اداب الحياة الزوجية
1- تستحب الخطبة قبل العقد، ويستحب ان تشتمل على حمد الله والثناء عليه والوصية بالتقوى،
وينبغي ان تكون جامعة لما يحتاج اليه الزوجان والحضور، من التذكرة باصول الايمان ومحاسن الاخلاق
والاداب وما يراه العالم مناسبا.
ولنا في خطبة الائمة المعصومين عليهم السلام اسوة حسنة، فقد رويت خطبة عن الامام امير
المؤمنين عليه السلام انه قال بعد ان حمد الله:
“فان الله عزوجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون فتنجزوا
من الله موعده، واطلبوا ما عنده بطاعته، والعمل بمحابه، فانه لا يدرك الخيرالا به؛ ولا
ينال ما عنده الا بطاعته، ولا تكلان فيما هو كائن الا عليه، ولا حول ولا
قوة الا بالله.
اما بعد فان الله ابرم الامور وامضاها على مقاديرها، فهي غير متناهية عن مجاريها دون
بلوغ غاياتها، فيما قدر وقضى من ذلك، وقد كان فيما قدر وقضى من امره المحتوم
وقضاياه المبرمة، ما قد تشعبت به الاخلاف، وجرت به الاسباب، وقضى من تناهي القضايا بنا
وبكم الى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله واياكم للذي كان من تذكرنا الائه وحسن
بلائه، وتظاهر نعمائه، فنسال الله لنا ولكم بركة ما جمعنا واياكم عليه، وساقنا واياكم اليه،
ثم ان فلان بن فلان ذكرفلانة بنت فلان وهوفي الحسب من قد عرفتموه وفي النسب
من لا تجهلونه، وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه فردوا خيرا تحمدوا عليه
وتنسبوا اليه وصلى الله على محمد واله وسلم”400.
2- ويستحب الاشهاد على الزواج من اجل اثبات النسب والميراث، ولعل هذه الحكمة تنسحب الى
كل ما ينفع حفظ النسب والميراث ويقطع الخلاف مثل التسجيل في المحكمة اوما اشبه، وقد
جاء في حديث ماثور عن الامام الصادق عليه السلام: “انما جعلت البينات للنسب والمواريث”401.
3- ويستحب الاطعام في الزواج بغيرسرف ولا رياء اوسمعة ومن ذلك اطعام الفقراء وعدم تحديده
بالاغنياء والوجهاء، ومنه عدم جعل الزواج مناسبة للاستعلاء على الناس وما يوجب وقوع الطبقات المستضعفة
والمتوسطة في الاحراج لعدم قدرتهم على مجاراة الاغنياء، وهكذا روي عن النبي صلى الله عليه
واله قوله: “ان من سنن المرسلين الاطعام عند التزويج”402.
وقال صلى الله عليه واله: “الوليمة اول يوم حق والثاني معروف ومازاد رياء وسمعة”403.
4- ومن اداب الزواج اختيار الاوقات المناسبة للزفاف، فالليل للدخول افضل من النهار، والنهار للوليمة
افضل من الليل، ففي رواية عن الامام الصادق عليه السلام: “زفوا عرائسكم ليلا واطعموا ضحى”404.
وهكذا نهى الاسلام من السهر الا في ثلاث منها الزفاف، فقد جاء عن النبي صلى
الله عليه واله قوله: “لا سهر الا في ثلاث :متهجد بالقران، اوفي طلب العلم، اوعروس
تهدى الى زوجها”405.
5- وكره الاسلام اختيار الساعة الحارة للزفاف، فقد روي عن الامام الباقر عليه السلام انه
بلغه ان رجلا تزوج في ساعة حارة عند نصف النهار فقال ابوجعفر الباقر عليه السلام:
“ما اراهما يتفقان فافترقا”406.
6- كذلك كره اختيار الايام التي يدخل القمر فيها في برج العقرب، فقد جاء في
رواية عن الامام الصادق عليه السلام: “من تزوج امراة والقمر في العقرب لم ير الحسن”407.
7- وكذلك عند محاق الشهر (في الايام الاخيرة من الشهر القمري)، ففي حديث ماثور عن
الامام الحسن العسكري عن ابائه عليهم السلام: “من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد”408.
8- ويستحب عند الدخول على الزوجة الوضوء والدعاء بالماثور الذي روي عن الامام الصادق عليه
السلام، حيث قال: “اذا دخلت باهلك فخذ بناصيتها واستقبل القبلة وقل: اللهم بامانتك اخذتها وبكلماتك
استحللتها فان قضيت منا ولدا فاجعله مباركا تقيا من شيعة ال محمد ولا تجعل للشيطان
فيه شركا ولا نصيبا”409.
9- واذا اراد المباشرة قال ما جاء في رواية ماثورة عن الامام الباقر عليه السلام:
“اللهم ارزقني ولدا واجعله تقيا زكيا ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته الى
خير”410.
10- وعند المباشرة ينبغي الا يعجلها ولايتركها وفي نفسها حاجة، هكذا ادبنا الاسلام على لسان
الامام علي عليه السلام الذي قال: “اذا اراد احدكم ان ياتي زوجته فلا يعجلها فان
للنساء حوائج”411.
والحكمة في ذلك انها لولم تشبع منه ربما فكرت في غيره. قال الامام الصادق عليه
السلام: “ان احدكم ياتي اهله، فتخرج من تحته فلو اصابت زنجيا لتشبثت به، فاذا اتى
احدكم اهله فليكن بينهما ملاعبة فانه اطيب”412.
11- ويستحب المبادرة الى مباشرة زوجته اذا اثيرت غريزته بالنظر الى امراة اخرى، هكذا ادبنا
الاسلام على لسان الامام علي عليه السلام حيث قال: “اذا راى احدكم امراة تعجبه فليات
اهله فان عند اهله مثل ما راى فلا يجعلن للشيطان على قلبه سبيلا ليصرف بصره
عنها”413.
12- ولكن لا ينبغي ان يثير الانسان نفسه بشهوة امراة ثم يجامع زوجته بتلك الشهوة
فانها مكروهة حسب الرواية الماثورة عن النبي صلى الله عليه واله حيث قال:
“يا علي. لا تجامع امراتك بشهوة امراة غيرك، فاني اخشى ان قضي بينكما ولد ان
يكون مخنثا مخبلا”414.
13- وقال بعض الفقهاء انه يستحب المباشرة عند ميل الزوجة وذكروا حديث رسول الله صلى
الله عليه واله حيث راى رجلا فساله قائلا: “اصبحت صائما”؟ فقال: لا.
قال: “فاطعمت مسكينا” ؟ قال: لا.
قال: “فارجع الى اهلك فانه منك عليهم صدقة”415.
14- ولا باس شرعا ان يمتع زوجته باية وسيلة ممكنة، ولكن اياه ان يستعين بغير
جسده في امتاعها هكذا روي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: “لاباس ان يستعين
بكل شيء من جسده عليها ولكن لا يستعين بغير جسده عليها”416.
15- وبالرغم من جواز النظر الى عورة امراته ولكن يكره ذلك عند المباشرة، كما يكره
الكلام عندئذ.
فقد جاء في الاحاديث الماثورة ان رسول الله صلى الله عليه واله كره النظر الى
فرج النساء، وقال انه يورث العمى، وكره الكلام عند الجماع، وقال انه يورث الخرس، وكره
المجامعة تحت السماء.
16- ويستحب ان يتخذ كل من الزوج والزوجة منديلا مستقلا ولا يشتركان في منديل واحد
لمسح الموضع بعد المباشرة، هكذا قال النبي للامام علي عليهما صلوات الله: “يا علي لا
تجامع امراتك الا ومعك خرقة ومع اهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على
الشهوة فان ذلك يعقب العداوة بينكما”417.
17- ويظهر من حديث كراهة المباشرة عند الاحتصار كان تكون له حاجة تستعجله، فقد قال
الصادق عليه السلام: “لا يجامع المختضب”فقيل له: لم لا يجامع المختضب ؟ قال: “لانه محتصر”418.
18- وكذلك عند الامتلاء (بعد الطعام مباشرة) فقد روي عن الامام ابي عبد الله الصادق
عليه السلام قوله: “ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن؛ دخول الحمام على البطنة، والغشيان على الامتلاء،
ونكاح العجائز”419.
19- وينبغي ترك المباشرة عند الاوقات المذكورة في الحديث المروي عن الامام الباقرعليه السلام ويجمعها
-حسب الظاهر- حالة التوتر والخوف فانها تؤثر في الولد بل وفي الزوجين ايضا، حيث سئل
الامام: هل يكره الجماع في وقت من الاوقات وان كان حلالا؟. قال: “نعم ما بين
طلوع الفجر الى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس الى مغيب الشفق، وفي اليوم الذي تنكسف
فيه الشمس، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر، وفي الليلة وفي اليوم اللذين يكون فيهما
الريح السوداء او الريح الحمراء اوالريح الصفراء، واليوم والليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة”.
ثم قال الامام عليه السلام: “وايم الله لا يجامع احد في هذه الاوقات التي نهى
عنها رسول الله وقد انتهى اليه الخبر فيرزق ولدا فيرى في ولده ذلك ما يحب”420.
ويمكن الحاق كل حالة توتر بذلك كالمباشرة عند الخوف من سلطان جائر او في حالات
الحرب وما اشبه.
20- ونهى النبي صلى الله عليه واله من المباشرة في اول ليلة من الاشهر القمرية،
وقال للامام علي عليه السلام: “يا علي لا تجامع اهلك في اول ليلة من الهلال
ولا في ليلة النصف ولا في اخر ليلة فانه يتخوف على ولد من يفعل ذلك
الخبل”421.
21- كما كره الاسلام للرجل الدخول على اهله ليلا بعد العودة من السفر حتى يصبح،
وجاء في حديث روي عن الامام الصادق عليه السلام: “يكره للرجل اذا قدم من سفره
ان يطرق اهله ليلا حتى يصبح”422.
22- وكذلك تكره المباشرة في ليلة السفر حيث القلق واحتمال الضعف فقد روي عن النبي
صلى الله عليه واله انه كره رسول الله صلى الله عليه واله الجماع في الليلة
التي يريد فيها الرجل سفرا423.
وكذلك في اثناء سفر قريب، حيث جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه واله:
“يا علي لا تجامع اهلك اذا خرجت الى سفر مسيرة ثلاثة ايام ولياليهن فانه ان
قضى بينكم ولد يكون عونا لكل ظالم”424.
23- وامر الاسلام بالاهتمام باخفاء المباشرة، فلا يجامع زوجته بين يدي ضرتها، ولا يباشرها وعندهما
صبي يسمع ويرى، فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام قوله: “قال رسول الله؛ والذي
نفسي بيده لوان رجلا غشي امراته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما
افلح425 ابدا، ان كان غلاما كان زانيا او جارية كانت زانية”.
واضافت الرواية “وكان علي بن الحسين عليه السلام اذا اراد ان يغشى اهله اغلق الباب
وارخى الستار واخرج الخدم”426.
24- وكذلك يكره الجماع تحت السماء، وفوق سقوف البنايات وفي وجه الشمس، وتحت شجرة مثمرة.
وجاءت الاحاديث بكراهة المباشرة مستقبل القبلة او مستدبرها وفي حالة العري وفي السفينة اوعلى ظهر
طريق، فقد روي عن الامام الصادق عن ابائه عن رسول الله صلى الله عليه واله:
“نهى رسول الله ان يجامع الرجل اهله مستقبل القبلة، وعلى ظهرطريق عامر، فمن فعل ذلك
فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين”427.
وكذلك كره الاسلام المباشرة من قيام واعتبر ذلك من فعل الحمير.
وجاء في الحديث النبوي الشريف: “يا علي لا تجامع امراتك من قيام، فان ذلك من
فعل الحمير”428.
وكذلك تكره المباشرة بعد الاحتلام، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله: “وكره
ان يغشى الرجل امراته وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي راى، فان فعل وخرج
الولد مجنونا فلا يلومن الا نفسه”429.
25- وامر الاسلام بالتوجه الى الله سبحانه والاستعاذة به من الشيطان عند المباشرة. فقد روي
عن الامام امير المؤمنين عليه السلام: “اذا جامع احدكم فليقل: بسم الله وبالله اللهم جنبني
الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني”. قال عليه السلام: “فان قضى الله بينما ولدا لا يضره
الشيطان بشيء ابدا”430.
26- ويستحب الوضوء قبل مباشرة الحامل حيث امر النبي صلى الله عليه واله بذلك و
قال: “يا علي اذا حملت امراتك فلا تجامعها الا وانت على وضوء”431.
27- ونهى الاسلام عن ترك مباشرة الزوجات مما قد يتسبب في فجورهن، قال الامام الصادق
عليه السلام: “من جمع من النساء ما لا ينكح فزنت منهن شيء فالاثم عليه”432.
28- ونهى عن اتيان المراة في دبرها وجاء في حديث النبي صلى الله عليه واله:
“محاش نساء امتي على رجال امتي حرام”433.
29- وامر الرجال بالغيرة ونهى النساء عنها وامرهن بالصبر على غيرة الرجال، ففي رواية عن
الامام الصادق عليه السلام: “ان الله غيور يحب كل غيور ومن غيرته حرم الفواحش ظاهرها
وباطنها”434.
وفي حديث اخر قال عليه السلام: “ان الله كتب على الرجال الجهاد، وعلى النساء الجهاد،
فجهاد الرجل ان يبذل ماله ودمه حتى يقتل في سبيل الله، وجهاد المراة ان تصبر
على ما ترى من اذى زوجها وغيرته”435.
وقال الامام امير المؤمنين عليه السلام: “غيرة المراة كفر، وغيرة الرجل ايمان”436.
30- واوجب الشرع حقوقا جمة للرجل على زوجته تحصينا عن ابتغاء اللذة في موضع اخر،
فقد جاء في حديث ماثور عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: “جاءت امراة الى
رسول الله صلى الله عليه واله فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على المراة؟
فقال: “اكثر من ذلك”437.
قالت فخبرني عن شيء منه قال: “ليس لها ان تصوم الا باذنه يعنى تطوعا، ولا
تخرج من بيتها بغير اذنه، وعليها ان تتطيب باطيب طيبها وتلبس احسن ثيابها وتتزين باحسن
زينتها وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية، واكثر من ذلك حقوقه عليها”438.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه واله: “لا يحل لامراة ان تنام حتى تعرض
نفسها على زوجها وتدخل معه في لحافه فتلصق جلدها بجلده فاذا فعلت ذلك فقد عرضت”439.
31- والحقوق والواجبات متبادلة بين الزوجين، واي واحد منهما اغضب صاحبه فعليه الوزر والعذاب، ويفصل
الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه واله القول في اداب العشرة بين الزوجين فيقول:
“من كان له امراة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه
وترضيه، وان صامت الدهر وقامت، واعتقت الرقاب، وانفقت الاموال في سبيل الله وكانت اول من
ترد النار. ثم قال رسول الله صل الله عليه واله: وعلى الرجل مثل ذلك الوزر
والعذاب اذا كان لها مؤذيا ظالما، ومن صبر على سوء خلق امراته واحتسبه اعطاه الله
بكل مرة يصبر عليها من الثواب مثل ما اعطى ايوب على بلائه”440.
وحتى اطالة الصلاة لا ينبغي ان تصبح مبررا لمنع المراة عن الاهتمام بزوجها والاستجابة لرغباته
هكذا ادب الرسول المؤمنات فقال صلى الله عليه واله للنساء:”لا تطولن صلاتكن لتمنعن ازواجكن”441.
32- واوصى النبي الرجال بالنساء كثيرا فكان مما قاله صلى الله عليه واله: “اكثر اهل
الجنة من المستضعفين من النساء علم الله ضعفهن فرحمهن”442.
وقال صلى الله عليه واله: “خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي”443.
وقال صلى الله عليه واله: “ملعون ملعون من ضيع من يعول”444.
وفي رسالة بعثها الامام امير المؤمنين عليه السلام الى ابنه الحسن جاء فيها ما يلي:
“لا تملك المراة من الامر ما يجاوز نفسها، فان ذلك انعم لحالها، وارضى لبالها، وادوم
لجمالها فان المراة ريحانة وليست بقهرمانة”445.
وقد قضى النبي تقسيم العمل بين الصديقة فاطمة وبين زوجها الامام علي عليهم صلوات الله،
فقضى على فاطمة بخدمتها ما دون الباب وقضى على علي بما خلفه”446.