هناك فرق شاسع بين الخراطين والديدان الخيطية، فهي اكبر حجما، والجسم فيها مشدف الى حلقات
تزيد على المئة. واذا استعنت بعدسة مكبرة فستلحظ ان كل شدفة تحمل اربعة ازواج من
الشعيرات الهلبية. امرر اصبعك بلطف على سطح الخرطون السفلي فتشعر بخشونة هذه الشعيرات تعترض اصبعك.
ان الدودة تتحرك بدفع مقدم الجسم عضليا والهلب الخلفية ثابتة، ثم تجر باقي الجسم والهلب
الامامية متشبثة بالارض. ولدودة الارض فم دون اسنان، وهي عديمة العينين ولكنها حساسة للضوء وللاهتزازات.
وتغتذي دودة الارض حافرة طريقها في التربة باكل التراب (ومحتوياته العضوية) وسلحه من الشرج فكانها،
كما يصفها بعضهم، انبوب داخل انبوب. وهكذا تعمل الخراطين على قلب التربة وتهويتها واخصابها. ويقدر
العلماء ان دودة الارض تاكل وتفرز مقدار وزنها من التراب يوميا، وهناك الكثير منها لتقوم
بذلك. وقد قام العالم الطبيعي تشارلز داروين منذ اكثر من مئة عام بدراسة الخراطين والف
فيها كتابا. وقد لحظ ان حقلا كانت تغطيه الحجارة قد تغطى بسلح الخراطين، فاختفت منه
الحجارة في مدى ثلاثين عاما. وقد قدر ان الخراطين في الفدان الواحد تسلح ما مقدار
عشرة الى عشرين طنا من التراب سنويا. وقد اجرى داروين تجارب لاختبار نوع الاوراق التي
تفضلها هذه الديدان حين تخرج الى السطح. ولعلك ترغب في محاكاة بعض تجارب داروين، فكل
ما يلزمك هو اصيصان (او مرطبانان) كبيران مليئان بتراب غير جاف. احتفر بضع خراطين (بالحفر
حولها ولا تشدها) ووزعها على الاصيصين، وسرعان ما تحفر الديدان لها جحورا فيهما. في كل
مساء ضع بعض اوراق نبت متنوعة صغيرة على سطح التربة في الاصيصين. جرب اوراق الملفوف
والخس والجزر والتفاح والعشب؛ ويستحسن وضع بعض الاوراق العبقة الرائحة كالخزامى. ان الخراطين ستصعد الى
السطح ليلا فتاخذ بعض الاوراق وتترك بعضها الاخر. سجل في مفكرتك الانواع التي اختارتها الخراطين
والانواع التي تركتها. واذا رغبت بمشاهدة فعل الخراطين في قلب التربة فاستخدم مرطبانا زجاجيا كبيرا
نوعا. املا المرطبان بطبقات متعاقبة من التراب الطيني والرمل ودبال الورق المتعفن ملبدا كل طبقة
قبل فرش الطبقة التالية بحيث يبدو تعاقب الطبقات بوضوح. لف حول المرطبان ستارا من الورق
القاتم او الكرتون لحجب الضوء عنه، وثبته بشريط لاصق. رطب محتويات المرطبان ثم ضع بضعة
خراطين فيه. بعد قليل ستنجحر الديدان وتختفي. بعد بضعة ايام ارفع الستار عن المرطبان وشاهد
ما فعلته الديدان. اذا كانت بعض الجحور قريبة من جدار المرطبان فيمكنك ملاحظة حجمها. واذا
كانت الديدان نشطة فستشاهد اختلاط الطبقات عاليها سافلها. بعد انتهاء تجاربك ومراقبة نتائجها اترك الخراطين
تذهب في سبيلها، ويستحسن ان تعيدها الى الموقع الذي احتفرتها منه او الى موقع مشابه.
تفرز منطقة السرج الثخينة القريبة من الراس غشاء مخاطيا كيسيا حولها. ثم تنسحب الخرطون الى
الخلف ببطء فيتحرك الكيس الغشائي الشرنقي عابرا الشدف نحو الراس. وفي طريقه يتلقى البيوض واللقاح
وينسد طرفاه عندما تتملص منه الدودة تماما. وفي حوالي اسبوعين تفقس الخراطين الصغار شبيهة بالديدان
البالغة. وليست كل انواع الخراطين متساوية الحجم فمنها صغار لا يتجاوز طولها بضعة سنتيمترات ومنها
نوع من استرالية وامريكا الجنوبية يزيد طول الخرطون منه على ثلاثة امتار.