احلى مواضيع جديدة

نص حجاجي حول الاسلام دين يدعو الى التسامح ونبذ العنف

يظن البعض ان دين الاسلام دين القسوة ، ولكن هذا الظن خاطئ عندما ننظر اليه
بعين الواقع.
فاول كلمة في الدستور الاسلامي: وهي اية البسملة تدعو الى الرحمة وليس الى العنف والقسوة
وهي:{} . ونجد في اول سورة في الكتاب الاسلامي المقدس ، القران الكريم، دعوة محضة
الى الرحمة تتجلى بقوله تعالى : { الحمد لله رب العالمين – الرحمن الرحيم}.فهو يعامل
كافة العالمين بالرحمة لانه تعالى ذاته رحيم.

فاذن قاموس وناموس الاسلام قوامه الرحمة وليس العنف ولا الشدة ، فقوته تعالى محولة كليا
للرحمة ( الا بالدفاع عن النفس ودفع العدوان والتعدي) والاية الصريحة وشاهدنا قول الله في
كتابه الكريم يخاطب رسوله محمدا (صلى الله عليه وسلم) بتلخيص وظيفته الدنيوية حصرا بالرحمة ،
وليس بالتعدي ولا القسوة اذ قال تعالى :{ وما ارسلناك الا رحمة للعالمين }

وصف تعالى رسوله بالقران الكريم بما يحمله في قلبه تجاه المشركين قبل المؤمنين باية: {
لقد جاءكم }: ايها المشركون بما فيهم اهل الكتاب من نصارى ويهود { رسول من
انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم } انتم ايها المشركون ، بعدها { بالمؤمنين
رؤوف رحيم } ، فقد رحم المشركين قبل المؤمنين.

والقانون الاسلامي عام ، وبما انه ( صلى الله عليه وسلم ) رحمة للعالمين فما
خص ( صلى الله عليه وسلم ) المؤمنين من المشركين او عباد النيران او البقر
او غيرهم ، فهو رحمة للناس جميعا يخرجهم من الشقاء الى السعادة .

كان( صلى الله عليه وسلم ) يوري في القتال رحمة بالمشركين وبالمؤمنين ، وبذا فقد
حقن دماءهم ، وهداهم للايمان *وهكذا عندما كان يريد ( صلى الله عليه وسلم )
ان يغزو بلدا ما قد اعتدوا على المؤمنين كان يبعث بالاخبار بانه عازم على غزو
بلد مغاير وباتجاه معاكس ، حتى اذا اطمان اهل البلد الذين هو قاصدهم اتاهم بغتة
على حين غفلة في التفاف عسكري في ضحى النهار ، حيث الرجال وقد خرجوا لاعمالهم
ولم يبق الا النساء والشيوخ والاطفال ، وبالتالي لا مقاتلين و لا قتال بل ولا
مقاومة تذكر فيستسلموا فرادى ويقبلوا بالحق، فيحقن دماء الطرفين وهذا اسلوبه ( صلى الله عليه
وسلم ) ، وتلك خططه الرحيمة دائما من اجل حقن الدماء ، فهو ( صلى
الله عليه وسلم ) لا يريد ان يريق دم كافر ولا مؤمن وحريص على عدم
قتل الكافر رحمة به اذ بقتله سيؤول لعذاب الاخرة و( صلى الله عليه وسلم )
يريد له الهداية والسعادة في الجنات.

لكنه فقط ( صلى الله عليه وسلم ) اعلن هجومه المستقبلي على قومه في مكة
قبل اربعة اشهر، وكان هذا الاعلان على الملا بان الهجوم المقبل على مكة محض الرحمة
بالمشركين ليخافوا ويرجعوا للحق ، حيث لم تبق مع قريش اية قوة تناصرهم في الجزيرة
العربية وبالفعل احدث هذا الاعلان نتائج صاعقة فقد خاف الكثير من اهل مكة، ومنهم خالد
بن الوليد واسلم هو وفلذة اكباد قريش وعادوا للحق ، عندها جمع ( صلى الله
عليه وسلم ) كافة جيوشه ودخل بهم مكة علانية دون اسالة قطرة دم واحدة .

فرحمة باهل مكة الذين كانوا بمنتهى الضعف والاضمحلال ولا قوة ابدا لديهم ، وضع ثقله
بكثرة الجيوش عطفا عليهم ليخافوا فلا يخرجوا للقتال لئلا يقتل احد من المشركين ويذهب الى
النار بدل الجنات وهكذا فقد رجعوا للحق وعفا عنهم .

ومن بالغ رحمته ( صلى الله عليه وسلم ) انه اغدق على الد خصامه في
مكة والذين كانوا يتامرون على قتله عندما كان فيهم ويناصبونه العداء ويصدون الناس عنه ويجمعون
العرب لحربه ويحملون السلاح في وجهه بالامس ، اغدق عليهم العطايا والاكرام بل منحهم عطاء
بدون مقابل ، مئات الجمال لكل من اعدائه.. لقد اعطى ( صلى الله عليه وسلم
) اعداءه الاعطيات الكبيرة خاصة بعد انتصار حنين ، ووزع الاموال عليهم رغم ان لا
شوكة ولا قوة لديهم ، ولم يعط منها اصحابه الكرام(رض) رغم عظيم محبتهم له (
صلى الله عليه وسلم ) ، وبذا لا بالقسوة الف بين قلوبهم فاصبحوا جميعا اخوانا
متحابين.

وفي وقعة تبوك ، وهي اخر الغزوات التي شارك فيها ( صلى الله عليه وسلم
) * تتجلى الرحمة بالاعداء باجلى معانيها ولو كانوا من اعظم الدول العالمية في ذلك
الحين ، لقد جهزت هذه الدولة العظمى (الدولة الرومانية والتي كانت تحكم نصف العالم المعروف
في ذلك الوقت تقريبا ) جيشا عظيما تريد القضاء المبرم على سيدنا محمد ( صلى
الله عليه وسلم ) ودينه الناشئ ، والذي صار يشكل خطرا على حدودهم الجنوبية ،
وكان ذلك في سنة شديدة الحر ومجدبة ، وقد اخطا الرومان من حيث لا يعلمون
في اختيارهم القتال والغزو في هذه السنة ، وكان يمكن له ( صلى الله عليه
وسلم ) ان يتركهم يدخلوا الصحراء الحارقة ليموتوا فيها من الحر والعطش ، حيث انهم
لم يعتادوا من قبل على مثل هذه الظروف القاسية ، ومشى ( صلى الله عليه
وسلم ) واصحابه في الصحراء الحارقة حرصا على حياة اعدائه لئلا يموتوا ومصيرهم النيران بالاخرة
ولان الله ينصره بالرعب فلا يراق دم من الفريقين وهكذا تم ، فقد فروا بالرعب
من ذلك قوله ( صلى الله عليه وسلم ) “نصرت بالرعب مسيرة شهر “. انه
الرحيم ( صلى الله عليه وسلم ) الذي يريد للبشرية السعادة والفوز بما اعده الله
سبحانه وتعالى لها من الاكرام في الجنات العلا ، لا يريد لها الخسارة الدنيوية والاخروية
والحرمان من اكرام الرحيم الرحمن. لقد قذف تعالى الرعب في قلوب اعدائه عندما وصلتهم الانباء
الغير متوقعة ان عدوهم خارج اليهم من قلب الصحراء بكامل جيوشه وكله حزم و عزم
وتصميم واصرار على دحرهم والاطاحة بهم . ودوا الفرار فهربوا دون مجابهة ولا قتال لا
يلوون على احد.وكانوا كما وصفهم القائل:

يود المرء فيهم لو انه يعار جناحي طائر فيطير

وهكذا كانت موقعة تبوك اشهر المواقع لم يقتل فيها (صلى الله عليه وسلم) ولا رومانيا
واحدا ولكنه انتصر عليهم وهربوا فرارا فقط بالرعب .

و قد جمع المؤرخون ومنهم حسين هيكل اعداد القتلى منذ بداية معركة بدر الى نهاية
الحروب في الجزيرة العربية فلم يتجاوز عددهم ثلاثمائة بين قتيل وجريح وتم نصر الاسلام الرحيم
، فاين دعوى من يدعي ان دين محمد دين السيف!.

ونحن نقول : محمد (عليه السلام ) وليس عليه الحرب والقتال وسفك الدماء ، وليس
ذلك فحسب بل انه ( صلى الله عليه وسلم ) لم يقتل في حياته الشريفة
احدا ابدا الا ذاك الذي سماه وتحداه فقتل نفسه.

قد يعتبر كل قادة الجيوش بالعالم ان ابو بكر اخطا في مهاجمته الفرس والروم في
حربهم العالمية الثالثة وكان من الاحق و الاصح حربيا وسياسيا لتحقيق النصر ان يترك اعداءه
يقتتلون حتى يفنوا بعضهم ، فيخرج المنتصر منهم ضعيفا متهالكا ، عندها ينقض بجيشه عليهم
فيفنيهم وياخذ بلادهم ، لكن ابا بكر ، صاحب رسول الله ( صلى الله عليه
وسلم ) وخليفته الذي لم يحد عن منهجه الرحيم ، خيب ظنهم اذ دخل على
القوتين الكبريتين العالميتين بجيشين صغيرين جدا بالنسبة لهما وانتصر ، فاسكت نصره الالسنة ان هذا
خطا حربي “بنظر قادة العالم “، ولم يعلموا انه اشتق من رحمة رسول الله رحمة
عليهم ولكافة بني البشر، اذ بدخول جيشي المسلمين على هاتين الدولتين ، لن تقتتل هاتان
الدولتان مع بعضهما ولن يبطش بشدة وقسوة عظيمة كل منهما بعدوه بل سينشغلان بحرب جيش
المسلمين ، و المسلمون سينصرون لا بسفك الدماء ولا بكثرة القتلى ولكنهم ينصرون بالرعب كما
اشار الله في كتابه العزيز : {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا بالله
ما لم ينزل به سلطانا … ﴿ ١٥١ ال عمران﴾

وبالرعب يوفر سفك الدماء لانه لو ترك الفرس والروم يقتتلان لذهبت جنودهما حتما الى النار
الابدية بالاخرة وخسروا الدنيا والاخرة والله يريد لهم السعادة والجنات كذا رسول الله ( صلى
الله عليه وسلم ) وكذا ابو بكر والصحب الكرام (رض) كلهم كانوا علماء فقهاء رحماء
باخوانهم بني البشر ، لذلك وبما ان النصر من الله وحده ، والنصر كان يتم
بالرهبة و الرعب كما بالاية الكريمة :{ واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط
الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم …﴿ ٦٠ الانفال﴾.اي النصر للمسلمين يتم بالرهبة فقط قام
المسلمون بالدخول على هاتين الدولتين بان واحد دون ادنى تردد.

كذا دخولهم هذا على هذه الدول بالعراق والشام لم يكن من قبيل التعدي والتدخل في
الشؤون الدولية الخارجية ، بل كان دخولهم تحريرا لاراضي العرب التي اغتصبتها هذه الدول من
اهلها وحكموها وتكبروا على اهلها وتجبروا ونهبوا خيرات بلادهم امام اعينهم .

لقد كانت العراق والشام بلاد عربية واهلها عرب ، الا ان طغيان الدول العظيمة في
ذلك الوقت وتصارعها على بسط النفوذ في العالم جعل العراق تحت حكم دولة كسرى –
عباد النار- وجعل بلاد الشام تحت حكم النصارى الرومان . فلم يشا الصحب الكرام (رضي
الله عنهم) ان يتركوا اخوتهم العرب تحت نير الاستعمار والذل للاعاجم وفي ارضهم . فتدخلوا
لردع المعتدي واخراجه الى ارضه ، وليعيدوا الحق الى نصابه .

لقد كانت العراق والشام بلاد عربية واهلها عرب ، الا ان طغيان الدول العظيمة في
ذلك الوقت وتصارعها على بسط النفوذ في العالم جعل العراق تحت حكم دولة كسرى –
عباد النار- وجعل بلاد الشام تحت حكم النصارى الرومان . فلم يشا الصحب الكرام (رضي
الله عنهم) ان يتركوا اخوتهم العرب تحت نير الاستعمار والذل للاعاجم وفي ارضهم . فتدخلوا
لردع المعتدي واخراجه الى ارضه ، وليعيدوا الحق الى نصابه .

وخلاصة القول انهم كانوا بقتالهم رحمة على عدوهم ، اذ يفر العدو ولا تسفك الدماء
، والدليل على ذلك المعارك التي خاضها خالد بن الوليد الاحدى عشر في بلاد العراق
تجاه مئات الالوف ما كان يقتل من الطرفين الا القليل القليل ، اذ يحل الرعب
في قلوب اعداء الله فيفرون هاربين ، اذ لو قتل خالد بن الوليد جنود الفرس
لما بقي هناك جنود لمعركتي القادسية ونهاوند وغيرها ولكنه ما كان ليحدث قتل ولا سفك
دماء على الغالب لان غاية المؤمنين الهداية لا اموالهم او اراضيهم او اعراضهم لذا كان
يحل الرعب والرهبة فتتوفر الدماء لان دين الاسلام دين الرحمة ، واسمه الاسلام من السلام
لا من التعدي والعنف والطغيان وكما ورد في الكتاب المقدس القران : الله هو السلام
، عكس ظن من اخطا من الاجانب بانه تم بالقتل وسفك الدماء ، والقران يقول
{والله يدعو الى دار السلام …﴿٢٥يونس﴾. والله في دستورنا القران لا يحب المعتدين {وقاتلوا في
سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ﴿١٩٠البقرة﴾ فكيف يزعمون بان
انتصارات المسلمين ، واسمهم المسلمون وهو من المسالمة لا من الحرب والمخاصمة ، كيف يتهمونهم
بالقسوة والعنف . والدليل على مسالمتهم ان كافة الشعوب التي انتصروا عليها اصبحوا محبين مسلمين
وتبنوا الاسلام اكثر من المسلمين السابقين اذ اصبحت دمشق عاصمة العصر الذهبي للاسلام. وتقبلت امم
الارض حتى الصين هذا الدين الرحيم ولو بني – على حساب الزعم الخاطئ – على
العنف والقهر لقابلته الشعوب التي اسلمت بالعنف والقتال ولكنهم تبنوه واستقبلوه واصبحوا هم اهله و
حماته ، لقد تبنته شعوب الارض اكثر من العرب كالمماليك والاكراد والاتراك العثمانيون والتتر وشعوب
الهند والسند ودول روسيا وتركستان والصين وغيرها.

معلوم ان المانيا كانت تستعمل الشدة والقسوة في البلاد التي احتلتها حتى ان البلدان الاسلامية
وغيرها التي كانت تحت نير الشيوعية وشدتها بالحرب العالمية الثانية وحينما انساح الالمان على روسيا
سارعت هذه البلدان لمساعدة المانيا ضد الشيوعية ولكنهم عندما ذاقوا قسوة الالمان وجدوا ان الشيوعية
ارحم فانفكوا عن مناصرتهم ، وهذا الامر معلوم تاريخيا.

لقد كانت المانيا كلما دخلت واحتلت قطرا من الاقطار نقص عدد جنود جيوشها وبدا الضعف
يسري شيئا فشيئا وبالتدريج ، اذ كلما فتحت قطرا وضعت حماية فيه لئلا ينقلبوا عليها
بسبب قسوتها في معاملتهم ، عكس الاسلام الرحيم الذي كان كلما افتتح بلدة ظالمة متعدية
انقلب اهلها للاسلام واصبحوا من جنوده المخلصين * فكانت الفتوحات تترى ويزداد ويغنى الاسلام بزيادة
المقاتلين ومعروف انه لما انقذ صحب رسول ( صلى الله عليه وسلم ) الشام قتل
منهم عشرة الاف فبقي عشرون الفا ، وبعد فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الشهرين عندما
عادت الروم للبقاع بجيوش ضخمة لجبة خرج سبعون الفا لقتالها فمن اين جاء الخمسون الفا
زيادة عن عدد جيش المسلمين الذي دخل الشام !.. اضف الى ذلك ان الجزيرة العربية
لا تستطيع ابدا جمع خمسين الفا وهؤلاء اصبحوا سبعين الفا !.. كل ذلك بسبب معاملة
المسلمين الانسانية.

ذلك ان اهل الشام لما شاهدوه من رحمة المسلمين وعطفهم واحسانهم انضموا اليه ونصروهم حتى
غدا العصر الذهبي للاسلام ينبع من دمشق عاصمة الشام الى الهند والصين ، ناهيك عن
رحمتهم وطيب عنصر اخلاقهم ، اما الصينيون سموا الطريق الذي اتى منه المسلمون بطريق الحرير،
وغدا للمسلمين شان عند اباطرة الصين بحيث انه وكما هو معلوم تاريخيا اذا اضطر مسلم
لقتل صيني ففديته ( اعزكم الله ) حمار عند الامبراطور ، اما العكس اذا قتل
احد الصينيين مسلما فكان جزاؤه قتله وقتل حمولته الذين يؤازرونه وانتم تعلمون قول القائل (الفيلسوف
الفرنسي غوستاف لوبون : )”ما عرف التاريخ فاتحا ارحم من العرب “.

ومن المعروف عموما وتاريخيا ان الذين اسلموا من دول الكرة الارضية اسلموا عن طريق التجارة
والمعاملة الحسنة الرحيمة اكثر عددا بكثير ممن اسلموا بالقتال.

في وقعة اليرموك جمع هرقل كبير الروم جيوش اثنتي عشرة دولة للقتال في هذه الوقعة
، والتي هي بمثابة الحرب العالمية بالعهد القديم من تلك الجيوش والدول التي كانت تابعة
لروما فكان هناك جيش السلاف (الروس) وجيش الارمن الشرس بالقتال وجيش الاوربيين ويضم هذا الجيش
جيوش اسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغربية وبقية الجيوش ، اذن اسبانيا كانت تدور في
فلك روما حتى ان الاسبانيين والاوربيين هم ابناء الرومانيين وهم يعتزون بابائهم العظماء الرومان حتى
الان ، و روما كانت في قتال دائب مع المسلمين العرب الذين حرروا بلاد العرب
من الاستعمار الروماني، ومنها بلاد الشام التي حرروها من الروم ، وبما ان الروم ما
كانوا ليكفوا عن الهجوم على ثغور الشام واعمال القتل والخطف فيها ثم يفرون سراعا ،
لذا قام الحجاج بن يوسف الثقفي باستعمال المراصد الفلكية لكشف الجيوش المعتدية على الثغور الاسلامية
ووضع الكمائن لصدهم عن القتل والسلب والنهب من جهة ، ومن جهة ثانية اراد ان
ينهي هذا العدوان من الاصل وذلك بان يهاجم القسطنطينية عاصمة الروم الشرقيين والغربيين ، وذلك
بالالتفاف على روما عن طريق اسبانيا ( الاندلس) التابعة لروما والدخول والعبور منها لمحاصرة القسطنطينية
من جهة ومنع المدد عنها ومهاجمتها ايضا من الجهة الاخرى من قبل بلاد الشام :
وهذه خطة قتالية بين دولتين متقاتلتين .

والحقيقة ان روما بعد هزيمتها وخروجها من سوريا ما كانت لتكف عن العدوان على ثغور
بلاد الاسلام واعمال القتل والخطف والنهب مما اضطر الحجاج ان يرسل قادته موسى بن النصير
وطارق بن زياد للالتفاف على القسطنطينية عن طريق الاندلس .

اذن لم يكن هناك ثمة عدوان من المسلمين على اسبانيا انما هي حروب لردع العدوان
نهائيا عن ثغور الشام والى الابد .

طبعا هذا الحصار للقسطنطينية لم يتم لان الخليفة الجاهل سليمان بن عبد الملك كان قد
نال الخلافة بالوراثة لا بالاستحقاق فكان لا يفهم كيف ينصر بلاده على العدو المغتصب ،
بل كان يحقد على الحجاج { فاتح السند والهند وبلاد ما وراء النهر ومشكل ومنقط
القران الكريم (الكتاب المقدس)} وذلك لضعف بصيرة سليمان ، بل بالعكس جاء بهؤلاء القادة العظماء
وسجنهم في دمشق واوقف فتوحاتهم ، وقتل القائد الاكبر ( قتيبة بن مسلم الباهلي) فاتح
بلاد الصين ومملكة ” بخارى ” وحوض نهر”جيحون ” وبلاد” الصغد” وخوارزم ، وسمرقند و
بلخ والطالقان وكاشغر ، وكاشان….

اذن لم يكن هناك ثمة عدوان قطعا على اسبانيا من قبل الاسلام انما هي مناورات
عسكرية وحركات التفافية على الدولة الام روما التي لم تكن لها شكوى الا ان العرب
المسلمين حرروا بلاد الشام العربية من نيرها وطغيانها .

كان هذا مطلب اهل الشام اذ انضموا لدين الرحمة الجديد وفضلوه على حكم روما القاسي
،كما في حمص وقبل ان يجلو عنها المسلمون اعاد ابو عبيدة الجزية الى اهلها لانه
كان قد اخذها لحمايتهم والدفاع عنهم والان لا يستطيع ان يحميهم لذلك اعاد اليهم اموالهم
وذهب لملاقاة الرومان على اليرموك وما ان اراد الرومان الدخول الى حمص حتى اوصد اهلها
الابواب في وجوههم ، وقالوا لا نريدكم بل نريد المسلمين الرحماء ، ثم فتحوها على
مصراعيها للفاتحين المسلمين الرحماء ورفضوا حكم الرومان القاسين المستبد .اموا وكما في دمشق اذ شارك
اهلها بخمسين الف مقاتل مع جيش خالد بن الوليد البالغ عشرين الفا بالمعركة بالبقاع ضد
الرومانيين.

 

حقا لم يشهد التاريخ فاتحا ارحم من العرب

لو بحثنا في كتاب الاسلام “القران الكريم” لوجدنا بالايات الصريحة ان مشيئة الله هي الرحمة
لا الحرب ولا القتال فالانسان نسيج الحضرة الالهية فهل يعقل ان يصنع امرؤ ما صنعا
بديعا ثم يامر بتحطيمه ! طبعا لا يفعل هذا ذو عقل ، والاية تقول ان
الله تعالى منح الانسان الخيار والاطلاق ليعمل الانسان الخير بارادته فيكسب به نوال الجنات اما
القتل والحرب فهو من صنع الانسان لا ارادة الله لكنه تعالى لا يجبر فالاية الكريمة
تقول على لسان حضرة الله ورسوله:{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم
الله ورفع بعضهم درجات واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس ولو شاء الله
ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من امن
ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ﴿٢٥٣سورة البقرة﴾.
ولا يريد الا الخير والرحمة لعباده .

اذن فالله هو الرحمن الرحيم والقسوة وسفك الدماء هي من صنع الانسان المعرض عن الرحيم
، وقد ذكرت كلمة { ولو شاء الله ما اقتتلوا } مرتان ما يدل على
ان الاسلام دين الرحمة لا دين السفك والقسوة .

ودليل عملي واقعي على مدى ثلاثة عشر قرنا حيث كان الاسلام بمعظم هذه الفترات هو
المسيطر تقريبا على العالم * بالصدر الاول وبعهد الامويين وبعهد العباسيين والسلجوقيين واخيرا بعهد العثمانيين
الاوائل لا الاتراك المتاخرين ، و مع ان الاسلام في تلك العهود والاحقاب والقرون هو
الدولة الضاربة الاقوى في العالم ، مع ذلك تتجلى الرحمة التي يفيض بها الاسلام على
الديانتين السماويتين اليهودية والنصرانية ، فقد ابقى لهم كنائسهم ومعابدهم وحريتهم الدينية المطلقة ناهيا اياهم
فقط عن اشاعة الفساد والتعدي على حريات الاخرين ، فظلت طقوسهم ونواقيسهم تقرع في عواصم
الدول الاسلامية وبلدانها وقراها دون اجبار ولا اكراه حتى يومنا هذا ، عكس ما راينا
مع بالغ الاسى في قتال الصرب ضد المسلمين لانهائهم عن بكرة ابيهم وهدم معابدهم وطلبهم
ان تكون هناك اوربا خالية من المسلمين و لك الحق في المقايسة بين الفريقين ايهما
ارحم. فدين الاسلام هو دين الرحمة لا دين السيف ، لانه من الرحمن الرحيم جل
شانه .

ولو قارنا مقارنة ثانية بين معاملة الاسلام لاهالي البلاد التي فتحها وما قامت به محاكم
التفتيش في اسبانيا، لعلمنا ما ينبض به الاسلام من رافة ورحمة ببني البشر .

ففي اسبانيا صدر مرسوم يحتم تنصير كل مسلم جبرا واكراها عام 1533م وعقاب من خالف
بالرق والاستعباد مدى الحياة {لطفا ارجعوا لكافة كتب تاريخ العالم } ، اما محاكم التفتيش
النصرانية فقد تعسفت بشكل مذهل في اعمال التعذيب والاعدام حيث كانت تحرق المسلمين بصورة جماعية
في مواكب الموت .بل وتحرق عائلات باكملها باطفالها ونسائها . حتى ان هذه المحاكم تحاكم
الموتى فتنبش قبورهم ، وكان اعضاؤها يتمتعون الحصانة الكاملة رغم كل ما يفعلونه من فظائع
.

ترجى المقارنة بين ما فعله الاسبان النصارى احفاد الرومان بالمسلمين حين انتصروا عليهم وذلك بعصر
نهضتهم بالقرون الوسطى وما فعله المسلمون بنصارى الشام والعراق من رحمة وعطف وحماية وتركوا لهم
حرية المعتقدات وابقوا لهم كنائسهم واديرتهم وتسامحوا معهم التسامح الكلي بل وكانوا يرتبون لفقرائهم ومساكينهم
رواتب شهرية تقاعدية محققين التكافل الاجتماعي الانساني الرحيم و لاتزال الكنائس والاديرة منذ ما يزيد
على 1400 عام وحتى الان في كافة البلاد الاسلامية المفتوحة مشارق الارض ومغاربها .

نظرة ثانية لاسبانيا، ففي 5/1611م صدر قرار للقضاء على المتخلفين من المسلمين في بلنسية يقضي
باعطاء جائزة ستين ليرة لكل من ياتي بمسلم حي ، وله الحق في استعباده ،
وثلاثين ليرة لمن ياتي براس مسلم قتل
(حقائق معلومة تشهد بها تواريخ العالم).

والتاريخ سجل البشاعة والشناعة والفظائع التي ارتكبها الصليبيون بحق سكان القدس عندما احتلوها ، فهل
فعل صلاح الدين فعلهم وانتقم لما اسالوه من بحور الدماء ؟!.. ام قال قولة معلمه
معلم الرحمة “اذهبوا فانتم الطلقاء “…فهل الاسلام دين سيف ام دين الرحمة والانسانية ؟!.

ولم يلجا المسلمون حتى منذ نشاتهم الى القتال الا للدفاع عن النفس والمبدا لدفع المعتدي
، وما ردوا عن انفسهم العدوان حتى جاءهم الاذن من الله بعدما ظلموا ، لقوله
تعالى في القران الكريم:{ اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير ﴿٣٩الحج﴾.
وهذا لرد العدوان عنهم وعن اموالهم واعراضهم ومبدئهم .

يقولون:” انه من لا يمشي بدين محمد فهو ضده وعدوه “و لو كان هذا القول
صحيحا ، وهو خطا ،لازالوا الكنائس والمعابد النصرانية وهذا لم يحدث فلا صحة لهذا القول
، بل جعلوا من انفسهم حماة للنصارى واليهود يدفعون عنهم العدوان ويطيعون قول رسولهم الرحيم
( صلى الله عليه وسلم ) ” من اذى ذميا فقد اذاني ” فهو بالنصارى
واليهود رحيم ، وهذا الواقع العملي فمن ينكر الواقع الا مخطئ !..

والحقيقة ان هذه نظرة الغرب فنسبوا ما فيهم الى ارحم الخلق الذي ارسله رحمة للعالمين
ودستوره القران الذي يقول: {لا اكراه في الدين ﴿٢٥٦البقرة﴾.

حتى ان عمر بن الخطاب رغم تعدي الفرس على ثغور الاسلام بالعراق ما زاد على
الثلاثين من التعديات وخرق الحدود وهو يرفض ان يقابل هذا العدوان بالقتال * حتى علم
من الاحنف بن قيس انه ان لم يصدهم عن عدوانهم فلن يكفوا حتى يزيلوا دين
الله من الارض ويعودوا بمن معهم وتحت حكمهم لعبادة النار، نعوذ بالله منها . عندها
اضطر لقتالهم ، ونصره الله عليهم .اما القتال في العراق فكان لتحرير العرب وتخليصهم من
الاستعمار الطاغي لا للتعدي على الفرس .

يا اخي لنعد الى الحقيقة وكفانا تمويها ، ان الاسلام فقط هو ينبوع الرحمة لانه
حقا دين الرحمن الرحيم .

وقد امرنا بالحجامة لكي نشفى ولا نمرض ،فكانت الحجامة الدواء والشفاء وثبت طبيا وعلميا ان
غيرها لا خير فيه ، حتى ان الشفاءات لا تكاد تذكر ، وتكاليف العمليات الباهظة
يعجز عنها الفقير والمسكين ومعظمها لا يفيد .

فمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) اذن رحمة لبني البشر وجاءهم بالشفاء من كل
مستعص وداء بل بلغت الرحمة من ينبوعها الاسلام الصحيح فشملت الحيوانات والانعام بالتكبير الذي يزيل
كل الم للحيوان ويهبه الراحة والنعيم اثناء الذبح كما يزيل كافة الجراثيم من كل ذبيح
من الانعام بذكر الله اكبر اثناء لحظة الذبح فيذهب الدم المتدفق بالجرثوم كله.

اذن رحمته شملت الانسان والانعام ، بل اضف اليها ما جاء به الاسلام من حقنة
معلق النشاء مرفقة بشربة زيت الخروع . وهذا كلام مبني على اسس صارمة بالدقة قائمة
على التجربة الطبية والبحوث العلمية اليقينية .

ونحن نقول محمد “عليه السلام ” اي عليه واجب السلام لا الحرب بكلمة عليه السلام
.

واخيرا لا اخرا وعلى سبيل الختام والنهاية فاليكم شهادة طالبي الحق والحقيقة من علماء وكبراء
دول الغرب نفسها وغيرهم من المفكرين بانصاف ونزاهة .

 

السابق
حلمت اني اشتري مسدس طويل , تفسير حلم البندقية
التالي
كلماتها الجميله للحفظ و التعلم , لبيك اللهم لبيك سمعنا