نبذة عن صلاح الدين الايوبي

صلاح الدين الايوبي


عرف فكتب التاريخ فالشرق و الغرب بانة فارس نبيل و بطل شجاع و قائد من اروع من عرفتهم البشريه و شهد باخلاقة اعداؤة من الصليبيين قبل اصدقائة و كاتبوا سيرته، انه نموذج فذ لشخصيه عملاقه من صنع الاسلام، انه البطل صلاح الدين الايوبى محرر القدس من الصليبيين و بطل معركه حطين.


فالي سيرتة و مواقف من حياتة كما يرويها صاحب و فيات الاعيان احمد بن خلكان، و القاضى بهاء الدين بن شداد صاحب كتاب “سيره صلاح الدين” و بن الاثير فكتابة “الكامل”.


نسبة و نشاته


هو ابو المظفر يوسف بن ايوب بن شاذى الملقب بالملك الناصر صلاح الدين.


اتفق اهل التاريخ علي ان اباة و اهلة من (دوين) و هى بلده فاخر اذربيجان و انهم اكراد روادية، و الرواديه بطن من الهذبانية، و هى قبيله كبيره من الاكراد.


يقول احمد بن خلكان: قال لى رجل فقية عارف بما يقول و هو من اهل دوين ان علي باب دوين قريه يقال لها (اجدانقان) و كل اهلها اكراد رواديه و كان شاذى جد صلاح الدين ربما اخذ و لدية اسد الدين شيركوة و نجم الدين ايوب و خرج بهما الي بغداد و من هنالك نزلوا تكريت و ما ت شاذى فيها و علي قبرة قبه داخل البلد.


ولد صلاح الدين سنه 532ة بقلعه تكريت لما كان ابوة و عمة فيها و الظاهر انهم ما اقاموا فيها بعد و لاده صلاح الدين الا لمدة يسيرة، و لكنهم خرجوا من تكريت فبقيه سنه 532ة التي و لد بها صلاح الدين او فسنه ثلاث و ثلاثين لانهما اقاما عند عماد الدين زنكى بالموصل بعدها لما حاصر دمشق و بعدين بعلبك و اخذها رتب بها نجم الدين ايوب و هذا فاوائل سنه اربع و ثلاثين.


يقول بن خلكان: اخبرنى بعض اهل بيتهم و ربما سالتة هل تعرف متي خرجوا من تكريت فقال سمعت جماعه من اهلنا يقولون انهم اخرجوا منها فالليله التي و لد بها صلاح الدين فتشاءموا بة و تطيروا منة فقال بعضهم لعل فية الخيره و ما تعلمون فكان كما قال و الله اعلم.


ولم يزل صلاح الدين تحت كنف ابية حتي ترعرع و لما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين زنكى دمشق لازم نجم الدين ايوب خدمتة و ايضا و لدة صلاح الدين و كانت مخايل السعاده علية لائحه و النجابه تقدمة من حاله الي حاله و نور الدين يري له و يؤثرة و منة تعلم صلاح الدين طرائق الخير و فعل المعروف و الاجتهاد فامور الجهاد.


صلاح الدين فمصر


هرب الوزير الفاطمى شاور من مصر من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمى المنذرى لما استولي علي الدوله المصريه و قهرة و اخذ مكانة فالوزاره كعادتهم فذلك و قتل و لدة الاكبر طى بن شاور فتوجة شاور الي الشام مستغيثا بالملك العادل نور الدين بن زنكى و هذا فشهر رمضان 558ة و دخل دمشق فالثالث و العشرين من ذى القعده من السنه نفسها فوجة نور الدين معة الامير اسد الدين شيركوة بن شاذى فجماعه من عسكرة كان صلاح الدين فجملتهم فخدمه عمة و هو كارة للسفر معهم و كان لنور الدين فارسال ذلك الجيش هدفان:


احدهما: قضاء حق شاور لكونة قصدة و دخل علية مستصرخا.


والثاني: انه اراد استعلام احوال مصر فانة كان يبلغة انها ضعيفه من جهه الجند و احوالها فغايه الاختلال فقصد الكشف عن حقيقه ذلك.


وكان كثير الاعتماد علي شيركوة لشجاعتة و معرفتة و امانتة فانتدبة لذا و جعل اسد الدين شيركوة ابن اخية صلاح الدين مقدم عسكرة و شاور معهم فخرجوا من دمشق فجمادي الاولي سنه 559ة فدخلوا مصر و استولوا علي الامر فرجب من السنه نفسها.


ولما و صل اسد الدين و شاور الي الديار المصريه و استولوا عليها و قتلوا الضرغام و حصل لشاور مقصوده و عاد الي منصبة و تمهدت قواعدة و استمرت امورة غدر باسد الدين شيركوة و استنجد بالافرنج علية فحاصروة فبلبيس، و كان اسد الدين ربما شاهد البلاد و عرف احوالها و انها مملكه بغير رجال تمشى الامور بها بمجرد الايهام و المحال فطمع بها و عاد الي الشام، و اقام اسد الدين بالشام لمدة مفكرا فتدبير عودتة الي مصر محدثا نفسة بالملك لها مقررا قواعد هذا مع نور الدين الي سنه 562ه


وبلغ نور الدين و اسد الدين مكاتبه الوزير الخائن شاور للفرنج و ما تقرر بينهم فخافا علي مصر ان يملكوها و يملكوا بطريقها كل البلاد فتجهز اسد الدين و انفذ معة نور الدين العساكر و صلاح الدين فخدمه عمة اسد الدين، و كان و صول اسد الدين الي البلاد مقارنا لوصول الافرنج اليها و اتفق شاور و المصريون باسرهم و الافرنج علي اسد الدين و جرت حروب كثيرة.


وتوجة صلاح الدين الي الاسكندريه فاحتمي فيها و حاصرة الوزير شاور فجمادي الاخره من سنه 562ة بعدها عاد اسد الدين من جهه الصعيد الي بلبيس و تم الصلح بينة و بين المصريين و سيروا له صلاح الدين فساروا الي الشام.


ثم ان اسد الدين عاد الي مصر مره ثالثه و كان اسباب هذا ان الافرنج جمعوا فارسهم و راجلهم و خرجوا يريدون مصر ناكثين العهود مع المصريين و اسد الدين طمعا فالبلاد فلما بلغ هذا اسد الدين و نور الدين لم يسعهما الصبر فسارعا الي مصر اما نور الدين فبالمال و الرجال و لم يمكنة المسير بنفسة خوفا علي البلاد من الافرنج، و اما اسد الدين فبنفسة و ما له و اخوتة و اهلة و رجاله


يقول بن شداد: لقد قال لى السلطان صلاح الدين قدس الله روحة كنت اكرة الناس للخروج فهذة الدفعه و ما خرجت مع عمى باختيارى و ذلك معني قولة تعالي {وعسي ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم} (البقرة:216)


وكان شاور لما احس بخروج الافرنج الي مصر سير الي اسد الدين يستصرخة و يستنجدة فخرج مسرعا و كان و صولة الي مصر فشهر ربيع الاول سنه 564ة و لما علم الافرنج بوصول اسد الدين الي مصر علي اتفاق بينة و بين اهلها رحلوا راجعين علي اعقابهم ناكصين و اقام اسد الدين فيها يتردد الية شاور فالاحيان و كان و عدهم بمال فمقابل ما خسروة من النفقه فلم يوصل اليهم شيئا و علم اسد الدين ان شاور يلعب بة تاره و بالافرنج اخرى،وتحقق انه لا سبيل الي الاستيلاء علي البلاد مع بقاء شاور فاجمع راية علي القبض علية اذا خرج اليه، فقتلة و اصبح اسد الدين و زيرا و هذا فسابع عشر ربيع الاول سنه 564ة و دام امرا و ناهيا و صلاح الدين يباشر الامور مقررا لها لمكان كفايتة و درايتة و حسن راية و سياستة الي الثاني و العشرين من جمادي الاخره من السنه نفسها فمات اسد الدين.


وذكر المؤرخون ان اسد الدين لما ما ت استقرت الامور بعدة للسلطان صلاح الدين يوسف بن ايوب فبذل الاموال و ملك قلوب الرجال و هانت عندة الدنيا فملكها و شكر نعمه الله تعالي عليه، و اعرض عن سبب اللهو و تقمص بقميص الجد و الاجتهاد، استعدادا لمواجهات مستمره مع الصليبيين من جهه و مع خزعبلات الدوله الفاطميه من جهه اخرى.


هجوم الافرنج علي مصر


ولما علم الافرنج استقرار الامر بمصر لصلاح الدين علموا انه يملك بلادهم و يخرب ديارهم و يقلع اثارهم لما حدث له من القوه و الملك و اجتمع الافرنج و الروم جميعا و قصدوا الديار المصريه فقصدوا دمياط و معهم الات الحصار و ما يحتاجون الية من العدد، و لما راي نور الدين ظهور الافرنج و نزولهم علي دمياط قصد شغلهم عنها فنزل علي الكرك محاصرا لها، فقصدة فرنج الساحل فرحل عنها و قصد لقاءهم فلم يقفوا له.


ولما بلغ صلاح الدين قصد الافرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال و جمع الالات اليها و وعدهم بالامداد بالرجال ان نزلوا عليهم و بالغ فالعطايا و الهبات و كان و زيرا متحكما لا يرد امرة فشيء بعدها نزل الافرنج عليها و اشتد زحفهم و قتالهم عليها و هو يشن عليهم الغارات من خارج و العسكر يقاتلهم من داخل و نصر الله تعالي المسلمين بة و بحسن تدبيرة فرحلوا عنها خائبين فاحرقت مناجيقهم و نهبت الاتهم و قتل من رجالهم عدد كبير.


تاسيس الدوله الايوبية


واستقرت الامور لصلاح الدين و نقل اسرتة و والدة نجم الدين ايوب اليها ليتم له السرور و تكون قصتة مشابهه لقصه يوسف الصديق علية السلام، و لم يزل صلاح الدين و زيرا حتي ما ت العاضد احدث الخلفاء الفاطميين 565ة و بذلك انتهت الدوله الفاطميه و بدات دوله بنى ايوب (الدوله الايوبية).


ولقب صلاح الدين بالملك الناصر و عاد الي دار اسد الدين فاقام بها، و ثبت قدم صلاح الدين و رسخ ملكه.


وارسل صلاح الدين يطلب من نور الدين ان يرسل الية اخوتة فلم يجبة الي هذا و قال اخاف ان يخالف احد منهم عليك فتفسد البلاد، بعدها ان الافرنج اجتمعوا ليسيروا الي مصر فسير نور الدين العساكر و فيهم اخوه صلاح الدين منهم شمس الدوله توران شاة بن ايوب، و هو اكبر من صلاح الدين.


و ذكر ابن الاثير ما حدث من الوحشه بين نور الدين و صلاح الدين باطنا فقال: و فسنه 567ة حدث ما اوجب نفره نور الدين عن صلاح الدين و كان الحادث ان نور الدين ارسل الي صلاح الدين يامرة بجمع العساكر المصريه و المسير فيها الي بلد الافرنج و النزول علي الكرك و محاصرتة ليجمع هو كذلك عساكرة و يسير الية و يجتمعا هنالك علي حرب الافرنج و الاستيلاء علي بلادهم فبرز صلاح الدين من القاهره فالعشرين من المحرم و كتب الي نور الدين يعرفة ان رحيلة لا يتاخر و كان نور الدين ربما جمع عساكرة و تجهز و اقام ينتظر و رود الخبر من صلاح الدين برحيلة ليرحل هو فلما اتاة الخبر بذلك رحل من دمشق عازما علي قصد الكرك فوصل الية و اقام ينتظر و صول صلاح الدين الية فارسل كتابة يعتذر فية عن الوصول باختلال البلاد المصريه لامور بلغتة عن بعض شيعه العلويين و انهم عازمون علي الوثوب فيها و انه يخاف عليها مع البعد عنها فعاد اليها فلم يقبل نور الدين عذره، و كان اسباب تقاعدة ان اصحابة و خواصة خوفوة من الاجتماع بنور الدين فحيث لم يمتثل امر نور الدين شق هذا علية و عظم عندة و عزم علي الدخول الي مصر و اخراج صلاح الدين عنها.


ووصل الخبر الي صلاح الدين فجمع اهلة و فيهم و الدة نجم الدين ايوب و خالة شهاب الدين الحارمى و معهم سائر الامراء و اعلمهم ما بلغة عن عزم نور الدين علي قصدة و اخذ مصر منة و استشارهم فلم يجبة احد منهم بشيء فقام تقى الدين عمر ابن اخى صلاح الدين و قال اذا جاء قاتلناة و صددناة عن البلاد و وافقة غيرة من اهلة فشتمهم نجم الدين ايوب و انكر هذا و استعظمة و كان ذا راى و مكر و عقل و قال لتقى الدين اقعد و سبة و قال لصلاح الدين انا ابوك و ذلك شهاب الدين خالك اتظن ان فهؤلاء كلهم من يحبك و يريد لك الخير مثلنا فقال لا فقال و الله لو رايت انا و ذلك خالك شهاب الدين نور الدين لم يمكنا الا ان نترجل له و نقبل الارض بين يدية و لو امرنا ان نضرب عنقك بالسيف لفعلنا فاذا كنا نحن كذا كيف يصبح غيرنا و جميع من تراة من الامراء و العساكر لو راي نور الدين و حدة لم يتجاسر علي الثبات علي سرجة و لا و سعة الا النزول و تقبيل الارض بين يدية و هذة البلاد له و ربما اقامك بها و ان اراد عزلك فاى حاجه له الي المجيء يامرك بكتاب مع نجاب حتي تقصد خدمتة و يولى بلادة من يريد و قال للجماعه كلهم قوموا عنا و نحن مماليك نور الدين و عبيدة يفعل بنا ما يريد فتفرقوا علي ذلك و كتب اكثرهم الي نور الدين بالخبر.


ولما خلا ايوب بابنة صلاح الدين قال له انت جاهل قليل المعرفه تجمع ذلك الجمع العديد و تطلعهم علي ما فنفسك فاذا سمع نور الدين انك عازم علي منعة عن البلاد جعلك اهم الامور الية و اولاها بالقصد و لو قصدك لم تر معك احدا من ذلك العسكر و كانوا اسلموك الية و اما الان بعد ذلك المجلس فسيكتبون الية و يعرفونة قولى و تكتب انت الية و ترسل فالمعني و تقول اي حاجه الي قصدى يجبى نجاب ياخذنى بحبل يضعة فعنقى فهو اذا سمع ذلك عدل عن قصدك و استخدم ما هو اهم عندة و الايام تندرج و الله فكل و قت فشان و الله لو اراد نور الدين قصبه من قصب سكرنا لقاتلتة انا عليها حتي امنعة او اقتل ففعل صلاح الدين ما اشار بة و الدة فلما راي نور الدين الامر كذا عدل عن قصدة و كان الامر كما قال نجم الدين ايوب و توفى نور الدين و لم يقصدة و ذلك كان من اقوى الاراء و اجودها.


توسع الدوله الايوبية


قال ابن شداد: لم يزل صلاح الدين علي قدم بسط العدل و نشر الاحسان و افاضه الانعام علي الناس الي سنه 568ة فعند هذا خرج بالعسكر يريد بلاد الكرك و الشوبك و انما بدا فيها لانها كانت اقرب الية و كانت فالطريق تمنع من يقصد الديار المصريه و كان لا ممكن ان تعبر قافله حتي يظهر هو بنفسة يعبرها فاراد توسيع الطريق و تسهيلها فحاصرها فهذة السنه و جري بينة و بين الافرنج و قعات و عاد و لم يظفر منها بشيء و لما عاد بلغة خبر و فاه و الدة نجم الدين ايوب قبل و صولة اليه.


ولما كانت سنه 569ة راي قوه عسكرة و كثره عددة و كان بلغة ان باليمن انسانا استولي عليها و ملك حصونها يسمي عبدالنبى بن مهدى فسير اخاة توران شاة فقتلة و اخذ البلاد منة و بلغ صلاح الدين ان انسانا يقال له الكنز جمع باسوان خلقا عظيما من السودان و زعم انه يعيد الدوله المصريه و كان اهل مصر يؤثرون عودهم فانضافوا الي الكنز، فجهز صلاح الدين الية جيشا كثيفا و جعل مقدمة اخاة الملك العادل و ساروا فالتقوا و هزموهم و هذا فالسابع من صفر سنه 570ه.


وكان نور الدين رحمة الله ربما خلف و لدة الملك الصالح اسماعيل و كان بدمشق عند و فاه ابية بعدها ان صلاح الدين بعد و فاه نور الدين علم ان و لدة الملك الصالح صبى لا يستقل بالامر و لا ينهض باعباء الملك و اختلفت الاحوال بالشام و كاتب شمس الدين ابن المقدم صلاح الدين فتجهز من مصر فجيش كثيف و ترك فيها من يحفظها و قصد دمشق مظهرا انه يتولي مصالح الملك الصالح فدخلها فسنه 570ة و تسلم قلعتها و كان اول دخولة دار ابيه، و هى الدار المعروفه بالشريف العقيقي، و اجتمع الناس الية و فرحوا بة و انفق فذلك اليوم ما لا جليلا و اظهر السرور بالدمشقيين و صعد القلعه و سار الي حلب فنازل حمص و اخذ مدينتها فجمادي الاولي من السنه نفسها و لم يشتغل بقلعتها و توجة الي حلب و نازلها فيوم الجمعه احدث جمادي الاولي من السنه و هى المعركه الاولى.


ولما احس سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكى صاحب الموصل بما جري علم ان صلاح الدين ربما استفحل امرة و عظم شانة و خاف ان غفل عنة استحوذ علي البلاد و استقرت قدمة فالملك و تعدي الامر الية فانفذ عسكرا و افرا و جيشا عظيما و قدم علية اخاة عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود و ساروا يريدون لقاءة ليردوة عن البلاد فلما بلغ صلاح الدين هذا رحل عن حلب فمستهل رجب من السنه عائدا الي حماه و رجع الي حمص فاخذ قلعتها و وصل عز الدين مسعود الي حلب و اخذ معة عسكر ابن عمة الملك الصالح بن نور الدين صاحب حلب يومئذ و خرجوا فجمع عظيم فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتي و افاهم علي قرون حماه و راسلهم و راسلوة و اجتهد ان يصالحوة فما صالحوة و راوا ان ضرب المصاف معة قد نالوا بة غرضهم و القضاء يجر الي امور و هم فيها لا يشعرون فتلاقوا فقضي الله تعالي ان هزموا بين يدية و اسر جماعه منهم فمن عليهم و هذا فتاسع شهر رمضان من سنة570 ة عند قرون حماه بعدها سار عقيب هزيمتهم و نزل علي حلب و هى الدفعه الثانيه فصالحوة علي اخذ المعره و كفر طاب و بارين و لما جرت هذة المعركه كان سيف الدين غازى يحاصر اخاة عماد الدين زنكى صاحب سنجار و عزم علي اخذها منة لانة كان ربما انتمي الي صلاح الدين و كان ربما قارب اخذها فلما بلغة الخبر و ان عسكرة انكسر خاف ان يبلغ اخاة عماد الدين الخبر فيشتد امرة و يقوي جاشة فراسلة و صالحة بعدها سار من و قتة الي نصيبين و اهتم بجمع العساكر و الانفاق بها و سار الي البيره و عبر الفرات و خيم علي الجانب الشامى و راسل ابن عمة الصالح بن نور الدين صاحب حلب حتي تستقر له قاعده يصل عليها بعدها انه و صل الي حلب و خرج الملك الصالح الي لقائة اقام علي حلب مدة.


المواجهه مع الافرنجة


فى سنه 572ة اسقرت الامور بمصر و الشام للدوله الايوبية، و كان اخو صلاح الدين شمس الدوله توران شاة ربما و صل الية من اليمن فاستخلفة بدمشق بعدها تاهب للغزاه من الافرنجة، فخرج يطلب الساحل حتي و افي الافرنج علي الرمله و هذا فاوائل جمادي الاولي سنه 573ة و كانت الهزيمه علي المسلمين فذلك اليوم، فلما انهزموا لم يكن لهم حصن قريب ياوون الية فطلبوا جهه الديار المصريه و ضلوا فالطريق و تبددوا و اسر منهم جماعه منهم الفقية عيسي الهكارى و كان هذا و هنا عظيما جبرة الله تعالي بمعركه حطين المشهورة.


اقام صلاح الدين بمصر حتي لم شعثة و شعث اصحابة من اثر هزيمه الرمله بعدها بلغة تخبط الشام فعزم علي العود الية و اهتم بالغزاه فوصلة رسول “قليج ارسلان” صاحب الروم يلتمس الصلح و يتضرر من الارمن فعزم علي قصد بلاد ابن لاون و هى بلاد سيس الفاصله بين حلب و الروم من جهه الساحل لينصر قليج ارسلان علية فتوجة الية و استدعي عسكر حلب لانة كان فالصلح انه متي استدعاة حضر الية و دخل بلد ابن لاون و اخذ فكيفية حصنا و اخربة و رغبوا الية فالصلح فصالحهم و رجع عنهم بعدها سالة قليج ارسلان فصلح الشرقيين باسرهم فاجاب الي هذا و حلف صلاح الدين فعاشر جمادي الاولي سنه ست و سبعين و خمسمائه و دخل فالصلح قليج ارسلان و المواصله و عاد بعد تمام الصلح الي دمشق بعدها منها الي مصر.


معركه حطين


كانت معركه حطين المباركه علي المسلمين فيوم السبت 14 ربيع الاخر سنه 583ة فو سط نهار الجمعه و كان صلاح الدين كثيرا ما يقصد لقاء العدو فيوم الجمعه عند الصلاه تبركا بدعاء المسلمين و الخطباء علي المنابر فسار فذلك الوقت بمن اجتمع له من العساكر الاسلاميه و كانت تجاوز العد و الحصر علي تعبئه حسنه و هيئه رائعة و كان ربما بلغة عن العدو انه اجتمع فعده كثيره بمرج صفوريه بعكا عندما بلغهم اجتماع الجيوش الاسلاميه فسار و نزل علي بحيره طبريه بعدها رحل و نزل علي طبريه علي سطح الجبل ينتظر هجوم الصليبيين علية اذا بلغهم نزولة بالموضع المذكور فلم يتحركوا و لا خرجوا من منزلهم و كان نزولهم يوم الاربعاء 21ربيع الاخر فلما راهم لا يتحركون نزل علي طبريه و هاجمها و اخذها فساعه و احده و بقيت القلعه محتميه بمن بها و لما بلغ العدو ما جري علي طبريه قلقوا لذا و رحلوا نحوها فبلغ السلطان هذا فترك علي طبريه من يحاصر قلعتها و لحق بالعسكر فالتقي بالعدو علي سطح جبل طبريه الغربى منها و هذا فيوم الخميس 22 ربيع الاخر و حال الليل بين المعسكرين قياما علي مصاف الي بكره يوم الجمعه فركب الجيشان و تصادما و التحم القتال و اشتد الامر و هذا بارض قريه تعرف بلوبيا و ضاق الخناق بالعدو و هم سائرون كانهم يساقون الي الموت و هم ينظرون و ربما ايقنوا بالويل و الثبور و احست نفوسهم انهم فغد يومهم هذا من زوار القبور و لم تزل الحرب تضطرم و الفارس مع قرنة يصطدم و لم يبق الا الظفر و وقع الوبال علي من كفر فحال بينهم الليل بظلامة و بات جميع و احد من الفريقين فسلاحة الي صبيحه يوم السبت فطلب جميع من الفريقين مقامة و تحقق المسلمون ان من و رائهم الاردن و من بين ايديهم بلاد العدو و انهم لا ينجيهم الا الاجتهاد فالجهاد فحملت جيوش المسلمين من كل الجوانب و حمل القلب و صاحوا صيحه رجل و احد فالقي الله الرعب فقلوب الكافرين و كان حقا علية نصر المؤمنين و لما احس القوم بالخذلان هرب منهم فاوائل الامر و قصد جهه صور و تبعة جماعه من المسلمين فنجا منهم و كفي الله شرة و احاط المسلمون بالصليبيين من جميع جانب و اطلقوا عليهم السهام و حكموا فيهم السيوف و سقوهم كوب الحمام و انهزمت طائفه منهم فتبعها ابطال المسلمين فلم ينج منها احد و اعتصمت طائفه منهم بتل يقال له تل حطين و هى قريه عندها قبر النبى شعيب علية السلام فضايقهم المسلمون و اشعلوا حولهم النيران و اشتد بهم العطش و ضاق بهم الامر حتي كانوا يستسلمون للامر خوفا من القتل لما مر بهم فاسر مقدموهم و قتل الباقون.


وكان ممن سلم من مقدميهم الملك جفرى و اخوة و البرنس ارناط صاحب الكرك و الشوبك و ابن الهنفرى و ابن صاحبه طبريه و مقدم الديويه و صاحب جبيل و مقدم الاسبتار.


قال ابن شداد: و لقد حكى لى من اثق بة انه راي بحوران شخصا و احدا معة نيف و ثلاثون اسيرا ربما ربطهم بوتد خيمه لما و قع عليهم من الخذلان.


واما ارناط فان صلاح الدين كان ربما نذر انه ان ظفر بة قتلة و هذا لانة كان ربما عبر بة عند الشوبك قوم من مصر فحال الصلح فغدر بهم و قتلهم فناشدوة الصلح الذي بينة و بين المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبى (صلي الله علية و سلم) و بلغ السلطان فحملتة حميتة و دينة علي ان يهدر دمه.


من مواقف صلاح الدين


لما فتح الله تعالي علية بنصرة فحطين جلس صلاح الدين فدهليز الخيمه لانها لم تكن نصبت بعد و عرضت علية الاساري و سار الناس يتقربون الية بمن فايديهم منهم و هو فرح بما فتح الله تعالي علي يدة للمسلمين و نصبت له الخيمه فجلس بها شاكرا للة تعالي علي ما انعم بة علية و استحضر الملك جفرى و اخاة و ارناط و ناول السلطان جفرى شربه من جلاب و ثلج فشرب منها و كان علي اشد حال من العطش بعدها ناولها لارناط و قال السلطان للترجمان قل للملك انت الذي سقيتة و الا انا فما سقيتة و كان من رائع عاده العرب و كريم اخلاقهم ان الاسير اذا طعام او شرب من ما ل من اسرة امن فقصد السلطان بقولة هذا بعدها امر بمسيرهم الي موضع عينة لهم فمضوا بهم الية فاكلوا شيئا بعدها عادوا بهم و لم يبق عندة سوي بعض الخدم فاستحضرهم و اقعد الملك فدهليز الخيمة.


واحضر صلاح الدين ارناط و اوقفة بين يدية و قال له: ها انا انتصر لمحمد منك بعدها عرض علية الاسلام فلم يفعل فسل سيفة فضربة فيها فحل كتفة و تمم قتلة من حضر و اخرجت جثتة و رميت علي باب الخيمة،فلما راة الملك علي تلك الحال لم يشك فانه يلحقة بة فاستحضرة و طيب قلبة و قال له لم تجر عاده الملوك ان يقتلوا الملوك و اما ذلك فانة تجاوز الحد و تجرا علي الانبياء صلوات الله عليهم و بات الناس فتلك الليله علي اتم سرور ترتفع اصواتهم بحمد الله و شكرة و تهليلة و ت كبار حتي طلع الفجر بعدها نزل السلطان علي طبريه يوم الاحد الخامس و العشرين من شهر ربيع الاخر و تسلم قلعتها فذلك النهار و اقام عليها الي يوم الثلاثاء.


تحرير عكا و ما حولها


ورحل صلاح الدين طالبا عكا فكان نزولة عليها يوم الاربعاء و قاتل الصليبيين فيها بكره يوم الخميس مستهل جمادي الاولي سنه 583ة فاخذها و استنقذ من كان فيها من اساري المسلمين و كانوا اكثر من اربعه الاف نفس و استولي علي ما بها من الاموال و الذخائر و البضائع لانها كانت مظنه التجار و تفرقت العساكر فبلاد الساحل ياخذون الحصون و القلاع و الاماكن المنيعه فاخذوا نابلس و حيفا و قيساريه و صفوريه و الناصره و كان هذا لخلوها من الرجال لان القتل و الاسر افني كثيرا منهم و لما استقرت قواعد عكا و قسم اموالها و اساراها سار يطلب تبنين فنزل عليها يوم الاحد حادى عشر جمادي الاولي و هى قلعه منيعه فنصب عليها المناجيق و ضيق بالزحف خناق من فيها، فقاتلوا قتالا شديدا و نصرة الله سبحانة عليهم فتسلمها منهم يوم الاحد ثامن عشره عنوه و اسر من بقى بها بعد القتل بعدها رحل عنها الي صيدا فنزل عليها و تسلمها فغد يوم نزولة عليها و هو يوم الاربعاء العشرون من جمادي الاولي و اقام عليها ريثما قرر قواعدها و سار حتي اتي بيروت فنازلها ليله الخميس الثاني و العشرين من جمادي الاولي و ركب عليها المجانيق و داوم الزحف و القتال حتي اخذها فيوم الخميس التاسع و العشرين من الشهر المذكور و تسلم اصحابة جبيل و هو علي بيروت، و لما فرغ من ذلك الجانب راي ان قصدة عسقلان اولي لانها ايسر من صور فاتي عسقلان و نزل عليها يوم الاحد السادس عشر من جمادي الاخره من السنه و تسلم فكيفية اليها مواضع كثيره كالرمله و الداروم و اقام فعسقلان المناجيق و قاتلها قتالا شديدا و تسلمها فيوم السبت نهايه جمادي الاخره من السنه و اقام عليها الي ان تسلم اصحابة غزه و بيت =جبريل و النطرون بغير قتال و كان بين فتح عسقلان و اخذ الافرنج لها من المسلمين خمس و ثلاثون سنه فانهم كانوا اخذوها من المسلمين فالسابع و العشرين من جمادي الاخره سنه 548ه.


تحرير القدس


قال ابن شداد: لما تسلم صلاح الدين عسقلان و الاماكن المحيطه بالقدس شمر عن ساق الجد و الاجتهاد فقصد القدس المبارك و اجتمعت الية العساكر التي كانت متفرقه فالساحل فسار نحوة معتمدا علي الله تعالي مفوضا امرة الية منتهزا الفرصه ففتح باب الخير الذي حث علي انتهازة بقولة من فتح له باب خير فلينتهزة فانة لا يعلم متي يغلق دونة و كان نزولة علية فيوم الاحد الخامس عشر من رجب سنه 583ة و كان نزولة بالجانب الغربى و كان معة من كان مشحونا بالمقاتله من الخياله و الرجاله و حزر اهل الخبره ممن كان معة من كان فية من المقاتله فكانوا يزيدون علي ستين الفا خارجا عن النساء و الصبيان بعدها انتقل لمصلحه راها الي الجانب الشمالى فيوم الجمعه العشرين من رجب و نصب المناجيق و ضايق البلد بالزحف و القتال حتي اخذ النقب فالسور مما يلى و ادى جهنم و لما راي اعداء الله الصليبيون ما نزل بهم من الامر الذي لا مدفع له عنهم و ظهرت لهم امارات فتح المدينه و ظهور المسلمين عليهم و كان ربما اشتد روعهم لما جري علي ابطالهم و حماتهم من القتل و الاسر و علي حصونهم من التخريب و الهدم و تحققوا انهم صائرون الي ما صار اولئك الية فاستكانوا و اخلدوا الي طلب الامان و استقرت الامور بالمراسله من الطائفتين و كان تسلمة فيوم الجمعه السابع و العشرين من رجب و ليلتة كانت ليله المعراج المنصوص عليها فالقران الكريم فانظر الي ذلك الاتفاق العجيب كيف يسر الله تعالي عودة الي المسلمين فمثل زمان الاسراء بنبيهم و هذة علامه قبول هذة الطاعه من الله تعالي و كان فتحة عظيما شهدة من اهل العلم خلق و من ارباب الخرق و الزهد عالم و هذا ان الناس لما بلغهم ما يسرة الله تعالي علي يدة من فتوح الساحل و قصدة القدس قصدة العلماء من مصر و الشام بحيث لم يتخلف احد منهم و ارتفعت الاصوات بالضجيج بالدعاء و التهليل و التكبير و صليت فية الجمعه يوم فتحة و خطب القاضى محيى الدين محمد بن على المعروف بابن الزكي.


وقد كتب عماد الدين الاصبهانى رساله ففتح القدس،وجمع كتابا سماة الفتح القسى فالفتح القدسى و هو فمجلدين ذكر فية كل ما جري فهذة الواقعة.


وكان ربما حضر الرشيد ابو محمد عبدالرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسى الشاعر المشهور ذلك الفتح فانشد السلطان صلاح الدين قصيدتة التي اولها:


هذا الذي كانت الامال تنتظر*****فليوف للة اقوام بما نذروا


وهى طويله تزيد علي ما ئه بيت =يمدحة و يهنية بالفتح.


يقول بهاء الدين بن شداد فالسيره الصلاحية: نكس الصليب الذي كان علي قبه الصخره و كان شكلا عظيما و نصر الله الاسلام علي يدة نصرا عزيزا ، و كان الافرنج ربما استولوا علي القدس سنه 492ة و لم يزل بايديهم حتي استنقذة منهم صلاح الدين، و كانت قاعده الصلح انهم قطعوا علي انفسهم عن جميع رجل عشرين دينارا و عن جميع امراه خمسه دنانير صوريه و عن جميع صغير ذكر او انثي دينارا و احدا فمن احضر قطيعتة نجا بنفسة و الا اخذ اسيرا و افرج عمن كان بالقدس من اسري المسلمين و كانوا خلقا عظيما و اقام بة يجمع الاموال و يفرقها علي الامراء و الرجال و يحبو فيها الفقهاء و العلماء و الزهاد و الوافدين علية و تقدم بايصال من قام بقطيعتة الي ما منة و هى مدينه صور و لم يرحل عنة و معة من المال الذي جبى له شيء و كان يقارب ما ئتى الف دينار و عشرين الفا و كان رحيلة عنة يوم الجمعه الخامس و العشرين من شعبان من سنه 583ه


حصار صور


يقول بن شداد: لما فتح صلاح الدين القدس حسن عندة قصد صور و علم انه ان احدث امرها قد عسر علية فسار نحوها حتي اتي عكا فنزل عليها و نظر فامورها بعدها رحل عنها متوجها الي صور فيوم الجمعه خامس شهر رمضان من السنة(583) فنزل قريبا منها و سير لاحضار الات القتال و لما تكاملت عندة نزل عليها فثاني عشر الشهر المذكور و قاتلها و ضايقها قتالا عظيما و استدعي اسطول مصر فكان يقاتلها فالبر و البحر بعدها سير من حاصر هونين فسلمت فالثالث و العشرين من شوال من السنة، بعدها خرج اسطول صور فالليل فهاجم اسطول المسلمين و اخذوا المقدم و الريس و خمس قطع للمسلمين و قتلوا خلقا كثيرا من رجال المسلمين و هذا فالسابع و العشرين من الشهر المذكور و عظم هذا علي السلطان و ضاق صدرة و كان الشتاء ربما هجم و تراكمت الامطار و امتنع الناس من القتال لكثره الامطار فجمع الامراء و استشارهم فيما يفعل فاشاروا علية بالرحيل لتستريح الرجال و يجتمعوا للقتال فرحل عنها و حملوا من الات الحصار ما امكن و احرقوا الباقى الذي عجزوا عن حملة لكثره الوحل و المطر و كان رحيلة يوم الاحد ثاني ذى القعده من السنه و تفرقت العساكر و اعطي جميع طائفه منها دستورا و سار جميع قوم الي بلادهم و اقام هو مع جماعه من خواصة بمدينه عكا الي ان دخلت سنه 584ه


ثم نزل علي كوكب فاوائل المحرم من السنه و لم يبق معة من العسكر الا القليل و كان حصنا حصينا و فية الرجال و الاقوات فعلم انه لا يؤخذ الا بقتال شديد فرجع الي دمشق، و اقام بدمشق خمسه ايام. بعدها بلغة ان الافرنج قصدوا جبيل و اغتالوها فخرج مسرعا و كان ربما سير يستدعى العساكر من كل المواضع و سار يطلب جبيل فلما عرف الافرنج بخروجة كفوا عن ذلك.


بقيه فتوح الشام


قال ابن شداد فالسيرة: لما كان يوم الجمعه رابع جمادي الاولي من سنه 584ة دخل السلطان بلاد العدو علي تعبيه حسنه و رتب الاطلاب و سارت الميمنه اولا و مقدمها عماد الدين زنكى و القلب فالوسط و الميسره فالاخير و مقدمها مظفر الدين ابن زين الدين فوصل الي انطرسوس ضاحى نهار الاحد سادس جمادي الاولي فوقف قبالتها ينظر اليها لان قصدة كان جبله فاستهان بامرها و عزم علي قتالها فسير من رد الميمنه و امرها بالنزول علي جانب البحر و الميسره علي الجانب الاخر و نزل هو موضعة و العساكر محدقه فيها من البحر الي البحر و هى مدينه راكبه علي البحر و لها برجان كالقلعتين فركبوا و قاربوا البلد و زحفوا و اشتد القتال و باغتوها فما استتم نصب الخيام حتي صعد المسلمون سورها و اخذوها بالسيف و غنم المسلمون كل من فيها و ما فيها و احرق البلد و اقام عليها الي رابع عشر جمادي الاولي و سلم احد البرجين الي مظفر الدين فما زال يحاربة حتي اخربة و اجتمع بة و لدة الملك الظاهر لانة كان ربما طلبة فجاءة فعسكر عظيم، بعدها سار يريد جبله و كان و صولة اليها فثاني عشر جمادي الاولي و ما استتم نزول العسكر عليها حتي اخذ البلد و كان فية مسلمون مقيمون و قاض يحكم بينهم و قوتلت القلعه قتالا شديدا بعدها سلمت بالامان فيوم السبت تاسع عشر جمادي الاولي من السنه و اقام عليها الي الثالث و العشرين منه، بعدها سار عنها الي اللاذقيه و كان نزولة عليها يوم الخميس الرابع و العشرين من جمادي الاولي و هو بلد مليح خفيف علي القلب غير مسور و له ميناء مشهور و له قلعتان متصلتان علي تل يشرف علي البلد و اشتد القتال الي احدث النهار فاخذ البلد دون القلعتين و غنم الناس منة غنيمه عظيمه لانة كان بلد التجار و جدوا فامر القلعتين بالقتال و النقوب حتي بلغ طول النقب ستين ذراعا و عرضة اربعه اذرع فلما راي اهل القلعتين الغلبه لاذوا بطلب الامان و هذا فعشيه يوم الجمعه الخامس و العشرين من الشهر و التمسوا الصلح علي سلامه نفوسهم و زراريهم و نسائهم و اموالهم ما خلا الذخائر و السلاح و الات الحرب فاجابهم الي هذا و رفع العلم الاسلامى عليها يوم السبت و اقام عليها الي يوم الاحد السابع و العشرين من جمادي الاولي فرحل عنها الي صهيون فنزل عليها يوم الثلاثاء التاسع و العشرين من الشهر و اجتهد فالقتال فاخذ البلد يوم الجمعه ثاني جمادي الاخره بعدها تقدموا الي القلعه و صدقوا القتال فلما عاينوا الهلاك طلبوا الامان فاجابهم الية بحيث يؤخذ من الرجل عشره دنانير و من المراه خمسه دنانير و من جميع صغير ديناران الذكر و الانثي سواء و اقام السلطان بهذة الجهه حتي اخذ عده قلاع منها بلاطنس و غيرها من الحصون المنيعه المتعلقه بصهيون، بعدها رحل عنها و اتي بكاس و هى قلعه حصينه علي العاصى و لها نهر يظهر من تحتها و كان النزول عليها يوم الثلاثاء سادس جمادي الاخره و قاتلوها قتالا شديدا الي يوم الجمعه تاسع الشهر بعدها يسر الله فتحها عنوه فقتل اكثر من فيها و اسر الباقون و غنم المسلمون كل ما كان بها و لها قليعه تسمي الشغر و هى فغايه المنعه يعبر اليها منها بجسر و ليس عليها طريق فسلطت المناجيق عليها من كل الجوانب و راوا انهم لا ناصر لهم فطلبوا الامان و هذا يوم الثلاثاء ثالث عشر الشهر بعدها سالوا المهله ثلاثه ايام فامهلوا و كان تمام فتحها و صعود العلم السلطانى علي قلعتها يوم الجمعه سادس عشر الشهر.


ثم سار الي برزيه و هى من الحصون المنيعه فغايه القوه يضرب فيها المثل فبلاد الافرنج تحيط فيها اوديه من كل جوانبها و علوها خمسمائه و نيف و سبعون ذراعا و كان نزولة عليها يوم السبت الرابع و العشرين من الشهر بعدها اخذها عنوه يوم الثلاثاء السابع و العشرين منه.


ثم سار الي دربساك فنزل عليها يوم الجمعه ثامن رجب و هى قلعه منيعه و قاتلها قتالا شديدا و رقى العلم الاسلامى عليها يوم الجمعه الثاني و العشرين من رجب و اعطاها الامير علم الدين سليمان بن جندر و سار عنها بكره يوم السبت الثالث و العشرين من الشهر.


ونزل علي بغراس و هى قلعه حصينه بالقرب من انطاكيه و قاتلها مقاتله شديده و صعد العلم الاسلامى عليها فثاني شعبان و راسلة اهل انطاكيه فطلب الصلح فصالحهم لشده ضجر العسكر من البيكار و كان الصلح معهم لا غير علي ان يطلقوا جميع اسير عندهم و الصلح الي سبعه اشهر فان جاءهم من ينصرهم و سلموا البلد.


ثم رحل السلطان فسالة و لدة الملك الظاهر صاحب حلب ان يجتاز بة فاجابة الي هذا فوصل حلب فحادى عشر شعبان اقام بالقلعه ثلاثه ايام و ولدة يقوم بالضيافه حق القيام، و سار من حلب فاعترضة تقى الدين عمر ابن اخية و اصعدة الي قلعه حماه و صنع له طعاما و احضر له سماعا من جنس ما تعمل الصوفيه و بات بها ليله و احده و اعطاة جبله و اللاذقية، و سار علي طريق بعلبك و دخل دمشق قبل شهر رمضان بايام يسيرة، بعدها سار فاوائل شهر رمضان يريد صفد فنزل عليها و لم يزل القتال حتي تسلمها بالامان فرابع عشر شوال.


ثم سار الي كوكب و ضايقوها و قاتلوها مقاتله شديده و الامطار متواتره و الوحول متضاعفه و الرياح عاصفه و العدو متسلط بعلو مكانة فلما تيقنوا انهم ما خوذون طلبوا الامان فاجابهم الية و تسلمها منهم فمنتصف ذى القعده من السنة.


الصليبيون فعكا


بلغ صلاح الدين ان الافرنج قصدوا عكا و نزلوا عليها يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنه 585ة فاتي عكا و دخلها بغته لتقوي قلوب من فيها و استدعي العساكر من جميع ناحيه فجاءتة و كان العدو بمقدار الفى فارس و ثلاثين الف راجل بعدها تكاثر الافرنج و استفحل امرهم و احاطوا بعكا و منعوا من يدخل اليها و يظهر و هذا يوم الخميس فضاق صدر السلطان لذا بعدها اجتهد ففتح الطريق اليها لتستمر السابله بالميره و النجده و شاور الامراء فاتفقوا علي مضايقه العدو لينفتح الطريق ففعلوا هذا و انفتح الطريق و سلكة المسلمون و دخل السلطان عكا فاشرف علي امورها بعدها جري بين الفريقين مناوشات فعده ايام و تاخر الناس الي تل العياضيه و هو مشرف علي عكا و فهذة البيته توفى الامير حسام الدين طمان و هذا ليله نص شعبان من سنه خمس و ثمانين و خمسمائه و كان من الشجعان.


قال ابن شداد سمعت السلطان ينشد و ربما قيل له ان الوخم ربما عظم بمرج عكا و ان الموت ربما فشا فالطائفتين :


اقتلانى و ما لكا*****واقتلا ما لكا معي


يريد بذلك انه ربما رضى ان يتلف اذا اتلف الله اعداءه، و ذلك المنزل له اسباب يحتاج الي شرح و هذا ان ما لك بن الحارث المعروف بالاشتر النخعى كان من الشجعان و الابطال المشهورين و هو من خواص اصحاب على بن ابى طالب رضى الله عنة تماسك فيوم معركه الجمل المشهوره هو و عبد الله بن الزبير بن العوام و كان كذلك من الابطال و ابن الزبير يومئذ مع خالتة عائشه ام المؤمنين و طلحه و الزبير رضى الله عنهم اجمعين و كانوا يحاربون عليا رضى الله عنة فلما تماسكا صار جميع و احد منهما اذا قوى علي صاحبة جعلة تحتة و ركب صدرة و فعلا هذا مرارا و ابن الزبير ينشد :


اقتلانى و ما لكا*****واقتلا ما لكا معي


يريد الاشتر النخعي.


قال ابن شداد بعدها ان الافرنج جاءهم الامداد من داخل البحر و استظهروا علي الجيوش الاسلاميه بعكا و كان فيهم الامير سيف الدين على بن احمد المعروف بالمشطوب الهكارى و الامير بهاء الدين قراقوش الخادم الصلاحى و ضايقوهم اشد مضايقه الي ان غلبوا عن حفظ البلد فلما كان يوم الجمعه سابع عشر جمادي الاخره من سنه 587ة خرج من عكا رجل عوام و معة كتب من المسلمين يذكرون حالهم و ما هم فية و انهم ربما تيقنوا الهلاك و متي اخذوا البلد عنوه ضربت رقابهم و انهم صالحوا علي ان يسلموا البلد و كل ما فية من الالات و العده و الاسلحه و المراكب و ما ئتى الف دينار و خمسمائه اسير مجاهيل و ما ئه اسير معينين من جهتهم و صليب الصلبوت علي ان يظهروا بانفسهم سالمين و ما معهم من الاموال و الاقمشه المختصه بهم و زراريهم و نسائهم و ضمنوا للمركيس لانة كان الواسطه فهذا الامر اربعه الاف دينار و لما و قف السلطان علي الكتب المشار اليها انكر هذا انكارا عظيما و عظم علية ذلك الامر و جمع اهل الراى من اكابر دولتة و شاورهم فيما يصنع و اضطربت اراؤة و تقسم فكرة و تشوش حالة و عزم علي ان يكتب فتلك الليله مع العوام و ينكر عليهم المصالحه علي ذلك الوجة و هو يتردد فهذا فلم يشعر الا و ربما ارتفعت اعلام العدو و صلبانة و نارة و شعارة علي سور البلد و هذا فظهيره يوم الجمعه سابع عشر جمادي الاخره من السنه و صاح الافرنج صيحه عظيمه و احده و عظمت المصيبه علي المسلمين و اشتد حزنهم و وقع فيهم الصياح و العويل و البكاء و النحيب.


ثم ذكر ابن شداد بعد ذلك ان الافرنج خرجوا من عكا قاصدين عسقلان لياخذوها و ساروا علي الساحل و السلطان و عساكرة فقبالتهم الي ان و صلوا الي ارسوف فكان بينهما قتال عظيم و نال المسلمين منة و هن شديد بعدها ساروا علي تلك الهيئه تتمه عشر منازل من مسيرهم من عكا فاتي السلطان الرمله و اتاة من اخبرة بان القوم علي عزم عماره يافا و تقويتها بالرجال و العدد و الالات فاحضر السلطان ارباب مشورتة و شاورهم فامر عسقلان و هل الصواب خرابها ام بقاؤها فاتفقت اراؤهم ان يبقي الملك العادل فقباله العدو و يتوجة هو بنفسة و يخربها خوفا من ان يصل العدو اليها و يستولى عليها و هى عامره و ياخذ فيها القدس و تنقطع فيها طريق مصر و امتنع العسكر من الدخول و خافوا مما جري علي المسلمين بعكا و راوا ان حفظ القدس اولي فتعين خرابها من عده جهات و كان ذلك الاجتماع يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنه سبع و ثمانين و خمسمائه فسار اليها فجر الاربعاء ثامن عشر الشهر قال ابن شداد و تحدث معى فمعني خرابها بعد ان تحدث مع و لدة الملك الاروع فامرها كذلك بعدها قال لان افقد و لدى جميعهم احب الى من ان اهدم منها حجرا و لكن اذا قضي الله تعالي هذا و كان فية مصلحه للمسلمين فما الحيله فذلك قال و لما اتفق الراى علي خرابها اوقع الله تعالي فنفسة هذا و ان المصلحه فية لعجز المسلمين عن حفظها و شرع فخرابها فجر يوم الخميس التاسع عشر من شعبان من السنه و قسم السور علي الناس و جعل لكل امير و طائفه من العسكر بدنه معلومه و برجا معينا يخربونة و دخل الناس البلد و وقع فيهم الضجيج و البكاء و كان بلدا خفيفا علي القلب محكم الاسوار عظيم البناء مرغوبا فسكنة فلحق الناس علي خرابة حزن عظيم و عظم عويل اهل البلد علية لفراق اوطانهم و شرعوا فبيع ما لا يقدرون علي حملة فباعوا ما يساوى عشره دراهم بدرهم و احد و باعوا اثنى عشر طير دجاج بدرهم و احد و اختبط البلد و خرج الناس باهلهم و اولادهم الي المخيم و تشتتوا فذهب قوم منهم الي مصر و قوم الي الشام و جرت عليهم امور عظيمه و اجتهد السلطان و اولادة فخراب البلد كى لا يسمع العدو فيسرع الية و لا ممكن من خرابة و بات الناس علي اصعب حال و اشد تعب مما قاسوة فخرابها و فتلك الليله و صل من جانب الملك العادل من اخبر ان الافرنج تحدثوا معة فالصلح و طلبوا كل البلاد الساحليه فراي السلطان ان هذا مصلحه لما علم من نفس الناس من الضجر من القتال و كثره ما عليهم من الديون و كتب الية ياذن له فذلك و فوض الامر الي راية و اصبح يوم الجمعه العشرين من شعبان و هو مصر علي الخراب و استخدم الناس علية و حثهم علي العجله فية و اباحهم ما فالهرى الذي كان مدخرا للميره خوفا من هجوم الافرنج و العجز عن نقلة و امر باحراق البلد فاضرمت النيران فبيوتة و كان سورها عظيما و لم يزل الخراب يعمل فالبلد الي نهايه شعبان من السنه و اصبح يوم الاثنين مستهل شهر رمضان امر و لدة الملك الاروع ان يباشر هذا بنفسة و خواصة و لقد رايتة يحمل الخشب بنفسة لاجل الاحراق، و فيوم الاربعاء ثالث شهر رمضان اتي الرمله بعدها خرج الي “اللد” و اشرف عليها و امر بخرابها و خراب قلعه الرمله ففعل هذا و فيوم السبت ثالث عشر شهر رمضان تاخر السلطان بالعسكر الي جهه الجبل ليتمكن الناس من تسيير دوابهم لاحضار ما يحتاجون الية و دار السلطان حول النطرون و هى قلعه منيعه فامر بتخريبها و شرع الناس فذلك.


الصلح مع الصليبيين


ثم ذكر ابن شداد بعد ذلك ان الانكتار و هو من اكابر ملوك الافرنج سير رسولة الي الملك العادل يطلب الاجتماع بة فاجابة الي هذا و اجتمعا يوم الجمعه ثامن عشر شوال من السنه و تحادثا معظم هذا النهار و انفصلا عن موده اكيده و التمس الانكتار من العادل ان يسال السلطان ان يجتمع بة فذكر العادل هذا للسلطان فاستشار اكابر دولتة فذلك و وقع الاتفاق علي انه اذا جري الصلح بيننا يصبح الاجتماع بعد هذا بعدها و صل رسول الانكتار و قال ان الملك يقول انى احب صداقتك و مودتك و انت تذكر انك اعطيت هذة البلاد الساحليه لاخيك فاريد ان تكون حكما بينى و بينة و تقسم البلاد بينى و بينة و لا بد ان يصبح لنا علقه بالقدس و اطال الحديث فذلك فاجابة السلطان بوعد رائع و اذن له فالعود فالحال و تاثر لذا تاثرا عظيما قال ابن شداد و بعد انفصال الرسول قال لى السلطان متي صالحناهم لم تؤمن غائلتهم و لو حدث بى حادث الموت ما كانت تجتمع هذة العساكر و تقوي الافرنج و المصلحه ان لا نزول عن الجهاد حتي نخرجهم من الساحل او ياتينا الموت ذلك كان راية و انما غلب علي الصلح.


قال ابن شداد بعدها ترددت الرسل بينهم فالصلح و تم الصلح بينهم يوم الاربعاء الثاني و العشرين من شعبان سنه 588ة و نادي المنادى بانتظام الصلح و ان البلاد الاسلاميه و النصرانيه و احده فالامن و المسالمه فمن شاء من جميع طائفه يتردد الي بلاد الطائفه الاخري من غير خوف و لا محذور و كان يوما مشهودا نال الطائفتين فية من المسره ما لا يعلمة الا الله تعالي و ربما علم الله تعالي ان الصلح لم يكن عن مرضاتة و ايثارة و لكنة راي المصلحه فالصلح لسامه العسكر و مظاهرتهم بالمخالفه و كان مصلحه فعلم الله تعالي فانة اتفقت و فاتة بعد الصلح فلو اتفق هذا فخلال و قعاتة كان الاسلام علي خطر.


ثم اعطي للعساكر الوارده علية من البلاد البعيده برسم النجده دستورا فساروا عنة و عزم علي الحج لما فرغ بالة من هذة الجهه و تردد المسلمون الي بلادهم و جاءوا هم الي بلاد المسلمين و حملت البضائع و المتاجر الي البلاد و حضر منهم خلق كثير لزياره القدس.


اواخر ايامه


بعد الصلح سنه 588ة توجة السلطان الي القدس ليتفقد احوالها و توجة اخوة الملك العادل الي الكرك و ابنة الملك الظاهر الي حلب و ابنة الاروع الي دمشق و اقام السلطان بالقدس يقطع الناس و يعطيهم دستورا و يتاهب للمسير الي الديار المصريه و انقطع شوقة عن الحج و لم يزل ايضا الي ان صح عندة مسير مركب الانكتار متوجها الي بلادة فمستهل شوال فعند هذا قوى عزمة ان يدخل الساحل جريده يتفقد القلاع البحريه الي بانياس و يدخل دمشق و يقيم فيها اياما قلائل و يعود الي القدس و منة الي الديار المصرية.


قال ابن شداد: و امرنى صلاح الدين بالمقام فالقدس الي حين عودة لعماره ما رستان انشاة بة و تكميل المدرسه التي انشاها فية و سار منة ضاحى نهار الخميس السادس من شوال سنه ثمان و ثمانين و خمسمائه و لما فرغ من افتقاد احوال القلاع و ازاحه خللها دخل دمشق بكره الاربعاء سادس عشر شوال و بها اولادة الملك الاروع و الملك الظاهر و الملك الظافر مظفر الدين الخضر المعروف بالمشعر و اولادة الصغار و كان يحب البلد و يؤثر الاقامه فية علي سائر البلاد و جلس للناس فبكره يوم الخميس السابع و العشرين منة و حضروا عندهم و بلوا شوقهم منة و انشدة الشعراء و لم يتخلف احد عنة من الخواص و العوام و اقام ينشر جناح عدلة و يهطل سحاب انعامة و فضلة و يكشف مظالم الرعايا فلما كان يوم الاثنين مستهل ذى القعده عمل الملك الاروع دعوه للملك الظاهر لانة لما و صل الي دمشق و بلغة حركه السلطان اقام فيها ليتملي بالنظر الية ثانيا و كان نفسة كانت ربما احست بدنو اجلة فودعة فتلك الدفعه مرارا متعدده و لما عمل الملك الاروع الدعوه اظهر بها من الهمم العاليه ما يليق بهمتة و كانة اراد بذلك مجازاتة ما خدمة بة حين و صل الي بلدة و حضر الدعوه المذكوره ارباب الدنيا و الاخره و سال السلطان الحضور فحضر جبرا لقلبة و كان يوما مشهودا علي ما بلغني.


ولما تصفح الملك العادل احوال الكرك و اصلح ما قصد اصلاحة فية سار قاصدا الي البلاد الفراتيه فوصل الي دمشق فيوم الاربعاء سابع عشر ذى القعده و خرج السلطان الي لقائة و اقام يتصيد حوالى غباغب الي الكسوه حتي لقية و سارا جميعا يتصيدان و كان دخولهما الي دمشق احدث نهار يوم الاحد حادى عشر ذى الحجه سنه ثمان و ثمانين و اقام السلطان بدمشق يتصيد هو و اخوة و اولادة و يتفرجون فاراضى دمشق و مواطن الصبا و كانة و جد راحه مما كان بة من ملازمه التعب و النصب و سهر الليل و كان هذا كالوداع لاولادة و مراتع نزهة و نسى عزمة الي مصر و عرضت له امور احدث و عزمات غير ما تقدم.


وفاه صلاح الدين


قال ابن شداد: و صلنى كتاب صلاح الدين الي القدس يستدعينى لخدمتة و كان شتاء شديدا و وحلا عظيما فخرجت من القدس فيوم الجمعه الثالث و العشرين من المحرم سنه 589ة و كان الوصول الي دمشق فيوم الثلاثاء ثاني عشر صفر من السنه و ركب السلطان لملتقي الحاج يوم الجمعه خامس عشر صفر و كان هذا احدث ركوبه، و لما كان ليله السبت و جد كسلا عظيما و ما تنصف الليل حتي غشيتة حمي صفراويه و كانت فباطنة اكثر منها فظاهرة و اصبح يوم السبت متكاسلا علية اثر الحمي و لم يخرج هذا للناس لكن حضرت عندة انا و القاضى الفاضل و دخل و لدة الملك الاروع و طال جلوسنا عندة و اخذ يشكو قلقة فالليل و طاب له الحديث الي قريب الظهر بعدها انصرفنا و قلوبنا عندة فتقدم الينا بالحضور علي الاكل فخدمه و لدة الملك الاروع و لم تكن للقاضى الفاضل فذلك عاده فانصرف و دخلت الي الايوان القبلى و ربما مد السماط و ابنة الملك الاروع ربما جلس فموضعة فانصرفت و ما كانت لى قوه فالجلوس استيحاشا له و بكي فذلك اليوم جماعه تفاؤلا لجلوس و لدة فموضعة بعدها اخذ المرض يتزيد من حينئذ و نحن نلازم التردد طرفى النهار و ندخل الية انا و القاضى الفاضل فالنهار مرارا و كان مرضة فراسة و كان من امارات انتهاء العمر غيبه طبيبة الذي كان ربما عرف مزاجة سفرا و حضرا و راي الاطباء فصدة ففصدوة فاشتد مرضة و قلت رطوبات بدنة و كان يغلب علية اليبس و لم يزل المرض يتزايد حتي انتهي الي غايه الضعف و اشتد مرضة فالسادس و السابع و الثامن و لم يزل يتزايد و يغيب ذهنة و لما كان التاسع حدثت له غشيه و امتنع من تناول المشروب و اشتد الخوف فالبلد و خاف الناس و نقلوا اقمشتهم من الاسواق و علا الناس من الكابه و الحزن ما لا تمكن حكايتة و لما كان العاشر من مرضة حقن دفعتين و حصل من الحقن بعض الراحه و فرح الناس بذلك بعدها اشتد مرضة و ايس منة الاطباء بعدها شرع الملك الاروع فتحليف الناس، بعدها انه توفى بعد صلاه الصبح من يوم الاربعاء السابع و العشرين من صفر سنه 589ة و كان يوم موتة يوما لم يصب الاسلام و المسلمون بمثلة منذ فقد الخلفاء الراشدون رضى الله عنهم و غشى القلعه و الملك و الدنيا و حشه لا يعلمها الا الله تعالي و بالله لقد كنت اسمع من الناس انهم يتمنون فداء من يعز عليهم بنفوسهم و كنت اتوهم ان ذلك الحديث علي ضرب من التجوز و الترخص الي هذا اليوم فانى علمت من نفسى و من غيرى انه لو قبل الفداء لفدى بالانفس.


ثم جلس و لدة الملك الاروع للعزاء و غسله، و اخرج بعد صلاه الظهر رحمة الله فتابوت مسجي بثوب فوط فارتفعت الاصوات عند مشاهدتة و عظم الضجيج و اخذ الناس فالبكاء و العويل و صلوا علية ارسالا بعدها اعيد الي الدار التي فالبستان و هى التي كان متمارضا فيها و دفن فالصفه الغربيه منها و كان نزولة فحفرتة قريبا من صلاه العصر.


وانشد بن شداد فاخر السيره بيت =ابي تمام الطائى و هو:


ثم انقضت تلك السنون*****واهلها فكانها و كانهم احلام


رحمة الله تعالي و قدس روحة فلقد كان من محاسن الدنيا و غرائبها، و ذكر ابن شداد : انه ما ت و لم يخلف فخزانتة من الذهب و الفضه الا سبعه و اربعين درهما ناصريه و جرما و احدا ذهبا صوريا و لم يخلف ملكا لا دارا و لا عقارا و لا بستانا و لا قريه و لا مزرعة.


وفى ساعه موتة كتب القاضى الفاضل الي و لدة الملك الظاهر صاحب حلب بطاقه مضمونها {لقد كان لكم فرسول الله اسوه حسنة} {ان زلزله الساعه شيء عظيم} كتبت الي مولانا السلطان الملك الظاهر اقوى الله عزاءة و جبر مصابة و جعل فية الخلف فالساعه المذكوره و ربما زلزل المسلمون زلزالا شديدا و ربما حفرت الدموع المحاجر و بلغت القلوب الحناجر و ربما و دعت اباك و مخدومى و داعا لا تلاقى بعدة و ربما قبلت و جهة عنى و عنك و اسلمتة الي الله تعالي مغلوب الحيله ضعيف القوه راضيا عن الله و لا حول و لا قوه الا بالله و بالباب من الجنود المجنده و الاسلحه المعده ما لم يدفع البلاء و لا ملك يرد القضاء و تدمع العين و يخشع القلب و لا نقول الا ما يرضى الرب و انا عليك لمحزونون يا يوسف و اما الوصايا فما تحتاج اليها و الاراء فقد شغلنى المصاب عنها و اما لائح الامر فانة ان و قع اتفاق فما عدمتم الا شخصة الكريم و ان كان غيرة فالمصائب المستقبله اهونها موتة و هو الهول العظيم و السلام .

 


نبذة عن صلاح الدين الايوبي