القول في تاويل قوله تعالى ( فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ( 137 ) )
قال ابو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : “فسيكفيكهم الله ” ، فسيكفيك الله
يا محمد ، هؤلاء الذين قالوا لك ولاصحابك : “كونوا هودا او نصارى تهتدوا ”
، من اليهود والنصارى ، ان هم تولوا عن ان يؤمنوا بمثل ايمان اصحابك بالله
، وبما انزل اليك ، وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق وسائر الانبياء غيرهم ،
وفرقوا بين الله ورسله – اما بقتل السيف ، واما بجلاء عن جوارك ، وغير
ذلك من العقوبات ؛ فان الله هو “السميع ” لما يقولون لك بالسنتهم ، ويبدون
لك بافواههم ، من الجهل والدعاء الى الكفر والملل الضالة – “العليم ” بما يبطنون
لك ولاصحابك المؤمنين في انفسهم من الحسد والبغضاء .
ففعل الله بهم ذلك عاجلا وانجز وعده ، فكفى نبيه صلى الله عليه وسلم بتسليطه
اياه عليهم ، حتى قتل بعضهم ، واجلى بعضا ، واذل بعضا واخزاه بالجزية والصغار
.