احلى مواضيع جديدة

الابتلاء بالسحر

الابتلاء بالسحر Images

الابتلاء بالسحر D8A7D984D8A7D8A8D8Aad984D8A7D8A1 D8A8D8A7D984D8B3D8Add8B1   الى كل من ابتلي بالسحر

قبل ان اخوض في تفاصيل هذا الموضوع، وهو: كارثة السحر؛ لانه بالنسبة لي ماساة حقيقية،
بودي ان احيي كل مبتلى وكل مبتلاة تجرع او تجرعت من كاس السحر جرعات سامة،
واني اعتبر السعي للتخلص من اثار هذه الجريمة جهادا كبيرا، خاصة حين يكون السحر قديما.

ان جريمة السحر لم تكيفها القوانين الوضعية، لكن الشريعة السمحاء خصت لها وافرا من الاهتمام
والتفصيل، وصنفت هذا الفعل الحرام بانه من الكبائر.

فهنيئا لكل من ابتلي بالسحر، فالاجر كبير والمغفرة اكبر من عند الله تعالى.

لقد وردت نصوص في القران الكريم تناولت هذه الظاهرة في سور قرانية عديدة، منها قوله
تعالى: ﴿ والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا انما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح
الساحر حيث اتى ﴾ [طه: 69].

يكفينا من هذه الاية الكريمة ان الساحر لا فلاح له في الدنيا والاخرة، ولو اتى
مشارق الارض ومغاربها، انه غضب الله وسخطه على السحرة الكفرة الفجرة.

وفي اية اخرى قوله تعالى: ﴿ واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر
سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما
يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به
بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد الا باذن الله ويتعلمون ما يضرهم
ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الاخرة من خلاق ولبئس ما شروا
به انفسهم لو كانوا يعلمون ﴾ [البقرة: 102].

والمواضع كثيرة في القران الكريم تكلمت عن السحر، وهذا ان دل على شيء فانما يدل
على اقرارية هذا الاذى، والذي هو في حقيقته ابتلاء من الله – عز وجل –
لحكم عديدة؛ منها اختبار صبر المسحور في كيفية تعاطيه مع هذا الابتلاء، واختبار صبره في
طريقة تقربه من الله – عز وجل – طلبا للشفاء، لا اخفي حقيقة ان هذا
الابتلاء عظيم؛ لما يحدثه من افات اجتماعية وصحية ونفسية؛ لذلك اهنئ كل من ابتلي بهذا
الابتلاء وصبر واحتسب لله.

فالسحر على اختلاف انواعه – سواء كان ماكولا او مشروبا او مشموما او مدفونا –
فيه من الخطر الكبير والمؤثر على صحة المسحور، خاصة الماكول؛ لانه يؤثر على صحة الانسان
بشكل خطير وملحوظ، فكم من طالبة نجيبة ومتفوقة في دراستها فقدت وعي عقلها الذكي بسبب
السحر واصبحت لا تعي ما تقول! وكم من معافى في بدنه اصبح يشكو مرضا مزمنا
ومستديما في جسمه كمرض السرطان والاخص سرطان الدم والثدي عافانا الله! وكم من زوجة تحولت
حياتها الى جحيم لتنقلب مسيرتها راسا على عقب! وكم من مدللة في بيت الدلال اصبحت
منبوذة بمعنى الكلمة ليكرهها الاهل والاصدقاء والاوفياء ممن عرفوها قبل ان تصاب بالسحر! صدقا هو
جحيم لا يوصف في مظهره، ولكن في لبه هو ابتلاء بمشيئة من الله – عز
وجل – ويجب ان تؤخذ الامور في الابتلاء بالتقبل والصبر والرضا بقدر الله دونما سخط
او رفض، ويجب المسارعة للاخذ باسباب العلاج والشفاء بيد الله؛ كالعلاج بالرقية الشرعية، وزيارة بيت
الله الحرام لشرب ماء زمزم بنية طلب الشفاء بكل يقين من ان الله هو الشافي
ليبقى رفع الاذى والضرر بميقات من الله وبسبب من الاسباب، ولا داعي لاستعجال الشفاء؛ فكل
ذلك عند الله في اوانه، وليس على العبد الا الصبر والاحتساب.

لكن ما يلاحظ عند بعض المبتلين بهذا الابتلاء علامة الياس من الشفاء او في فك
السحر، خاصة عندما يطول زمن العلاج، فلم العجلة ما دام الامر مقدرا من الله –
عز وجل؟

الم يبتل حبيبنا محمد – صلى الله عليه وسلم – بالسحر وهو افضل الخلق؟! حيث
روى البخاري في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها – ان رجلا من بني
زريق يقال له: لبيد بن الاعصم، سحر رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
حتى كان الرسول يخيل اليه انه كان يفعل الشيء وما فعله.

صحيح ان ضرر السحر من اعظم المصائب؛ لما له من تاثير على عقل وسلوك المسحور،
ولكن ان صبر فالاجر عظيم من عند الله – عز وجل – ومن منا لا
يرضى بامر الله وثوابه في جنات النعيم؟!

وقد وردت هذه البشرى في قوله تعالى: ﴿ وبشر الصابرين * الذين اذا اصابتهم مصيبة
قالوا انا لله وانا اليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم
المهتدون ﴾ [البقرة: 155 – 157]، فالبشارة فيها صلوات من الله، وتاكيد على ان الصابرين
على البلاء هم المهتدون، الا يكفي هذا الثواب للصبر والتصبر؟ ثم العبد وماله وما يملك
هو في حقيقة الامر ملك لله – عز وجل – قبل ان يكون ملكا للعبد،
وهل لنا سؤال او اعتراض لملك الله؟

ثم مال العبد في النهاية هو الموت، فالعبد حين يرحل عن الدنيا يخلف وراءه اهله
وماله وصحبه، وياتي الى قبره دونما انيس من البشر، ليبقى عمله الصالح هو انيسه، فكيف
للعبد ان ياسى على ما فقد؟ وبالمرة الا يحب المؤمن ان يبتليه الله بعد ان
يختاره ليخوض غمار الابتلاء بحكمة متناهية فيها من البطولة والمغامرة في التحمل والصبر ما قد
لا يقدر عليه غيره؟

فعن صهيب الرومي – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه
وسلم -: ((عجبا لامر المؤمن؛ ان امره كله خير، وليس ذاك لاحد الا للمؤمن، ان
اصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وان اصابته ضراء صبر، فكان خيرا له))؛ رواه مسلم.

والمؤمن يبتلى على قدر ايمانه، وليس على المؤمن ان يكره ما يصيبه من ابتلاء، صحيح
في بداية الابتلاء العبد المبتلى لا يدرك انه في امتحان واختبار، فتصدر منه سلوكات منافية
للخلق السوي؛ كالعصبية الزائدة، وهجر الاحباب وقطيعتهم، والتسبب لهم في الاذى سواء اللفظي او المعنوي
دون قصد منه ودونما اي تبرير واضح لسلوكه، خاصة وانه قبل الابتلاء لم يات بمثل
هذه الافعال، ولكن بعد ان يسارع في العلاج بالطرق المشروعة والمنصوص عليها شرعا كالرقية والحجامة
ومداومة قراءة القران الكريم والاذكار الشرعية، تظهر عليه علامات التحسن في جسمه وسلوكه، والاستحسان من
مقربيه، فيستعيد علاقاته، ويشفى من اسقامه، ويتعافى في جسده وفي عقله، ليصحو من غفلة او
سبات عميق من الاوهام والوساوس والهواجس، فيدرك بنفسه انه كان مغلوبا على امره.

وارى ان على من يتعامل مع المسحور ضرورة التفهم والعفو والصفح، وان كان الله –
سبحانه وتعالى – هو من يحول المحنة الى منحة؛ ليظهر اثر نعمته جليا واضحا، فلله
الحمد دائما وابدا.

ومن جهة اخرى، لا داعي للاستهزاء او السخرية من ضعف المبتلى بالسحر، فمن يدري فقد
يبتلى هؤلاء بنفس الضرر ليغدو بلاء لهم؛ لانه في يوم من الايام بدر منهم سلوك
التعالي والتكبر والضحك على المبتلى بالسحر، وهذا خلق غير محمود مصداقا لقوله تعالى: ﴿ ان
الذين اجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون * واذا مروا بهم يتغامزون * واذا انقلبوا
الى اهلهم انقلبوا فكهين ﴾ [المطففين: 29 – 31].

هنيئا للمبتلين، هنيئا للصابرين، هنيئا للمحتسبين، مع كل هذا هنيئا للعائدين الى الله وقت الابتلاء،
ثم هنيئا للمنتصرين بفرج من الله ويسر كبيرين، فالله فوق كل شيء ويعلم خائنة الاعين
وما تكنه الصدور، فلا داعي للقلق او الحزن على ماض ولى، فيكفي انه اصبح ماضيا،
ومباركا للمبتلين بغد مشرق بالامل والتفاؤل.

فلكل مبتلى ولكل مبتلاة بالسحر مع جموع المبتلين: طوبى لكم، والله هو الناصر.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/57947/#ixzz3Zxi6KSjD

السابق
اخبار جديدة عن نجاتي شاشماز
التالي
نقش الماس