العشرة المبشرون بالجنة
ابو بكر الصديق
“الصديق”
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد القرشي التميمي،
كنيته ابو بكر، وكنية ابيه ابو قحافة، كان يتاجر في الثياب، وكان مؤلفا يحبه الناس
لحسن خلقه، ويحبون حديثه لعلمه بالانساب. وكان اسمه عبد الكعبة، فسماه النبي صلى الله عليه
وسلم عبد الله، وهو اول من اسلم من الرجال. قال له النبي صلى الله عليه
وسلم: “انت عتيق الله من النار” فسمى عتيقا , وصدق النبي صلى الله عليه وسلم
يوم الاسراء والمعراج فسمي الصديق ولم يتخلف عن مشهد واحد من المشاهد مع النبي صلى
الله عليه وسلم، وثبت يوم احد ويوم حنين حين فر الناس، اسلم على يده عثمان
وعبد الرحمن بن عوف والزبير وطلحة وغيرهم، واعتق سبعة كانوا يعذبون، منهم بلال وعامر بن
فهيرة – وابو بكر خير الامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم. كان رجلا كريما
تصدق بماله كله لله ، وهو رفيق النبي صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام وبعده،
وهو ايضا رفيقه في هجرته، وخليفته من بعده، وهو الذي ثبت يوم موت النبي صلى
الله عليه وسلم، وذكر المسلمين بان موته حق، خاض في خلافته حروبا طاحنة ضد المرتدين
لردهم الى الاسلام. ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين واشهر، وتوفي بعده بسنتين
وثلاثة اشهر في جمادى الاخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، واستخلف من بعده عمر بن الخطاب
على المسلمين. وفي فضائله رضي الله عنه وردت احاديث كثيرة لا تحصى.
عمر بن الخطاب
“الفاروق”
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط القرشي العدوي،
كنيته ابو حفص، ولقبه الفاروق. ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة.
وكان من اشراف قريش في الجاهلية والمتحدث الرسمي باسمهم مع القبائل الاخرى. لما بعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم كان عمر شديدا عليه وعلى المسلمين، ثم كتب الله له
الهداية فاسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم في دار الارقم، في ذي الحجة
سنة ست من البعثة، بعد اسلام حمزة رضي الله عنه بثلاثة ايام. وكان النبي صلى
الله عليه وسلم قد دعا :”اللهم اعز الاسلام باحب الرجلين اليك: عمر بن الخطاب او
عمرو بن هشام يعني ابا جهل”. وخلاصة الروايات مع الجمع بينها في اسلامه رضي الله
عنه انه التجا ليلة الى المبيت خارج بيته فجاء الى الحرم ، ودخل في ستر
الكعبة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وقد استفتح سورة ( الحاقة )
فجعل عمر يستمع الى القران ،ويعجب من تاليفه ، قال : فقلت اي في نفسي
هذا والله شاعر كما قالت قريش ، قال : فقرا(انه لقول رسول كريم وما هو
بقول شاعر قليلا ما تؤمنون )[ 41.40.69] قال : قلت : كاهن . قال(ولا بقول
كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين )الى اخر السورة : قال فوقع الاسلام
في قلبي . كان هذا اول وقوع نواة الاسلام في قلبه ، لكن كانت قشرة
النزعات الجاهلية ، والعصبية التقليدية والتعاظم بدين الاباء هي غالبة على مخ الحقيقة التي كان
يتهامس بها قلبه ، فبقي مجدا في عمله ضد الاسلام ، غير مكترث بالشعور الذي
يكمن وراء هذه القشرة . وكان من حدة طبعه وفرط عداوته لرسول الله صلى الله
عليه وسلم انه خرج يوما متوشحا سيفه ، يريد القضاء على النبي صلى الله عليه
وسلم فلقيه نعيم بن عبدالله النحام العدوي ، او رجل من بني زهرة ، او
رجل من بني مخزوم ،فقال اين تعمد يا عمر ؟ قال . اريد ان اقتل
محمدا قال : كيف تامن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدا ؟
فقال له عمر : ما اراك الا قد صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه ،
قال افلا ادلك على العجب يا عمر ! ان اختك وختنك قد صبوا ، وتركا
دينك الذي انت عليه ، فمشى عمر دامرا حتى اتاهما وعندهما خباب بن الارت معه
صحيفة فيها طه يقرئهما اياها وكان يختلف اليهما ويقرئهما القران فلما سمع خباب حس عمر
توارى في البيت ، وسترت فاطمة اخت عمر الصحيفة ، وكان قد سمع عمر حين
دنا من البيت قراءة خباب اليهما ، فلما دخل عليهما قال : ما هذه الهينمة
التي سمعتها عندكم ؟ فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا . قال فعللكما قد
صبوتما . فقال له ختنه : يا عمر ارايت ان كان الحق في غير دينك
؟فوثب عمر على ختنه فوطئه وطا شديدا . فجاءت اخته فرفعته عن زوجها فنفحها نفحة
بيده ، فدمى وجهها وفي رواية ابن اسحاق انه ضربها فشجها فقالت وهي غضبى :
يا عمر ان كان الحق في غير دينك ، اشهد ان لا اله الا الله
، واشهد ان محمدا رسول الله . فلما يئس عمر ، وراى ما باخته من
الدم ندم واستحى ، وقال : اعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فاقرؤه فقالت اخته :
انك رجس ، ولا يمسه الا المطهرون ، فقم فاغتسل فقام فاغتسل ، ثم اخذ
الكتاب ، فقرا ( )فقال : اسماء طيبة طاهرة . ثم قرا : (طه) حتى
انتهى الى قوله(انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلاة لذكرى )فقال:ما احسن
هذا الكلام واكرمه ؟ دلوني على محمد . فلما سمع خباب قوله عمر خرج من
البيت ، فقال : ابشر يا عمر ، فانى ارجو ان تكون دعوة الرسول صلى
الله عليه وسلم لك ليلة الخميس( اللهم اعز الاسلام بعمر بن الخطاب او بابي جهل
بن هشام )ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في اصل الصفا .
فاخذ عمر سيفه ، فتوشحه ، ثم انطلق حتى اتى الدار ، فضرب الباب ،
فقام رجل ينظر من خلل الباب فراه متوشحا السيف ، فاخبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، واستجمع القوم ، فقال لهم حمزة: مالكم ؟ قالوا : عمر ،
فقال : وعمر ، افتحوا له الباب ، فان كان جاء يريد خيرا بذلناه له
، وان كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم
داخل يوحى اليه فخرج الى عمر حتى لقيه في الحجرة ، فاخذه بمجامع ثوبه وحمائل
السيف ، ثم جبذه جبذة شديدة فقال اما انت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله
بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم ! هذا عمر بن
الخطاب ، اللهم اعز الاسلام بعمر بن الخطاب فقال عمر : اشهد ان لا اله
الا الله ، وانك رسول الله . واسلم فكبر اهل الدار تكبيرة سمعها اهل المسجد
. كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام ، وقد اثار اسلامه ضجة
بين المشركين بالذلة ،والهوان ، وكسا المسلمين عزة وشرفا وسرورا. روى ابن اسحاق بسنده عن
عمر قال : لما اسلمت تذكرت اي اهل مكة اشد لرسول الله صلى الله عليه
وسلم عداوة ، قال: قلت : ابو جهل ، فاتيت حتى ضربت عليه بابه فخرج
الي ، وقال اهلا وسهلا ، ما جاء بك ؟ قال : جئت لاخبرك اني
قد امنت بالله وبرسوله محمد ،وصدقت بما جاء به . قال فضرب الباب في وجهي
، وقال قبحك الله ، وقبح ما جئت به. وبعد ان اسلم عمر استشار النبي
صلى الله عليه وسلم في ان يخرج المسلمون ويعلنوا اسلامهم في المسجد الحرام فاذن له،
وخرج المسلمون وهم يومئذ اربعون رجلا في صفين، يتقدم احدهما حمزة بن عبد المطلب ويتقدم
الثاني عمر بن الخطاب، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالفاروق. عن ايوب بن
موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ان الله جعل الحق على لسان
عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق الله به بين الحق والباطل”. وباسلامه رضي الله عنه قويت
شوكة المسلمين واعلنوا بايمانهم، عن عبد الله بن مسعود قال: “كان اسلام عمر فتحا، وكانت
هجرته نصرا، وكانت امارته رحمة. ولقد رايتنا وما نستطيع ان نصلي في البيت حتى اسلم
عمر، فلما اسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا” وعندما جاء الامر بالهجرة الى المدينة هاجر
عمر ، وتعمد ان يهاجر في العلن ليغيظ الكفار، فطاف بالبيت سبعا، ثم اتى المقام
فصلى متمكنا، ثم وقف في كامل سلاحه وقال للمشركين: شاهت الوجوه، لا يرغم الله الا
هذه المعاطس اي الانوف من اراد ان تثكله امه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء
هذا الوادي. فما تبعه احد. شهد عمر بن الخطاب جميع الغزوات مع النبي صلى الله
عليه وسلم، وكان من اقرب الناس الى قلبه، عن عبد الله بن عباس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وزيراي من اهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من اهل
الارض ابو بكر وعمر”. وقال: “لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب”. وعمر هو
احد المبشرين بالجنة، وهو ابو حفصة ام المؤمنين رضي الله عنها. وكثيرا ما نزل القران
الكريم موافقا لاراء عمر، عن عبد الله بن عمر قال: “ما نزل بالناس امر قط
فقالوا فيه، وقال فيه عمر او قال ابن الخطاب الا نزل فيه القران على نحو
ما قال عمر”. اشتهر رضي الله عنه بالزهد، وسعة العلم، والجراة في الحق، وبعدما تولى
الخلافة صار مضرب المثل في العدل في زمانه والى يوم الناس هذا. عن ابن عباس
قال: اكثروا ذكر عمر، فانكم اذا ذكرتموه ذكرتم العدل، واذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك
وتعالى. تولى عمر خلافة المسلمين بعد وفاة ابي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك في
السنة الثالثة عشر من الهجرة، ودامت خلافته عشر سنوات وستة اشهر وخمس ليال. وفي عهده
اصبحت دولة الاسلام الدولة العظمى الاولى في العالم، حيث تمت الفتوحات التي بدات في عهد
ابي بكر رضي الله عنه، وكسرت شوكة الروم، وزالت دولة الفرس نهائيا من الوجود؛ ففتح
العراق، والشام، ومصر، والجزيرة، وديار بكر، وارمينية، وارانيه، وبلاد الجبال، وبلاد فارس، وخوزستان، وغيرها. وادر
عمر العطاء على الناس، وجعل نفسه بمنزلة الاجير وكاحاد المسلمين في بيت المال. وكان عمر
بن الخطاب اعسر يسر: يعمل بيديه، وكان اصلع طويلا، ابيض البشرة، الا ان لون بشرته
تغير عام الرمادة عام الشدة والقحط لانه اكثر من اكل الزيت، وحرم على نفسه السمن
واللبن حتى يخصب الناس وتنصلح احوالهم؛ فتغير لونه لذلك. وهو اول من سمي بامير المؤمنين،
واول من اتخذ التاريخ الهجري ، واول من جمع الناس على قيام رمضان، واول من
دون الدواوين في الدولة الاسلامية. استشهد رضي الله عنه بعد ان طعن يوم الاربعاء لاربع
ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة،
طعنه ابو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس، وقال عمر حين عرف شخصية قاتله: الحمد لله
الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الاسلام! ومكث ثلاثا، ثم دفن يوم الاحد صباح
هلال المحرم سنة اربع وعشرين، بجوار قبري النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابي بكر
رضي الله عنه.
عثمان بن عفان
“ذا النورين”
عثمان بن عفان بن ابي العاص بن امية بن عبد شمس بن عبد مناف الاموي.
ثالث الخلفاء الراشدين، واحد العشرة المبشرين بالجنة. اسلم في اول الاسلام على يد ابى بكر،
تزوج ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم رقية، ثم لما ماتت زوجه رسول الله صلى
الله عليه وسلم باختها ام كلثوم فسمي ذا النورين. هاجر هجرتي الحبشة، ثم هاجر الى
المدينة، وكان ثريا كثير النفقات فقد جهز وحده نصف جيش العسرة، واشترى بئر رومة التي
في المدينة بماله وجعلها لابن السبيل، وكان حييا تستحي منه الملائكة، بشره النبي صلى الله
عليه وسلم بالجنة وببيت في الجنة. ولى الخلافة بعد مقتل عمر سنة اربع وعشرين للهجرة،
وخرج عليه في اخر حياته بعض اهل مصر والبصرة والكوفة والمدينة، فحاصروه، وابى ان يقاتلهم
مع قدرته على ذلك حقنا لدماء المسلمين، حتى تسور عليه بعضهم البيت فقتلوه وهو يقرا
القران، وكان مقتله رضي الله عنه وارضاه فاجعة عظيمة روعت المؤمنين، وفتحت عليهم ابواب الفتنة
زمنا طويلا، وكان ذلك سنة خمس وثلاثين للهجرة، وعمره انئذ بضعا وثمانين، رحمه الله رحمة
واسعة، واسكنه فسيح جناته، ولا غفر لقاتليه. وعرف هذا اليوم الاسود بيوم الدار.
علي بن ابي طالب
هو علي بن ابي طالب، وابو طالب هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم
بن عبد مناف القرشي الهاشمي. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة
سيدة نساء العالمين، وابو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة. وعلى هو اول من
اسلم من الصبيان اسلم بعد خديجة وابي بكر، وقيل بل قبل ابي بكر، وعمره عشر
سنين اوخمس عشرة سنة، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، تاخى النبي صلى الله عليه وسلم
معه عندما اخى بين المسلمين، وقال انت اخي في الدنيا والاخرة. نام في فراش النبي
صلى الله عليه وسلم لما خرج مهاجرا، وتغطى ببردته ليعمى على المشركين المرابضين امام بيت
النبي صلى الله عليه وسلم، وامره ان يؤدي ما كان عنده من الامانات الى اهلها.
ثم هاجر متخفيا ماشيا فتورمت قدماه من كثرة المشي حتى قدم المدينة، وشهد بدرا وابلى
فيها بلاء حسنا، وشهد احدا واصيب فيها بست عشرة اصابة، وكان حامل اللواء بعد استشهاد
مصعب بن عمير، وشهد المشاهد كلها الا يوم تبوك، فان النبي صلى الله عليه وسلم
رده الى المدينة واستخلفه على اهله وقال له: “الا ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون
من موسى، الا انه لا نبي بعدي”. وفي يوم خيبر، اعطى النبي صلى الله عليه
وسلم الراية في اول يوم لابي بكر، فلم يفتح له، فاعطاها لعمر في اليوم الثاني
فلم يفتح له، فقال: “لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح
الله على يديه”، فاعطاها عليا، وفتح الله على يديه. وكان علي عالما يساله الناس ولا
يسالون بعده احدا، وكان عمر يستعيذ من معضلة ولا ابا الحسن لها، وقد ولاه النبي
صلى الله عليه وسلم قضاء اليمن، وعلى هو الذي قتل عمرو بن عبد ود فارس
العرب. بايع ابا بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وعاونه، وبايع عمر من
بعده وعاونه، وبايع عثمان وعاونه، وازره في فتنته مؤازرة شديدة، فقد عرض عليه ان ياتيه
بابنائه فيقاتلوا دونه، ويفكوا حصاره، ولكن عثمان رفض حقنا للدماء، فلما قتل عثمان اجمع الناس
على مبايعة علي بالخلافة، فبايعوه واختلف عليه بعض الناس، فتخلف معاوية في اهل الشام، وامتنعوا
عن بيعته، وحاربه معاوية مطالبا بدم عثمان، وكانت فتنة شديدة على المسلمين، وقعت فيها موقعتان
شهيرتان هما الجمل وصفين، وبعدهما اتفق علي ومعاوية على التحكيم حقنا لدماء المسلمين، فخرج على
على فريق من اصحابه رفضا لقبوله التحكيم بينه وبين معاوية، وهؤلاء الذين خرجوا على علي
هم الخوارج، وقد قاتلهم علي رضي الله عنه، وقتل كثيرا منهم، محققا بذلك نبوءة رسول
الله صلى الله عليه وسلم له. وقرر ثلاثة من الخوارج قتل علي ومعاوية وعمرو بن
العاص، وتوجه كل واحد الى الرجل الذي اختار ان يقتله، فلم يفلح منهم في هدفه
غير قاتل على وهو عبد الرحمن بن ملجم، ضربه غيلة وغدرا بسيف مسموم وهو في
طريقه لصلاة الصبح في رمضان سنة اربعين للهجرة. كان على بن ابي طالب رضي الله
عنه واسع العلم، يساله كثير من الصحابة، حتى قال ابن عباس: لقد اعطي علي تسعة
اعشار العلم، وايم الله لقد شاركهم في العشر العاشر.
الزبير بن العوام
“حواري الرسول ”
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن اسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب،
كنيته ابو عبد الله، حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية. اسلم
وهو ابن خمس عشرة سنة وقيل ابن اثنتي عشرة سنة وهو من السبعة السابقين الى
الاسلام. وزوج اسماء بنت ابي بكر “ذات النطاقين” هو اول من سل سيفه في الاسلام
وذلك بمكة حين اشيع ان النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فسل الزبير سيفه
واقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم باعلى مكة، فقال: “مالك يا زبير”، قال: اخبرت
انك اخذت،فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له ولسيفه. وهاجر الى الحبشة ثم
الى المدينة، شهد بدرا والمواقع كلها وكان من اعظم الفرسان واشجعهم قال عنه عمر: الزبير
ركن من اركان الدين. اشتهر بالجود والكرم، وروي عنه انه كان له الف مملوك يؤدون
اليه خراج ارضه، فما يدخل بيته منها درهما واحدا، بل يتصدق بذلك كله. هو احد
العشرة المبشرين بالجنة، واحد الستة الذين اختارهم عمر للخلافة من بعده، وسمى ابناءه باسماء شهداء
الصحابة. شهد الجمل محاربا لعلي، فاختلى به علي يومها وكلمه فرجع وترك القتال، ولكن عبد
الله بن جرموذ تبعه فقتله غدرا، وحمل راسه وسيفه الى على، فبكاه على وقبل سيفه
ولم ياذن لقاتله بالدخول عليه وبشره بالنار. وكان ذلك في سنة 36 وكان عمر الزبير
وقتها 67 سنة.
سعد بن ابي وقاص
هو سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشي الزهري، من اوائل
المسلمين، اسلم وسنه سبع عشرة سنة، وهو احد العشرة المبشرين بالجنة، واحد اصحاب الشورى الستة
الذين اختارهم عمر عند وفاته، لاختيار خليفة منهم. وهو اول من اراق دما في سبيل
الله، وذلك حين اعترض المشركون سبيل المسلمين، عندما ارادوا الصلاة في احد شعاب مكة، فضرب
سعد رجلا من المشركين بعظم جمل فشجه، فكان اول دم اريق في الاسلام. وهو اول
من رمى بسهم في سبيل الله ايضا. ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: “اللهم استجب لسعد اذا دعاك” ، فكان لا يدعو الا استجيب له. شهد جميع
الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابلى بلاء حسنا يوم احد، فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارم فداك ابي وامي. وروي انه رمى يومها الف
سهم. امره عمر على الجيوش التي سيرها لقتال الفرس، فكان قائدا للجيش الذي هزم الفرس
بالقادسية، وهو الذي فتح مدائن كسرى، وهو الذي بنى الكوفة. ولاه عمر على العراق، وكذلك
ولاه عثمان على الكوفة. وفي زمن الفتنة اعتزل سعد الفريقين. وتوفي سعد رضي الله عنه
سنة خمس وخمسين تقريبا، ودفن بالمدينة، وكان اخر المهاجرين وفاة.
ابو عبيدة بن الجراح
“امين هذه الامة”
هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن ضبة بن الحارث بن فهر،
من كنانة وكنيته ابو عبيدة. من السابقين الاولين الى الاسلام، وهو امين هذه الامة، وهو
احد العشرة المبشرين بالجنة، هاجر الى الحبشة، ثم عاد الى مكة، وهاجر الى المدينة. شهد
بدرا، والمشاهد كلها، ويوم بدر قتل ابو عبيدة اباه، فقد كان كافرا يلاحق ابا عبيدة
ليقتله. ولاه عمر قيادة الجيوش. ومات ابو عبيدة في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة للهجرة
.
طلحة بن عبيد الله
“طلحة الخير ”
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد القرشي التميمي.
من السابقين الى الاسلام، وممن عذبوا في الله عذابا شديدا، وهو احد العشرة المبشرين بالجنة.
لم يشهد بدرا لانه كان يتحسس اخبار المشركين بالشام، سماه النبي صلى الله عليه وسلم
يوم احد طلحة الخير، ويوم حنين طلحة الجود، ويوم العسرة طلحة الفياض، ابلى يوم احد
بلاء حسنا، وحمل الرسول على كتفيه، واصيب بضعا وسبعين اصابة، وقطعت اصبعه. كان ثريا كثير
الاموال، كثير الصدقات. اختاره عمر بن الخطاب عند وفاته ضمن ستة، هم اصحاب الشورى؛ ليختاروا
خليفة للمسلمين من بينهم. وقد كان شديدا على عثمان في فتنته، ولكنه لم يرض بقتله،
وكان يقول: “اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى”. اشترك في حرب الجمل ضد علي، ولكن
عليا كلمه وكلم الزبير فرجعا عن قتاله، ولكنهما قتلا والذي قتل طلحة هو مروان بن
الحكم.
عبد الرحمن بن عوف
عبد الرحمن بن عوف احد الثمانية السابقين الى الاسلام ، عرض عليه ابو بكر الاسلام
فما غم عليه الامر ولا ابطا ، بل سارع الى الرسول -صلى الله عليه وسلم-
يبايعه وفور اسلامه حمل حظه من اضطهاد المشركين ، هاجر الى الحبشة الهجرة الاولى والثانية
، كما هاجر الى المدينة مع المسلمين وشهد المشاهد كلها ، فاصيب يوم احد بعشرين
جراحا احداها تركت عرجا دائما في ساقه ، كما سقطت بعض ثناياه فتركت هتما واضحا
في نطقه وحديثه000 التجارة كان -رضي الله عنه- محظوظا بالتجارة الى حد اثار عجبه فقال
🙁 لقد رايتني لو رفعت حجرا لوجدت تحته فضة وذهبا )000وكانت التجارة عند عبد الرحمن
بن عوف عملا وسعيا لا لجمع المال ولكن للعيش الشريف ، وهذا ما نراه حين
اخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والانصار ، فاخى بين عبد الرحمن بن
عوف و سعد بن ربيع ،فقال سعد لعبد الرحمن 🙁 اخي انا اكثر اهل المدينة
مالا ، فانظر شطر مالي فخذه ، وتحتي امراتان ، فانظر ايتهما اعجب لك حتى
اطلقها وتتزوجها )000فقال عبد الرحمن 🙁 بارك الله لك في اهلك ومالك ، دلوني على
السوق )000وخرج الى السوق فاشترى وباع وربح000 حق الله كانت تجارة عبد الرحمن بن عوف
ليست له وحده ، وانما لله والمسلمون حقا فيها ، فقد سمع الرسول -صلى الله
عليه وسلم- يقول يوما 🙁 يا بن عوف انك من الاغنياء ، وانك ستدخل الجنة
حبوا ، فاقرض الله يطلق لك قدميك )000ومنذ ذاك الحين وهو يقرض الله قرضا حسنا
، فيضاعفه الله له اضعافا ، فقد باع يوما ارضا باربعين الف دينار فرقها جميعا
على اهله من بني زهرة وامهات المسلمين وفقراء المسلمين ،وقدم خمسمائة فرس لجيوش الاسلام ،
ويوما اخر الفا وخمسمائة راحلة ، وعند موته اوصى بخمسين الف دينار في سبيل الله
، واربعمائة دينار لكل من بقي ممن شهدوا بدرا حتى وصل للخليفة عثمان نصيبا من
الوصية فاخذها وقال 🙁 ان مال عبد الرحمن حلال صفو ، وان الطعمة منه عافية
وبركة )000وبلغ من جود عبد الرحمن بن عوف انه قيل 🙁 اهل المدينة جميعا شركاء
لابن عوف في ماله ، ثلث يقرضهم ، وثلث يقضي عنهم ديونهم ، وثلث يصلهم
ويعطيهم )000وخلف بعده ذهب كثير ، ضرب بالفؤوس حتى مجلت منه ايدي الرجال000 قافلة الايمان
في احد الايام اقترب على المدينة ريح تهب قادمة اليها حسبها الناس عاصفة تثير الرمال
، لكن سرعان ما تبين انها قافلة كبيرة موقرة الاحمال تزحم المدينة وترجها رجا ،
وسالت ام المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- 🙁 ما هذا الذي يحدث في المدينة ؟)000واجيبت
انها قافلة لعبد الرحمن بن عوف اتت من الشام تحمل تجارة له فعجبت ام المؤمنين
🙁 قافلة تحدث كل هذه الرجة ؟)000فقالوا لها 🙁 اجل يا ام المؤمنين ، انها
سبعمائة راحلة )000وهزت ام المؤمنين راسها وتذكرت 🙁 اما اني سمعت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- يقول 🙁 رايت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا )000ووصلت هذه الكلمات
الى عبد الرحمن بن عوف ، فتذكر انه سمع هذا الحديث من النبي -صلى الله
عليه وسلم- اكثر من مرة ، فحث خطاه الى السيدة عائشة وقال لها 🙁 لقد
ذكرتني بحديث لم انسه )000ثم قال 🙁 اما اني اشهدك ان هذه القافلة باحمالها واقتابها
واحلاسها في سبيل الله )000ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على اهل المدينة وما حولها000 الخوف وثراء
عبد الرحمن -رضي الله عنه- كان مصدر ازعاج له وخوف ، فقد جيء له يوما
بطعام الافطار وكان صائما ، فلما وقعت عليه عيناه فقد شهيته وبكى ثم قال 🙁
استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني فكفن في بردة ان غطت راسه بدت رجلاه
، وان غطت رجلاه بدا راسه ، واستشهد حمزة وهو خير مني ، فلم يوجد
له ما يكفن فيه الا بردة ، ثم بسط لنا في الدنيا ما بسط ،
واعطينا منها ما اعطينا واني لاخشى ان نكون قد عجلت لنا حسناتنا )000 كما وضع
الطعام امامه يوما وهو جالس مع اصحابه فبكى ، وسالوه 🙁 ما يبكيك يا ابا
محمد ؟)000 قال 🙁 لقد مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما شبع هو
واهل بيته من خبز الشعير ، ما ارانا اخرنا لما هو خير لنا )000 وخوفه
هذا جعل الكبر لا يعرف له طريقا ، فقد قيل 🙁 انه لو راه غريب
لا يعرفه وهو جالس مع خدمه ، ما استطاع ان يميزه من بينهم )000 الهروب
من السلطة كان عبد الرحمن بن عوف من الستة اصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة
لهم من بعده قائلا 🙁 لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض )000واشار الجميع الى
عبد الرحمن في انه الاحق بالخلافة فقال 🙁 والله لان تؤخذ مدية فتوضع في حلقي
، ثم ينفذ بها الى الجانب الاخر ، احب الي من ذلك )000وفور اجتماع الستة
لاختيار خليفة الفاروق تنازل عبد الرحمن بن عوف عن حقه الذي اعطاه اياه عمر ،
وجعل الامر بين الخمسة الباقين ، فاختاروه ليكون الحكم بينهم وقال له علي -كرم الله
وجهه- 🙁 لقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصفك بانك امين في اهل
السماء ، وامين في اهل الارض )000فاختار عبد الرحمن بن عوف ( عثمان بن عفان
) للخلافة ، ووافق الجميع على اختياره000 وفاته في العام الثاني والثلاثين للهجرة جاد بانفاسه
-رضي الله عنه- وارادت ام المؤمنين ان تخصه بشرف لم تخص به سواه ، فعرضت
عليه ان يدفن في حجرتها الى جوار الرسول وابي بكر وعمر ، لكنه استحى ان
يرفع نفسه الى هذا الجوار ، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون اذ تواثقا يوما
ايهما مات بعد الاخر يدفن الى جوار صاحبه000وكانت يتمتم وعيناه تفيضان بالدمع 🙁 اني اخاف
ان احبس عن اصحابي لكثرة ما كان لي من مال )000ولكن سرعان ما غشته السكينة
واشرق وجهه وارهفت اذناه للسمع كما لو كان هناك من يحادثه ، ولعله سمع ما
وعده الرسول -صلى الله عليه وسلم- 🙁 عبد الرحمن بن عوف في الجنة ) …
سعيد بن زيد القرشي
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي القرشي ، ابو الاعور ، من خيار
الصحابة ابن عم عمر بن الخطاب وزوج اخته ، ولد بمكة عام ( 22 قبل
الهجرة ) وهاجر الى المدينة ، شهد المشاهد كلها الا بدرا لقيامه مع طلحة بتجسس
خبر العير ، وهو احد العشرة المبشرين بالجنة ، كان من السابقين الى الاسلام هو
وزوجته ام جميل ( فاطمة بنت الخطاب )000 والده وابوه -رضي الله عنه- ( زيد
بن عمرو ) اعتزل الجاهلية وحالاتها ووحد الله تعالى بغير واسطة حنيفيا ، وقد سال
سعيد بن زيد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال 🙁 يا رسول الله ، ان
ابي زيد بن عمرو بن نفيل كان كما رايت وكما بلغك ، ولو ادركك امن
بك ، فاستغفر له ؟)000 قال 🙁 نعم )000واستغفر له000وقال 🙁 انه يجيء يوم القيامة
امة وحده )000 المبشرين بالجنة روي عن سعيد بن زيد انه قال : قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- 🙁 عشرة من قريش في الجنة ، ابو بكر ،
وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ،
وسعد بن مالك ( بن ابي وقاص ) ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن
نفيل ، و ابو عبيدة بن الجراح )000رضي الله عنهم اجمعين000 الدعوة المجابة كان -رضي
الله عنه- مجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع اروى بنت اوس ، فقد شكته الى
مروان بن الحكم ، وادعت عليه انه غصب شيئا من دارها ، فقال 🙁 اللهم
ان كانت كاذبة فاعم بصرها ، واقتلها في دارها )000فعميت ثم تردت في بئر دارها
، فكانت منيتها000 الولاية كان سعيد بن زيد موصوفا بالزهد محترما عند الولاة ، ولما
فتح ابو عبيدة بن الجراح دمشق ولاه اياها ، ثم نهض مع من معه للجهاد
، فكتب اليه سعيد 🙁 اما بعد ، فاني ما كنت لاوثرك واصحابك بالجهاد على
نفسي وعلى ما يدنيني من مرضاة ربي ، واذا جاءك كتابي فابعث الى عملك من
هو ارغب اليه مني ، فاني قادم عليك وشيكا ان شاء الله والسلام )000 البيعة
كتب معاوية الى مروان بالمدينة يبايع لابنه يزيد ، فقال رجل من اهل الشام لمروان
🙁 ما يحبسك ؟)000قال مروان 🙁 حتى يجيء سعيد بن زيد يبايع ، فانه سيد
اهل البلد ، اذا بايع بايع الناس )000قال 🙁 افلا اذهب فاتيك به ؟)000وجاء الشامي
وسعيد مع ابي في الدار ، قال 🙁 انطلق فبايع )000قال 🙁 انطلق فساجيء فابايع
)000فقال 🙁 لتنطلقن او لاضربن عنقك )000قال 🙁 تضرب عنقي ؟ فوالله انك لتدعوني الى
قوم وانا قاتلتهم على الاسلام )000فرجع الى مروان فاخبره ، فقال له مروان 🙁 اسكت
)000وماتت ام المؤمنين ( اظنها زينب ) فاوصت ان يصلي عليها سعيد بن زيد ،
فقال الشامي لمروان 🙁 ما يحبسك ان تصلي على ام المؤمنين ؟)000قال مروان 🙁 انتظر
الذي اردت ان تضرب عنقه ، فانها اوصت ان يصلي عليها )000فقال الشامي 🙁 استغفر
الله )000 وفاته توفي بالمدينة سنة ( 51 ه ) ودخل قبره سعد بن ابي
الوقاص وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم اجمعين-