لم تكن تربية الابناء ابدا امرا سهلا على الاهل، ولكن الصعوبة في التعامل مع سن
المراهقة تكمن في انتقال الابن من الطفولة الى عنفوان الشباب وتمرده، فهو صار اكبر حجما،
لغته اقوى، يستطيع مناقشة من هو اكبر منه بالمستوى نفسه، وهو بالتالي اجرا على تجاوز
الخطوط الحمراء.
وهذا يتطلب منك ايها الاب ان تنتبه للاخطاء التي يقع فيها معظم الاباء بدون وعي
بان ممارساتهم اولا؛ تؤذي ابناءهم وثانيا؛ لا تقوم سلوكهم.
وهنالك اخطاء يقع فيها الاباء في تربية اولادهم المراهقين:
– المحاضرات والاوامر بدلا من لغة الحوار: ياتي هذا التصرف من اعتقاد الاب ان ابنه
طائش، غير عقلاني في تصرفاته، ومن اكثر الجمل شيوعا عندما يبدا المراهق بالتحاور مع ابيه
“لا تناقشني انا والدك وانا ادرى بمصلحتك منك”، “انت ما تزال صغيرا، ولا تدري ماذا
تفعل”، جمل يقطع بها الوالد كل سبل التواصل الممكنة بينه وبين ابنه، ويحاول بها تسيير
ابنه، والتحكم باسلوب حياته، وهذا الاسلوب قد يمنع المراهق من ان يفكر حتى ببدء حوار
مع ابيه، لانه يعلم نتيجة ذلك الحوار مسبقا، وانه سينتهي باوامر ونصائح انت بغنى عنها.
– التجاهل: وضعف القدرة على التواصل: من الغريب ان الاباء ورغم ادراكهم لعمق الهوة بينهم
وبين ابنائهم المراهقين، الا انهم لا يبذلون جهدا لمحاولة التواصل معهم، وتاتي الحجة بانهم لا
يستطيعون فهم ابنائهم المراهقين، وابنائهم كذلك لا يفهمونهم.
– التركيز دوما على سلبيات المراهق: وتجاهل ايجابياته: وذلك يعود للمعتقدات السائدة المتعلقة بهذه الفترة
العمرية، والتي تنظر للطفل وكانه كتلة من الافعال السلبية غير المقبولة اسريا واجتماعيا، وقد لا
تاتي هذه الفكرة من خبرة سابقة للاب، ولكن قد تكون نقلا على السنة بعض الاباء
التي كانت لهم تجربة سيئة مع ابنائهم المراهقين.
– تقييم المشاكل على اساس التفوق الدراسي: قد تقتصر فكرة الاب عن المشاكل التي قد
يواجهها ابنه المراهق في مشاكل الدراسة والتحصيل العلمي، فالاب يرى ان ما يجب ان يشغل
بال المراهق هو دراسته وتحصيله العلمي، وغير ذلك لا يعد مشكلة في نظره، وذلك فيه
ظلم للمراهق وللتغييرات الكبيرة التي يمر بها وتؤثر على طريقة تفكيره ومشاعره وسلوكياته، وتؤسس لبناء
شخصيته.
– الاعتماد التام على الام في التربية: صعوبة التفاهم بين الاب والمراهق، وقلة التواصل بينهما
تجعل الاب يوكل امر تربية الابن او الابنة في مرحلة المراهقة الى الام لظنه ان
الام اقدر على استيعاب التغييرات التي يمر بها المراهق، والتعامل معها. وهذا معتقد خاطئ، فشخصية
الاب الديناميكية في هذه المرحلة تؤثر كثيرا على نضج ووعي المراهق وعلى الاشباع العاطفي والثقة
بالنفس التي يحتاجها الاولاد والفتيات على حد سواء.
– الانتقاد الدائم بدلا من زرع البديل الايجابي: هنالك الكثير من العبارات التي يستخدمها بعض
الاباء في انتقاد وجلد المراهق، ومن الغريب ان بعض الاباء يعتقد ان الانتقاد هو من
اساليب التربية، غير مدرك الاثر السلبي الذي تتركه تلك الانتقادات في نفسية المراهق، ابتداء من
الشعور بانه بلا قيمة، وانه عالة على المجتمع، وان وجوده او عدم وجوده لا يشكل
فرقا كبيرا، وان اي تصرف يمكن ان يقوم به لن ينال الرضا مهما حاول، فيقتل
فيه حب التميز، والاصرار والثقة بالقدرة الذاتية على النجاح.
– مقارنة المراهق بمن هم في مثل سنه: قد يعتقد بعض الاباء ان المقارنة بين
ابنه المراهق وبين ابن الجيران، او ابن خالته، او حتى بينه وبين اخوانه الاكبر منه
سنا الذين عبروا مرحلة المراهقة بدون مشاكل، طريقة لتحفيز هذا المراهق ليصبح افضل. ويجب تذكر
ان المراهق عنيد معتز بنفسه يحب ان يميز شخصيته عن غيره، وان مقارنته باي شيء
تعد اهانة له حتى وان كانت صحيحة.
– كبت قاتل او حرية مطلقة: ان لم اسيطر على ابني المراهق الان، ساندم لاحقا،
فكرة استحوذت على افكار الكثير من الاباء، على اعتبار ان المراهق يحتاج الى ترويض، وان
هذا الترويض لا ياتي الا بتحديد حرياته وتقيد حركاته. ولكن ما يغيب عن اذهان هؤلاء
الاباء ان هذا الاسلوب يولد لدى المراهق الانفجار، “فكل ممنوع مرغوب” وما لا يستطيع المراهق
عمله امام اهله سيقوم به من وراء ظهرهم.
وعلى النقيض، قد يجد بعض الاباء ان اعطاء المراهق الحرية المطلقة في التصرف هي انسب
اسلوب للتعامل معه، لان ما سامنعه عنه الان، يستطيع ان يقوم به لاحقا، فالافضل ان
اكون على دراية بما يقوم به ابني ولو عن بعد. واترك له القرار المطلق. يجب
على الاب ان يوازن بين الحرية والرقابة ويقدم الارشاد بدون ضغط، وعندما يحتاج المراهق لها
يكون قادرا على تقديم المساعدة.
– عدم وجود توافق في نظام التربية بين الام والاب: ما يجب على الابوين معا
تاكيده هو الالتزام بموقف واحد امام الاولاد مهما حصل، واي نقاش حول موضوع معين قد
يتم بينهما بدون تواجد الاولاد، فالتناقض يقلل من احترام المراهق لوالديه، ويزعزع ثقته بقراراتهما، ومع
الوقت تصبح الاوامر والنصائح بلا فائدة ما لم تتوافق مع اهواء المراهق.
– الامتناع عن اظهار العواطف للمراهق: يجد الاباء الصعوبة في اظهار مشاعرهم تجاه ابنائهم المراهقين،
على اعتقاد انهم قد اصبحوا اكبر سنا وقد يشعرون بالاحراج اذا ما اظهر الاب بعض
العاطفة، كان يقبل ابنه او ان يجلسه بجانبه يمازحه ويحتضنه. لا تخجل من حق ابنك
وابنتك عليك، وتذكر انهم سيتعلمون منك التعبير الصحيح عن مشاعرهم وعدم الخوف او الخجل من
ذلك.