صحاب الفضيلة العلماء هل يثاب الرجل على استماعه للاناشيد في مدح الرسول الاعظم صلى الله
عليه وسلم، بينما الرجل يتمتع في الاناشيد بصوت حسن ورخيم ورقيق ولا يهتم بما قيل
في المدح، اذ انني افضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا احب الاناشيد
والمدح المبالغ فيه والغلو، وهل نؤاخذ على كراهية المدح المبالغ فيه وهل في الاستماع اليه
اجر وثواب؟ بينوا تؤجروا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فان الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم من الامور الممنوعة شرعا، والتي خافها
النبي صلى الله عليه وسلم على امته وحذرهم منها حماية لجناب التوحيد، ولما قيل له:
يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال: يا ايها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم
الشيطان، انا محمد عبد الله ورسوله، ما احب ان ترفعوني فوق منزلتي التي انزلني الله
عز وجل. رواه النسائي باسناد جيد.
وفي صحيح البخاري انه صلى الله عليه وسلم قال: لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى
ابن مريم، انما انا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله.
وفي كثير من هذه المدائح التي ينشدها المنشدون غلو ظاهر في النبي صلى الله عليه
وسلم لو سمعه لما رضي به ولا اقره، كقول صاحب اشهر مدائح القوم وهي البردة:
فان من جودك الدنيا وضرتها**** ومن علومك علم اللوح والقلم.
والامثلة على هذا كثيرة لا نطيل ذكرها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 24151.
فكيف تقارن هذه المدائح -وهذا وصفها- بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي
من اجل الطاعات وافضل القربات، وحسبنا ان الله امر بها في كتابه، وفي فضلها من
الاحاديث الشيء الكثير، قال الله عز وجل: ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها
الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما {الاحزاب:56}، وغاية هذه المدائح اذا سلمت من الغلو وتوفرت
فيها شروط استماع الاناشيد والتي بيناها في الفتوى رقم: 21655، ان تكون جائزة مباحة.. ولا
نسبة بين استماعها في الفضل وبين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
واما كراهة استماعها اذا اشتملت على الغلو فواجب على كل مسلم، فالذي ننصحك به ايها
الاخ الفاضل ان تلزم ما انت مقيم عليه من الاكثار من الصلاة والسلام على النبي
صلوات الله وسلامه عليه، وان تحذر الغالين من عاقبة غلوهم وان تبين لهم انهم بذلك
يعرضون انفسهم لغضب الله عز وجل، وعليهم اذا كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم
حقا ان يجتهدوا في متابعته، وقفو اثره، وتعظيم سنته، والا يقدموا على قوله قولا، ولا
على هديه هديا.
والله اعلم.