الاستخارة لغة : طلب الخيرة في الشيء . يقال : استخر الله يخر لك .
واصطلاحا : طلب الاختيار . اي طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله والاولى
, بالصلاة , او الدعاء الوارد في الاستخارة .
وهي : طلب الخيرة في شيء ، وهي استفعال من الخير او من الخيرة –
بكسر اوله وفتح ثانيه ، بوزن العنبة ، واسم من قولك خار الله له ،
واستخار الله : طلب منه الخيرة ، وخار الله له : اعطاه ما هو خير
له ، والمراد : طلب خير الامرين لمن احتاج الى احدهما .(ابن حجر : فتح
الباري في شرح صحيح البخاري)
حكمها :
اجمع العلماء على ان الاستخارة سنة , ودليل مشروعيتها ما رواه البخاري عن جابر رضي
الله عنه ( اللهم اني استخيرك بعلمك , واستقدرك بقدرتك , واسالك من فضلك العظيم
( الحديث ..
متى يحتاج العبد الى صلاة الاستخارة ؟
فان العبد في هذه الدنيا تعرض له امور يتحير منها وتتشكل عليه ، فيحتاج للجوء
الى خالق السموات والارض وخالق الناس ، يساله رافعا يديه داعيا مستخيرا بالدعاء ، راجيا
الصواب في الطلب ، فانه ادعى للطمانينة وراحة البال . فعندما يقدم على عمل ما
كشراء سيارة ، او يريد الزواج او يعمل في وظيفة معينة او يريد سفرا فانه
يستخير له .
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية: ما ندم من استخار الخالق ، وشارو المخلوقين ، وثبت
في امره . وقد قال سبحانه وتعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم
ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر
فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين ) (سورة ال عمرا ن :
159) ، وقال
قتادة : ما تشاور قوم يبتغون وجه الله الا هدوا الى ارشد امرهم.
قال النووي رحمه الله تعالى : في باب الاستخارة والمشاورة :
والاستخارة مع الله ، والمشاورة مع اهل الراي والصلاح ، وذلك ان الانسان عنده قصور
او تقصير ، والانسان خلق ضعيفا ، فقد تشكل عليه الامور ، وقد يتردد فيها
فماذا يصنع ؟
دعاء صلاة الاستخارة
عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا
الاستخارة في الامور كلها كما يعلمنا السورة من القران يقول : اذا هم احدكم بالامر
فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : ( اللهم اني استخيرك بعلمك , واستقدرك
بقدرتك , واسالك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا اقدر , وتعلم ولا اعلم ,
وانت علام الغيوب , اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر (هنا تسمي حاجتك )
خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال : عاجل امري واجله , فاقدره
لي ويسره لي ثم بارك لي فيه , اللهم وان كنت تعلم ان هذا الامر
(هنا تسمي حاجتك ) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال : عاجل
امري واجله , فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به
. ويسمي حاجته ) وفي رواية ( ثم رضني به( رواه البخاري (1166)
كيفية صلاة الاستخارة ؟
1- تتوضا وضوءك للصلاة .
2- النية .. لابد من النية لصلاة الاستخارة قبل الشروع فيها .
3- تصلي ركعتين .. والسنة ان تقرا بالركعة الاولى بعد الفاتحة بسورة (قل يا ايها
الكافرون) ، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة بسورة (قل هو الله احد) .
4- وفي اخر الصلاة تسلم .
5- بعد السلام من الصلاة ترفع يديك متضرعا الى الله ومستحضرا عظمته وقدرته ومتدبرا بالدعاء
.
6- في اول الدعاء تحمد وتثني على الله عز وجل بالدعاء .. ثم تصلي على
النبي صلى الله عليه وسلم ، والافضل الصلاة الابراهيمية التي تقال بالتشهد . « اللهم
صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم وبارك على
محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم في العالمين انك حميد
مجيد » او باي صيغة تحفظ .
7- تم تقرا دعاء الاستخارة : ( اللهم اني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك … الى
اخر الدعاء .
8- واذا وصلت عند قول : (اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر (( هنا
تسمي الشيء المراد له
مثال : اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر (( سفري الى بلد كذا او
شراء سيارة كذا او الزواج من بنت فلان ابن فلان او غيرها من الامور ))
ثم تكمل الدعاء وتقول : خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري او قال عاجل
امري واجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه .
تقولها مرتين .. مرة بالخير ومرة بالشر كما بالشق الثاني من الدعاء : وان كنت
تعلم ان هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري … الى اخر الدعاء
.
9- ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .. كما فعلت بالمرة الاولى الصلاة
الابراهيمية التي تقال بالتشهد .
10- والان انتهت صلاة الاستخارة .. تاركا امرك الى الله متوكلا عليه .. واسعى في
طلبك ودعك من الاحلام او الضيق الذي يصابك .. ولا تلتفت الى هذه الامور بشيء
.. واسعى في امرك الى اخر ماتصل اليه .
طرق الاستخارة :
الطريق الاول : استخارة رب العالمين عز وجل الذي يعلم ما كان وما يكون وما
لم يكن لو كان كيف يكون .
الطريق الثاني :استشارة اهل الراي والصلاح والامانة ، قال سبحانه وتعالى :{وشاورهم في الامر}
وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقال سبحانه وتعالى : { فاعف عنهم
واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين }
(سورة ال عمرا ن : 159) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو اسد
الناس رايا و اصوبهم صوابا ، يستشير اصحابه في بعض الامور التي تشكل عليه ،
وكذلك خلفاؤه من بعده كانوا يستشيرون اهل الراي والصلاح .
ما هو المقدم المشورة او الاستخارة ؟
اختلف العلماء هل المقدم المشورة او الاستخارة ؟ والصحيح ما رجحه الشيخ محمد بن صالح
العثيمين رحمه الله –شرح رياض الصالحين – ان الاستخارة تقدم اولا ، لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( اذا هم احدكم بالامر فليركع ركعتين …الى اخره ) ثم
اذا كررتها ثلاث مرات ولم يتبين لك الامر ، فاستشر ، ثم ما اشير عليك
به فخذ به وانما قلنا : انه يستخير ثلاث مرات ، لانه من عادة النبي
صلى الله عليه وسلم انه اذا دعا دعا ثلاثا ، وقال بعض اهل العلم انه
يكرر الصلاة حتى يتبين له للانسان خير الامرين .
شروط الاستشارة (الشخص الذي تستشيره) :
1- ان يكون ذا راي وخبرة في الامور وتان وتجربة وعدم تسرع .
2- ان يكون صالحا في دينه ، لان من ليس صالحا في دينه ليس بامين
وفي الحديث ، عن انس بن مالك رضي الله عنه يقول ان رسول الله صلى
اللهم عليه وسلم قال : (لا ايمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا
عهد له ) لانه اذا كان غير صالح في دينه فانه ربما يخون والعياذ بالله
، ويشير بما فيه الضرر ، او يشير بما لا خير فيه ، فيحصل بذلك
من الشر ما لله به عليم .
امور يجب مراعاتها والانتباه لها :
1- عود نفسك الاستخارة في اي امر مهما كان صغيرا .
2- ايقن بان الله تعالى سيوفقك لما هو خير ، واجمع قلبك اثناء الدعاء وتدبره
وافهم معانيه العظيمة .
3- لا يصح ان تستخير بعد الفريضة ، بل لابد من ركعتين خاصة بالاستخارة .
4- ان اردت ان تستخير بعد سنة راتبة او صلاة ضحى او غيرها من النوافل
، فيجوز بشرط ان تنوي الاستخارة قبل الدخول في الصلاة ، اما اذا احرمت بالصلاة
فيها ولم تنو الاستخارة فلا تجزئ .
5- اذا احتجت الى الاستخارة في وقت نهي (اي الاوقات المنهي الصلاة فيها)، فاصبر حتى
تحل الصلاة ، فان كان الامر الذي تستخير له يفوت فصل في وقت النهي واستخر
.
6- اذا منعك مانع من الصلاة – كالحيض للمراة – فانتظر حتى يزول المانع ،
فان كان الامر الذي تستخير له يفوت وضروري ، فاستخر بالدعاء دون الصلاة .
7- اذا كنت لا تحفظ دعاء الاستخارة فاقراه من ورقة او كتاب ، والاولى ان
تحفظه .
8- يجوز ان تجعل دعاء الاستخارة قبل السلام من الصلاة – اي بعد التشهد –
كما يجوز ان تجعله بعد السلام من الصلاة .
9- اذا استخرت فاقدم على ما اردت فعله واستمر فيه ، ولا تنتظر رؤيا في
المنام او شي من ذلك .
10- اذا لم يتبين لك الاصلح فيجوز ان تكرر الاستخارة .
11- لا تزد على هذا الدعاء شيئا ، ولا تنقص منه شيئا ، وقف عند
حدود النص .
12- لا تجعل هواك حاكما عليك فيما تختاره ، فلعل الاصلح لك في مخالفة ما
تهوى نفسك (كالزواج من بنت معينه او شراء سيارة معينه ترغبها او غير ذلك )
بل ينبغي للمستخير ترك اختياره راسا والا فلا يكون مستخيرا لله ، بل يكون غير
صادق في طلب الخيرة
13- لا تنس ان تستشير اولي الحكمة والصلاح واجمع بين الاستخارة والاستشارة .
14- لا يستخير احد عن احد . ولكن ممكن جدا ان تدعو الام لابنها او
ابنتها ان يختار الله لها الخير ، في اي وقت وفي الصلاة .. في موضعين
:
الاول: في السجود .
الثاني: بعد الفراغ من التشهد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بالصيغة الابراهيمية
15- اذا شك في انه نوى للاستخارة وشرع في الصلاة ثم تيقن وهو في الصلاة
فينويها نافلة مطلقة . ثم ياتي بصلاة جديدة للاستخارة
16- اذا تعددت الاشياء فهل تكفي فيها استخارة واحدة او لكل واحدة استخارة ؟ ..
الجواب : الاولى والافضل لكل واحدة استخارة وان جمعها فلا باس .
17- لا استخارة في المكروهات من باب اولى المحرمات .
18- لايجوز الاستخارة بالمسبحة او القران (كما يفعله الشيعه)هداهم الله ، وانما تكون الاستخارة بالطريقة
المشروعة بالصلاة والدعاء .
فائدة :
قال عبد الله بن عمر : ( ان الرجل ليستخير الله فيختار له ، فيسخط
على ربه ، فلا يلبث ان ينظر في العاقبة فاذا هو قد خار له ).
وفي المسند من حديث سعد بن ابي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( من سعادة ابن ادم استخارته الله تعالى ، ومن سعادة ابن ادم رضاه بما
قضاه الله ، ومن شقوة ابن ادم تركه استخارة الله عز وجل ، ومن شقوة
ابن ادم سخطه بما قضى الله ) ، قال ابن القيم فالمقدور يكتنفه امران :
الاستخارة قبله، والرضا بعده .
وقال عمر بن الخطاب : لا ابالي اصبحت على ما احب او على ما اكره
، لاني لا ادري الخير فيما احب او فيما اكره .
فيا ايها العبد المسلم لا تكره النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ، فلرب امر تكرهه فيه
نجاتك ، ولرب امر تؤثره فيه عطبك ، قال سبحانه وتعالى : { وعسى ان
تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم
لا تعلمون } (سورة البقرة : 216) .
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: ما ندم من استخار الخالق ، وشاور المخلوقين ، وثبت
في امره .