القصة الاولى
ادم علية السلام
ادم في القران
قال الله تعالى :{ ان الله اصطفى ءادم ونوحا وءال ابراهيم وءال عمران على العالمين}
(سورة ءال عمران/33).
سيدنا ءادم عليه السلام هو ابو البشر واول انسان خلقه الله.
وقد قيل سمي ءادم بهذا الاسم لانه من اديم الارض اي من وجه الارض.
خلق ادم
وكان خلقه عليه السلام في الجنة ءاخر ساعة من يوم الجمعة من الايام الست التي
خلق الله فيها السموات والارض كما جاء في حديث مسلم، وروى مسلم وغيره ايضا
عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال :”خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ادم”.
شاء الله سبحانه وتعالى بمشيئته الازلية التي لا تتبدل ولا تتغير وجود ادم عليه السلام
فابرزه بقدرته من العدم الى الوجود.
فقد امر الله تعالى ملكا من ملائكته الكرام ان ياخذ من جميع انواع تراب الارض
التي نعيش عليها ليخلق منه ادم عليه السلام،
فاخذ هذا الملك من جميع انواع تراب الارض من ابيضها واسودها وما بين ذلك،
ومن سهلها وحزنها اي قاسيها وما بين ذلك،
ومن طيبها ورديئها ومما هو بين ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ان الله قبض قبضة من الارض من ابيضها
واسودها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها وما بين ذلك فجاء ذرية ادم على قدر
ذلك” رواه ابن حبان وغيره
، وعند احمد: “فجاء بنو ادم على قدر الارض، فجاء منهم الابيض والاحمر والاسود وبين
ذلك،
والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك.
اي جاءت احوال والوان ذرية ادم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خلق
منه ادم عليه الصلاة والسلام.
خلق حواء
خلق الله تعالى سيدتنا حواء من ضلع ءادم الايسر الاقصر كما جاء في الحديث الذي
رواه الشيخان:
“ولام مكانه لحما” قيل لذلك سميت حواء بهذا الاسم لانها خلقت من شىء حي، وفي
الصحيحين من حديث ابي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “استوصوا بالنساء، فان المراة خلقت من ضلع، وان
اعوج شىء في الضلع اعلاه، فان ذهبت تقيمه كسرته
، وان تركته لم يزل اعوج، فاستوصوا بالنساء” الحديث.
ولم يخلق الله تبارك وتعالى حواء طفلة صغيرة ثم طورها الى الكبر، بل خلقها على
هيئتها التي عاشت عليها كبيرة طويلة مناسبة لطول ءادم عليه السلام،
قال الله تبارك وتعالى: {يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق
منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء} (سورة النساء/1).
وقال تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن اليها} (سورة الاعراف/189)
وقد زوج الله تعالى ءادم حواء وجعلها له حلالا في الجنة ثم كانا كذلك في
الارض.
خروج ادم من الجنه
السبب في ذلك ان ءادم خالف النهي الذي نهاه الله لانه اعلمه بالمنع من اكل
شجرة
واحدة من اشجار الجنة واباح له ما سواها فوسوس الشيطان له ولحواء ان
ياكلا منها فقال لهما ما اخبر الله تعالى في القرءان: {فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما
ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا
ملكين او تكونا من الخالدين} (سورة الاعراف/20)
فاكلا منها فاخرجهما الله تعالى من الجنة،
وكان ذلك قبل ان تنزل عليه النبوة والرسالة لانه انما نبىء بعد ان خرج من
الجنة فتابا من تلك المعصية،
ولا تعد تلك المعصية معصية كبيرة
قال الله تعالى: {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} (سورة طه/122).
ثم بعد خروجهما من الجنة تناسلا فعلم ءادم اولاده امور الاسلام فكل ذريته كانوا على
الاسلام،
ثم نبىء بعد ءادم ابنه شيث، ثم بعد وفاة شيث نبىء ادريس ثم كفر بعض
البشر بعبادة الاصنام فبعث الله الانبياء
بالتبشير لمن اطاعهم بالجنة والانذار بالنار لمن خالفهم بعبادة غير الله وتكذيبهم.
مما ابتلي به ءادم وحواء بعد اكل الشجرة انه نزع عنهما لباسهما وانكشف لهما سوءاتهما
فطفقا يلصقان عليهما من ورق الجنة
وكان لباسهما الذي كان عليهما من نور، وقد دل القرءان العظيم على انه كان عليهما
لباس
في قوله تعالى: {يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع
عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما} (سورة الاعراف/27)
، ثم بعد ان نزلا الى الارض علمه الله تعالى اسباب المعيشة فانزل له القمح
وعلمه كيف يبذر
وكيف يحصد وكيف يعمل للاكل، وعلمه النقدين الذهب والفضة فعمل الدراهم والدنانير.
فادم عليه السلام له فضل كبير على البشر لما له عليهم من حق الابوة وتعليم
اصول المعيشة
فلا يجوز تنقيصه، فمن نقصه او انكر رسالته فهو كافر.
قال الله تعالى: {وقلنا يا ءادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما
ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (35)
فازلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض
مستقر ومتاع الى حين(36)} (سورة البقرة).
وقال الله تعالى: {فوسوس اليه الشيطان قال يا ءادم هل ادلك على شجرة الخلد وملك
لا يبلى (120)
فاكلا منها فبدت لهما سواتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى ءادم ربه فغوى
(121)
ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى (122)} (سورة طه).
فائدة: قال الله تعالى: {فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم}
(سورة البقرة/37)
، وروي عن مجاهد قال: “الكلمات: اللهم لا اله الا انت سبحانك وبحمدك، رب اني
ظلمت نفسي فاغفر لي انك خير الراحمين، لا اله الا انت سبحانك وبحمدك، رب اني
ظلمت نفسي فتب علي انك انت التواب الرحيم”
، وروى البيهقي باسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”
لما اقترف سيدنا ءادم الخطيئة قال: “يا رب اسالك بحق محمد الا ما غفرت لي،
فقال الله:
فكيف عرفت محمدا ولم اخلقه بعد؟ فقال: يا رب لانك لما خلقتني بيدك ونفخت في
من روحك (اي الروح المشرف عندك)
رفعت راسي فرايت على قوائم العرش مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله،
فعلمت انك لم تضف الى اسمك الا احب الخلق اليك” قال البيهقي: تفرد به عبد
الرحمن بن زيد بن اسلم من هذا الوجه وهو ضعيف، ورواه الحاكم وصححه
ابناء ء ادم
قابيل وهابيل
قال الله تبارك وتعالى: {واتل عليهم نبا ابني ءادم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من
احدهما ولم يتقبل من الاخر قال لاقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين (27)
لئن بسطت الي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك اني اخاف الله رب
العالمين (28)
اني اريد ان تبوا باثمي واثمك فتكون من اصحاب النار وذلك جزاء الظالمين (29)
فطوعت له نفسه قتل اخيه فقتله فاصبح من الخاسرين (30)
فبعث الله غرابا يبحث في الارض ليريه كيف يواري سوءة اخيه قال يا ويلتي اعجزت
ان اكون مثل هذا الغراب فاواري سوءة اخي فاصبح من النادمين (31)} (سورة المائدة).
تتلخص قصة هابيل وقابيل ان حواء عليها السلام ولدت اربعين بطنا وكانت تلد في كل
بطن ذكرا وانثى
، وكان سيدنا ءادم عليه السلام يزوج ذكر كل بطن بانثى من بطن ءاخر،
ويقال ان هابيل اراد ان يتزوج باخت قابيل التي كانت اجمل من اخت هابيل
لكن قابيل اراد ان يستاثر بها
، فامره ءادم عليه السلام ان يزوجه اياها فابى، فامرهما ان يقربا قربانا وهو ما
يتقرب به الى الله تعالى وذهب ءادم الى مكة ليحج،
وقرب كل واحد منهما قربانه بعد ذهاب ابيهم ءادم عليه السلام، فقرب هابيل جذعة سمينة
وكان صاحب غنم، واما قابيل فقرب حزمة من زرع رديء وكان صاحب زرع،
فنزلت نار فاكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب قابيل غضبا شديدا وقال لاخيه هابيل
لاقتلنك حتى لا تنكح اختي فقال له: انما يتقبل الله من المتقين.
وذات ليلة ابطا هابيل في المرعى فبعث سيدنا ءادم عليه السلام (وكان قد رجع من
الحج)
اخاه قابيل لينظر ما ابطا به، فلما ذهب اذ هو به، فقال له: تقبل منك
ولم يتقبل مني،
فقال له هابيل: انما يتقبل الله من المتقين، فغضب عندئذ قابيل،
ثم اتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها راسه، وقيل خنقه خنقا شديدا.
واما قول هابيل لقابيل: {لئن بسطت الي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي اليك لاقتلك
اني اخاف الله رب العالمين (28)
اني اريد ان تبوا باثمي واثمك (29)} (سورة المائدة)
فمعناه اريد ترك مقاتلتك وان كنت اشد منك واقوى فتتحمل اثم قتلي مع ما لك
من الاثام المتقدمة قبل ذلك.
وقيل: لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه اليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت عليه
الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتاكله،
وكره ان ياتي به ءادم فيحزنه، ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا امام قابيل
فقتل احدهما الاخر،
فعمد الى الارض يحفر له بمنقاره فيها، ثم القاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى
واراه، فقال عندها قابيل: {يا ويلتى اعجزت ان اكون مثل هذا الغراب فاواري سوءة اخي}
(سورة المائدة/31)
ثم اخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب.
وليعلم ان ابن ءادم قابيل الذي قتل اخاه هابيل كان مسلما مؤمنا ولم يكن كافرا،
وانما ارتكب معصية كبيرة بقتله اخاه هابيل ظلما وعدوانا.
فائدة: روى الجماعة سوى ابي داود واحمد في مسنده عن ابن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقتل نفس ظلما الا كان على ابن
ءادم الاول كفل من دمها لانه كان اول من سن القتل” اي ظلما.
فعلم من ذلك ان قابيل ما تاب من قتله لهابيل.
وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم، ذكر بانها المكان الذي قتل قابيل
اخاه هابيل عندها، والله اعلم بصحة ذلك
القصه الثانيه
ادريس (عليه السلام)
نبي كريم من انبياء الله -عز وجل- ذكره الله في القران الكريم مرتين
دون ان يحكي لنا قصته او قصة القوم الذين ارسل اليهم،
قال تعالى:
{واسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين} [الانبياء: 85]
وقال تعالى:
{واذكر في الكتاب ادريس انه كان صديقا نبيا . ورفعناه مكانا عليا} [مريم: 56-57].
وقد مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بادريس ليلة الاسراء والمعراج،
وهو في السماء الرابعة، فسلم عليه فقال: (.. فاتيت على ادريس فسلمت، فقال: مرحبا بك
من اخ ونبي) [البخاري].
ويروى ان
نبي الله ادريس -عليه السلام- كان خياطا، فكان لا يغرز ابرة
الا قال: سبحان الله! فكان يمسي حين يمسي وليس في الارض احد افضل منه عملا،
وذكر بعض العلماء ان زمن ادريس كان قبل نوح -عليه السلام-
والبعض الاخر ذكر انه جاء بعده، واختلف في موته فقيل انه لم يمت بل
رفع حيا، كما رفع عيسى -عليه السلام- وقيل: انه مات كما مات غيره من
الرسل، والله اعلم.
القصه الثالثه
نوح (عليه السلام)
كان ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر رجالا صالحين احبهم الناس،
فلما ماتوا حزنوا عليهم حزنا شديدا،
واستغل الشيطان هذه الفرصة فوسوس للناس ان يصنعوا لهم تماثيل تخليدا لذكراهم،
ففعلوا، ومرت السنوات، ومات الذين صنعوا تلك التماثيل،
وجاء احفادهم، فاغواهم الشيطان وجعلهم يظنون ان تلك التماثيل
هي الهتهم فعبدوها من دون الله، وانتشر الكفر بينهم، فبعث الله اليهم رجلا منهم،
هو نوح -عليه السلام فاختاره الله
واصطفاه من بين خلقه،
ليكون نبيا ورسولا، واوحى اليه ان يدعو قومه الى عبادة الله وحده لا شريك له.
وظل نوح -عليه السلام- يدعو قومه الى عبادة الله وحده وترك
عبادة الاصنام،
فقال لهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره اني اخاف عليكم عذاب
يوم عظيم} [الاعراف:59]
فاستجاب لدعوته عدد من الفقراء والضعفاء، اما الاغنياء والاقوياء فقد رفضوا دعوته،
كما ان زوجته واحد ابنائه كفرا بالله ولم يؤمنا به، وظل الكفار يعاندونه،
وقالوا له: {ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي
الراي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين} [هود:27].
ولم يياس نوح -عليه السلام- من عدم استجابتهم له، بل ظل يدعوهم بالليل والنهار،
وينصحهم في السر والعلن،
ويشرح لهم برفق وهدوء حقيقة دعوته التي جاء بها،
الا انهم اصروا على كفرهم،
واستمروا في استكبارهم وطغيانهم، وظلوا يجادلونه مدة طويلة،
واخذوا يؤذونه ويسخرون منه، ويحاربون دعوته.
وذات يوم ذهب بعض الاغنياء الى نوح -عليه السلام- وطلبوا منه ان يطرد الفقراء الذين
امنوا به؛
حتى يرضى عنه الاغنياء ويجلسوا معه ويؤمنوا بدعوته فقال لهم نوح:
{ما انا بطارد الذين امنوا انهم ملاقوا ربهم ولكني اراكم قوما تجهلون ويا قوم من
ينصرني من الله ان طردتهم افلا تذكرون}
[هود:29-30]
فغضب قومه واتهموه بالضلال، وقالوا: {انا لنراك في ضلال
مبين } [الاعراف:60].
فقال لهم: {يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين .
ابلغكم رسالات ربي وانصح لكم واعلم من الله ما لا تعلمون} [الاعراف:61-62]
واستمر نوح -عليه السلام- يدعو قومه يوما بعد يوم، وعاما بعد عام،
دون ان يزيد عدد المؤمنين، وكان اذا ذهب الى بعضهم يدعوهم الى عبادة الله،
ويحدثهم عن الايمان به، وضعوا اصابعهم في اذانهم حتى لا يسمعوا كلامه
، واذا ذهب الى اخرين يحدثهم عن نعم الله عليهم وعن حسابهم يوم القيامة،
وضعوا ثيابهم على وجوههم حتى لا يروه، واستمر هذا الامر طويلا حتى قال الكفار له:
{يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين} [هود:32].
فقال لهم نوح:
{انما ياتيكم به الله ان شاء وما انتم بمعجزين . ولا ينفعكم نصحي ان اردت
ان انصح لكم ان كان الله يريد ان يغويكم هو ربكم واليه ترجعون} [هود: 33-34]
وحزن نوح -عليه السلام- لعدم استجابة قومه وطلبهم للعذاب، لكنه لم يياس،
وظل لديه امل في ان يؤمنوا بالله -تعالى- ومرت الايام والسنون دون نتيجة او ثمرة
لدعوته،
واتجه نوح -عليه السلام- الى ربه يدعوه، ويشكو له ظلم قومه لانفسهم،
فاوحى الله اليه: {انه لن يؤمن من قومك الا من قد امن فلا تبتئس بما
كانوا يفعلون} [هود:36].
وظل نوح -عليه السلام- يدعو قومه الف سنة الا خمسين (950 سنة) دون ان يجد
منهم استجابة
، فقال: {رب ان قومي كذبون . فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من
المؤمنين} [الشعراء:117-118]
ودعا عليهم بالهلاك، فقال: {رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا . انك ان
تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا} [نوح: 26-27]
فامره الله
ان يصنع سفينة، وعلمه كيف يتقن صنعها، وبدا نوح -عليه السلام- والمؤمنون معه في صنع
السفينة،
وكلما مر الكفار عليهم سخروا منهم واستهزءوا بهم؛ اذ كيف يصنعون سفينة وهم يعيشون في
صحراء جرداء لا بحر فيها ولا نهر،
وزاد استهزاؤهم حينما عرفوا ان هذه السفينة هي التي سوف ينجو بها نوح ومن معه
من المؤمنين حينما ينزل عذاب الله.
واتم نوح -عليه السلام- صنع السفينة،
وعرف ان الطوفان سوف يبدا، فطلب من كل المؤمنين ان يركبوا السفينة،
وحمل فيها من كل حيوان وطير وسائر المخلوقات زوجين اثنين، واستقر نوح -عليه السلام- على
ظهر السفينة هو ومن معه،
وبدا الطوفان، فامطرت السماء مطرا غزيرا، وتفجرت عيون الماء من الارض وخرج الماء منها بقوة،
فقال نوح: {بسم الله مجراها ومرساها ان ربي لغفور رحيم} [هود:41] .
وبدات السفينة تطفو على سطح الماء، وراى نوح -عليه السلام- ابنه، وكان كافرا لم يؤمن
بالله
، فناداه: {يا بني اركب معنا ولا تكن من الكافرين} [هود:42]
فامتنع الابن ورفض ان يلبي نداء ابيه،
وقال: {ساوي الى جبل يعصمني من الماء} [هود:43]
فقد ظن ان الماء لن يصل الى رءوس الجبال وقممها العالية،
فحذره نوح -عليه السلام- وقال له: {لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم}
[هود: 43].
وراى المشركون الماء يملا بيوتهم، ويتدفق بسرعة رهيبة،
فادركوا انهم هالكون فتسابقوا في الصعود الى قمم الجبال، ولكن هيهات .. هيهات،
فقد غطى الماء قمم الجبال، واهلك الله كل الكافرين والمشركين،
ونجى نوحا -عليه السلام- والمؤمنين؛ فشكروا الله على نجاتهم،
وصدر امر الله -تعالى- بان يتوقف
المطر، وان تبتلع الارض الماء:
{وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودى
وقيل بعدا للقوم الظالمين} [هود: 44]
وابتلعت الارض الماء، وتوقفت السماء عن المطر، ورست السفينة على جبل يسمى الجودى.
ثم امر الله نوحا -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين بالهبوط من السفينة،
قال تعالى: {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن معك وامم سنمتعهم
ثم يمسهم منا عذاب اليم} [هود:48] وناشد نوح -عليه السلام- ربه في ولده، وساله عن
غرقه استفسارا واستخبارا عن الامر، وقد وعده ان ينجيه واهله،
فقال سبحانه: {انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح} [هود:46]
وكان ابن نوح من الكافرين فلم يستحق رحمة الله، فامتثل نوح لامر الله، وهبط من
السفينة ومعه المؤمنون،
واطلق سراح الحيوانات والطيور، لتبدا دورة جديدة من الحياة على الارض، وظل نوح يدعو المؤمنين،
ويعلمهم احكام الدين، ويكثر من طاعة الله من الذكر والصلاة الصيام الى ان توفي ولقى
ربه.
القصه الرابعه
هود عليه السلام
وقد ارسله الله الى عاد.
قال الله تعالى: {كذبت عاد المرسلين * اذ قال لهم اخوهم هود الا تتقون *
اني لكم رسول امين * فاتقوا الله واطيعون * وما اسالكم عليه من اجر ان
اجري الا على رب العالمين} [الشعراء: 123-127].
نسب هود:ارسل الله هودا عليه السلام في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من اولاد
سام بن نوح عليه السلام،
وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبة الى احد اجدادها،
وهو: عاد بن عوص بن ارم بن سام.
وهو عليه السلام من هذه القبيلة ويتصل نسبه بعاد.
ويرجح النسابون ان نسبه كما يلي:
فهو: هود (عليه السلام) بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد – جد
هذه القبيلة – ابن عوص بن ارم بن سام بن نوح (عليه السلام).
والله اعلم.
مساكن عاد:كانت مساكن عاد في ارض “الاحقاف”، من جنوب شبه الجزيرة العربية.
والاحقاف تقع في شمال حضرموت، ويقع في شمال الاحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عمان.
وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا انيس فيها ولا ديار.
قال الله تعالى: {واذكر اخا عاد اذ انذر قومه بالاحقاف وقد خلت النذر من بين
يديه ومن خلفه الا تعبدوا الا الله اني اخاف عليكم عذاب يوم عظيم} [الاحقاف: 21].
حياة هود مع قومه في فقرات:لقد فصل القران الكريم قصة سيدنا هود عليه السلام مع
قومه عاد في نحو عشر سور، وابرز ما فيها النقاط التالية:
-1 اثبات نبوته ورسالته الى عاد.
-2 ذكر ان عادا كانوا خلفاء في الارض من بعد قوم نوح.
-3 ذكر ان هؤلاء القوم كانوا:
(ا) اقوياء اشداء، ممن زادهم الله بسطة في الخلق.
(ب) مترفين في الحياة الدنيا، قد امدهم الله بانعام وبنين،
وجنات وعيون، والهمهم ان يتخذوا مصانع لجمع المياه فيها،
وقصورا فخمة شامخة، الى غير ذلك من مظاهر النعمة والترف.
(ج) يبنون على الروابي والمرتفعات مباني شامخة، ليس لهم فيها مصلحة تقصد الا ان تكون
اية يتباهون بها،
تظهر قوتهم وباسهم في الارض.
(د) اهل بطش، فاذا بطشوا بطشوا جبارين.
(ه) اصحاب الهة من الاوثان، يعبدونها من دون الله.
(و) ينكرون الدار الاخرة ويقولون: {ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين}
[المؤمنون:37]
-4 ذكر ان هودا عليه السلام دعاهم الى الله بمثل دعوة الرسل،
وامرهم بالتقوى، وانذرهم عقاب الله وعذابه،
فكذبوه واستهزؤوا بدعوته، واصروا على العناد،
واتبعوا امر كل جبار عنيد منهم، ولم يؤمن معه الا قليل منهم،
فاستنصر بالله، فقال الله له: {قال عما قليل ليصبحن نادمين} [المؤمنون: 40]، فارسل الله عليهم
الريح العقيم،
ريحا صرصرا عاتية، سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوم نحسات، تدمر كل شيء بامر
ربها
، فما تذر من شيء اتت عليه الا جعلته كالرميم.
فاهلكتهم، وانجى الله برحمته هودا والذين امنوا معه، وتم بذلك امر الله وقضاؤه.
القصه الخامسه
سيدنا صالح
في منطقة الحجر التي تقع بين الحجاز والشام، والتي تسمى الان (بمدائن صالح)
كانت تعيش قبيلة مشهورة تسمى ثمود، يرجع اصلها الى سام بن نوح،
وكانت لهم حضارة عمرانية واضحة المعالم،
فقد نحتوا الجبال واتخذوها بيوتا، يسكنون فيها في الشتاء؛
لتحميهم من الامطار والعواصف التي تاتي اليهم من حين لاخر واتخذوا من السهول قصورا يقيمون
فيها في الصيف.
وانعم الله -عز وجل- عليهم بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى
، فاعطاهم الارض الخصبة، والماء العذب الغزير،
والحدائق والنخيل، والزروع والثمار، ولكنهم قابلوا النعمة بالجحود والنكران،
فكفروا بالله -سبحانه- ولم يشكروه على نعمه وعبدوا الاصنام،
وجعلوها شريكة لله، وقدموا اليها القرابين، وذبحوا لها الذبائح وتضرعوا لها
، واخذوا يدعونها، فاراد الله هدايتهم، فارسل اليهم نبيا منهم، هو صالح -عليه السلام-
وكان رجلا كريما تقيا محبوبا لديهم.
وبدا صالح يدعوهم الى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك ما هم فيه من
عبادة الاصنام،
فقال لهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره} [الاعراف:73]
فرفض قومه ذلك، وقالوا له: يا صالح قد كنت بيننا رجلا فاضلا كريما محبوبا نستشيرك
في جميع امورنا لعلمك وعقلك وصدقك،
فماذا حدث لك؟!
وقال رجل من القوم: يا صالح ما الذي دعاك لان تامرنا ان نترك ديننا الذي
وجدنا عليه اباءنا واجدادنا، ونتبع دينا جديدا ؟!
وقال اخر: يا صالح قد خاب رجاؤنا فيك، وصرت في راينا رجلا مختل التفكير.
كل هذه الاتهامات وجهت لنبي الله صالح -عليه السلام- فلم يقابل اساءتهم له باساءة مثلها،
ولم يياس من استهزائهم به وعدم استجابتهم له،
بل ظل يتمسك بدين الله رغم كلامهم، ويدعوهم الى عبادة الله الواحد الاحد، ويذكرهم بما
حدث للامم التي قبلهم،
وما حل بهم من العذاب بسبب كفرهم وعنادهم،
فقال لهم:
{واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبواكم في الارض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون
الجبال بيوتا فاذكروا الاء الله ولا تعثوا في الارض مفسدين}
[الاعراف: 74]
ثم اخذ صالح يذكرهم بنعم الله عليهم،
فقال لهم:
{اتتركون في ما هاهنا امنين . في جنات وعيون . وزروع ونخيل طلعها هضيم} [الشعراء:146-148].
ثم اراد ان يبين لهم الطريق الصحيح لعبادة الله، وانهم لو استغفروا الله وتابوا اليه
فان الله سيقبل توبتهم،
فقال :
{يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره هو انشاكم من الارض واستعمركم فيها
فاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربي قريب مجيب}
[هود: 61]
فامنت به طائفة من الفقراء والمساكين، وكفرت طائفة الاغنياء، واستكبروا وكذبوه،
وقالوا:
{ابشرا منا واحدا نتبعه انا اذا لفي ضلال وسعر . اؤلقى الذكر عليه من بيننا
بل هو كذاب اشر}
[القمر: 24-25].
وحاولت الفئة الكافرة ذات يوم ان تصرف الذين امنوا بصالح عن دينهم وتجعلهم يشكون في
رسالته،
فقالوا لهم:
{اتعلمون ان صالحا مرسل من ربه}
[الاعراف:75]
اي: هل تاكدتم انه رسول من عند الله؟ فاعلنت الفئة المؤمنة تمسكها بما انزل على
صالح وبما جاء به من ربه،
وقالوا:
{انا بما ارسل به مؤمنون}
[الاعراف: 75]
فاصرت الفئة الكافرة على ضلالها
وقالوا معلنين كفرهم وضلالهم:
{انا بالذي امنتم به كافرون}
[الاعراف: 76]
ولما راى
صالح -عليه السلام- اصرارهم على الضلال والكفر
قال لهم:
{يا قوم ارايتم ان كنت على بينة من ربي واتاني منه رحمة فمن ينصرني من
الله ان عصيته فما تزيدونني غير تخسير}
[هود: 63].
وكان صالح -عليه السلام-
يخاطب قومه باخلاق الداعي الكريمة، وادابه الرفيعة ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة تارة، ويجادلهم تارة اخرى
في موضع
الجدال،
مؤكدا على ان عبادة الله هي الحق، والطريق المستقيم.
ولكن
قومه تمادوا في كفرهم، واخذوا يدبرون له المكائد والحيل حتى لا يؤمن به اكثر الناس،
وذات يوم كان صالح -عليه السلام- يدعوهم الى عبادة الله،
ويبين لهم نعم الله الكثيرة، وانه يجب شكره وحمده عليها،
فقالوا له: يا صالح ما انت الا بشر مثلنا، واذا كنت تدعي انك رسول الله،
فلابد ان تاتينا بمعجزة واية.
فسالهم صالح -عليه السلام-
عن المعجزة التي يريدونها، فاشاروا على صخرة بجوارهم، وقالوا له: اخرج لنا من هذه الصخرة
ناقة طويلة عشراء، واخذوا يصفون الناقة المطلوبة ويعددون صفاتها، حتى يعجز صالح عن
تحقيق طلبهم
، فقال لهم صالح: ارايتم ان اجبتكم الى ما سالتم اتؤمنون بي وتصدقونني وتعبدون الله
الذي خلقكم؟
فقالوا له: نعم، وعاهدوه
على ذلك، فقام صالح -عليه السلام- وصلى لله -سبحانه- ثم دعا ربه ان يجيبهم الى
ما طلبوا.
وبعد لحظات حدثت المعجزة، فخرجت الناقة العظيمة من الصخرة التي اشاروا اليها
، فكانت برهانا ساطعا، ودليلا قويا على نبوة صالح،
ولما راى قوم صالح هذه الناقة بمنظرها الهائل امن بعض قومه،
واستمر اكثرهم على كفرهم وضلالهم، ثم اوحى الله الى صالح ان يامر قومه بان لا
يتعرضوا للناقة بسوء،
فقال لهم صالح:
{هذه ناقة الله لكم اية فذروها تاكل في ارض الله ولا تمسوها بسوء فياخذكم عذاب
اليم} [الاعراف: 73].
واستمر الحال على هذا وقتا طويلا، والناقة تشرب ماء البئر يوما، ويشربون هم يوما،
وفي اليوم الذي تشرب ولا يشربون كانوا يحلبونها فتعطيهم لبنا يكفيهم جميعا،
لكن الشيطان اغواهم، فزين لهم طريق الشر، وتجاهلوا تحذير صالح لهم فاتفقوا على قتل الناقة،
وكان عدد الذين اجمعوا على قتل الناقة تسعة افراد،
قال تعالى:
{وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون}
[النمل: 48]
ثم اتفقوا مع باقي القوم على تنفيذ مؤامرتهم، وقد تولى القيام بهذا الامر اشقاهم واكثرهم
فسادا، وقيل اسمه قدار بن سالف..
وفي الصباح، تجمع قوم صالح في مكان فسيح ينتظرون مرور الناقة لتنفيذ مؤامرتهم،
وبعد لحظات مرت الناقة العظيمة فتقدم احدهم منها، وضربها بسهم حاد اصابها في ساقها،
فوقعت على الارض، فضربها قدار بن سالف بالسيف
حتى ماتت، وعلم صالح بما فعل قومه الذين اصروا على السخرية منه
والاستهزاء به،
واوحى الله اليه ان العذاب سوف ينزل بقومه بعد ثلاثة ايام،
فقال صالح -عليه السلام- لهم:
{تمتعوا في داركم ثلاثة ايام}
[هود:65]
ولكن القوم كذبوه واستمروا في سخريتهم منه والاستهزاء به، ولما دخل الليل اجتمعت الفئة الكافرة
من قوم صالح،
واخذوا يتشاورون في قتل صالح، حتى يتخلصوا منه مثلما تخلصوا من الناقة،
ولكن الله -عز وجل- عجل العذاب لهؤلاء المفسدين التسعة، فارسل عليهم حجارة اصابتهم واهلكتهم..
ومرت الايام الثلاثة،
وخرج الكافرون في صباح اليوم الثالث ينتظرون ما سيحل عليهم من العذاب والنكال، وفي لحظات
جاءتهم صيحة شديدة من
السماء،
وهزة عنيفة من اسفلهم، فزهقت ارواحهم، واصبحوا في دارهم هالكين مصروعين..
قال تعالى:
{فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ان في ذلك لاية لقوم يعلمون . وانجينا الذين امنوا
وكانوا يتقون}
[النمل: 52-53]
وهكذا اهلك
الله -عز وجل- قوم صالح بسبب كفرهم وعنادهم وقتلهم لناقة الله، والاستهزاء بنبيهم صالح -عليه
السلام- وعدم ايمانهم به، وبعد ان اهلك الله الكافرين من ثمود، وقف صالح -عليه السلام-
ومن معه من المؤمنين ينظرون اليهم،
فقال صالح -عليه السلام- :
{يا قوم لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين}
[الاعراف: 79].
ولقد مر النبي -صلى الله عليه وسلم- على ديار ثمود (المعروفة الان بمدائن صالح)
وهو ذاهب الى تبوك سنة تسع من الهجرة، فامر اصحابه ان يمروا عليها خاشعين خائفين،
كراهة ان يصيبهم ما اصاب اهلها، وامرهم بعدم دخول القرية الظالمة وعدم الشرب من مائها.
[متفق عليه].
القصه السادسه
ابراهيم (عليه السلام)
كان ازر يعيش في ارض بابل بالعراق، يصنع الاصنام ويبيعها للناس ليعبدوها وكان له ولد
صغير اسمه
(ابراهيم) وهبه الله الحكمة واتاه الرشد منذ
الصغر، وذات يوم دخل ابراهيم على ابيه ازر، فراه يصنع التماثيل، فتعجب ابراهيم من امر
هذه التماثيل،
وقال في نفسه:
لماذا يعبدها الناس وهي لا تسمع ولا تنطق، ولا تضر ولا تنفع؟!
وكيف تكون الهة، والناس هم الذين يصنعونها ؟!
وصارت هذه الاسئلة تراود الفتى الصغير دون اجابة.
ولما كبر ابراهيم وشب اخذ يفكر في هذا الامر،
ويبحث عن الاله الحق الذي يستحق العبادة، فذهب الى الصحراء الواسعة،
وجلس ينظر الى السماء، فراى الكواكب والنجوم، واستنكر ان تكون هي ربه الذي يبحث عنه
، لانها مخلوقة مثله تعبد خالقها، فتظهر باذنه وتغيب باذنه،
وظل ابراهيم في الصحراء ينظر الى السماء يفكر ويتدبر عسى ان يهتدي الى ربه وخالقه،
فهداه الله -سبحانه-
الى معرفته، وجعله نبيا مرسلا الى قومه، ليخرجهم من الظلمات الى النور، ومن عبادة الاصنام
الى عبادة الله رب العالمين.
وانزل الله -سبحانه-
على ابراهيم صحفا فيها اداب ومواعظ واحكام لهداية قومه، وتعليمهم اصول دينهم،
وتوصيتهم بوجوب طاعة الله، واخلاص العبادة له وحده،
والبعد عن كل ما يتنافى مع مكارم الاخلاق، وعاد ابراهيم الى بيته،
وقلبه مطمئن، ولما دخل البيت وجد اباه، فتقدم منه ابراهيم واخذ ينصحه
ويقول له:
{يا ابت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا. يا ابت
اني قد جاءني من العلم ما لم ياتك فاتبعني اهدك صراطا سويا .
يا ابت لا تعبد الشيطان ان الشيطان كان للرحمن عصيا . يا ابت اني اخاف
ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا} [مريم:42-45]
فرد عليه ابوه غاضبا،
وقال:
{اراغب انت عن الهتي يا ابراهيم لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا}
[مريم:46].
لكن ابراهيم لم يقابل تلك القسوة بمثلها، بل صبر على جفاء ابيه، وقابله بالبر والرحمة،
وقال له:
{سلام عليك ساستغفر لك ربي انه كان بي حفيا . واعتزلكم وما تدعون من دون
الله وادعو ربي عسى الا اكون بدعاء ربي شقيا}
[مريم:47-48]
وخرج ابراهيم من عند ابيه متوجها الى المعبد، حتى يدعو قومه الى عبادة الله،
ولما دخل عليهم وجدهم عاكفين على اصنام كثيرة، يعبدونها ويتضرعون اليها،
ويطلبون منها قضاء حوائجهم، فتقدم منهم ابراهيم،
وقال لهم:
{ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون} [الانبياء:52] فرد عليه القوم وقالوا: {وجدنا اباءنا لها
عابدين}
[الانبياء:53].
فوضح لهم ابراهيم ان عبادة هذه الاصنام ضلال وكفر،
وان الله -سبحانه- الذي خلق السماوات والارض هو المستحق للعبادة وحده
فغضب قومه منه، واستكبروا واصروا على كفرهم وعنادهم،
فلما وجد ابراهيم اصرارهم على عبادة الاصنام، خرج وهو يفكر في نفسه ان يحطم هذه
الاصنام
، وكان اليوم التالي يوم عيد، فاقام القوم احتفالا كبيرا خارجالمدينة،
وذهب اليه جميع الناس، وخرج ابراهيم وحده الى شوارع المدينة فلم يجد فيها احدا،
فانتهز هذه الفرصة واحضر فاسا، ثم ذهب الى المعبد الذي فيه الاصنام دون ان يراه
احد،
فوجد اصناما كثيرة، وراى امامها طعاما كثيرا وضعه قومه قربانا لها وتقربا اليها، لكنها لم
تاكل.
فاقبل اليها ابراهيم، وتقدم منها، ثم قال لها مستهزئا: الا تاكلون؟!
وانتظر قليلا لعلهم يردون عليه، لكن دون جدوى، فعاد يسال ويقول:
ما لكم لا تنطقون؟!
ثم اخذ يكسر الاصنام واحدا تلو الاخر، حتى صارت كلها حطاما الا صنما كبيرا تركه
ابراهيم ولم يحطمه، وعلق في رقبته الفاس، ثم خرج من المعبد، ولما عاد القوم من
الاحتفال مروا على المعبد،
ودخلوا فيه ليشكروا الالهة على عيدهم وفوجئوا باصنامهم محطمة ما عدا صنما واحدا في راسه
فاس معلق،
فتساءل القوم: من فعل هذا بالهتنا؟ فقال بعض القوم: سمعنا فتى بالامس اسمه ابراهيم كان
يسخر منها، ويتوعدها بالكيد والتحطيم،
واجمعوا امرهم على ان يحضروا ابراهيم ويسالوه، ويحققوا معه فيما حدث.
وفي لحظات ذهب بعض القوم واتوا بابراهيم الى المعبد، ولما وقف امامهم
سالوه:
اانت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم؟!
فرد ابراهيم:
بل فعله كبيرهم هذا
، ثم اشار باصبعه الى الصنم الكبير المعلق في رقبته الفاس، ثم قال:
فسالوهم ان كانوا ينطقون، فرد عليه بعض الناس
وقالوا له:
يا ابراهيم انت تعلم ان هذه الاصنام لا تنطق ولا تسمع،
فكيف تامرنا بسؤالها؟
فانتهز ابراهيم هذه الفرصة
وقال لهم:
{افتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم . اف لكم ولما تعبدون
من دون الله افلا تعقلون}
[الانبياء: 66-67]
فسكتوا جميعا ولم يتكلموا، ونكسوا رءوسهم من الخجل والخزي،
ومع ذلك ارادوا الانتقام منه، لانه حطم اصنامهم،
واهان الهتهم، فقال نفر من الناس:
ما جزاء ابراهيم، وما عقابه الذي يستحقه؟
فقالوا:
{حرقوه وانصروا الهتكم ان كنتم فاعلين}
[الانبياء:68].
ثم ذهب جنود المعبد بابراهيم الى الصحراء، وجمعوا الحطب والخشب من كل مكان
، واشعلوا نارا عظيمة، وجاءوا بالة اسمها المنجنيق، ليقذفوا ابراهيم منها في النار،
ولما جاء موعد تنفيذ الحكم على ابراهيم، اجتمع الناس من كل مكان ليشهدوا تعذيبه
، وتصاعد من النار لهب شديد، فوقف الناس بعيدا يشاهدون النار
، ومع ذلك لم يستطيعوا تحمل حرارته، وجاءوا بابراهيم مقيدا بالحبال ووضعوه في المنجنيق،
ثم قذفوه في النار، فوقع في وسطها، فقال ابراهيم: حسبي الله ونعم الوكيل.
فامر الله النار الا تحرق ابراهيم ولا تؤذيه،
قال تعالى:
{قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم}
[الانبياء:69]
فاصبحت النار بردا وسلاما عليه، ولم تحرق منه شيئا سوي القيود التي قيدوه بها، وظلت
النار مشتعلة عدة ايام، وبعد ان انطفات خرج منها ابراهيم سالما، لم تؤذه، وتحدث الناس
عن تلك المعجزة وعن نجاة ابراهيم من النار، واراد النمرود ملك البلاد ان يناقش ابراهيم
في امر دعوته، فلما حضر ابراهيم امام الملك ساله:
من ربك؟
فقال ابراهيم مجيبا:
{ربي الذي يحيي ويميت}
[البقرة:258]
فقال الملك:
{انا احيي واميت}
[البقرة:258]
وامر الملك الجنود ان يحضروا رجلين من المسجونين
، ثم امر بقتل رجل وترك الاخر، ثم نظر الى ابراهيم وقال له: ها انا
ذا احي واميت، قتلت رجلا، وتركت اخر!!
فلم يرد ابراهيم على غباء هذا الرجل
، ولم يستمر في جداله في هذا الامر، بل ساله سؤالا اخر اعجزه ولم يستطع
معه جدالا،
قال له ابراهيم:
{فان الله ياتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب}
[البقرة:258]
فبهت النمرود، وسكت عن الكلام اعترافا بعجزه
، وقرر ابراهيم الهجرة من هذه المدينة لانه لم يؤمن به سوى زوجته سارة
وابن اخيه لوط -عليه السلام-
وهاجر ابراهيم ومعه زوجته سارة وابن اخيه لوط، واخذ ينتقل من مكان الى مكان اخر،
حتى استقر به الحال في فلسطين، فظل بها فترة يعبد الله ويدعو الناس الى عبادة
الله، والى طريقه المستقيم.
ومرت السنون، ونزل قحط بالبلاد، فاضطر ابراهيم الى الهجرة بمن معه الى مصر،
وكان يحكم مصر انذاك ملك جبار يحب النساء، وكان له اعوان يساعدونه على ذلك،
فيقفون على اطراف البلاد، ليخبروه بالجميلات اللاتي ياتين الى مصر
، فلما راوا سارة، وكانت بارعة الجمال، ابلغوا عنها الملك واخبروه ان معها رجلا،
فاصدر الملك اوامره باحضار الرجل، وفي لحظات جاء الجنود بابراهيم الى الملك،
ولما راه ساله عن المراة التي معه، فقال ابراهيم: انها اختي. فقال الملك: ائتني بها.
فذهب ابراهيم الى سارة، وابلغها بما حدث بينه وبين الملك، وبما ذكره له بانها اخته،
فذهبت سارة الى القصر، ولما راها الملك انبهر من جمالها،
وقام
اليها، فقالت له: اريد ان اتوضا واصلي، فاذن لها، فتوضات سارة وصلت،
ثم قالت:
(اللهم ان كنت تعلم اني امنت بك وبرسولك واحصنت فرجي الا على زوجي فلا تسلط
على هذا الكافر)
[احمد]
فاستجاب الله لها، وعصمها وحفظها، فكلما اراد الملك ان يمسك بها قبضت يده،
فسالها ان تدعو الله ان تبسط يده، ولن يمسها بسوء، وتكرر هذا الامر ثلاث مرات
فلما علم انه لن يقدر عليها نادى بعض خدمه،
وقال لهم:
انكم لم تاتوني بانسان، انما اتيتموني بشيطان، ثم امر الخدم ان يعطوها هاجر، لتكون خادمة
لها.[البخاري]
فعادت سارة الى زوجها دون ان يمسها الملك، فوجدته قائما يصلي فلما انتهى نظر اليها،
وسالها
عما حدث؟
فقالت: ان الله رد كيده عني واعطاني جارية تسمى هاجر لتخدمني
، وبعد فترة رجع ابراهيم الى فلسطين مرة اخرى واثناء الطريق استاذنه ابن اخيه لوط
في الذهاب الى قرية سدوم ليدعو اهلها الى عبادة الله،
فاعطاه ابراهيم بعض الانعام والاموال، وواصل هو واهله السير الى فلسطين، حتى وصلوا اليها واستقروا
بها، وظل ابراهيم -عليه السلام- في فلسطين فترة طويلة.
واحب الله ابراهيم -عليه السلام- واتخذه خليلا من بين خلقه،
قال تعالى:
{واتخذ الله ابراهيم خليلا}
[النساء:125]
وذات يوم، اراد ابراهيم ان يرى كيف يحيي الله الموتى، فخرج الى الصحراء يناجي ربه،
ويطلب منه ان يريه ذلك،
قال تعالى:
{واذ قال ابراهيم رب ارني كيف تحيي الموتى قال او لم تؤمن قال بلى ولكن
ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن
جزءا ثم ادعهن ياتينك سعيا واعلم ان الله عزيز حكيم}
[البقرة:260].
ففعل ابراهيم ما امره ربه، وذبح اربعة من الطيور ووضع اجزاءها على
الجبال، ثم عاد الى مكانه مرة اخرى، ووقف متجها ناحية الجبال، ثم نادى عليهن، فاذا
بالحياة تعود لهذه الطيور، وتجيء الى ابراهيم باذن ربها، وكانت سارة زوجة ابراهيم عقيما لا
تلد، وكانت تعلم رغبة ابراهيم وتشوقه لذرية
طيبة، فوهبت له خادمتها هاجر ليتزوجها، لعل الله ان يرزقه منها ذرية
صالحة، فتزوج ابراهيم هاجر، فانجبت له اسماعيل فسعد به ابراهيم سعادة كبيرة لانه جاء له
بعد شوق شديد وانتظار طويل.
وامر الله -عز وجل- ابراهيم ان ياخذ زوجته هاجر وولدها اسماعيل ويهاجر بهما الى مكة،
فاخذهما ابراهيم الى هناك، وتوجه الى الله
داعيا
{ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة
فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون}
[ابراهيم:37]
ثم تركهما ابراهيم، وعاد الى زوجته سارة، وذات يوم جاءت اليه ملائكة الله في صورة
بشر
، فقام ابراهيم سريعا فذبح لهم عجلا سمينا، وشواه ثم وضعه امامهم لياكلوا فوجدهم لا
ياكلون،
لان الملائكة لا تاكل ولا تشرب، وهنا اخبرت الملائكة ابراهيم بانهم ليسوا بشرا،
وانما هم ملائكة جاءوا ليوقعوا العذاب على قرية سدوم، لانهم لم يتبعوا نبيهم لوطا
، وبشرت الملائكة ابراهيم بولده اسحاق من سارة، وكانت عجوزا، فتعجبت حينما سمعت الخبر،
فهي امراة عجوز عقيم وزوجها رجل شيخ كبير، فاخبرتها الملائكة ان هذا هو امر الله،
فقالت الملائكة:
{اتعجبين من امر الله رحمت الله وبركاته عليكم اهل البيت انه حميد مجيد}
[هود:73].
وذات مرة
راى ابراهيم -عليه السلام- انه يذبح ابنه في المنام، فاخبر ابنه اسماعيل بذلك،
وكان هذا امتحان من الله لابراهيم واسماعيل، فاستجاب اسماعيل لرؤيا ابيه طاعة لله،
واستعد كل منهما لتنفيذ امر الله، ووضع ابراهيم ابنه اسماعيل على وجهه، وامسك بالسكين ليذبحه
، فكان الفرج من الله، فقد نزل جبريل-عليه السلام- بكبش فداء لاسماعيل، فكانت سنة الذبح
والنحر في العيد، وصدق الله اذ يقول:
{وفديناه بذبح عظيم}
[الصافات: 107]
وكان نبي الله ابراهيم يسافر الى مكة من حين لاخر ليطمئن على هاجر وابنها اسماعيل.
وفي احدى الزيارات، طلب ابراهيم من ابنه ان يساعده في رفع قواعد البيت الحرام الذي
امره ربه ببنائه،
فوافق اسماعيل، واخذا ينقلان الحجارة اللازمة لذلك حتى انتهيا من البناء، وعندها اخذا يدعوان ربهما
ان يتقبل منهما
فقالا:
{ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم . ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة
مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم}
[البقرة:127-128]
فاستجاب الله لابراهيم واسماعيل، وبارك في الكعبة، وجعلها قبلة للمسلمين جميعا في كل زمان ومكان.
قد كان لابراهيم -عليه السلام- رسالة ودين قويم وشريعة سمحة، امرنا الله باتباعها،
قال تعالى:
{قل صدقوا الله فاتبعوا ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين}
[ال عمران: 59]
اي اتبعوا الدين الحنيف القويم الثابت الذي لا يتغير، ومرض ابراهيم -عليه السلام- ثم مات،
بعد ان ادى رسالة الله وبلغ ما عليه
، وفي رحلة الاسراء والمعراج قابل النبي -صلى الله عليه وسلم- خليل الله ابراهيم -عليه
السلام- في السماء السابعة بجوار البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون الف من الملائكة
يتعبدون فيه،
ويطوفون، ثم يخرجون ولا يعودون اليه الى يوم القيامة.
وذلك كما ذكر في حديث المعراج الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- (…
ثم صعد بي جبريل الى السماء السابعة، فاستفتح جبرائيل،
قيل:
من هذا؟
قال:
جبرائيل
قيل:
ومن معك؟
قال
محمد،
قيل:
وقد بعث اليه؟
قال:
نعم،
قيل:
مرحبا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فاذا ابراهيم،
قال:
هذا ابوك فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام،
ثم قال
مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح …)
[البخاري].
وقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خير البرية،
فقال:
(ذاك ابراهيم)
[احمد]
وهو اول من يكسى يوم القيامة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
(واول من يكسى يوم القيامة ابراهيم)
[متفق عليه]
فالناس يحشرون يوم القيامة عراة، فيكسى ابراهيم عليه السلام تكريما له ثم الانبياء، ثم الخلائق،
وقد مدح الله سبحانه وتعالى نبيه ابراهيم واثنى عليه،
قال تعالى:
{ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين . شاكرا لانعمه اجتباه
وهداه الى صراط مستقيم .
واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة
ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين}
[النحل:120-123].
وقد فضل الله ابراهيم -عليه السلام- في الدنيا والاخرة، فجعل النبوة فيه وفي ذريته الى
يوم القيامة،
قال تعالى: {ووهبنا له اسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب واتيناه اجره في الدنيا
وانه في الاخرة لمن الصالحين}
[العنكبوت:27].
وابراهيم -عليه السلام- من اولي العزم من الرسل، ووصى الله نبيه محمدا -صلى الله عليه
وسلم- ان يسير على ملته،
قال تعالى: {قل انني هداني ربي الى صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا وما
كان من المشركين}
[الانعام:61]
وقال:
{ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين}
[النحل:123]
ومدح الله ابراهيم بالوفاء والقيام بما عهد اليه،
قال تعالى:
{وابراهيم الذي وفى}
[النجم:37]ولانه افضل الانبياء والرسل بعد محمد
-صلى الله عليه وسلم- امرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ان نصلي عليه في صلاتنا
في التشهد اثناء الصلاة
- الهة قوم نوح mp3
- تحميل خطاب عن نساب الأنبياءmp3
- مواعظ وقصص mp3