ما هي فوائد الصدق؟
حقيقة فوائد الصدق كثيرة:
اولها: ان الاتصاف بالصدق يعد صفة من صفات المتقين.
ثانيا: انه سبب من اسباب دخول الجنة، كما اخذنا منذ قليل: (وان الصدق يهدي الى
البر وان البر يهدي الى الجنة).
ثالثا: يحظى بمحبة الناس له مع ثقتهم فيه، الناس اذا عرفوا انك صادق يثقون فيك،
يصدقون اخبارك ياتمنونك على اسرارهم.
رابعا: الصدق طمانينية للنفس.
خامسا: الصدق منجاة من الشدائد، كما قلنا منذ قليل في قصة عائشة في حادثة الافك
المشهورة، قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فقال: بعضهم لبعض لا ينجيكم الا
الصدق، فكل منهم ذكر عملا صالحا، وصدق الله فيما قال فنجاهم الصدق في هذا.
ايضا احد التابعين اسمه ذر بن حبيش عرف عنه انه لم يكذب قط، وكان صادقا
وكان
الحجاج يبحث عن ولديه، يقبض عليهما في امر، فبحث عنهما في كل مكان فلم يجدهما،
فقيل
للحجاج: لو سالت اباهما عنهما فانه لا يكذب، فاستدعاه الحجاج وساله فقال: هما في
بيتي، اخبره بالصدق، قال: هما في بيتي يعني، اخفيتهما عنك في بيتي، وكانوا يبحثون
في كل مكان ما توقعوا ان يكون في منزل والدهم فقال الحجاج: قد عفوت عنهما
اكراما
لصدقك. ولذلك نلاحظ الان عندما يحقق مع بعض المتهمين او غيرهم، يقال له: اصدق فان
هذا يخفف عنك وقد يعفى عنك، لان بعض الذين يدعون على غيرهم، يقولون احيانا: اريدك
ان تعترف ان اعترفت عفوت عنك فقط اريدك ان تعترف فالصدق منجاة, ولا يمكن –
وهذا مما
ينبغي التنبه اليه- ان يكون الكذب منجاة ولذلك يقول بعض السلف: لان نجاني الكذب فان
الصدق انجى منه. لو نجاك الكذب مرة فان الصدق انجى منه؛ لان الكذب لا يمكن
ان ينجي
وانما الكذب تدليس وتزوير وخيانة كما سناخذه بعد قليل.
ايضا من فوائد الصدق- ايها الاخوة- انه بركة في الرزق وسبب- باذن الله تعالى- في
نماء المال، وكثرة الرزق، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (البيعان بالخيار، فان
صدقا -هذا الشاهد عندنا- فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وان كتما وكذبا محقت
بركة بيعهم) متفق عليه، فالبيعان: يعني البائع والمشتري طبعا لهما الخيار يسمى
خيار المجلس في البيع في البيع. فان صدقا: كل منهما صدق الاخر فان الله -عز
وجل-
يبارك للبائع في المال الذي اخذه وللمشتري في السلعة التي اشتراها لكن لو افترضنا
ان كل منهما كذب على الاخر فانه تمحق بركة بيعهما ولذلك اثر عن كثير من
السلف، انه
قال: « بارك الله في تجارتي وفي رزقي بفضله -جل وعلا- ثم بصدقي » فمن
كان صادقا مع
الله -عز وجل- ثم مع الناس يبارك في رزقه. ويروى عن ابي حنيفة كان يتجر
في تجارة
البز وفي بيع القماش، انه كان يامر غلامه اذا كان القماش فيه عيب او فيه
خروق او
فيه نقص عن غيره، ان يبين لمن باعه العيب وان يبيعه بسعر اقل، ورويت في
هذا قصص
كثيرة عن ابي حنيفة ولذلك بارك الله في رزقه وغيره من السلف وهذا مشهور معروف
فينبغي علينا ان نحرص اوصي نفسي واخواني من المشاهدين من التجار ومن رجال الاعمال
ان يحرصوا على الصدق مع الناس والحذر الحذر من الكذب او التغرير عليهم او استخدام
وسائل الاعلانات في استجلاب الناس ثم اذا اشتروا تلك السلع اما يجدوها مغشوشة او
يجدوها على وصف اقل مما وصفت به وهذا مما لا ينبغي ، بل ينبغي للانسان
ان يكون
صادقا ليبارك الله -عز وجل- في رزقه وفي تجارته ويذكر ان احد التجار باع رجلا
سلعة وهذه السلعة كانت مغشوشة، واخذها هذا البائع دون ان يعلم انها مغشوشة لما جاء
الليل شعر هذا التاجر بتانيب ضميره وخاف من العقوبة فخرج في الصباح وبحث عن هذا
المشتري وقال: اني بعتك سلعة بالامس وهي مغشوشة فيها عيب كذا وكذا واني تائب الى
الله -عز وجل- فاردد علي السلعة لاردد عليك نقودك، فقال المشتري وانا ايضا دفعت
اليك دراهم مزيفة، انا ايضا دفعت اليك دراهم مزيفة، مثلما نسميها نحن عملة مزورة
مغشوشة فسبحان الله الجزاء من جنس العمل، فما دام كذب هذا كذب عليه، لذلك ينبغي
للانسان ان يكون صادقا ليصدق الناس معه واهم شيء في مسالة الاموال لانها حقوق
للناس وايضا لا يجوز لك ان تطعم نفسك او اولادك من نفقة حرام، بل عليك
ان تحرص ان
تاكل من الحلال، وكانت نساء السلف -رحمهن الله- اذا اراد زوجها ان يخرج الى متجره
او عمله قالت: « اتق الله ولا تطعمنا حراما فانا نصبر على الجوع في الدنيا
ولا
نصبر على حر النار في الاخرة » فلا يجوز للشخص ان يغش او يدلس انما
يصدق وانما
يصدق مع الناس فالله -عز وجل- يرضيه ويرزقه بركة في المال.
ايضا من محاسن الصدق ولعلها اختم بهذا لئلا اطيل ان من كان صادقا في كلامه
فانه
يكون صادقا في رؤياه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اصدقكم رؤيا اصدقكم
حديث) ولذلك بعض الصالحين يرى منامات اذا استيقظ في الصباح راها كانها فلق الصبح
لانه صادق في كلامه مع الناس وصادق مع ربه قبل ذلك وصادق مع نفسه فتجد
انه اذا راى
شيئا في المنام ما يرى ال خيرا وتعبر له الرؤيا او يعبرها هو على الوجه
الصحيح،
اما -نسال الله العافية- من كان يكذب ويغش وهكذا، تجد انه يرى اما منامات مفزعة،
اما ان يتلاعب به الشيطان في نومه او نحو ذلك، فينبغي للانسان ان يحرص كل
الحرص على
الصدق لكي ان راى شيئا في منامه يرى خيرا، وتعبر له رؤيا خير -باذن الله
تعالى-