اعلنت السعودية قبل ايام عن اقرارها لقانون يفرض شروطا معينة على مواطنيها الراغبين بالزواج من
مغربيات، كما منعت زواجهم من نساء اربع دول. وقوبل هذا القانون بالكثير من الانتقادات من
قبل ناشطات مغربيات، حيث اعتبرنه يحط من كرامة المراة في بلدهن. فما هي الاسباب التي
اعتمدتها الرياض لسن هذا القانون؟ وما هي ردود فعل المراة السعودية والمغربية بشانه؟
اقرت السعودية قانونا يفرض مجموعة من الشروط على مواطنيها من الرجال الراغبين بالزواج من نساء
مغربيات. كما منعت عليهم الزواج من نساء اربع دول وهي: بورما، باكستان، بنغلادش، التشاد. واصبح
الرجل السعودي، الراغب في الزواج من امراة مغربية مجبرا، بموجب هذا القانون، على احضار السجل
العدلي للخطيبة لاثبات خلوه من قضايا اجرامية سابقة او ادمانها على المخدرات.
واثار هذا القانون ردود فعل مختلفة في المغرب وخارجه، لاسيما على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف
المغربية. لكن لم تبد الرباط حتى الان اي رد فعل بهذا الخصوص، فيما اكتفت بعض
الصحف السعودية والعربية بنقل الخبر.
وتكاثرت المواقع على الانترنت وشبكات التواصل لاجتماعي التي تفتح نوافذ للشباب السعودي بقصد التعارف والزواج
في مجتمع محافظ يراعي الكثير من العادات ويمارس رقابة كبيرة على تحركات المراة وفقا لمفاهيم
دينية تعتمدها الدولة تجاه الجنس الاخر.
وتشرح احد هذه المواقع سبب احداثها الى “وجود صعوبة عند السعوديين في ايجاد الزوج المناسب”،
ويوضح الموقع ذاته ان “الهدف من الموقع هو مساعدة السعوديين في ايجاد شريك حياتهم بطريقة
محترمة وامنة مع الاخذ بعين الاعتبار العادات والتقاليد السعودية”.
تاثير القانون على اختيارات السعوديين المستهدفين منه
حول ردود الفعل التي خلفها هذا القانون لدى النساء السعوديات، تقول الكاتبة السعودية هالة القحطاني
في تصريح لفرانس 24، “طبعا المراة المصابة بفوبيا ان يتزوج زوجها عليها، ربما تعتقد بان
الشروط كافية لمنعه، ولكن الحقيقة لا شيء يمنع الرجل الشرقي بصفة عامة من ان يتزوج
اذا اراد، لان الموروث الاجتماعي في الدول العربية مازال ضعيفا ومتشابها في مسالة اتخاذ المراة
كشريك في الحياة، وليس خادمة او مصدر للاطفال والمتعة فقط”.
وتعتبر القحطاني انه “حين تقوم الداخلية بتشديد شروط الزواج من الخارج فتاكد بان هناك من
اساء الادب في هذا الزمن، لان الزواج من السيدات العربيات بصفة عامة قديما كان دارجا
ويتم بكل احترام وتقدير، ودون استثناء او صعوبات من فترة الستينات الى الثمانينات، ولكن كمية
الاستهتار التي وصل اليها بعض الازواج فتحت قضايا مازالت في المحاكم منذ سنوات”.
واضافت القحطاني ان “الاخوات الفاضلات من المغرب ظلمن حين تم تصنيفهن بشكل مجحف من قبل
بعض الزوجات في السعودية بسبب عدم وفاء ازواجهن لهن، وكما هو معروف بصفة عامة عن
المراة الضعيفة، فبدلا من ان توجه غضبها الى زوجها وتحاسبه على كذبه وخداعه وحتى خياناته،
تلوم المراة الاخرى، وربما هذا القرار يخدم مستقبل السيدة المغربية ويحميها من استغلال اشباه الرجال
واذى زوجاتهم، مع انه كان من الممكن ان ياتي بصيغه افضل”.
وحول راي الرجل السعودي فيه، اوضحت القحطاني ان “كثيرا من الرجال قرؤوا القرار للاسف كعلاج
للعنوسة، ولكن لا يريد الرجل في بلدي ان يصدق بان السقف ارتفع لدى كثير من
الفتيات ولم يسال احدهم نفسه يوما لماذا اصبحت الفتيات يعزفن عن الزواج” .
وتفسر القحطاني استهداف القانون لجنسيات بعينها بكون “الداخلية لم تضع تلك الشروط الا لاسباب امنية”،
وتتابع في نفس السياق “من وجهة نظري الشخصية اعتقد لان منطقة مكة بالذات تعاني من
وجود كثافة سكانية لتلك الجنسيات، فكثيرا منهم ياتي بتاشيرة عمرة او حج، وحين يلقى القبض
على المتخلفين لترحيلهم تتفاجا السلطات بانهم تزوجوا وتوالدوا بطريقة غير قانونية تخلق للبلد معضلة ومشاكل
بسبب الاطفال، ولا تمنع الدولة امرا الا للمصلحة العامة”.
“القانون يحط من كرامة المراة المغربية”
تعقيبا على هذا القانون، قالت الناشطة الحقوقية المغربية فدوى الرجواني في تصريح لفرانس 24، “اعتقد
ان الدولة المغربية يجب ان تتصدى لقانون كهذا حتى وان كانت لا تملك الحق في
التدخل في شؤون دولة اخرى خصوصا وان هذه الاخيرة تعرف وضعا حقوقيا كارثيا لاسيما فيما
يتعلق بقضايا المراة”.
واعتبرت الرجواني، العضو في المجلس الجهوي لحقوق الانسان بناحية اكادير، ان هذا القانون “موجه للمغربيات
فقط ويحط من كرامتهن، ما يجعل الدولة المغربية مجبرة على التنديد به على الاقل ردا
للاعتبار لمواطناتها”، بل ذهبت الرجواني الى ابعد من ذلك عندما اضافت انه “ان اقتضى الحال
استدعاء السفير المغربي ووقف التعامل مع دولة تسن قوانين متخلفة”.
واوضحت الرجواني ان الرباط وقعت على اتفاقية “السيداو”، التي تنص على القضاء على جميع اشكال
التمييز ضد المراة، “ورفع كل التحفظات المتعلقة به، ويصبح بذلك ملزما عليها رفض اي تمييز
تجاه النساء”.
وترى هذه الناشطة الحقوقية ان “الوضع في السعودية اصبح فعلا مقلقا ويقتضي نضالا من الداخل.
فلا يمكن قبول في القرن 21 ان يوجد بشر على اﻷرض يعاملون معاملة العبيد ويجردون
من ابسط حقوقهم في الزواج ممن شاؤوا”.
من جانبها، قالت الصحافية المغربية، فوزية بنيوب، في تصريح لفرانس 24، “انني لا اشك ان
الحكومة المغربية ستنكب على هذا الملف حماية لكرامة المغربيات وضمانا لمصالحهن”، معتبرة “قرار السلطات السعودية
مهينا لكرامة المراة المغربية”.
واضافت بنيوب، التي تعمل لحساب موقع “اطلس انفو”، “لا اشك ان المنظمات النسائية المغربية لن
تتوقف عند الشجب او الاستنكار بل ستقوم بخطوات من شانها الدفاع عن كرامة المراة ضد
هده القوانين التي تود ان تقدم صورة سلبية عنها”.
واذا كان سيسيء قانون من هذا النوع لصورة المراة المغربية في العالم، تجيب بنيوب، ان
“المغرب قطع اشواطا مهمة في تحسين الوضع القانوني لنسائه من خلال مدونة الاحوال الشخصية المعمول
بها مند سنة 2004، ولازالت الحركات النسائية تطالب بالمزيد بخصوص كرامة النساء وحقوقهن والمطالبة بالمساواة
بين الرجل والمراة داخل مؤسسة الزواج وفي المجتمع”.
زواج السعوديين من المغربيات…عود على بدء
اوضحت الصحافية فوزية بنيوب ان “السلطات المغربية طالبت السفارة السعودية في الرباط في 2007 عن
طريق مذكرة بمحاولة ضبط زواج السعوديين بالمغربيات عن طريق شرط موافقة السفارة المسبقة على الزواج
قبل عقد الزواج”، مشيرة الى ان “السعودية تتصدر الدول العربية التي يرتبط مواطنوها بمغربيات بعقود
زواج.
وارجعت بنيوب التحرك المغربي في ذلك التوقيت الى كون عدد كبير من السعوديين تزوجوا من
مغربيات اثناء زيارتهم الى المغرب، الا انهم بعد مدة تخلوا عن ابنائهم، لتجد الزوجات انفسهن
في المحاكم للمطالبة بصرف نفقات الابناء.
واكدت بنيوب ان السلطات المغربية من جانبها “تشترط على السعوديين المتزوجين الراغبين في الزواج من
المغرب احضار ما يثبت موافقة الزوجة الاولى على اقتران زوجها بامراة مغربية”
واضافت ان السعودية “تهدف من خلال هذه الشروط التصدي لتزايد زواج السعوديين بالمغربيات واخشى ان
يكون هناك توافق بين سلطات الرباط والرياض حول هذا الموضوع. المشاكل الناتجة عن الزيجات المختلطة
موجودة في كل البلدان لذلك وجب الحذر من التاويلات والنصوص القانونية المحطة لكرامة النساء”.