اولا : ( استيعاب جميع البدن الا ما استثني )
فهو في قوله تعالى : { يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين
عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .
ففي الاية الاولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم اظهار شيء منها امام الاجانب الا
ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه اذا بادرن الى ستره .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
اي : لا يظهرن شيئا من الزينة للاجانب الا ما لا يمكن اخفاؤه ، قال
ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي
تجلل ثيابها وما يبدو من اسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لان هذا لا يمكن
اخفاؤه .
ثانيا : ( ان لا يكون زينة في نفسه )
لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن } فانه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة اذا كانت
مزينة تلفت انظار الرجال اليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا
تبرجن تبرج الجاهلية الاولى } سورة الاحزاب:33 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ”
ثلاثة لا تسال عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى امامه ومات عاصيا ، وامة او
عبد ابق فمات ، وامراة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا
تسال عنهم ” . اخرجه الحاكم (1/119) واحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده
صحيح وهو في ” الادب المفرد ” .
ثالثا : ( ان يكون صفيقا لا يشف ) فلان الستر لا يتحقق الا به
، واما الشفاف فانه يزيد المراة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه
وسلم : “سيكون في اخر امتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كاسنمة البخت العنوهن فانهن
ملعونات ” زاد في حديث اخر :”لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها لتوجد
من مسيرة كذا وكذا ” . رواه مسلم من رواية ابي هريرة .
قال ابن عبد البر : اراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب
الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي
في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا : ( ان يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
فلان الغرض من الثوب انما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك الا بالفضفاض الواسع ،
واما الضيق فانه وان ستر لون البشرة فانه يصف حجم جسمها او بعضه ويصوره في
اعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة اليه ما لا يخفى فوجب ان يكون واسعا
وقد قال اسامة بن زيد : ” كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية
كثيفة مما اهداها له دحية الكلبي فكسوتها امراتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية
؟ قلت : كسوتها امراتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فاني اخاف
ان تصف حجم عظامها ” اخرجه الضياء المقدسي في ” الاحاديث المختارة” (1/441) واحمد والبيهقي
بسند حسن .
خامسا : ( ان لا يكون مبخرا مطيبا ) لاحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب
اذا خرجن من بيوتهن، ونحن نسوق الان بين يديك ما صح سنده منها :
1-عن ابي موسى الاشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”ايما امراة
استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية ”
2-عن زينب الثقفية ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” اذا خرجت احداكن
الى المسجد فلا تقربن طيبا “.
3-عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ايما
امراة اصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الاخرة ” .
4-عن موسى بن يسار عن ابي هريرة : ” ان امراة مرت به تعصف ريحها
فقال : يا امة الجبار المسجد تريدين ؟ قالت : نعم ، قال: وله تطيبت
؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فاني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : ” ما من امراة تخرج الى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله
منها صلاة حتى ترجع الى بيتها فتغتسل “.
ووجه الاستدلال بهذه الاحاديث على ما ذكرنا العموم الذي فيها فان الاستعطار والتطيب كما يستعمل
في البدن يستعمل في الثوب ايضا لا سيما وفي الحديث الثالث ذكر البخور فانه للثياب
اكثر استعمالا واخص.
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد الحق به العلماء
ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ، انظر
” فتح الباري ” (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد : وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج الى المسجد لما فيه
من تحريك داعية شهوة الرجال . نقله المناوي في “فيض القدير” في شرح حديث ابي
هريرة الاول .
سادسا: (ان لا يشبه لباس الرجل)
فلما ورد من الاحاديث الصحيحة في لعن المراة التي تشبه بالرجل في اللباس او غيره،
واليك ما نعلمه منها :
1. عن ابي هريرة قال:” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة
المراة، والمراة تلبس لبسة الرجل” .
2. عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول”
ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال” .
3. عن ابن عباس قال: “لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات
من النساء ، وقال: اخرجوهم من بيوتكم، وقال: فاخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلانا،
واخرج عمر فلانا” وفي لفظ ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من
الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال”.
4. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاث
لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله اليهم يوم القيامة: العاق والديه والمراة المترجلة المتشبهة بالرجال
والديوث”.
5. عن ابن ابي مليكة -واسمه عبد الله بن عبيد الله- قال قيل لعائشة رضي
الله عنها: ان المراة تلبس النعل؟ فقالت “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة
من النساء”.
وفي هذه الاحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال، وعلى العكس، وهي عادة تشمل
اللباس وغيره الا الحديث الاول فهو نص في اللباس وحده .
سابعا : ( ان لا يشبه لباس الكافرات ) .
فلما تقرر في الشرع انه لا يجوز للمسلمين رجالا ونساء التشبه بالكفار سواء في عباداتهم
او اعيادهم او ازيائهم الخاصة بهم وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الاسلامية خرج عنها اليوم
– مع الاسف – كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بامور الدين والدعوة اليه
جهلا بدينهم او تبعا لاهوائهم او انجرافا مع عادات العصر الحاضر وتقاليد اوروبا الكافرة حتى
كان ذلك من اسباب تاخر المسلمين وضعفهم وسيطرة الاجانب عليهم واستعمارهم ( ان الله لا
يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) لو كانوا يعلمون .
وينبغي ان يعلم ان الادلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة وان
كانت ادلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شانها دائما.
ثامنا: (ان لا يكون لباس شهرة).
فلحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”
من لبس ثوب شهرة في الدنيا البسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم الهب فيه
نارا”. حجاب المراة المسلمة ” ( ص 54 – 67 )