الحمام: يدل على المراة لحل الازار عنده، ويؤخذ الانسان معه مع خروج عرقه، كنزول نطفته
في الرحم، وهو كالفرج. وربما دل على دور اهل النار واصحاب الشر والخصام والكلام، كدور
الزناة والسجون، ودور الحكام والجباة لناره وظلمته او جلبة اهله وحسن ابوابه وكثرة جريان الماء
فيه. وربما دل على البحر والاسقام، وعلى جهنم. فمن راى نفسه في حمام او راه
غيره فيه، فان راى فيه ميتا فانه في النار والحميم، لان جهنم ادراك وابواب مختلفة،
وفيها الحميم والزمهرير، وان راى مريض ذلك نظرت في حاله، فان راى انه خارج من
بيت الحرارة الى بيت الطهر، وكانت علته في اليقظة حرا، تجلت عنه. فمان اغتسل وخرج
منه، خرج سليما. وان كانت علته بردا، تزايدت به وخيف عليه. فان اغتسل مع ذلك
ولبس بياضا من الثياب خلاف عادته، وركب مركوبا لا يليق به، فان ذلك غسله وكفنه
ونعشه. وان كان ذلك في الشتاء، خيف عليه الفالج. وان راى انه داخل في بيت
الحرارة فعلى ضد ما تقدم في الخروج، يجري الاعتبار، ويكون البيت الاوسط لمن جلس فيه
من المرضى، دالا على توسطه في علته حتى يدخل او يخرج، فاما نكسة او افاقة.
وان كان غير مريض، وكانت له خصومة او حاجة في دار حاكم او سلطان او
جاب، حكم له وعليه على قدر ما ناله في الحمام من شدة حرارته او برده،
او زلق او رش. فان لم يكن شيء من ذلك، وكان الرجل عزبا، تزوج او
حضر في وليمة او جنازة، وكان فيها من الجلبة او الضوضاء والهموم والغموم كالذي يكون
في الحمام، والا ناله عنه سبب من مال الدنيا عند حاكم لما فيه من جريان
الماء والعرق، وهي اموال. وربما دل العرق خاصة على الهم والتعب والمرض مع غمه الحمام
وحرارته. فان كان فيه متجردا من ثيابه، فلامر مع زوجته، ومن اجلها وناحيتها وناحية اهلها
يجري عليه ما تؤذن الحمام به. فان كان فيه باثوابه، فالامر من ناحية اجنبية او
بعض المحرمات كالام والابنة والاخت حتى تعتبر احواله ايضا، وتنقل مراتبه ومقاماته، وما لقيه او
يلقاه بتصرفه في الحمام، وانتقاله فيه من مكان الى مكان. وان راى انه دخله من
قناة او طاقة صغيرة في بابه، او كان فيه اسد او سباع او وحش او
غربان او حيات، فانه امراة يدخل اليها في زينة، ويجتمع عندها مع اهل الشر والفجور
من الناس. وقال بعضهم: الحمام بيت اذى، ومن دخله اصابه هم لا بقاء له من
قبل النساء. والحمام اشتق من اسمه الحميم، فهو حم، والحم صهر او قريب. فان استعمل
فيه ماء حارا اصاب هما من قبل النساء، وان كان مغموما ودخل الحمام خرج من
غمه. فان اتخذ في الحمام مجلسا، فانه يفجر بامراة ويشهر بامره، لان الحمام موضع كشف
العورة. فان بنى حماما فانه ياتي الفحشاء ويشنع عليه بذلك. فان كان الحمام حارا لينا،
فان اهله وصهره وقرابات نسائه موافقون مساعدون له، مشفقون عليه. فان كان باردا، فانه لا
يخالطونه ولا ينتفع بهم. وان كان شديد الحرارة، فانه يكونون غلاظ الطباع لا يرى منهم
سرورا لشدتهم. وقيل ان راى انه في البيت الحار. فان رجلا يخونه في امراته، وهو
يجهد ان يمنعه فلا يتهيا له. فان امتلا الحوض وجرى الماء من البيت الحار الى
البيت الاوسط، فانه يغضبه على امراته، وان كان الحمام منسوبا الى غضارة الدنيا، فان كان
باردا، فان صاحب الرؤيا فقير قليل الكسب لا تصل يده الى ما يريد. وان كان
حارا لينا واستطابه، فان اموره تكون على محبة، ويكون كسوبا صاحب دولة، يرى فيه فرجا
وسرورا. وان كان حارا شديد الحرارة، فانه يكون كسوبا ولا يكون له تدبير ولا يكون
له عند الناس محمدة. وقيل من راى انه دخل حماما، فهو دليل الحمى النافض. فان
راى انه شرب من البيت الحار ماء سخنا، او صب عليه او اغتسل به على
غير هيئة الغسل، فهو هم وغم ومرض وفزع، بقدر سخونة الماء، وان شربه من البيت
الاوسط، فهي حمى صالبة. وان شربة من البيت البارد، فهو برسام، فان راى انه اغتسل
بالماء الحار واراد سفرا فلا يسافر. فان كان مستجيرا بانسان يطلب منفعته، فليس عنده فرج،
لقوله تعالى: ” وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل ” . فاذا اجتمع الحمام والاغتسال والنورة،
فخذ بالاغتسال والنورة ودع الحمام، فان ذلك اقوى في التاويل. فان راى في محله حماما
مجهولا، فان هناك امراة ينتابها الناس. وقال بعضهم: من راى كانه يبني حماما قضيت حاجته.
وحكي ان رجلا راى كانه زلق في الحمام فقصها على معبر، فقال: شدة تصيبك. فعرض
له انه زلق في الحمام، فانكسرت رجله.