وربما يحب بعضنا الشتاء لانعاش رغبة طفولية راسخة في التعلق بقوس قزح حين تنكسر جدائل
الشمس في اثناء تموجها مع زخات المطر، وقد يحبه البعض لرغبته في التحليق وسط امواج
الضوء حينما تبرق السماء بصحبة الرعد.
وقد نحب الشتاء للسبب الذي ذكره الاديب الروسي (باشلين) من ان “الحكايات العظيمة والاساطير الجميلة
التي يتناقلها الناس تصبح ذات معنى محدد خلال الامسيات في بيوت معرضة للثلج والرياح الثلجية
، وتصبح تلك الاساطير للذين ينغمرون فيها صالحة للتطبيق فورا “.
الم نشعر بان الحكايات التي تقصها جداتنا حول المواقد حقيقية اذ الريح تتنصت لهن حينا
وتزار حينا اخر؟
بيد ان الريح تخيفنا وهي تحاول اقتحام غرفنا الموصدة .
مرارا ، حاول الشتاء اقتحام غرفتي ، ربما لتغفو ذرات المطر الباردة على وسادتي واحلامي
، لكنني امنعه من الدخول تاركة الاشجار العارية وحدها تلفها دوامات الريح الباردة.
روائع الشتاء والمطر
الشتاء والعواصف و.. ارواحنا
السنا نخشى العواصف والاعاصير ايضا ؟
(ريلكه) الشاعر والفيلسوف الالماني يرى ان ” العواصف ذات طابع عدواني لاسيما في المدن ،
وهو يجد في العاصفة تعبيرا عن غضب السماء العنيف ، لكن الاعاصير تكون اقل عدائية
لنا في الريف ! انها تحتضن البيت الريفي باذرعها وتعلمه كيف يواجه الصعوبات ” .
بالرغم من كل ذلك ومما يذهب اليه ريلكه، اصر على اننا نحب الشتاء ونترك ارواحنا
تمتزج بامطاره مثلما تمتزج بقصائد الشعراء .
الشتاء والغربة
لم يزل الصوت الفيروزي يهمس ، بدف ء ، في الاعماق الباردة حينما يشعرنا الشتاء
بالغربة..
تاتينا كلمات الشاعر علي الفواز ، مرة ثانية ، وهو يقول :
البرد يجعلنا اكثر قربا الى انفسنا واجسادنا ، لذا فان الغربة لم تكن لحظة شتائية
خاصة بقدر ما انها اشبه بالكائنات التي تجد في هذا الفصل البارد فضاءها الذي ترتدي
فيه كل ثياب السهرة ، وتقرا كل دواوين الشعر وتشرب كل فناجين القهوة وتاكل نصف
الروح ، لتمارس طقوسها القاسية في الاغواء والحزن والبحث في خطايا الذات عن اخر اوراقها،
ان غربتنا اثيرة المطر وصديقة المواقد والحكايات التي لاتنتهي .
وبعد البرد ربيع
حبنا للشتاء لاينتهي هو الاخر، لان وراء الشتاء ربيعا..
في قصيدة ( الشتاء) ينشد السياب:
” وكانما قوس السحاب وقد بدا
اوتار قيثار مضت تتنادم
فتقاربت حتى يعاود عزفها
روح الانامل بالملاحن عالم
هذا الشتاء فاوسعوه تحية
فوراءه ان الربيع لقادم ”
اذن ، انت قادم
ساقف وراء النافذة ، وغناء فيروز يحتويني ..
اراقب الطريق الرمادي البليل بدموع الغيمات ، ودموع انتظاراتي تحت الاشجار
العارية وهي تتلوى باذرع الريح، فقد قالوا ان الربيع مقبل بعد امطار الشتاء..
اذن ، انت ات .