في قديم الزمان، كان شيخ عجوز يجلس مع ابنه ذي العشرين ربيعا، واثناء حديثهما طرق
الباب فجاة، فذهب الشاب ليفتح الباب، واذا برجل غريب يدخل البيت دون ان يسلم حتى،
متجها نحو الرجل العجوز قائلا له: اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت
عليك اكثر من اللازم ونفد صبري.
حزن الشاب على رؤية ابيه في هذا الموقف السيء، واخذت الدموع تترقرق من عينيه، ثم
سال الرجل كم على والدي لك من الديون ؟ اجاب الرجل: اكثر من تسعين الف
ريال، فقال الشاب: دع والدي وشانه، وابشر بالخير ان شاء الله.
اتجه الشاب الى غرفته ليحضر المبلغ الى الرجل، فقد كان بحوزته سبعة وعشرين الف ريال
جمعها من رواتبه اثناء عمله ادخرها ليوم زواجه الذي ينتظره بفارغ الصبر، ولكنه اثر ان
يفك به ضائقة والده.
دخل الى المجلس وقال للرجل هذه دفعة من دين والدي، وابشر بالخير ونسدد لك الباقي
عما قريب ان شاء الله. بكى الشيخ بكاء شديدا طالبا من الرجل ان يقوم باعادة
المبلغ الى ابنه؛ فهو يحتاجه، ولا ذنب له في ذلك، الا ان الرجل رفض ان
يلبي طلبه، فتدخل الشاب وطلب من الرجل ان يبقي المال معه، وان يطالبه هو بالديون،
وان لا يتوجه الى والده لطلبها، ثم عاد الشاب الى والده وقبل جبينه قائلا: يا
والدي قدرك اكبر من ذلك المبلغ، وكل شيء ياتي في وقته، حينها احتضن الشيخ ابنه
وقبله واجهش بالبكاء قائلا رضي الله عنك يا بني ووفقك وسدد خطاك.
في اليوم التالي وبينما كان الشاب في وظيفته منهمكا ومتعبا، زاره احد اصدقائه الذين لم
يرهم منذ مدة، وبعد سلام وعتاب قال له الصديق الزائر: يا اخي كنت في الامس
مع احد كبار رجال الاعمال، وطلب مني ان ابحث له عن رجل امين وذي اخلاق
عالية، ومخلص ولديه طموح وقدرة على ادارة العمل بنجاح، فلم اجد شخصا اعرفه يتمتع بهذه
الصفات غيرك، فما رايك في استلام العمل، وتقديم استقالتك فورا لنذهب لمقابلة الرجل في المساء.
امتلا وجه الشاب بالبشرى قائلا: انها دعوة والدي، ها قد اجابها الله، فحمد الله على
افضاله كثيرا.
وفي المساء كان الموعد المرتقب بين رجل الاعمال والشاب، وارتاح الرجل له كثيرا، وساله عن
راتبه، فقال: 4970 ريال، فرد الرجل عليه: اذهب صباح غد وقدم استقالتك وراتبك اعتبره من
الان 15000 ريال، بالاضافة الى عمولة على الارباح تصل الى 10%، وبدل سكن ثلاثة رواتب،
وسيارة احدث طراز، وراتب ستة اشهر تصرف لك لتحسين اوضاعك، فما ان سمع الشاب هذا
الكلام حتى بكى بكاء شديدا وهو يقول: ابشر بالخير يا والدي. ساله رجل الاعمال عن
السبب الذي يبكيه فروى له ما حصل قبل يومين، فامر رجل الاعمال فورا بتسديد ديون
والده. فهذه هي ثمرة من يبر والديه.