هرمون النمو من اكثر الهرمونات تداولا في حديث العامة من الناس من قصيري القامة الذين
يتطلعون لاضافة بضعة سنتيمترات الى اطوالهم، وضعاف الجسم والبنية والتكوين الذين يرغبون في “العملقة” والعضلات
المفتولة، حيث ارتبطت معظم تلك الحالات بنقص في افراز هذا الهرمون، مما جعلهم يسعون وراء
اقتنائه.
الا ان هرمون النمو ما زال محاطا بهالة من الغموض، ويتداوله العلماء والاطباء بالكثير من
الحذر، بسبب مضاعفاته الجانبية الخطيرة على البالغين، التي تتمثل في اختلال الشكل العظمي للانسان وتضخم
الاطراف.
* هرمون النمو تتحدث الى “الشرق الاوسط” الدكتورة زينب علي مطير، استشارية امراض باطنية وغدد
صماء بمستشفى الملك فهد بجدة، مشيرة الى ان هرمون النمو هو احد هرمونات الغدة النخامية
“الصنوبرية” الموجودة في المخ، وهو الهرمون المسؤول عن نمو الانسان بعد الولادة، ويساعد في بناء
جسم الانسان (Anabolic) وذلك بنمو العظام والانسجة عن طريق زيادة تكوين البروتينات، كما انه يعمل
على تكسير الدهون في عملية تسمى ( Lipolysis) وتكوين الاجسام الكيتونية، وله تاثير مضاد للانسولين
مما يؤدي الى زيادة مستوى الجلوكوز في الدم، ويرفع مستوى بعض الاملاح في الدم مثل
املاح الصوديوم والبوتاسيوم والماغنيسيوم.
تضيف الدكتورة زينب مطير بان هذا الهرمون استخدم منذ اكثر من اربعين عاما لعلاج قصر
القامة، وفي تلك الحقبة من الزمن كان يتم استخلاص هذا الهرمون من مخ القردة ولكن
نظرا لاصابة مستخدمي هذا الهرمون بفيروس يؤدي الى التهاب المخ وضعف في الذاكرة مبكرا (Creutzfeldt-Jacob
disease) فتم استبعاده، حيث بينت الابحاث بعد ذلك ان هذا الفيروس كامن في مخ القردة.
من ثم بدات الابحاث تنطلق في ايجاد حل اخر او مصدر اخر لهذا الهرمون فتمكنوا
من تصنيعه بالهندسة الوراثية منذ اكثر من 10 سنوات وهو ما يستعمل الان في العلاج.
* قصر القامة وعن قصر القامة، وهي ظاهرة تقلق كثيرا من الامهات والاباء في وقتنا
الحالي، وعن نقص هرمون النمو، تقول الدكتورة زينب مطير بانها حالة تحدث بنسبة عالمية تتراوح
بين 1 لكل 4000 – 1 لكل 10000 طفل.
وتلخص اسباب نقص هرمون النمو المؤدي الى قصر القامة في الاتي:
• اسباب جينية: تحدث نتيجة تعطل في وظيفة بعض الكروموسومات المسؤولة عن تحفيز هرمون النمو.
• اسباب لها علاقة بامراض اخرى: مثل متلازمة تيرنر turner”s syndrome او امراض الكلى المزمنة
او الفشل الكلوي المزمن او متلازمة prader willi syndrome.
• اسباب لها علاقة بطريقة الولادة: مثل خروج الطفل بمقعده اثناء الولادة.
• اسباب لها علاقة بفترة الحمل: مثل تعاطي الكحول، التدخين، ارتفاع شديد غير منتظم في
ضغط الدم، هبوط في الغدة الدرقية، او نقص الاوكسجين عند الطفل اثناء الولادة.
* معدل النمو تشير الدكتورة زينب مطير الى ان معدل النمو منذ الولادة حتى البلوغ،
يتم كالاتي:
– في فترة الطفولة خلال (السنتين الاوليين)، ينمو الطفل بمقدار 30-35 سم اجمالا.
بينما بعد السنتين الاوليين وحتى ما قبل البلوغ، يزداد بمقدار 5-7سم/ في السنة.
وبصفة عامة يكون متوسط نسبة الزيادة 5سم/ في السنة من سن 4 سنوات حتى البلوغ.
– اثناء البلوغ يصل مقدار الزيادة في الفترة ما بين فترة قبل البلوغ مباشرة وحتى
سنة من البلوغ ما بين 8-14سم pubertal sput – وبعد هذه المرحلة تتغير نسبة الزيادة،
فتكون عند الاولاد 0,6 سم/ في السنة حتى سن 20 سنة، بينما تكون عند البنات
0,5 سم/ في السنة حتى 18 سنة.
* الفحص والعلاج تقول الدكتورة زينب مطير ان الاطفال الذين يعانون من قصر في القامة
اقل من المتوسط لاعمارهم الزمنية الحقيقية وليست اعمار العظام بالنسبة لمن هم مثلهم في الجنس
والجنسية، يلزمهم عمل فحص شامل لهرمون النمو، حتى يتم تحديد مستوى الحالة.
ويتم تشخيص الحالة باخذ التاريخ المرضي المتكامل، ثم فحص المريض، ثم عمل تحاليل تحفيزية للغدة
النخامية بعد اعطاء مادة الانسولين وقياس نسبة هرمون النمو على فترات متعاقبة بعد الحقنة مع
معرفة نسبة الهرمون المعروف باسم “عامل النمو شبيه الانسولين-1 insulin-like growth factor (igf-1) ” وهرمون.IGFPB3
وتوضح الدكتورة زينب مطير ان قصر القامة الناتج عن نقص هرمون النمو يتم علاجه باعطاء
حقنة تحت الجلد من هرمون النمو يوميا او ثلاث مرات في الاسبوع علما بان الجرعة
اليومية اكثر فعالية من الاخرى، 0,04 ملغم / كلغم / اليوم، تحت الجلد.
ثم يجب متابعة المريض اثناء العلاج وذلك لتحديد مدى استجابته للعلاج ويتم ذلك بواسطة الفحص
الاكلينيكي المستمر للتعرف على مدى زيادة الطول، الوزن، اكتشاف ظهور مضاعفات العلاج مبكرا. ثم قياس
هرمون igf-1 والمحافظة على نسبته في حده الطبيعي العالي.
اما عن الاستجابة فانها تختلف من شخص لاخر، فالاولاد اكثر استجابة من البنات، ووجود عوامل
وراثية تتحكم في الطول (كان يكون الوالدان يميلان الى الطول) فتكون نسبة الاستفادة لطفلهم من
هرمون النمو عالية. وفي حالة البلوغ، فكلما تاخر البلوغ استفاد الطفل اكثر من الهرمون واعطى
نتائج افضل.
* محاسن العلاج ومساوئه اما الفئة التي تخضع للعلاج، فهي التي يكون لدى افرادها:
– نقص في هرمون النمو.
– قصر القامة المصاحب لمتلازمة turner”s.
1- قصر القامة المصاحب للفشل الكلوي المزمن.
– قصر القامة المصاحب لملازمة prader willi syndrome – قصر القامة غير معروف السبب idiopathic.
ويستمر العلاج 3-4 شهور بعد ان يتوقف النمو، مع ملاحظة الاعتناء بالتغذية الجيدة، الرياضة، ومراعاة
الحالة النفسية للطفل.
وتشمل مساوئ العلاج:
– انزلاق في مفصل الفخذ.
– التهاب في البنكرياس.
– زيادة في ضغط سائل الدماغ.
– داء السكري.
– سرطان في الدم.
-سرطان الغدد اللمفاوية.
– تورم القدمين.
– ضغط على اعصاب اليد مع تنميل مستمر.
ومن الضروري تكملة المدة الزمنية للعلاج، اي ان من الحكمة اعادة التحليل التحفيزي للغدة النخامية
للتعرف على نسبة هرمون النمو بعد العلاج، حيث ان نسبة كبيرة من الاطفال الذين يعانون
من نقص الهرمون تستجيب الغدة لهرمونات الجنس عند البلوغ وتعود الى افراز هرمون النمو بصورة
طبيعية.
كما ان بعض حالات نقص هرمون النمو غير معروف السبب، تعود الى وضعها الطبيعي وافرازها
الجيد بعد ايقاف اعطاء هرمون النمو. وبذلك نحدد من من المرضى يحتاج لاستمرارية العلاج.
* متلازمة تيرنر.. اضطراب وراثي يصيب الاناث > متلازمة تيرنر turner”s syndrome اضطراب وراثي يصيب
الاناث فقط بنسبة 1 : 2500 بنت، يؤثر على تطور نمو البنت المصابة، وسبب ذلك
هو فقدان او عدم اكتمال الكروموسوم الجنسي اكس.
وتتصف البنت المصابة بمتلازمة تيرنر بانها قصيرة في الشكل الخارجي، والاعضاء التناسلية لديها تكون موجودة
ولكن غير مكتملة النمو، والمبايض عندها لا تعمل بشكل صحيح، وتكون في الغالب عقيمة، وهي
معرضة لمخاطر صحية كثيرة مثل ضغط الدم العالي، مشاكل في الكلى، مرض السكري، ماء العين
الابيض (كتاراكت)، نخر العظام واضطرابات في الغدة الدرقية.
ومن الميزات الاخرى المثالية لمتلازمة تيرنر ان تكون الرقبة قصيرة و”غشائية webbed” مزودة بطيات جلدية
من اعلى الاكتاف الى جوانب الرقبة، وهناك انخفاض خط الشعر في الخلف، وانخفاض مستوى وضع
الاذنين، وتكون الايدي والاقدام منتفخة.
ليس هناك علاج لمتلازمة تيرنر، ووفقا للمعهد الوطني لصحة الطفل والتطوير الانساني، يتم توجيه العلاج
للاعراض المرضية. يساعد هرمون النمو في زيادة طول المريضة والوصول الى معدل قريب من المتوسط.
بدائل الهرمونات يمكن ان تحفز تطوير الصفات الجنسية. تقنيات التكاثر الاصطناعي الحديثة يمكن ان تساعد
بعض النساء بمتلازمة تيرنر ان يحملن كغيرهن.
متلازمة بريدر ويللي.. اضطراب وراثي في الكروموسومات > متلازمة prader willi syndrome سببها اضطراب وراثي
في الكروموسوم 15، يصيب تقريبا واحدا من كل 12000-15000 من السكان، من كافة الاجناس والاعراق،
ومن كلا الجنسين الاولاد والبنات. وبالرغم من كونه نادرا، فان متلازمة بريدر ويللي هي السبب
الوراثي الاكثر شيوعا للسمنة. يتم التشخيص عادة من مظهر وسلوك الطفل، ثم بالاختبار الوراثي المتخصص
لعينة الدم (وجه طويل ضيق، عيون على هيئة لوز، فم صغير، الشفة العليا مائلة، خدود
كاملة، حول بالعينين). تبدا الاعراض بفشل في النمو واكتساب الوزن بسبب ارتخاء العضلات عند الرضيع
بالمتلازمة. ثم يتطور فجاة عند الطفل ما بين 1-6 سنوات اهتمام كبير بالغذاء ويزداد وزنه.
ورغم زيادة الوزن الا ان النمو الطبيعي يتوقف عند هذا الطفل ويصبح قصيرا بشكل تدريجي
وزائد الوزن بافراط.
يعاني هذا المريض من تاخر عقلي ومشاكل التعليم، الوسوسة والهوس، الالزام، ونوبات غضب مزاجية، اضافة
لتاخر النمو الجنسي لغياب او انخفاض الهرمونات الجنسية.
ليس هناك علاج لهذه المتلازمة وفقا للمنظمة الوطنية الاميركية للاضطرابات النادرة، ويمكن استخدام طرق خاصة
لاطعام الطفل لمساعدته على النمو، كما يمكن تحسين القوة بالعلاج الطبيعي والتمرين. اعطاء هرمون النمو
البشري لتحسين كتلة ونمو العضلات.
التعليم الخاص وعلاج النطق يمكن ان يساعدا المتاخرين برفع مهاراتهم واللحاق بنظائرهم. اما مشاكل الوزن،
فيمكن السيطرة عليها من خلال طعام متوازن منخفض السعرات، مراقبة الوزن، منع الغذاء الخارجي، مع
عمل التمرين اليومي.