في يوم الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 35 من الهجرة يصبح عثمان
بن عفان رضي الله عنه صائما، ويحاول الصحابة رضي الله عنهم ايصال الماء اليه، لكنهم
لا يستطيعون، وياتي وقت المغرب دون ان يجد رضي الله عنه شيئا يفطر عليه لا
هو، ولا اهل بيته، ويكمل بقية الليل دون ان يفطر، وفي وقت السحر استطاعت زوجته
السيدة نائلة بنت الفرافصة ان تحصل على بعض الماء من البيت المجاور خفية، ولما اعطته
الماء، وقالت له: افطر، نظر رضي الله عنه من النافذة، فوجد الفجر قد لاح، فقال:
اني نذرت ان اصبح صائما.
فقالت السيدة نائلة: ومن اين اكلت ولم ار احدا اتاك بطعام ولا شراب؟
فقال رضي الله عنه: اني رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علي من
هذا السقف، ومعه دلو من ماء، فقال: اشرب يا عثمان. فشربت حتى رويت، ثم قال:
ازدد. فشربت حتى نهلت، ثم قال صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه: اما
ان القوم سينكرون عليك، فان قاتلتهم ظفرت، وان تركتهم افطرت عندنا. فاختار رضي الله عنه
لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لشوقه اليه، وليقينه بانه سوف يلقى الله شهيدا
ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له من قبل.
في صباح هذا اليوم؛ الجمعة 18 من ذي الحجة سنة 35 ه، يدخل كثير بن
الصلت احد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول له: يا امير المؤمنين، اخرج فاجلس
في الفناء- اي فناء البيت- فيرى الناس وجهك، فانك ان فعلت ارتدعوا.
وذلك لهيبته رضي الله عنه، فقد كان عمره رضي الله عنه اكثر من اثنين وثمانين
سنة.
فقال عثمان رضي الله عنه: يا كثير رايت البارحة، وكاني دخلت على نبي الله صلى
الله عليه وسلم، وعنده ابو بكر، وعمر فقال: ارجع، فانك مفطر عندي غدا.
ثم قال عثمان رضي الله عنه: ولن تغيب الشمس هذا اليوم، والله الا وانا من
اهل الاخرة.
وخرج كثير بن الصلت رضي الله عنه بامر عثمان بن عفان رضي الله عنه، وامر
عثمان رضي الله عنه بالسراويل ان تعد له؛ لكي يلبسها، وكان من عادته رضي الله
عنه الا يلبسها في جاهلية، ولا اسلام، وقد لبسها رضي الله عنه؛ لانه خشي ان
قتل ان يتكشف، وهو رضي الله عنه شديد الحياء، فلبس السراويل، ووضع المصحف بين يديه،
واخذ يقرا في كتاب الله.
ودخل عليه ابناء الصحابة للمرة الاخيرة، وطلبوا منه ان يسمح لهم بالدفاع عنه، فاقسم عثمان
رضي الله عنه على كل من له عليه حق ان يكف يده، وان ينطلق الى
منزله، ثم قال لغلمانه: من اغمد سيفه، فهو حر، فاعتق بذلك غلمانه، وقال رضي الله
عنه انه يريد ان ياخذ موقف ابن ادم الذي قال: {لئن بسطت الي يدك لتقتلني
ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك اني اخاف الله رب العالمين * اني اريد ان
تبوء باثمي واثمك فتكون من اصحاب النار وذلك جزاء الظالمين} [المائدة:28، 29]، فكان اخر الناس
خروجا من عند عثمان رضي الله عنه هو الحسن بن علي رضي الله عنهما.
استشهاد عثمان رضي الله عنه
وصلى عثمان رضي الله عنه صلاة نافلة ختم فيها سورة طه، ثم جلس بعد ذلك
يقرا في المصحف، في هذا الوقت كان اهل الفتنة يفكرون بشكل حاسم، وسريع في قتل
عثمان رضي الله عنه، خاصة مع علمهم باقتراب الجيوش الاسلامية المناصرة للخليفة رضي الله عنه
من المدينة المنورة.
فدخل رجل يسمى كنانة بن بشر التجيبي، وكان من رءوس الفتنة بشعلة من نار، وحرق
باب بيت عثمان رضي الله عنه، ودخل ومعه بعض رجال الفتنة، ثم دخل رجل اخر
يسمونه الموت الاسود، قيل انه عبد الله بن سبا وقيل غيره، فخنق عثمان بن عفان
رضي الله عنه خنقا شديدا حتى ظن انه مات، فتركه، وانصرف، ودخل بعد ذلك محمد
بن ابي بكر الصديق، وكما ذكرنا انه كان الوحيد من الصحابة الذي شارك في هذه
الفتنة في هذا الوقت، فدخل عليه، وكان يظنه قد مات، فوجده حيا فقال له: على
اي دين انت يا نعثل؟!
ونعثل هذه سبة تقال للشيخ الاحمق، وللظبي كثير الشعر، فقال عثمان رضي الله عنه وارضاه:
على دين الاسلام، ولست بنعثل، ولكني امير المؤمنين.
فقال: غيرت كتاب الله.
فقال عثمان رضي الله عنه: كتاب الله بيني وبينكم.
فتقدم اليه واخذ بلحيته وهزه منها وقال: انا لا نقبل ان نكون يوم القيامة مما
يقول {ربنا انا اطعنا سادتنا وكبراءنا فاضلونا السبيل} [لاحزاب:67].
فالى هذه اللحظة، ومحمد بن ابي بكر الصديق، وبعض افراد الفتنة يظنون انهم يفعلون الخير
بقتلهم، او خلعهم لعثمان رضي الله عنه، فهو يحاول القتل او الخلع للخليفة طاعة لله،
ونجاة من النار، وهذا بلا شك من تلبيس ابليس عليهم.
فقال عثمان رضي الله عنه: يا ابن اخي انك امسكت لحية كان ابوك يكرمها.
فلما قال له عثمان رضي الله عنه ذلك وضحت الحقيقة فجاة امام محمد بن ابي
بكر الصديق رضي الله عنه، وكان عثمان رضي الله عنه ازال بهذه الكلمات غشاوة كانت
تحجب الحق والصواب عن قلب محمد بن ابي بكر، وتذكر تاريخ عثمان رضي الله عنه
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ابيه الصديق رضي الله عنه، ومع المسلمين،
فاستحيا محمد بن ابي بكر رضي الله عنهما، وخارت يده من على لحية عثمان بن
عفان رضي الله عنه، وبكى، ثم وقف، وتركه، وانصرف، فوجد القوم يدخلون على عثمان رضي
الله عنه، فامسك سيفه، وبدا يدافع عن عثمان رضي الله عنه، ولكنهم غلبوه فلم يستطع
ان يمنعهم، ويشهد بذلك السيدة نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه.
ثم دخل على عثمان رضي الله عنه كنانة بن بشر الملعون، وحمل السيف، وضربه به،
فاتقاه عثمان رضي الله عنه بيده فقطع يده، فقال عثمان رضي الله عنه عندما ضرب
هذه الضربه: بسم الله توكلت على الله. فتقطرت الدماء من يده، فقال: انها اول يد
كتبت المفصل.
ثم قال: سبحان الله العظيم.
وتقاطر الدم على المصحف، وتثبت جميع الروايات ان هذه الدماء سقطت على كلمة{فسيكفيكهم الله} [البقرة:137].
بعد ذلك حمل عليه كنانة بن بشر وضربه بعمود على راسه، فخر رضي الله عنه
على جنبه، وهم كنانة الملعون بالسيف ليضربه في صدره، فانطلقت السيدة نائلة بنت الفرافصة تدافع
عن زوجها، ووضعت يدها لتحمى زوجها من السيف فقطعت بعض اصابعها بجزء من كفها، ووقعت
السيدة نائلة رضي الله عنها.
وطعن كنانة عثمان رضي الله عنه في صدره، ثم قام سودان بن حمران بحمل السيف،
وطعن عثمان رضي الله عنه في بطنه فمال رضي الله عنه الى الارض فقفز على
بطنه، واتكا على السيف بجسده ليتاكد من اختراق السيف لجسد عثمان رضي الله عنه، ومات
رضي الله عنه وارضاه بعد هذه الضربة.
ثم قفز عليه عمرو بن الحمق، وطعنه في صدره تسع طعنات، وقال: هذه الثلاثة الاولى
لله، وهذه الست لشيء في نفسي.
استشهد ذو النورين عثمان رضي الله عنه وارضاه زوج ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم،
والمبشر بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في اكثر من موضع، وثالث الخلفاء
الراشدين، وقد لقي بعد استشهاده رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وعده بذلك.
بعد ان قتل هؤلاء الخوارج المجرمون عثمان رضي الله عنه اخذوا ينهبون ما في بيته
ويقولون: اذا كان قد احل لنا دمه افلا يحل لنا ماله؟
واخذوا كل شيء حتى الاكواب، ولم يتركوا شيئا، ثم هموا بعد ذلك ان يقطعوا راس
عثمان رضي الله عنه، فصرخت السيدة نائلة، والسيدة ام البنين زوجتاه، وصرخت بناته، فقال عبد
الرحمن بن عديس، وهو احد رءوس الفتنة: اتركوه، فتركوه، وبينما هم خارجون، قفز غلام لعثمان
رضي الله عنه على سودان بن حمران احد قتلة عثمان رضي الله عنه، فقتله، فقام
رجل من اهل الفتنة يسمى قترة، فقتل الغلام، فقام غلام اخر، وقتل قترة، فقام القوم،
وقتلوا الغلام الثاني.
ففي هذا الحدث قتل عثمان رضي الله عنه، واثنين من غلمانه، وقتل ايضا بعض الصحابة،
وبعض ابنائهم، وجرح عبد الله بن الزبير، كما جرح الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا.
ثم توجه هؤلاء الفجرة الخوارج الى بيت مال المسلمين، وحاولوا ان ياخذوا المال، وهذا يؤكد
لنا انه ما اخرجهم الا حب الدنيا، فصرخ حراس بيت المال: النجا النجا.
ولكن غلبهم اهل الفتنة، واستطاعوا الاستيلاء على اموال كثيرة من بيت المال، وصاح حفظة بيت
المال: والله انهم قوم يريدون الدنيا، وما ارادوا الاصلاح كما قالوا.
اما الجيوش التي كانت على مشارف المدينة مرسلة من ولاة عثمان، فقد رجعت الى امرائها
بعد معرفتها بمقتل عثمان وتولية علي رضي الله عنه.
الصحابة بعد مقتل سيدنا عثمان
ما هو رد فعل الصحابة رضوان الله عليهم تجاه مقتل عثمان رضي الله عنه؟
هذا الامر من الاهمية بمكان حيث انه يذكر بصورة مشوهة في كتب الشيعة، ويشيرون الى
ان الصحابة رضي الله عنهم قد سعدوا بمقتل عثمان رضي الله عنه؛ لانه كان مخالفا
لما هم عليه، وكانوا يعارضون استمراره في الحكم، ومثل هذه الاكاذيب والاغاليط.
علم الصحابة رضي الله عنهم بهذا الامر، وعلموا امرا اخر عجيبا، فالقتلة بعدما فعلوا هذه
الجريمة النكراء، فعلوا كما فعل اصحاب موسى عليه السلام لما عبدوا العجل، فقد ندموا على
هذا اشد الندم، ويخبر الله عز وجل عن اصحاب موسى في كتابه الكريم قال تعالى:
{ولما سقط في ايديهم وراوا انهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا
لنكونن من الخاسرين} [الاعراف:149].
فهؤلاء القتلة بعد ان شاهد كثير منهم الدماء، وشاهدوا عثمان بن عفان رضي الله عنه
طريحا على الارض شعروا بجرمهم وبسوء ما فعلوا، فندموا على ذلك، ونقل الى الصحابة رضي
الله عنهم هذا الامر، فقال الزبير بن العوام رضي الله عنه: انا لله وانا اليه
راجعون، ثم ترحم على عثمان، وبلغه ان الذين قتلوه ندموا فقال: تبا لهم.
ثم تلا قوله تعالى {ما ينظرون الا صيحة واحدة تاخذهم وهم يخصمون * فلا يستطيعون
توصية ولا الى اهلهم يرجعون} [يس: 49، 50].
ولما بلغ عليا رضي الله عنه هذا الخبر، وقيل: كان بحضرة علي بن ابي طالب
رضي الله عنه حينما بلغه هذا الخبر، الحسن، والحسين، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن
طلحة بن عبيد الله، فلطم الحسين، وضرب الحسن، في صدره، وسب عبد الله بن الزبير،
ومحمد بن طلحة، وقال لهم: كيف يقتل، وهو بين ايديكم؟!
ثم قال: اللهم اني ابرا اليك من دم عثمان.
ثم قالوا له: انهم قد ندموا على ما فعلوا.
فقال لهم: {كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني بريء منك اني
اخاف الله رب العالمين} [الحشر:16].
ولما بلغ سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه امر قتل عثمان رضي الله عنه
استغفر له وترحم عليه، وتلا في حق الذين قتلوه: {قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا(103)الذين ضل
سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنع} [الكهف:103، 104].
ثم قال سعد: اللهم اندمهم ثم خذهم، ودعوته رضي الله عنه مستجابه لدعوة رسول الله
صلى الله عليه وسلم له ان يكون مستجاب الدعوة، واستجاب الله عز وجل لدعوته، فقد
اقسم بعض السلف بالله: انه ما مات احد من قتلة عثمان الا مقتولا، وتاخر بعض
هؤلاء القتلة الى زمن الحجاج، وقتل على يده، ولم يفلت احد منهم من القتل، وباءوا
بشري الدنيا والاخرة.
خبر مقتل عثمان يصل الى الشام
بعد هذه الاحداث اخذت السيدة نائلة بنت الفرافصة رضي الله عنها زوجة عثمان رضي الله
عنه، اخذت القميص الذي قتل فيه عثمان رضي الله عنه وعليه دماؤه، واصابعها، وكفها التي
قطعت، وهي تدافع عن زوجها؛ واعطت كل ذلك للنعمان بن بشير رضي الله عنه، وقالت
له: خذهم الى معاوية بن ابي سفيان فهو وليه.
وحمل النعمان بن بشير رضي الله عنه هذه الامانات الى معاوية بن ابي سفيان رضي
الله عنه بالشام، فلما وصلت هذه الاشياء الى معاوية رضي الله عنه علقها على المنبر
في المسجد، وبكى واقسم ان ينتقم، وان يثار له، ووافقه اهل الشام جميعا على ذلك،
وكان فيهم الكثير من الصحابة، كابي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وغيرهم رضي الله عنهم جميعا،
وكان ابو الدرداء قاضي الشام، ومن اعلم اهلها، وافتى رضي الله عنه بوجوب اخذ الثار
من قتلة عثمان رضي الله عنه، فجلس سبعون الف رجل يبكون تحت قميص عثمان بن
عفان ويقسمون على الاخذ بثاره.
وكان من بين من وافق على هذا الامر وافتى به- بوجوب اخذ الثار- ابو مسلم
الخولاني وهو من كبار التابعين، ويقال انه اعلم اهل الشام بعد ابي الدرداء رضي الله
عنه.
ووصل هذا الخبر الى السيدة عائشة رضي الله عنها، وارضاها، وكانت في مكة هي وجميع
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم للحج، وكن في طريقهن الى المدينة عائدات من الحج
حين بلغهم مقتل عثمان رضي الله عنه، فرجعن الى مكة مرة اخرى، ولما علمت السيدة
عائشة رضي الله عنها بمقتل عثمان رضي الله عنه قالت: تركتموه كالثوب النقي من الدنس،
ثم قربتموه، ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش؟ فقال لها مسروق وهو من كبار التابعين: هذا
عملك، انت كتبت الى الناس تامريهم ان يخرجوا اليه.
فقالت: لا والذي امن به المؤمنون، وكفر به الكافرون، ما كتبت لهم سوداء في بيضاء
حتى جلست مجلسي هذا.
وصدقت رضي الله عنها وارضاها فيما قالت.
قال الاعمش: فكانوا يرون انه كتب على لسانها.
وكما ذكرنا ان رءوس الفتنة كانوا يزورون الخطابات التي تسيء الى عثمان رضي الله عنه،
وينسبونها الى الصحابة كذبا، وافتراء، حتى يؤججوا نار الفتنة، ويصلوا الى ما يريدون.
وبعد ان رجع امهات المؤمنين الى مكة انتظرن الى ان يرين ما تصير اليه الامور.
الصحابة يدفنون عثمان رضي الله عنه
لما قتل عثمان رضي الله عنه في هذا اليوم (الجمعة 18 من ذي الحجة 35
ه) قبل صلاة المغرب؛ تقدم مجموعة من الصحابة الى بيته وصلوا عليه في بيته بين
المغرب والعشاء، وهذا على اصح الاقوال، وبعض الروايات تقول انهم صلوا عليه في اليوم الثاني،
وتقول روايات اخرى انهم صلوا عليه في اليوم الثالث، واصحها القول الاول.
وحمله الصحابة رضوان الله عليهم جميعا الى مكان خارج المدينة يسمى (حش كوكب) وهو غير
المكان الذي يدفن فيه اهل المدينة موتاهم، وقد ذهب به الصحابة رضوان الله عليهم الى
هذا المكان؛ لانهم كانوا يخشون عليه من اهل الفتنة ان يخرجوه جسده، ويمثلوا به، او
ان يقطعوا راسه رضي الله عنه كما حاولوا ذلك بعد قتله.
ويروى الامام مالك رضي الله عنه ان عثمان بن عفان رضي الله عنه انه عندما
كان يمر على هذا المكان وهو حي ( حش كوكب ) كان يقول: يدفن هاهنا
رجل صالح.
فغسلوه رضي الله عنه، وكفنوه، وصلوا عليه، وفي بعض الروايات انهم لم يغسلوه، وصلى عليه
احد الصحابة، اما ابو هريرة، واما المسور بن مخرمة وقيل غيرهما.
وبعد ان دفن رضي الله عنه، حمل الصحابة رضي الله عنهم الرقيقين اللذين قتلا في
بيته رضي الله عنه، ودفنوهما بجواره رضي الله عنهم جميعا.
وحتى نعلم ما كان في قلوب هؤلاء الفجرة من حقد دفين على الخليفة عثمان بن
عفان رضي الله عنه وارضاه يروى عن محمد بن سيرين قال: كنت اطوف بالكعبة، واذا
رجل يقول: اللهم اغفر لي، وما اظن ان تغفر لي.
فقلت: يا عبد الله، ما سمعت احدا يقول ما تقول.
قال: كنت اعطيت لله عهدا ان قدرت ان الطم وجه عثمان الا لطمته، فلما قتل
وضع على سريره في البيت والناس يجيئون يصلون عليه، فدخلت كاني اصلي عليه، فوجدت خلوة،
فرفعت الثوب عن وجهه، ولحيته، ولطمته، وقد يبست يميني.
قال ابن سيرين: فرايتها يابسة كانها عود.
وصية سيدنا عثمان رضى الله عنه
وقد ترك عثمان رضي الله عنه في بيته وصية كان فيها:
هذه وصية عثمان:
، عثمان بن عفان يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان
محمدا عبده ورسوله، وان الجنة حق، وان النار حق، وان الله يبعث من في القبور،
ليوم لا ريب فيه، ان الله لا يخلف الميعاد، عليها يحيى وعليها يموت، وعليها يبعث
ان شاء الله تعالى.
مبايعة علي بن ابي طالب
في تلك الفترة كان على المدينة امير اهل الفتنة الغافقي بن حرب، وقد سارع المتمردون
من اهل مصر الى علي بن ابي طالب رضي الله عنه يقولون له: نبايعك على
الامارة.
فسبهم، ولعنهم، ورفض ذلك، وطردهم، وذهب الى حائط- بستان- من حيطان المدينة، وذهب المتمردون من
اهل الكوفة الى الزبير بن العوام رضي الله عنه وارضاه، وطلبوا منه ان يكون اميرا،
ففعل معهم مثل ما فعل علي بن ابي طالب رضي الله عنه، وذهب كذلك اهل
البصرة الى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وارضاه وطلبوا ان يكون اميرا، فرفض
ذلك وردهم، وتحير اهل الفتنة فيمن يتولى خلافة المسلمين، وحتى هذه اللحظة لم يفكر المتمردون
في تولية احدهم اميرا على المسلمين، وانما جعلوا الغافقي اميرهم اميرا على المدينة الى ان
يتم اختيار الامير، وكان يصلى خلفه المتمردون، واهل المدينة، واستمر الحال على هذا الامر خمسة
ايام.
وسارع الصحابة رضوان الله عليهم الى علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقالوا له:
انت احق الناس بهذا الامر فامدد يدك نبايعك.
ورفض علي رضي الله عنه هذا الامر، وازدادت حيرة اهل الفتنة، فذهبوا الى سعد بن
ابي وقاص رضي الله عنه، فرفض هذا الامر تماما، فقالوا له: انت ممن رضي عنهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم عمر، ولكنه رضي الله عنه رفض.
فذهبوا الى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فرفض ايضا، فرجعوا مرة اخرى الى
علي بن ابي طالب رضي الله عنه، وقال الصحابة رضوان الله عليهم لعلي رضي الله
عنه: ان لم تكن اميرا، فسوف يجعلون الامير منهم، يعني اهل الفتنة، فاجتمع على علي
رضي الله عنه بعض الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، وبعض اهل الفتنة، وطلبوا منه ان
يكون الامير، وكان اول من بايعه الاشتر النخعي، وكان ممن خرج مع اهل الفتنة من
الكوفة، وسبب خروجه مع اهل الفتنة شيئان متعارضان:
الاول: غلوه في الدين، وظنه ان ما كان يدعى على عثمان رضي الله عنه يستوجب
خلعه من الخلافة، والا قتله.
والشيء الثاني: انه كان يحب الرئاسة والزعامة، وكان له كلمة على اهل الفتنة، وعلى اهل
الكوفة، وله قوم، وعشيرة.
ومع هذا الضغط المتزايد على علي بن ابي طالب رضي الله عنه قبل بالامر، لكنه
اشترط اولا ان يبايعه بداية طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عنهما؛
لانه خشي ان ولي الامر ان ينقلب اهل الكوفة، او البصرة، ويطلبون طلحة، او الزبير
رضي الله عنهما ليكون اميرا، ويحدثون فتنة اخرى، فذهبوا الى طلحة، والزبير رضي الله عنهما
فقالا: دم عثمان اولا.
وبعد جدال ونقاش وانه لا بد من تولية احد حتى لا تتسع الفتنة اكثر من
ذلك فوافقا على البيعة، فذهب طلحة بن عبيد الله، وبايع عليا رضي الله عنه، وهو
ما زال على المنبر وكان في انتظار مبايعتهما، فبايع طلحة رضي الله عنه بيده اليمنى،
وكانت شلاء ويوجد رواية ضعيفة تشير الى ان رجلا ممن بالمسجد قام، فقال: والله ان
هذا الامر لا يتم اول يد تبايع يد شلاء.
وان صح هذا القول، فالمعنى فاسد؛ لان هذه اليد هي من خير الايدي الموجودة في
المدينة المنورة، وقد شلت عندما كان يدافع صاحبها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم احد، عندما اطلق مالك بن الربيع سهما على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان
لا يطلق سهما الا اصابه، فاسرع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ووضع يد
ليرد بها السهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم فشلت يده، ودافع رضي الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعا شديدا في هذه الغزوة حتى طعن اكثر
من اربع وعشرين طعنة، وكان الصديق ابو بكر رضي الله عنه كلما تذكر غزوة احد
يقول: والله هذا يوم طلحة.
هذه اليد التي بايعت عليا رضي الله عنه وارضاه، انما هي يد مباركة.
ثم جاء الزبير بن العوام رضي الله عنه وارضاه، وبايع عليا رضي الله عنه، وما
قيل ان الزبير رضي الله عنه قال: بايعت والسيف على رقبتي.
كلام باطل وهي رواية موضوعة، وليس لها اساس من الصحة.
ثم قام علي بن ابي طالب رضي الله عنه، ووقف على المنبر واعلن قبوله لان
يكون اميرا للمؤمنين، وذلك في اليوم الخامس لاستشهاد عثمان رضي الله عنه، وخطب رضي الله
عنه خطبة عصماء، ذكر الناس فيها بالاخرة، وبغضهم في الدنيا، ولعن من سعى في الارض
فسادا.
الى هذا الوقت، وان كان عليا رضي الله عنه قد اصبح خليفة للمسلمين، الا ان
الامر لا زال بيد المتمردين الذين يحملون السلاح، وهم اكثر عددا، وعدة من اهل المدينة.
في هذا الوقت يذهب طلحة والزبير رضي الله عنهما الى علي رضي الله عنه بوصفه
خليفة المسلمين ويقولان له: دم عثمان، فهما رضي الله عنهما يريدان منه رضي الله عنه
ان يقتل من قتل عثمان رضي الله عنه.
فقال لهما: ان هؤلاء لهم مدد وعون واخشى ان فعلنا ذلك بهم الان ان تنقلب
علينا الدنيا.
كان تفكير علي بن ابي طالب رضي الله عنه ان ينتظر حتى تهدا الامور ويتملك
زمامها جيدا، وبعدها يقتل قتلة عثمان بعد محاكمتهم بشكل عادل ويعزر من يرى تعزيره، اما
الان، فهؤلاء القتلة لهم من القوة، والمنعة في المدينة، وفي اقوامهم في الكوفة، والبصرة، ومصر
ما لو قتلهم لاحدث ذلك فتنة عظيمة، وانقلب كثير من الناس بقبليتهم، وعصبيتهم على الدولة
الاسلامية.
فلما سمع طلحة والزبير رضي الله عنهما ذلك من علي رضي الله عنه، قالا له:
ائذن لنا بالعمرة، فاذن لهما، فتركا المدينة، وتوجها الى مكة ومكثا فيها وقتا.
بدا الامام علي رضي الله عنه في دراسة احوال الدولة الاسلامية وكيفية درا اثار الفتنة
التي حدثت، وكان الامر بيد المتمردين بشكل واضح، وكان لهم كلمة مسموعة حتى ان عليا
رضي الله عنه اضطر- مع كراهته لهم جميعا- ان يولى بعضهم على بعض المهام في
الدولة، كالاشتر النخعي، وذلك نظرا لكلمتهم المسموعة، وسيطرتهم على الامور.
كان على الكوفة وقت تولي علي بن ابي طالب رضي الله عنه ابو موسى الاشعري
رضي الله عنه، وعلى البصرة عبد الله بن عامر رضي الله عنه، وكان على مصر
عبد الله بن سعد بن ابي سرح رضي الله عنه، ولكن في هذا الوقت كان
قد تغلب عليها محمد بن ابي حذيفة، وكان احد معاوني عبد الله بن سبا، وكان
يعمل من الباطن دون ان يظهر، وكان على الشام معاوية بن ابي سفيان رضي الله
عنه، وعلى اليمن يعلى بن امية التميمي.
راى علي بن ابي طالب رضي الله عنه بداية تغيير هؤلاء الامراء درءا للفتنة التى
زعم اهلها المطاعن على هؤلاء الامراء، وراى رضي الله عنه ان يولى من يصلح للسيطرة
على الامور في هذا التوقيت.
موقف معاوية من مقتل عثمان بن عفان
معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه -كما ذكرنا- وصله خبر قتل عثمان رضي الله
عنه، ووصله القميص، واصابع وكف السيدة نائلة، وقالت له السيدة نائلة رضي الله عنها في
الرسالة التي بعثت بها اليه: انك ولي عثمان.
وهو بالفعل وليه؛ لانه من بني امية، فلم يبايع معاوية رضي الله عنه عليا رضي
الله عنه، واشترط ان ياخذ بثار عثمان رضي الله عنه، وان يقتص من قاتليه، وان
من لم يفعل ذلك، فقد عطل كتاب الله، ولا تجوز ولايته، فكان هذا اجتهاده رضي
الله عنه، ووافقه على هذا الاجتهاد مجموعة من كبار الصحابة، منهم قاضي قضاة الشام ابو
الدرداء رضي الله عنه، وعبادة بن الصامت وغيرهما.
وهذا الامر، وان كانوا اجتهادا، الا انهم قد اخطاوا في هذا الاجتهاد، وكان الحق مع
علي رضي الله عنه، وكان الصواب ان يبايعوه رضي الله عنه، ثم بعد ذلك يطالبوا
بالثار لعثمان رضي الله عنه بعد ان تهدا الامور، ويستطيع المسلمون السيطرة على الموقف، لكن
معاوية رضي الله عنه كان على اصرار شديد على ان ياخذ الثار اولا قبل البيعة،
وان اخذ علي رضي الله عنه الثار فلا باس المهم ان يقتلوا، وقال رضي الله
عنه: ان قتلهم علي بايعناه.
وجاء عبد الله بن عباس رضي الله عنه ناصحا لعلي رضي الله عنه الا يغير
امراء الامصار، حتى تهدا الامور نظرا للفتنة القائمة، لكن عليا رضي الله عنه اصر على
رايه بتغيير الولاة، فولى علي عبد الله بن عباس على اليمن، وعثمان بن حنيف رضي
الله عنه على البصرة، وعمارة بن شهاب رضي الله عنه على الكوفة، وسهل بن حنيف
رضي الله عنه على الشام، وقيس بن سعد رضي الله عنه على مصر.
اما عبد الله بن عباس رضي الله عنه فقد ذهب الى اليمن، وتولى الامارة بها،
وذهب عثمان بن حنيف الى البصرة، وفاجا اهلها بصعود المنبر واعلن رضي الله عنه انه
الامير، فانقسم الناس منهم من وافقه، ومنهم من قال: لا نقبل امارتك الا بعد اخذ
الثار لعثمان رضي الله عنه.
لكن الاغلب كان معه وتمكنت له الامور، واستطاع السيطرة على البصرة، اما عمارة بن شهاب
فقد قابله طلحة بن خويلد على باب الكوفة، ومنعه من دخولها بالقوة، ورده الى علي
رضي الله عنه، وتفاقم الامر بالكوفة، ولما ارسل علي رضي الله عنه يستوثق من الامر
جاءته رسالة من ابي موسى الشعري ان جل اهل الكوفة على الطاعة له، اي لعلي
رضي الله عنه.
اما سهل بن حنيف رضي الله عنه المتوجه الى الشام، فقد قابلته خيل معاوية رضي
الله عنه على اطراف الشام، فقالوا له: من انت؟
فقال: سهل بن حنيف.
فقالوا له: ولم جئت؟
قال: جئت اميرا.
فقالوا له: ان كنت قد جئت من طرف عثمان فاهلا، وان كنت قد جئت من
طرف علي فارجع، والا دخلت الشام على دمائنا.
ورجع رضي الله عنه الى المدينة.
اما قيس بن سعد المتوجه الى مصر فقد وصل اليها، وتمكن من الامور، وقد انقسم
اهل مصر الى ثلاث طوائف، كان الاغلب منهم مبايعا لقيس بن سعد، والبعض امتنع عن
ابداء الراي، والبعض قالوا: انهم مع من يطالب بدم عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ارسل علي بن ابي طالب رضي الله عنه الى معاوية بن ابي سفيان رضي الله
عنه يحثه على مبايعته لئلا يكون خارجا عليه، لكن معاوية رضي الله عنه يرى باجتهاده
ان عدم الاخذ بثار عثمان رضي الله عنه مخالفة لكتاب الله، وان من خالف كتاب
الله لا تجوز مبايعته، ولم يكن في تفكير معاوية رضي الله عنه خلافة، ولا امارة
كما يشاع في كتب الشيعة، بل وفي كتب بعض اهل السنة الذين ينقلون دون تمحيص
او توثيق.
ارسل علي رضي الله عنه ثلاث رسائل الى معاوية رضي الله عنه دون ان يرد
معاوية، الا انه ارسل لعلي رضي الله عنه رسالة فارغة، حتى اذا فتحها اهل الفتنة
في الطريق لا يقتلون حاملها، ودخل حامل الرسالة على علي رضي الله عنه مشيرا بيده
انه رافض للبيعة، فقال لعلي رضي الله عنه: اعندك امان؟
فامنه علي رضي الله عنه.
فقال له: ان معاوية يقول لك: انه لن يبايع الا بعد اخذ الثار من قتلة
عثمان، تاخذه انت، وان لم تستطع اخذناه نحن.
فرفض ذلك علي رضي الله عنه، وقال: ان معاوية خارج عن الولاية، ومن خرج يقاتل
بمن اطاع. اي انه رضي الله عنه راى ان يستعين بمن اطاعه على من عصاه.
فقرر رضي الله عنه ان يجمع الجيوش، ويتوجه بها الى الشام، وان لم يبايع معاوية
رضي الله عنه يقاتل، هذا الاجتهاد هو الصحيح في مثل هذه الموقف.
بدا علي رضي الله عنه يستنصر بالمسلمين، فارسل رسالة الى ابي موسى الاشعري في الكوفة،
والى عثمان بن حنيف في البصرة، والى قيس بن سعد في مصر، والى عبد الله
بن عباس في اليمن يستمد منهم المدد لهذا الامر، وخالفه في ذلك عبد الله بن
عباس رضي الله عنه، لكن عليا رضي الله عنه اصر وجاء اليه ابنه الحسن وقال
له: يا ابت، دع هذا فان فيه سفك دماء المسلمين، ووقوع الاختلاف بينهم.
فلم يقبل منه علي رضي الله عنه هذا الامر، واصر على القتال واستعد رضي الله
عنه للخروج الى الشام.
استخلف علي رضي الله عنه على المدينة ابن اخيه قثم بن عباس رضي الله عنه،
وجهز الجيش للخروج، فكان على الميمنة عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ولم يمنعه
الخلاف معه في الراي ان يخرج معه، وعلى الميسرة عمرو بن ابي سلمة، وعلى المقدمة
ابو ليلى بن عمرو الجراح، وهو ابن اخي ابي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم
وارضاهم جميعا.
وبينما علي رضي الله عنه خارج بجيشه من المدينة متوجها الى الشام حدث في مكة
امر لم يكن متوقعا فغير علي رضي الله عنه من خطته بالكلية.
كان بمكة السيدة عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها، وزوجات رسول الله صلى الله عليه
وسلم امهات المؤمنين عدا السيدة ام حبيبة، فقد كانت بالمدينة، وطلحة بن عبيد الله، والزبير
بن العوام، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم جميعا، وايضا يعلى بن امية التميمي الذي
كان واليا لعثمان رضي الله عنه على اليمن، ولما حدثت الفتنة جاء الى مكة، ومعه
ستمائة من الابل، وستمائة الف درهم من بيت مال اليمن، واجتمع كل هؤلاء الصحابة، وبدءوا
في مدارسة الامر وكان رايهم جميعا- وكانوا قد بايعوا عليا رضي الله عنه- ان هناك
اولوية لاخذ الثار لعثمان رضي الله عنه، وانه لا يصح ان يؤجل هذا الامر باي
حال من الاحوال، وقد تزعم هذا الامر الصحابيان طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام
رضي الله عنهما .. وكان هذا الامر مقدمة لموقعة الجمل.
- احل مقتل
- قتل السلطان عثمان
- كيفية مقتل سيدنا عثمان بن عفان
- مصرع عثمان ابن عفان
- موت عثمان بن عفان اي يوم