غزوة تبوك هي الغزوة التي خرج رسول الله محمدلها في رجب من العام التاسع الهجري بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة اشهر.[1]
تعد غزوة تبوك هي اخر الغزوات التي خاضها الرسول محمد. بدات تداعيات تلك الغزوة عندما قرر الرومان انهاء القوة الاسلامية التي اخذت تهدد الكيان
الروماني المسيطر على المنطقة؛ فخرجت جيوش الروم العرمرمية بقوى رومانية وعربية تقدر باربعين الف مقاتل
قابلها ثلاثين الف من الجيش الاسلامي. انتهت المعركة بلا صدام او قتال لان الجيش الروماني
تشتت وتبدد في البلاد خوفا من المواجهة؛ مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء
الروم يتخلون عنها ويحالفون العرب كقوة اولى في المنطقة. لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو
منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين اثروا الفرار شمالا فحققوا انتصارا للمسلمين
دون قتال، حيث اخلوا مواقعهم للدولة الاسلامية، وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمت
بصلة الولاء لدولة الروم مثل امارة دومة الجندل، وامارة ايلة (مدينة العقبة حاليا على خليج
العقبة)، وكتب رسول الله بينه وبينهم كتابا يحدد ما لهم وما عليهم،[2] وقد عاتب القران
الكريم من تخلف عن تلك الغزوة عتابا شديدا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بان
الله حث على الخروج فيها -وعاتب من تخلف عنها- والايات الكريمة جاءت بذلك، كقوله تعالى: انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وانفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون
[3]
سبب الغزوة
ذكر ابن كثير [700 ه- 774 ه] في تفسيره، وفي تاريخه ان الله سبحانه لما
انزل قوله تعالى: “يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد
عامهم هذا”، قالت قريش ، كما ورد عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة
والضحاك وغيرهم، وكان ذلك بعد فتح مكة: “لينقطعن عنا المتاجر والاسواق ايام الحج، وليذهبن ما
كنا نصيب منها، فعوضهم الله عن ذلك، بالامر بقتال اهل الكتاب، حتى يسلموا او يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون. ويرى ابن كثير ان سبب الغزوة هو استجابة طبيعية لفريضة
الجهاد؛ ولذلك عزم رسول الله محمدقتال الروم؛ لانهم اقرب الناس اليه، واولى الناس بالدعوة الى الحق لقربهم الى الاسلام واهله،
قال تعالى: يا ايها الذين امنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا ان الله
مع المتقين
[9][10]
قال ابن كثير، فعزم رسول اللهعلى قتال اهل الكتاب؛ لان هذه الاية هي اول الامر بقتالهم بعد ما اذل الله
المشركين، ودخل الناس في دين الله افواجا، واستقامت جزيرة العرب. وقد امر الله ورسوله بقتال
اهل الكتابين اليهود والنصارى، وكان ذلك في سنة تسع، ولهذا تجهز رسول الله محمدلقتال الروم ودعا الناس الى ذلك، واظهره لهم وبعث الى احياء العرب فندبهم، فاوعبوا معه،
واجتمع من المقاتلة نحو من ثلاثين الفا، وتخلف بعض الناس من اهل المدينة ومن حولها
من المنافقين وغيرهم، وكان ذلك عام جدب ، ووقت قيظ وحر ، وخرج رسول الله
محمديريد الشام لقتال الروم فبلغ تبوك، فنزل بها ، واقام بها قريبا من عشرين يوما.[11]
ذكر المؤرخون اسباب هذه الغزوة فقالوا: وصلت الانباء للنبيمن الانباط الذين ياتون بالزيت من الشام الى المدينة ان الروم جمعت جموعا واجلبت معهم
لخم وجذام وغيرهم من مستنصرة العرب، وجاءت في مقدمتهم الى البلقاء، فاراد النبيان يغزوهم قبل ان يغزوه.[