مقدمة:
شهدت تكنولوجيا الاتصال والمعلومات خلال السنوات الاخيرة تطورات سريعة وتاثيرات مباشرة للثورة الرقمية على نمط
الحياة الانسانية على الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تجعل التنمية الاقتصادية مرتبطة الى حد كبير بمدى
قدرة الدول على مسايرة هذه التحولات والتحكم فيها قصد استغلال الامكانات المتوفرة والمتجددة.
اولا/ ماهية تكنولوجيا المعلومات والاتصال:
قبل التطرق الى تعريف تكنولوجيا الاعلام والاتصال، نبدا بتحديد مفهوم ثورة تكنولوجيا الاتصال وتكنولوجيا المعلومات
لنخلص في الاخير الى تعريف هذه التكنولوجيات التي يصعب ايجاد تعريف موحد لها بسبب تنوعها
وتعقدها.
يقصد بثورة تكنولوجيا الاتصالات، تلك التطورات التكنولوجيا في مجالات الاتصالات التي حدثت خلال الربع الاخير
من القرن العشرين والتي اتسمت بالسرعة والانتشار والتاثيرات الممتدة من الرسالة الى الوسيلة، الى الجماهير
داخل المجتمع الواحد او بين المجتمعات، وهي تشمل ثلاث مجالات[1].
1. ثورة المعلومات او ذلك الانفجار المعرفي الضخم، المتمثل في الكم الهائل من المعرفة.
2. ثورة وسائل الاتصال المتمثلة في تكنولوجيا الاتصال الحديثة، التي بدات بالاتصالات السلكية واللاسلكية، وانتهت
بالاقمار الصناعية والالياف البصرية.
3. ثورة الحسابات الالكتروني التي امتزجت بوسائل الاتصال واندمجت معها والانترنتاحسن مثال على ذلك.
اما مفهوم تكنولوجيا المعلومات فيشير الى جميع انواع التكنولوجيا المستخدمة في تشغيل ونقل وتخزين المعلومات
في شكل الكتروني، وتشمل تكنولوجيات الحسابات الالية ووسائل الاتصال وشبكات الربط، واجهزة الفاكس وغيرها من
المعدات التي تستخدم بشدة في الاتصالات[2].
ومن خلال كل هذا نلاحظ بان ثورة تكنولوجيا الاتصال قد سارت على التوازي مع ثورة
تكنولوجيا المعلومات، ولا يمكن الفصل بينهما فقد جمع بينهما النظام الرقمي، الذي تطورت اليه نظم
الاتصال فترابطت شبكات الاتصال مع شبكات المعلومات[3]
تعرف تكنولوجيا المعلومات و الاتصال بانها “مجموع التقنيات او الادوات او الوسائل او النظم المختلفة
التي يتم توظيفها لمعالجة المضمون او المحتوى الذي يراد توصيله من خلال عملية الاتصال الجماهيري
او الشخصي او التنظيمي ، والتي يتم من خلالها جمع المعلومات و البيانات المسموعة او
المكتوبة او المصورة او المرسومة او المسموعة المرئية او المطبوعة او الرقمية (من خلال الحاسبات
الالكترونية )ثم تخزين هده البيانات والمعلومات ،ثم استرجاعها في الوقت المناسب ،ثم عملية نشر هده
المواد الاتصالية او الرسائل او المضامين مسموعة او مسموعة مرئية او مطبوعة او رقمية ،
ونقلها من مكان الى اخر ، ومبادلتها ،وقد تكون تلك التقنية يدوية او الية او
الكترونية او كهربائية حسب مرحلة التطور التاريخي لوسائل الاتصال و المجالات التي يشملها هدا التطور[4]
ان المتطلع الى التطورات والتغيرات المتلاحقة عبر العصور ابتداءا من فجر التاريخ كان كل عصر
ياخذنا قدما على نحو اكثر سرعة من العصر الذي سبقه . فالعصر الحجري ظل قائما
لملايين السنين ، الا ان عصور المعادن التي تلته قد دامت لفترة لا تزيد عن
خمسة الاف سنة. وقد قامت الثورة الصناعية بين اوائل القرن الثامن عشر واواخر القرن التاسع
عشر، اي انها استغرقت 200 عام على وجه التقريب ، واحتل عصر الكهرباء 40 عاما
بداية من اوائل القرن العشرين حتى الحرب العالمية الثانية ، اما العصر الالكتروني ( عصر
الكمبيوتر) فلم يدم سوى 25 عاما بالكاد ، في حين بلغ عصر المعلومات 20 عاما
من عمره مع نهاية التسعينات[5].
ثانيا/اهمية وخصائص تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
لقد ساهم التطور العلمي والتكنولوجي في تحقيق رفاهية الافراد، ومن بين التطورات التي تحدث باستمرار
تلك المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وما تبلغه من اهمية من ناحية توفير خدمات الاتصال بمختلف
انواعها، وخدمات التعليم والتثقيف وتوفير المعلومات اللازمة للاشخاص والمنظمات، حيث جعلت من العالم قرية صغيرة
يستطيع افرادها الاتصال فيما بينهم بسهولة وتبادل المعلومات في اي وقت وفي اي مكان، وتعود
هذه الاهمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال الى الخصائص التي تمتاز بها هذه الاخيرة، بما فيها الانتشار
الواسع وسعة التحمل سواء بالنسبة لعدد الاشخاص المشاركين او المتصلين، او بالنسبة لحجم المعلومات المنقولة،
كما انها تتسم بسرعة الاداء وسهولة الاستعمال وتنوع الخدمات.
– وتوفرتكنولوجياالمعلوماتوالاتصالات اداةقوية لتجاوز الانقسام الانمائي بين البلدان الغنية والفقيرة والاسراع ببذل الجهودبغية دحر الفقر،
والجوع، والمرض، والامية، والتدهور البيئي. ويمكن لتكنولوجياالمعلوماتوالاتصالتوصيل منافع الالمامبالقراءة والكتابة، والتعليم، والتدريب الى اكثر المناطق
انعزالا. فمن خلالتكنولوجياالمعلوماتوالاتصال، يمكن للمدارسوالجامعات والمستشفيات الاتصال بافضلالمعلوماتوالمعارف المتاحة، ويمكن لتكنولوجياالمعلوماتوالاتصالنشر الرسائل الخاصة بحل العديد
من المشاكل المتعلقة بالاشخاص والمنظمات وغيرها[6].
– ان تكنولوجيا المعلومات والاتصال تساهم في التنمية الاقتصادية:تؤدي الثورة الرقمية الى نشوء اشكال جديدة
تماما من التفاعل الاجتماعي والاقتصادي وقيام مجتمعات جديدة. وعلى عكس الثورة الصناعية التي شهدها القرن
المنصرم، فان ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال من شانها الانتشار بشكل سريع والتاثير في حيوية الجميع.
وتتمحور تلك الثورة حول قوة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تسمح للناس بالوصول الى المعلومات والمعرفة
الموجودة في اي مكان بالعالم في نفس اللحظة تقريبا.[7]
– زيادة قدرة الاشخاص على الاتصال وتقاسم المعلومات والمعارف ترفع من فرصة تحول العالم الى
مكان اكثر سلما ورخاء لجميع سكانه. وهذا اذا ما كان جميع الاشخاص لهم امكانيات المشاركة
والاستفادة من هذه التكنولوجيا.
– تمكن تكنولوجياتالمعلوماتوالاتصال، بالاضافةالى وسائل الاعلام التقليدية والحديثة، الاشخاص المهمشين والمعزولين من ان يدلوابدلوهم في
المجتمع العالمي، بغض النظر عن نوعهم او مكان سكنهم. وهي تساعد علىالتسوية بين القوة وعلاقات
صنع القرار على المستويين المحلي والدولي. وبوسعها تمكينالافراد، والمجتمعات، والبلدان من تحسين مستوى حياتهم على
نحو لم يكن ممكنا فيالسابق. ويمكنها ايضا المساعدة على تحسين كفاءة الادوات الاساسية للاقتصاد من
خلال الوصول الىالمعلوماتوالشفافية.[8]
من هذا يتضح ان لتكنولوجيا المعلومات والاتصال دور هام في تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية،وذلك لما لهذه الاخيرة من خصائص متميزة واكثر كفاءة من وسائل الاتصال التقليدية، فتكنولوجيا المعلومات
والاتصال واسعة الانتشار تتخطى بذلك الحدود الجغرافية والسياسية للدول لتصل الى اي نقطة من العالم
عجزت ان تصل اليها وسائل الاتصال القديمة، كما انها تمتاز بكثرة وتنوع المعلومات والبرامج التثقيفية
والتعليمية لكل مختلف شرائح البشر، متاحة في اي مكان وزمان، وبتكلفة منخفضة. فهي تعد مصدر
هام للمعلومات سواء للاشخاص او المنظمات بمختلف انواعها او للحكومات، كما انها تلعب دورا هاما
في تنمية العنصر البشري من خلال البرامج التي تعرض من خلالها، كبرامج التدريب وبرامج التعليم
وبرامج التعليم وغيرها.
لهذا يكون من الضروري الاهتمام بهذه التكنولوجيا وتطويرها استخدامها بشكل فعال، مع تدريب وتعليم الافراد
على استعمالها، وتوعيتهم باهميتها في التنمية والتطور، من خلال ابراز اهميتها على الصعيد الجزئي والكلي.
ثالثا/تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الدول العربية
لقد عرفت هذه التكنولوجيات تسميات عديدة بحيث وصفت في اول ظهور لها على انها :
التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصال NTIC ثم حذفت كلمة الحديثة من التسمية لتصبح تكنولوجيا المعلومات والاتصال
TIC، ثم بداية من استخدام الانترنت في التسعينات من نفس القرن ظهرت بعض الادبيات استخدم
مؤلفوها التسمية المختصرة [9]TI.
يمكن القول بانه يمكن الفصل بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصال، فقد جمع بينهما النظام الرقمي
الذي تطورت اليه نظم الاتصال وترابطت شبكات الاتصال مع شبكات المعلومات، وهو ما نلمسه واضحا
في حياتنا اليومية من التواصل بالفاكس عبر شبكات التليفون وفي بعض الاحيان مرورا بشبكات اقمار
الاتصال وما نتابعه على شاشات التلفزيون من معلومات تاتي من الداخل وقد تاتي من اي
مكان في العالم ايضا وبالتالي انتهى عهد استقلال نظم المعلومات عن نظم الاتصال.
رابعا/ دور تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الدول العربية:
تكنولوجيا المعلومات والاتصال تؤدي الى صنع انواع جديدة من الوظائف ونشاطات متنوعة في بيئات العمل
ويمكن ملاحظة ذلك من خلال العناصر التالية : [10]
1. تعمل على توفير قوة عمل فعلية داخلة التنظيم.
2. تساعد على تحقيق رقابة فعالة في العمليات التشغيلية ، خاصة بالنسبة للمؤسسات الصناعية التي
تستعمل تكنولوجيا عالية في الانتاج، فتكنولوجيا المعلومات ستسهل بدون شك من اكتشاف اخطاء التصنيع وكذا
امداد الادارة الوصية بالمعلومات اللازمة في الوقت المطلوب ، وهذا يشكل في حد ذاته ميزة
تنافسية تواجه بها المؤسسة تقلبات المحيط بوقت اقل ،بالنسبة لتنظيم المؤسسة وهذا يمس بالدرجة الاولى
الهيكل التنظيمي وجميع مستوياته ، الميزة التنافسية التي تقدمها تكنولوجيا المعلومات والاتصالتتمل في رفع كفاءة
وفعالية نظام المعلومات المتبع داخل المؤسسة وذلك من خلال سرعة انتقال المعلومة بين المرسل والمستقبل،
وكذا سرعة احداث التغذية الرجعية ،وهذا من دون شك سيسرع من عملية اتخاذ القرار داخل
المؤسسة فيعطي بذلك للمؤسسة ميزة سرعة رد الفعل كميزة تنافسية .
3. تكنولوجيا المعلومات والاتصال تساعد على توفير الوقت خاصة بالنسبة للادارة العليا بما يسمح لها
بالتفرغ لمسؤوليات اكثر استراتيجية .
4. هذا بالاضافة الى الدور غير المباشر لتكنولوجيا المعلومات في تحفيز الافراد عموما او متخذي
القرار خصوصا فمن الممكن اعتبار ان بعض انواع المعلومات مصدر لتحفيز الافراد و دفعهم للعمل،
و بروح معنوية عالية ، الامر الذي قد يؤدي في الاخير الى زيادة التنافسية .
يبرز دور تكنولوجيا المعلومات كوسيلة تحفيز ، من خلال انها تساعد في امداد متخذ القرار
، بالتقارير على مستويات الاداء التي تحققت ، ليتمكن في الاخير من مقارنة قراراته بانجازاته
،او من خلال مقارنة انجازاته بانجازات نظرائه، و بالتالي تتكون لديه فكرة عن درجة كفاءته
في العمل عموما و في اتخاذ القرار خصوصا ، و هذا لاشك سيشكل حافزا معنويا
، و لكن بطريقة غير مباشرة ، فالمعلومات عموما، تساعد على فهم نموذج التنظيم الذي
يمثل الاشخاص اجزاء فاعلة في ، كما تقدم المعلومات راحة نفسية ، خاصة عندما تكون
الانحرافات في الاداء تتطابق و الحدود المسموح بها للانحرافات.