دعاء الكروان (فيلم)
دعاء الكروان فيلم مصري ويعد من بين افضل الافلام التي قدمتها السينما المصرية.. فقد جاء
في الترتيب السادس في قائمة افضل عشرة افلام في تاريخ هذه السينما، وذلك في الاستفتاء
الذي اجرته مجلة ” فنون” المصرية عام 1984. عرض فيلم (دعاء الكروان) لاول مرة عام
1959. القصة والسيناريو والحوار يوسف جوهر بالاشتراك مع المخرج، معتمدين في ذلك على رواية ادبية
بنفس الاسم للدكتور الاديب “طه حسين”، واخراج “هنري بركات” وبطولة سيدة الشاشة العربية “فاتن حمامة”.
القصة
اما بالنسبة لمضمون الفيلم، والذي اصبحت قصته من كلاسيكيات السينما العربية، فهو يحكي عن “امنة”
الفتاة الريفية التي تتمرد على العادات والتقاليد في صعيد مصر، تبدا القصة بلوم خال امنة
لامها بسبب زنا ابو امنة وهتكه لاعراض الناس ثم يقتل ابو امنة و يصر الخال
على ترحيلهم من القرية لان الناس يعايروه بزنا نسيبه ،تحاول الام اثناء الخال عن ذلك
ولكنه يبرر ذلك بان الاب هو السبب لان لم يراعي حق الله في اعراض الناس
وبالتالي يجب ان يرد اليه ذلك في بناته من منطلق كما تدين تدان و على
هذا فان الاب لم يخشى على بناته فلم سيكون هو رفيقا بهم اذا كان ابوهم
لم يفعل ، ثم يهاجروا الى مكان اخر حيث تعمل امنة خادمة عند المامور و
اختها هنادي عند مهندس الري ، حيث تقع اختها “هنادي” في حب ذلك المهندس العازب
الذي تعمل عنده خادمة، ولكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها، وبالتالي تقتل امام اختها “امنة” على
يد خالها.. فتقرر “امنة”، بعد ان عاهدت نفسها مع دعاء الكروان في القرية، الانتقام لاختها
من ذلك المهندس.. وهناك، في منزل المهندس، تحاول ان تنفذ العهد بالانتقام ولكنها لاتقوى، فقد
تحرك قلبها وبدا يميل نحو هذا المهندس، الا انها تدوس على مشاعرها وترفض البقاء معه
وتقرر الرحيل عنه، حيث انها تعرف بان طيف اختها “هنادي” سيبقى حاجزا بينها وبينه.
النص السينمائي
وار، وبشكل كبير، في نقل رواية “طه حسين” الى الشاشة، خصوصا اذا
عرفنا بان سيناريو الفيلم قد اضيفت اليه وحذفت منه وعدلت فيه بعض احداث الرواية وشخصياتها..
وبذلك يعتبر الجهد الذي قام به “يوسف جوهر” و”بركات” ليس مجرد نقل رواية ادبية حرفيا
الى السينما، وانما هو جهد يقترب من التاليف. وعند الحديث عن فيلم (دعاء الكروان)، لايمكن
اغفال ما لدور الحوار من قيمة فنية كبيرة اضيفت الى الفيلم، خصوصا اذا عرفنا ايضا
بان الرواية الاصلية تكاد تكون خالية من الحوار، فقد اعتمدت بشكل كبير على السرد الدرامي
من وجهة نظر ذاتية للبطلة.. فقد كان الحوار معبرا باسلوب وجمال عباراته عن البيئة بدقة
متناهية، ويتناسب مع ظروف الحياة والفترة التاريخية التي جرت فيها الاحداث، هذا اضافة الى حيوية
ادائه واجادته من قبل الممثلين. وبذلك استطاع السيناريو ان ينجح في رسم شخصياته وتعميقها، وخلق
الاجواء النفسية والاجتماعية بما يتناسب ويعبر عن ذلك الواقع، هذا اضافة الي مساهمة بعض التفاصيل
الصغيرة الفكاهية، المتناثرة هنا وهناك، في خلق ما يسمي بفترات استرخاء وراحة للمتفرج، استعدادا لاستقبال
الحدث الماساوي التالي.. هذا الانتقال والتبادل بين الماساة والفكاهة قد اعطى للماساة دورا مؤثرا وقريبا
من نفس المتفرج.
الاخراج
اما بالنسبة للاخراج، فقد قام به واحد من كبار مخرجي السينما العربية، وواحد من اعمدة
الاخراج السينمائي المصري.. فقد اشتهر المخرج “هنري بركات” بافلامه العاطفية والغنائية ذات الطابع الرومانسي. بدات
علاقة “بركات” بالسينما بعد تخرجه من كلية الحقوق، عندما اشترك مع اخوته في انتاج فيلم
(عنتر افندي 1935).. وقد كان فشل هذا الفيلم حافزا لظهور رغبته في ان يصبح مخرجا،
لذلك عندما سافر الى فرنسا لدراسة القانون، اهتم هناك بدراسة السينما ايضا، وتنقل بين استوديوهات
باريس، كما شاهد كما كبيرا من الافلام وقرا كل ما وقع تحت يديه من كتب
ومجلات سينمائية.. ثم عاد الى مصر ليبدا حياته الفنية كمساعد للاخراج والمونتاج في عدة افلام،
حتى قام باخراج فيلمه الاول (ورد الغرام 1951) من بطولة “ليلى مراد” و”محمد فوزي”. وبسبب
نجاح فيلمه الاول، فقد اخرج بعده وفي موسم واحد اربعة افلام.. وكان لايخلو موسم واحد
من فيلم او اكثر له.. الى ان قدم فيلمه الكبير (دعاء الكروان)، والذي كان بمثابة
اعلانا بتميزه واهميته كمخرج كبير، وتاكيدا لقدراته الفنية المتميزة. وبذلك استحق عدة جوائز محلية قدمتها
الدولة له ولفيلمه هذا، وهي : جائزة افضل ممثلة ل”فاتن حمامة”، وجائزة افضل ممثل ل”احمد
مظهر”، كما فازت “زهرة العلا” بجائزة افضل ممثلة مساعدة.. هذا اضافة الى جوائز الاخراج والسيناريو
والانتاج.
الفيلم دوليا
اما على الصعيد السينمائي الدولي، كما اختير (دعاء الكروان) لتمثيل السينما المصرية في مهرجان برلين
الدولي في نفس العام. بعد هذا الفيلم، بدات تتضح بشكل اكثر الرؤية الفنية ل”بركات”، حيث
قدم فيما بعد عدة افلام هامة، مثل : الباب المفتوح 1964، الحرام 1965، الخيط الرفيع
1971، افواه وارانب 1977، ولا عزاء للسيدات 1979، ليلة القبض على فاطمة 1984.. ومن المعروف
للجميع، بان (فاتن حمامة / بركات) من انجح الثنائيات بين ممثلة ومخرج، وافضل اعمال الاثنان
هي التي جمعتهما معا. ان من اهم ما يتميز به اسلوب “بركات” في الاخراج السينمائي،
هو قيادته للممثل، والتي برع فيها الى حد كبير.. يقول “بركات”: (…للممثل عندي دور كبير،
فهو وسيلتي الاساسية للتعبير عن الانسان…).. كما يتميز “بركات” بتكوينات الصورة السينمائية المريحة جدا للعين،
والتي تخلو من الافتعال والاستعراض الفني.. هذا اضافة الى كاميرته وحركتها الناعمة التي تتناسب والمونتاج
الهاديء لهذه النعومة والشاعرية.. وقد بدى ذلك واضحا الى حد كبير في فيلمه الاخر (الحرام
1965).