صورة طريق تيشكا المنشورة على فليكر.
انها الحادثة الاكثر ترويعا في تاريخ المغرب. فقد مات 42 شخصا يوم الثلاثاء 4 ايلول/سبتمبر
اثر سقوط حافلة في هاوية جنوبي مدينة مراكش. وحدثت هذه الفاجعة على طريق تيزين تيشكا،
وهي المنطقة الاكثر ارتفاعا في المغرب، اذ يبلغ ارتفاعها 300 2 متر. مراقبنا مهندس من
المنطقة يؤكد ان هذا الطريق معروف بانه وعر جدا وانه كان يجب على السلطات منذ
زمن طويل ان تستحدث طريقا اخر.
لقد وقعت الحافلة في هاوية عمقها 150 مترا فيما كانت تسلك طريقها الى مراكش ليلا
على هذا الطريق الجبلي القادم من ورزازات. وعدا مصرع 42 شخصا، اعلنت السلطات المغربية عن
اصابة 25 جريحا منهم 4 اصاباتهم بليغة. وما زالت اسباب الحادث مجهولة لكن حسب احد
المسؤولين المحليين في وزارة النقل نقلا عن وكالة الانباء الفرنسية ا.ف.ب فالحافلة كانت تنقل 61
شخصا، وهذا يفوق حمولتها المسموحة.
وحوادث السير امر متكرر بوجه خاص في المغرب. فقد لقي 000 4 شخص حتفهم على
الطرقات عام 2024، اي بزيادة تناهز 12% مقارنة عن عام 2024. وفي الستة اشهر الاولى
من 2024، كان عدد الموتى في تزايد فاق 8% حسب احصائيات اللجنة الوطنية للوقاية من
حوادث السير.
“اذا كنا لا نعرف اليوم بالضبط سبب الحادث يمكننا ان نتساءل ان لم تكن حالة
هذا الطريق سببا زاد الامر خطورة”
Omar el Hyani
عمر الحياني
عمر الحياني مدون ومهندس في المنطقة.
“اذا لم تتح لكم فرصة المرور من طريق ورزازات – مراكش عبر تيزين تيشكا فسيصعب
عليكم تصور مدى وعورة هذا الطريق الجبلي. وصحيح ان المناظر الطبيعية هناك خلابة لكن الطريق
ضيق وملتوي على مدى 120 كم مع وجود منعرجات لا يمكن رؤية ما تخفيه ووجود
هاويات لا يرى لها قاع. ناهيك عن عدم كفاية اشارات المرور وعدم كفاية الصيانة، مما
يعني الطريق الاخطر في المغرب. اما اذا عزم احدكم على المرور من هذا الطريق في
فصل الشتاء، فعليه بالزاد والاغطية الدافئة لان الطريق غالبا ما يقطع بعد سقوط الثلوج.
ورغم اننا لا نعرف الى حد الان بالضبط سبب هذه الحادثة المفجعة لحافلة تيشكا، يمكننا
ان نتساءل فيما اذا كانت حالة هذا الطريق سببا زاد الامر خطورة. واذكر ان الحافلة
قد وقعت في هاوية عمقها 150 مترا.
فيديو هواة صور بعد حادثة يوم الثلاثاء في الممر الجبلي تيزين تيشكا.
وقد نقول ان السائق كان مسرعا جدا او كان يغلبه النعاس او انه كان شارد
الذهن لحظة الحادثة او ان الحافلة كانت محملة بما يفوق سعتها وكانت حالتها التقنية سيئة،
الا ان مسالة صيانة هذا الطريق يجب الا تستبعد.
بدا بناء طريق تيشكا عام 1942 بمبادرة من الجنرال دوغان ضمن حملة “التهدئة” في المغرب
بعد توقيع معاهدة الحماية الفرنسية عام 1912.
واليوم اصبح ضروريا بناء نفق حول الممر الجبلي تيشكا ويمر عبر الجبل من طرفه الى
طرفه.
“اجريت عدة دراسات بشان بناء النفق لكنها الى اليوم يتراكم عليها غبار الزمن في درج
ما”
عام 1974 اجريت دراسات جدوى لبناء نفق طوله 11 كم تحت الاطلس ويقلص المسافة بين
ورزازات ومراكش ب 25 كم ومن ثم يساعد السائقين على كسب 40 دقيقة من زمن
العبور. وتلت ذلك دراسات اخرى في اعوام 1996 و2002 و2004 لكنها الت الى المال نفسه:
يتراكم عليها غبار الزمن في درج ما.
فما اسباب بقاء هذا المشروع في طي النسيان؟ واذا كان الايطاليون والسويسريون والفرنسيون والاسلنديون قد
نجحوا في التغلب على هذه التحديات الصعبة ببناء نفق في الجبل الابيض وفريجوس وسامبلون وهفالفيورور
فلماذا يكون بناء نفق في تيشكا اصعب؟ السبب الوحيد الذي يبدو انه يعرقل هذا المشروع
هو كلفة تمويله. اذ تتراوح كلفته التقديرية بين 7 و10 مليار درهم [بين 600 مليون
ومليار يورو]، اي بين ثلث ونصف كلفة القطار السريع تي.جي.في طنجة – الدار البيضاء.
اننا نعيش في بلد يسعى جاهدا لايجاد الامكانيات لتمويل “لعبته الجميلة” في المغرب “النافع”، لكنه
يتعسر في تمويل بناء يمكنه ان يغير مستقبل ملايين الاشخاص الساكنين في مناطق المغرب “غير
النافع” في درعة وفي تودغا وفي دادس. انما يبدو ان هذا التقسيم الغالي جدا على
الماريشال ليوطي ما زال سائدا عند المسؤولين عن ادارة المغرب في القرن الواحد والعشرين.
تطلعات سكان المنطقة كبيرة جدا وبناء صرح بهذا الحجم سيكون ثورة حقيقية للسكان المعتادين على
العيش على هامش المغرب في “الجهة الاخرى” من الجبل حيث تؤخذ ثرواتهم بلا مقابل.
