لقد استعمل التعبير عصابات (Neuroses) لاول مرة في عام 1772 على يد طبيب اسكتلندي يعرف
باسم ويليام كولن.
استخدم الدكتور كولن المصطلح “عصابات” للتعبير عن اضطرابات في الجهاز العصبي، التي لم يجد لها
سببا عضويا – جسديا، ثم لاحقا بدا هذا المصطلح يستخدم، للاشارة لكل الاضطرابات الوظيفية للجهاز
العصبي؛ المراد هنا، اضطرابات تجهل مسبباتها.
وقد ادعى زيغموند فرويد – الاب الروحي لنزعة علم النفس التحليلي- في نهايات القرن التاسع
عشر, ان هنالك اسبابا نفسية واضحة وراء اضطرابات العصابية. لذا اطلق على هذه الاضطرابات في
البداية اسم ” العصابات النفسية” (psychoneurosis) ثم عرف ثلاثة اصناف منها لاحقا:
عصاب هستيري (hysterical neurosis), عصاب قهري (compulsion neurosis), عصاب القلق (anxiety neurosis), وعصاب رهابي (phobic
neurosis).
تم تداول هذه المصطلحات حتى سنوات الثمانين من القرن العشرين، ثم هجر هذا المصطلح، ولم
يعد متداولا كمصطلح معرف للاضطرابات النفسية. يتم استخدام هذا المصطلح في المجالات النفسية والتحليل النفسي،
فقط للتمييز بين اضطرابات العصابية وبين اضطرابات الذهانية والشذوذ.
ظهر بعد ذلك، تصنيف جديد للاضطرابات النفسية، والذي يبحث في العلامات العصابية الخاصة بالاضطرابات النفسية
المختلفة. خاصة في اضطرابات القلق (anxiety disorders), اضطرابات التحويل الجسدي (somatic conversion disorder) وفي الحالات
الخاصة لبعض اضطرابات المزاج (mood disorders).
مميزات الاضطرابات العصابية:
1. انعدام مسبب عضوي.
2. يميز المصاب بالاضطرابات العصابية الواقع ويتفهم وضعه النفسي بشكل سليم (خلافا للمرضى النفسيين).
3. برغم التاثير الكبير للعصاب على سلوكيات المصاب, الا انه لا يعاني من اضطرابات الشخصية.
تعتبر المعاناة النفسية الداخلية والمرور بظروف رضحية خارجية، مصدرا للقلق، والتي تهدد استقرار النفسية الداخلية
للشخص؛ واستجابة لهذا الوضع يشعر المصاب بالحاجة للحماية، ويعمل على تفعيل اليات التاقلم عند ظهور
تهديد من مصدر خارجي. تشتمل هذه الاليات على القدرة على الهروب او الممانعة. اما التهديد
الداخلي فينبع من صراع نفسي وتعارض او تناقض قوى نفسية متضادة؛ اذ تتواجد دوافع لافعال
او نشاطات ممنوعة في اللا وعي (كدوافع جنسية او عدوانية) والتي تحتاج للتفريغ, بالمقابل وجود
الضمير والاخلاقيات الاجتماعية والقوى التي تحاول كبت, تعديل او منع هذه الدوافع الممنوعة من الانتقال
للوعي، حتى يتم تقليل الضغط النفسي المتسبب بواسطتها.
قد تساهم تجارب الطفولة التي تتسبب بالمعاناة، والتي لم يتم التخلص منها او معالجتها بطريقة
سليمة، في تفعيل اليات الدفاع الشخصية بطريقة غير ناجعة؛ لذا تفشل هذه الاليات في تقليل
درجة القلق، وبالتالي تتسبب في ظهور العلامات او الظواهر العصابية.
اعراض الاضطرابات العصابية
تشبه ردة الفعل العصابية ردة الفعل الطبيعية، الناجمة عن وضع نفسي ضاغط او الاجهاد الكبير,
كالقلق, الضائقة, وساوس الافكار, وتنبهات جسدية؛ الا ان ردة الفعل لدى المصاب بالاضطرابات العصابية، قد
تكون غير متوقعة وقد يبدر عنها تهديدات لا تتناسب مع مستوى او شدة الفعل.
عصاب القلق (anxiety neurosis): يعد القلق والاحساس بالضائقة من اهم الاعراض التي تميز هذا النوع.
قد يشعر المصاب به بقدر كبير من الخوف، يتسبب للمصاب بانعدام الراحة, الاجهاد الكبير والافراط
في القلق. قد تظهر نوبات مصحوبة بعلامات جسمانية مثل الدوار, جفاف الحلق, الاحساس بالاختناق, تسارع
نبضات القلب, النبض السريع، والتاثر في بعض حالات القلق الكبير.
عصاب مكئب (عصاب الاكتئاب) (depressive neurosis): شعور متواصل بالاكتئاب او العصبية.
عصاب قهري (compulsive neurosis) : يتميز بتوارد الافكار الوسواسية التي تسبب القلق، والسلوكيات ذات الطقوس
التي يطورها المصاب لتهدئة قلقه.
العصاب الهستيري (hysteric neurosis): يدعى اليوم جسدنة (somatization) ويتميز بظهور علامات جسمانية لا تفسير طبي
واضح لها، والتي تظهر عند الوقوع في الاجهاد البدني والنفسي الكبيرين.
عصاب رضحي (traumatic neurosis) : وصف في الماضي كعصاب يلازم الاصابة بالمرض. ويصف الوقوع في
اجهاد نفسي كبير جدا، وهبوط في النشاط بسبب الانكشاف لحدث رضحي يشكل خطورة على الحياة.