقتران بديمتيريوس”، يصرح ثيسيوس بان عليها ان تعتزل الرجال
باقي حياتها. وقرارها في هذه الحالة وعصيانها سيكونان لصالح تنفيذ العقوبة بها:

اذن هل ساكبر، اعيش، اموت، سيدي

قبل ان تفض بكارتي

حتى ان سيادته، غير مرغوب في استعباده

فنفسي لا ترضى بالتخلي عن سيادتها

تظهر هيرميا قوتها المتمردة. يبدو انه مع وحشيتهم القاسية، لم يتمكن الرجال من اضعاف عزيمتها
لتحديد مصيرها.

على اية حال لم تقبل هيرميا الحكم وقررت الهرب نحو غابة الجنيات. وبعدما اجتمعوا في
الغابة حلت جميع الاشكالات التي وصفها بوك قائلا : “على الرجل ان يحصل على انثاه
مرة اخرى، فسيكون الجميع بخير”. في النهاية يزول الاضطراب الحقيقي وتشرق السعادة على وجوه الجميع.
عندها نميل الى نسيان المغامرة التي قامت بها هيرميا عندما اعلنت عصيانها لابيها.

اذ لا توجد مشكلة في كيف سيبدو موكب الزفاف ممتعا، ففي هذا الزواج قامت المراتان
بسرقة حريتهما في تحديد مصيرهما عنوة الامر الذي لم يحصلان عليه سابقا اذ كانت سلطة
الاب هي السائدة. لذلك تعرف المراتان بانهما ضحيتين لنظام سيادة الاب. على الرغم من ذلك
كانت هيرميا جريئة جدا، فقد تنازلت عن سلطة الانثى في النهاية لتوافق على سيادة وسيطرة
وغلبة الرجل عندما تزوجت ليساندر اذ هزمت مقاومتها .

3 2 : ضعف ملكة الامزون هيبوليتا واستسلامها لقسوة الملك ثيسيوس

بما ان جميع العشاق كانوا من الشباب، فقد يبدو صراعهم جزءا من صراع جيل وان
ما يحصل لهم درسا عليهم فهمه. ليبقى صراع القوة والجنس امرا يهم جيل الاباء، كما
تبين العلاقة بين ثيسيوس وهيبوليتا فثيسيوس واغيوس يمثلان مجتمعا ابويا في عالم الواقع في اثينا.
فكانت الشخصية الوحيدة التي لم تكن قوية بما يكفي لمواجهة ثيسيوس هي شخصية هيبوليتا. في
ابيات ثيسيوس الشهيرة :”اتودد اليك بسيفي / واكسب حبك، ناهيا كل عذاباتك”، اشارة الى اسره
لهيبوليتا عندما هزم قومها الامزونيين . وكنتيجة لنصره الذي حصل عليه بوحشية، رضيت به سيدا
عليها.

وبما انها اصبحت لا تتصرف كامراة امزونية ، اذا يجب ان تتلاشى قوتها تماما وبشكل
نهائي، ويبدو انها لا تمتلك شيئا هاما لتقوله فهي لم تقل سوى ابياتها الاولى في
المسرحية مبينة للجمهور خطة زواجهما ، وبعدها تحدثت فقط عن ملاحقة الممثلات في الفصل الخامس
من مسرحية ” بيراموس وثيسبي”. لم تتدخل هيبوليتا في مناقشة هيرميا لاغيوس وثيسيوس وهذا يدل
على ضعفها اذ ان قانون الامزون لا يسمح للرجال باتخاذ قرار في القضايا الهامة. وما
هي القضية التي يمكن ان تكون اكثر اهمية لدى ملكة الامزون السابقة من الخلاف على
استمرار نظام سيطرة الرجل على الاسرة؟ تبين سلبيتها بانها اذعنت لقوة الرجل ، وهذا الاذعان
كان امرا متوقعا، ولم تظهر قوة الانثى التي كانت تمتلكها سابقا على المسرح.

من المتوقع ان هيبوليتا كانت امراة قوية جدا قبل ان يهزمها ثيسيوس، وان خضوعها منذ
بداية المسرحية يظهر بالتالي قوة الرجل على قوة الزعيمة النسوية السابقة . ان حلم مثل
حلم بوتوم ، هذا الايقاع بالمراة القوية مرة ثانية يمثل نوع من الفنتازيا التي كانت
منتشرة في انكلترا في العصر الاليزابيثي.

3 3 : صراع تيتانيا من اجل الصبي المسروق

بينما كانت هيبوليتا مستسلمة لسلطة ثيسيوس، كانت ملكة الجنيات تيتانيا تحاول الاحتفاظ بسلطة الام في
الاسرة: فلن تمنح اوبيرون الصبي المسروق. اذ كان اوبيرون يمثل النظام الابوي في عالم الجن
. ان النظامين المختلفان اللذان يمثلانهما كانا متميزين بشكل واضح في الروايتين عن اصل الصبي
المسروق. يتحدث بوك عن “صبي محبوب مسروق من ملك الهند ؛ .. وان اوبيرون الغيور
يريد امتلاك الطفل / فارس في ممارسته، لاقتفاء اثر وحوش الغابات”. نعرف ان الطفل امير
ابن ملك رباه وعلمه رجل اخر ليكون فارسا. وبعكس وجهة النظر هذه تقص تيتانيا قصة
صديقتها التي ماتت وهي تضع طفلها:

امه كانت منذورة لامري

عندما كنا نسخر من . .

بطن كبيرة ناتئة بنفخة شهوانية

(رحمها الخصب بفارسي الشاب) ، . .

لكنها، كانت تحتضر وبسبب ذلك الطفل ماتت

ولخاطرها اربي ابنها ؛

بطريقة خيالية جدا توضح تيتانيا كيف اصبحت ام الطفل حاملا به. واي الرجال كان ابوه.
وبما انها كانت صديقة والدته فهي ترى انها مسؤولة عن تنشئته. وصفها لطريقة الانجاب التي
تبين مشاعر الامومة تتناقض ايضا مع فكرة ثيسيوس حيث يكون الاب مسؤولا حصريا على الانجاب
في الحقيقة، الامر الذي عبر عنه ابو هيرميا قائلا :”الرجل الذي ربى فضائلك هيرميا ..
/ لمن تكونين ما انت الا قالب شمع / به تتسمين ولسلطته تذعنين”.

ليس هناك منهجا من كلا المنهجين يهتم بالحقيقة بان كلا الجنسين يحتاجان لانجاب طفل. على
اية حال، ان كلا الروايتان عن انجاب الطفل يحملان نفس المصداقية، بما انه يمكن تصورهما
في عالم خيالي. لذا استخدم شكسبير هذا الموقف الخيالي ليبين اختيار الام سيادة الرجل التقليدية.

لكن مع وجود حسد اوبيرون لتيتانيا، عندما يقول بوك ” هي [تيتانيا] توجته بتاج الزهور
وجعلته مصدر ابتهاجها” ، يبدو واضحا ان اوبيرون ايضا يشعر بالغيرة من الطفل الذي حصل
على حب تيتانيا الذي سلبه منه. ومن اجل اعادة السيطرة عليها مرة اخرى، قرر اوبيرون
معاقبة تيتانيا مستخدما جرعة الحب التي صنعها فجعلها تقع في حب بوتوم الذي تحول على
الفور الى حمار. هذا دليل على احتقاره لها وارهابه اياها بتحديد سلطتها.

يمثل صراع ملكة الجن مع ملك الجن صراع الجنس والقوة في اقصى درجات حدته حيث
في العالم الخيالي، يكون من الممكن تقديم صفة الامومة لتيتانيا لامبراطور الهند. وهذا الامر يجعل
من الممكن رسم صورة لملكة الجن التي تبدو مستقلة عن ملكها. على اية حال، عندما
عاقبها زوجها في النهاية اثبتت خطاه. عندما لم تستطع هيرميا وهيلينا الانتظار حتى يتزوجا وبعدها
يوافقا على سلطة زوج المستقبل ، ان فشل تيتانيا كان واضحا جدا : في تناقضها
مع العشاق الشباب، فتيتانيا لا تحترم الرجال بشكل عام. بما ان معاقبة تيتانيا سببت سقوط
مفاهيمها الاختيارية المعقدة عن الجنس والسلطة، الامر الذي مثل انتصارا مهما على ثورة النساء.

بما ان تقديم مجموعة من النساء المتمردات في “حلم ليلة منتصف صيف” كان واضحا، فان
مقاصد شكسبير السياسية في ايصال صراعات الجنس هذه الى المسرح تناقش على نطاق واسع في
الوقت الحاضر. ساركز الان على رايين متطرفين . من جانب، راي المؤرخون الحداثويون امثال ستيفن
غرينبلات Steven Greenblatt الذي ناقش المؤشر الواضح على انحراف المراة عن نظام المعايير المبين على
المسرح ويدل على الثورة .. من جانب اخر النقاد من النساء امثال شيلا نيلسون غارنر
Sheila Nelson Garner التي اعتبرت الحل في نهاية المسرحية في تعزيز سلطة الرجال.

4 1 : يغلب شكسبير سلطة الرجل على سلطة المراة

تركز شيلا نيلسون غارنر على النتيجة في ثورة النساء في نهاية المسرحية. ومناقشتها الرئيسة كانت،
على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي تناولت عودة العشاق من عالم الجن، “ومضامينها الاجتماعية والجنسية
.. التي مرت دون ان تلاحظ” كان المضمون الرئيس التغلب على السلطة الثوروية للنساء. عندما
وافقت النساء على الزواج، ورضين بسيادة ازواج المستقبل. على الرغم من ان رغبة هيرميا بالزواج
من ليساندر كانت مسيطرة عليها وهي تبدو كسبت النقاش، وقد حددت قوتها الثورية التمردية مرة
اخرى بالزواج. واصبحت مرة اخرى مطيعة للرجل. تبين غارنر بان “التجديد [في التسلسل الهرمي القائم]
في نهاية المسرحية يؤكد نظام سيادة الاب في الاسرة وسلطته، والاصرار على تحديد سلطة المراة.

تركز غانر على كيف يقوي الرجال سلطتهم بتمزيق ارتباطات المراة الاخرى. وتركزايضا بشكل مفصل على
العلاقة بين هيرميا وهيلينا وحكاية تيتانيا عن موت صديقتها وهي تضع الطفل الهندي. فضلا عن
انها تقول لقد اصبحت هيبوليتا ضعيفة وذلك فقط بسبب فصلها عن قومها الامزونيين، لذا عليها
ان تذعن لثيسيوس.

لقد اكدت هيرميا صداقتها مع هيلينا في بداية المسرحية اذ تحدثتا عن المكان الذي غالبا
“انت [هيلينا] وانا اعتدنا الاضطجاع على اسرة اللهو/ نفرغ ما في صدرينا بالبوح الجميل”. وقد
فرق الفوز بليساندر بين الصديقتين. وبالتالي انفصلت الواحدة عن الاخرى مؤقتا وتخلتا في النهاية عن
سلطتيهما للرجلين اللذين سيتزوجانهما. ” بما ان الرجال كانوا السبب في تمزيق صداقتهما لذا فقدن
سلطتهن الانثوية.

من وجهة نظر غانر كان عرض معاقبة تيتانيا وقوعها في حب حمار وشجارات الغيرة بين
العاشقين اشبعت في الواقع الحاجات السايكولوجية لدى الرجال. “غيرة اوبيرون التي ظهرت ثانية عندما اقسمت
تيتانيا على الابتعاد عن فراشه وعشرته” واولت كل اهتمامها للصبي المسروق. وعلى وفق راي غارنر
كان هذا الصبي يمثل الرابط او الصلة بين تيتانيا وامه المتوفاة، صديقتها السابقة. وعزم اوبيرون
على تدمير هذا الرابط من خلال محاولة الحصول على الصبي واخذه منها. وبما ان تيتانيا
لم تعد تحترمه قام بمعاقبتها كي يثبت ان سلطته هي الاقوى مستخدما جرعة الحب ليجعل
تيتانيا تقع في حب حمار، واراد بذلك ان يسخر منها. تعلق غارنر على ذلك فتقول
“ارتكبت تيتانيا الحماقات” ، اضافة الى ارهاب اوبيرون لها للسيطرة عليها ثانية.

لقد كانت غيرة الرجال نقطة اساسية في مناقشة غارنر التي لاحظت ان الصراع من اجل
حب المراة الاستثنائي دافعا لتدمير العلاقة بين النساء. وتميز غارنر ثيسيوس من خلال “اغارته على
هذه المراة القوية [هيبوليتا] بشكل غير اعتيادي وزواجه منها”. ليشبع حاجته لحب استثنائي للمراة. “بما
يخدم الحاجات الجنسية للرجال ايضا ويعزز مكانتهم الاجتماعية”. عندما وقعت هيبوليتا في الاسر، تمكن ثيسيوس
من اختطافها من بين اخواتها في الامزون”. وتحطم العلاقات بين النساء مرة اخرى كي تنقذ
سيادة الرجال. وقد عرفنا ذلك من بداية المسرحية اذ كانت خطته ناجحة في جعل هيبوليتا
توافق على الزواج منه. لذا وفقا لوجهة نظر غارنر، اعطت مسرحية “حلم ليلة منتصف صيف”
لسلطة الرجال بعدا ادراميا، عندما كان اهتمام المسرحية منصبا على تهويل دور النساء، مع انهن
لم يتحدين سلطة الرجال ووضعن في المكان البعيد عن السلطة. لذلك اتسمت المسرحية بسمة الرجعية.

4 2 : القليل من قوة الخيال يمكن ان يحقق الكثير في المسرحية

على الرغم من احتفاظ الرجل بسلطته حتى النهاية، فان المؤرخين الحداثويين امثال ستيفن غريبلات ولويس
اي. مونتروس ركزوا بشكل كبير على حقيقة ان سلوك العصيان ومؤشرات التمرد على المسرح اوصلا
هذه الافكار الثورية الى الجمهور.

يشير مونتروس الى قوة الخيال الذي قدم له ستيفن غرينبلات وصفا مفصلا في مقالته ”
الرواية والخيال Fiction and Fiction ” عن مسرحية الثانية عشرة ليلا. اذ قال : “يمكن
تخيل الرواية” مشيرا الى التلميحات الجنسية في المسرحية، والتي تعني بشكل عام بان المؤشر الحقيقي
للرغبات التي لا يمكن التحدث عنها ويمكن ان تكون اكثر تاثيرا من تمثيل هذه الافكار
على المسرح الذي يخضع للرقابة بطريقة او باخرى. يمكن نقل هذه الفرضية بيسر الى “حلم
ليلة منتصف صيف” ، في حين في مسرحية “الثانية عشرة ليلا” الاهتياج [الجنسي] الخيالي .
. سيلاحظ بعيدا عن انظار الجمهور وعن مسرح العرض، الحياة الاخرى للازواج الجدد في “حلم
ليلة منتصف صيف” تركوا هذا الامر الى خيال المشاهد ايضا. يبين مونتروس بان ” مباركة
اوبيرون لفراش الزوجية لثيسيوس وهيبوليتا استثارة الدورة الجنسية والقسوة المالوفة ..”، وهذا يعني بانه على
الرغم من تمرد النساء ، يوافقن على سيادة وهيمنة الزوج، فالصراع الحقيقي لن يسوى ابدا.
كيف ستتطور المناقشة عبر عدة اجيال متروكا لخيال المراقب (وكما اننا نعرف الان، تركنا الامر
لتغير ما يحدث في فهم النظام الابوي).

مثال اخر على الاشارة لشي لا يمكن الحديث عنه هو حلم بوتوم، اذ يقول بوتوم
بان له تجربة بها “عين الرجل لا تسمع، واذنه لا تبصر”. تجربة حقيقة عن ممارسة
الحب مع الملكة ظلت غير متحدث عنها وتركت هي الاخرى الى من يمتلك خيالا يصورها.

لقد وصفت بشكل واضح مهمة الشاعر في استخدام الخيال اداة مؤثرة في تعليق ثيسيوس على
الحلم:

وعندما يتجسد الخيال خارجا

تكوينات الاشياء مجهولة، وقلم الشاعر

يحيلها الى اشكال ويمنحها لرياح العدم

تصبح مجرد مستوطنة محلية واسم

جعل شكسبير جوانب الخيال دراماتيكية في المسرحية. اما الادوات فوق الدراماتيكية مثل مسرحية داخل مسرحية،
فتشبع الخيال. يوضح ثيسيوس :”لا يوجد شيء جيد في هذا النوع سوى الاشباح، والاسوا كان
عدم وجود السيئ ، اذا اصلحه الخيال؛”. لقد كانت اهمية الخيال مؤكدة عندما يقول بوك
في الابيات الاخيرة في المسرحية:

انتم [ المشاهدون] ليس لكم سوى ان تناموا هنا

بينما تكون هذه الرؤى قد ظهرت؛

وهذه الفكرة الواهنة البليدة،

وليس هناك استسلام اكثر بل حلم

لا يشجبه النبلاء.

اذ فهمت المسرحية على انها حلم، هل سيكون لها بعد ذلك نفس المعنى بالنسبة لنا،
وكونها حلم راه مجموعة العشاق في المسرحية؟ يخاطب بوك الجمهور بتاثير مماثل لمسرحية داخل مسرحية:
تشجع الجمهور على استخدام الخيال مرة اخرى.

ما يسميه بوك “فكرة بليدة” في الواقع هي فكرة جادة جدا. ان استخدام السخرية نستدل
عليه من تعليق بوك :” كما انني بوك الصادق” ..، بما ان العفاريت معروفة بكونها
غير صادقة. تلاعبه بمشاعر العشاق يبين بانه غير محترم وغير صادق.

من الجدير بالذكر، ان ملاحظات غرينبلات عن قوة الخيال وتحديات سلطة الرجل على المسرح يجب
ان يكون لها تاثير مباشر وقوي على اعادة تحديد العلاقات التي تتعلق بالجنس والسلطة.

فضلا عنه، يبين مونتروس بان “النص الشكسبيري يكشف عن .. المعايير الابوية المعاصرة لتاثر الرجال
بسلطات المراة”. من خلال عرض كيف ولماذا يعاقب الرجال النساء لسلوكهن المتمرد، يكشف شكسبير بانهم
مضطرون لفعل ذلك اذا ارادو الابقاء على نظام التسلط الابوي. وهذا النظام ، كما تعرضه
حكاية تيتانيا عن المجتمع الذي يسود فيه التسلط الامومي وهو طبيعي بلا شك. لذا لا
يوجد مبرر عقلاني لنظام سيادة الاب. وكما يبين سلوك الشخصيات الذكرية، انها بالاحرى مجبرة على
التصرف الوحشي.ان الكشف عن هذه الاليات في سيطرة الرجال على النساء يعرض هيمنة نظام سيادة
الاب للخطر.

بعدها نجد ان التاثير الواضح لمسرحية “حلم ليلة منتصف صيف” تاثيرا تمرديا : ففكرة عدم
الموافقة على النظام القائم سيصعد حالة الوعي النقدي التي تخص العلاقة بين الجنس والسلطة. وكما
ذكرنا في المقدمة، كانت هذه مسالة حساسة جدا في العصر الاليزابيثي.

لا يمكننا الحكم لماذا عمد شكسبير الى عرض صراع النساء المتمردات، اذ لا توجد تقارير
عن شكسبير بانه متورطا باي نوع من انواع العمل السياسي. لذا نحن نتوقع ذلك فقط.
بالنسبة لي انه يدعو الى الاقناع بان عرض تمرد النساء ينقل افكار لوجهات نظر مختلفة
عن الجنس والسلطة. لكن كيف كان تلقي هذه الافكار في الواقع وما الذي احدثته في
اذهان المشاهدين ، لا نعرف على وجهة الدقة.

ان اختلاف النقد لمسرحية “حلم ليلة منتصف صيف” يبين بانه يمكن تفسير النص على اساس
فكرتيه الثورية وكذلك الرجعية.

ما كانت الاراء الاولى المتناقضة لتعود الى التعددية البعدية للمسرحية. فان كلا من ثورة النساء
وصراع الرجال للمحافظة على النظام الحالي واستمراره قضايا تعالجها “حلم ليلة منتصف صيف”. فهي ليست
بعيدة عن كلا الموقفين، اذ يعرض شكسبير بطريقة دراماتيكية العلاقة الجدلية بين الجنس والسلطة. هنا
تعكس المسرحية الواقع الاليزابيثي. عندما كانت امراة تقود الدولة ويسيطر الرجال على جميع السلطات الاخرى.
ان نظام سيادة الاب لم يستبدل بنظام سيادة الام، ولا يمكن اعادة اقامته بالكامل.

لم تتحدث مسرحية شكسبير عن اي نوع من انواع التغيير. فهي تعرض سلطة الاثنين الذكور
والاناث، وهي بالاحرى تحافظ على الموقف الحالي بجميع توتراته. لذا فهي لا تعرض الموقف الحالي
في العصور الاليزابيثية فقط بل لها تاثير على كيف تلقى الناس الموقف ايضا. اما ردود
الفعل في المسرحية فليس هناك مشكلة اذا كانوا ثائرين ضد سلطة الذكر او الزعامة النسوية
للامة ويجب ان تفهم ايضا على اساس انها ردود افعال ضد الواقع الاليزابيثي. محاولة الاجابة
على فيما اذا كان شكسبيرمصلحا او محافظا، يقودنا هذا السؤال بشكل محض الى وجهة نظر
اخرى بانه يمكننا القول بان شكسبير يمثل تحديدا وجهة نظر معاصرة للحكم الاليزابيثي فقط. واعماله
تقدم وتخلق الواقع الاليزابيثي، الذي كان، محددا بالصراع بين الجنس والسلطة الفكرة الاساسية لمسرحية “حلم
منتصف ليلة صيف”.

السابق
المجندات الروسيات
التالي
عمل شات كتابى