احلى مواضيع جديدة

تفاءلوا بالخير تجدوه

يقول السائل: هل عبارة “تفاءلوا بالخير تجدوه” حديث نبوي، افيدونا.

الجواب: هذا اللفظ ليس حديثا نبويا، بل هو من العبارات الدارجة على الالسن، ولكن معناه
صحيح شرعا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفال، قال الامام البخاري في
صحيحه:[ باب الفال، ثم روى عن ابى هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى
الله عليه وسلم:( لا طيرة، وخيرها الفال. قال: وما الفال يا رسول الله؟ قال: الكلمة
الصالحة يسمعها احدكم)، ثم روى باسناده عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال:( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفال الصالح، الكلمة الحسنة)، قال الامام النووي:[
واما الفال…وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة. قال العلماء: يكون
الفال فيما يسر، وفيما يسوء، والغالب في السرور. والطيرة لا تكون الا فيما يسوء. قالوا:
وقد يستعمل مجازا في السرور…قال العلماء: وانما احب الفال، لان الانسان اذا امل فائدة الله
تعالى وفضله عند سبب قوي او ضعيف، فهو على خير في الحال، وان غلط في
جهة الرجاء، فالرجاء له خير. واما اذا قطع رجاءه وامله من الله تعالى، فان ذلك
شر له، والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء. ومن امثال التفاؤل ان يكون له مريض،
فيتفاءل بما يسمعه، فيسمع من يقول: يا سالم، او يكون طالب حاجة فيسمع من يقول:
يا واجد، فيقع في قلبه رجاء البرء او الوجدان] شرح النووي على صحيح مسلم 7/377.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح باب الفال:[ قوله:( الكلمة الصالحة يسمعها احدكم)وقال في
حديث انس ثاني حديثي الباب ” ويعجبني الفال الصالح ، الكلمة الحسنة ” . وفي
حديث عروة بن عامر الذي اخرجه ابو داود قال ( ذكرت الطيرة عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: خيرها الفال، ولا ترد مسلما، فاذا راى احدكم ما يكره
فليقل: اللهم لا ياتي بالحسنات الا انت، ولا يدفع السيئات الا انت، ولا حول ولا
قوة الا بالله)…وقد اخرج ابن ماجة بسند حسن عن ابي هريرة رفعه( كان يعجبه الفال
ويكره الطيرة )…قال ابن بطال: جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والانس بها
كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الانيق والماء الصافي وان كان لا يملكه ولا يشربه. واخرج
الترمذي وصححه من حديث انس( ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا خرج لحاجته
يعجبه ان يسمع: يا نجيح يا راشد ) واخرج ابو داود بسند حسن عن بريدة
( ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان اذا بعث
عاملا يسال عن اسمه، فاذا اعجبه فرح به، وان كره اسمه رئي كراهة ذلك في
وجهه) وذكر البيهقي في ” الشعب ” عن الحليمي ما ملخصه: كان التطير في الجاهلية
في العرب ازعاج الطير عند ارادة الخروج للحاجة، فذكر نحو ما تقدم ثم قال: وهكذا
كانوا يتطيرون بصوت الغراب وبمرور الظباء فسموا الكل تطيرا، لان اصله الاول. وقال: وكان التشاؤم
في العجم اذا راى الصبي ذاهبا الى المعلم تشاءم او راجعا تيمن، وكذا اذا راى
الجمل موقرا حملا تشاءم، فان راه واضعا حمله تيمن، ونحو ذلك، فجاء الشرع برفع ذلك
كله، وقال:( من تكهن او رده عن سفر تطير فليس منا ) ونحو ذلك من
الاحاديث. وذلك اذا اعتقد ان الذي يشاهده من حال الطير موجبا ما ظنه ولم يضف
التدبير الى الله تعالى، فاما ان علم ان الله هو المدبر ولكنه اشفق من الشر
لان التجارب قضت بان صوتا من اصواتها معلوما او حالا من احوالها معلومة يردفها مكروه،
فان وطن نفسه على ذلك اساء، وان سال الله الخير واستعاذ به من الشر ومضى
متوكلا لم يضره ما وجد في نفسه من ذلك، والا فيؤاخذ به، وربما وقع به
ذلك المكروه بعينه الذي اعتقده عقوبة له كما كان يقع كثيرا لاهل الجاهلية.والله اعلم.قال الحليمي:
وانما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفال، لان التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير
سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مامور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال.
وقال الطيبي: معنى الترخص في الفال والمنع من الطيرة هو ان الشخص لو راى شيئا
فظنه حسنا محرضا على طلب حاجته فليفعل ذلك. وان راه بضد ذلك فلا يقبله بل
يمضي لسبيله. فلو قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بان تستعمل في الشؤم.
والله اعلم ] فتح الباري 10/264-265.
ومما ورد في التفاؤل عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري ومسلم في
قصة صلح الحديبية:[انه لما جاء سهيل بن عمرو، قال النبي صلى الله عليه وسلم:( لقد
سهل لكم من امركم)، وفي رواية للبخاري في الادب المفرد ( سهل الله امركم).وكذلك ورد
في الحديث (وكان يعجبه الفال الحسن)، قال العلامة الالباني:[ اخرجه الحاكم واحمد وابن ابي عاصم
في ” السنة ” والبزار وابن عدي والسهمي في ” تاريخ جرجان “] السلسلة الصحيحة
2/541. ومما ورد في التفاؤل عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه الامام مالك
في الموطا: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب – اللقحة الناقة
قريبة العهد بالولادة – من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما اسمك؟ فقال له الرجل مرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم اجلس، ثم قال من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما اسمك؟ فقال حرب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس،
ثم قال من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما اسمك ؟ فقال يعيش فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احلب.قال الحافظ
ابن عبد البر:[هذا عندي – والله اعلم – من باب الفال الحسن، فانه صلى الله
عليه وسلم كان يطلبه ويعجبه، وليس من باب الطيرة في شيء، لانه محال ان ينهى
عن الطيرة وياتها، بل هو باب الفال، فانه كان صلى الله عليه و سلم يتفاءل
بالاسم الحسن،وقد روى حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا توجه لحاجة يحب ان يسمع يا
نجيح يا راشد يا مبارك. وقال ابن عون عن ابن سيرين: كانوا يستحبون الفال ويكرهون
الطيرة، قال ابن عون ومثل ذلك ان يكون باغيا طالبا، فتسمع يا واجد، او تكون
مريضا فتسمع يا سالم،حدثني عبد الوارث…عن انس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(
لا عدوى ولا طيرة واحب الفال، قيل وما الفال؟ قال: الكلمة الحسنة). وحدثني عبد الوارث…عن
عبد الله بن بريدة عن ابيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (
لا يتطير ولكن كان يتفاءل، فركب بريدة في سبعين راكبا من اهل بيته من بني
اسلم، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم ليلا، فقال له نبي الله من انت؟ قال
انا بريدة، قال فالتفت الى ابي بكر وقال له يا ابا بكر برد امرنا وصلح،
ثم قال ممن؟ قلت: من اسلم، قال لابي بكر: سلمنا، قال ثم ممن؟ قال: من
بني سهم، قال خرج سهمك).] الاستذكار 8/513-514. وينبغي ان يعلم ان التفاؤل يعتبر من حسن
ظن العبد بالله عز وجل كما سبق في كلام الحافظ ابن حجر، وقد ورد في
الحديث عن واثلة رضي الله عنه قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى:
ان الله تعالى يقول: انا عند ظن عبدي بي، ان خيرا فخير، وان شرا فشر)
رواه احمد وابن حبان وصححه العلامة الالباني في صحيح الجامع.وقال الشيخ حافظ الحكمي:[ ومن شرط
الفال ان لا يعتمد عليه وان لا يكون مقصودا بل ان يتفق للانسان ذلك من
غير ان يكون له على بال] معارج القبول 3/993. وقال الشيخ ابن القيم:[ليس في الاعجاب
بالفال ومحبته شيء من الشرك، بل ذلك ابانة عن مقتضى الطبيعة، وموجب الفطرة الانسانية التي
تميل الى ما يوافقها ويلائمها، والله جعل في غرائز الناس الاعجاب بسماع الاسم الحسن ومحبته،
وميل نفوسهم اليه، وكذلك جعل فيها الارتياح والاستبشار والسرور باسم الفلاح والسلامة والنجاح والتهنئة والبشرى
والفوز والظفر ونحو ذلك، فاذا سمعت الاسماع اضدادها اوجب لها ضد هذه الحال، فاحزنها واثار
لها خوفا وتطيرا وانكماشا،وانقباضا عما قصدته وعزمت عليه، فاورث لها ضررا في الدنيا ونقصا في
الايمان ومقارفة للشرك.] نقلا عن تيسير العزيز الحميد.
وخلاصة الامر ان عبارة “تفاءلوا بالخير تجدوه” ليست حديثا نبويا، وانما هي عبارة دارجة على
السن الناس، ومعناها صحيح، فمطلوب من المسلم ان يكون متفائلا لا متشائما، اقتداء بالنبي صلى
الله عليه وسلم الذي كان يحب الفال الحسن.

السابق
كيف يمكن الحصول على فيتامين د
التالي
صور عيد الااضحى