هذي قصص عن حياة الرسول الكريم ( صلى الله عليه و سلم )
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مكة حبا كبيرا، فهى بلده الذى ولد
فيه، وفيها بيت الله الحرام، وعلى ارضها نزل الوحى لاول مرة.
ولما اشتد ايذاء المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فى مكة، امره الله -تعالى-
بالهجرة الى المدينة.
فلما خرج صلى الله عليه وسلم من مكة نظر اليها نظرة المحب الوفى، واخذ يودعها،
وهو يقول:(والله انك لخير ارض الله، واحب ارض الله الى الله، ولولا انى اخرجت منك
ما خرجت).
وبعد ثمانى سنوات، كتب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يعود الى مكة فاتحا
ومنتصرا، بعد ان اضطر الى الخروج منها، فدخلها النبى صلى الله عليه وسلم فرحا مسرورا،
وعفا عن اهلها برغم ما فعلوه معه.
وهكذا يكون الوفاء للوطن، والمسلم يكون محبا لوطنه، حريصا على مصلحته، وفيا له.
ثانيا :الاوفياء:-
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على القبائل القادمة الى مكة لزيارة البيت
الحرام، فى مواسم الحج.
وفى احد المواسم، اقبلت جماعة من المدينة، فقابلهم النبى صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم
الى الاسلام، فشرح الله صدورهم للايمان.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم :(الا تبايعون رسول الله؟).
فقالوا:علام نبايعك؟
فقال لهم: (على ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، ولا تسالوا الناس
شيئا).
فبايعوا النبى صلى الله عليه وسلم وعاهدوه على ذلك، وصدقوا فى بيعتهم، ووفوا بعهدهم، حتى
ان بعضهم كان اذا سقط منه سوطه، لا يسال احدا ان يناوله اياه؛ وذلك وفاء
لعهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم الا يسالوا احدا شيئا
ثالثا:الاجير الوفى:-
عندما وصل موسى صلى الله عليه وسلم الى مدين بالشام، شاهد زحاما كبيرا من الناس
على بئر يسقون منه اغنامهم.وبعيدا عن البئر، راى فتاتين، تنتظران حتى ينتهى الزحام فتسقيا اغنامهما،
فتطوع موسى صلى الله عليه وسلم وسقى لهما.
فلما عادت الفتاتان الى المنزل، عرف ابوهما الشيخ الكبير بما فعله موسى صلى الله عليه
وسلم ، فارسل احداهما اليه تدعوه لمقابلته؛ حتى يكافئه على ما صنع.
فلما حضر موسى صلى الله عليه وسلم شكره الاب، وعرف منه قصة فراره من فرعون
ومجيئه الى مدين، فطمانه الاب، واستضافه واكرمه، وعرض عليه ان يزوجه احدى ابنتيه، مقابل ان
يعمل عنده ثمانية اعوام، وان شاء اكملها عشرة.
فوافق موسى صلى الله عليه وسلم ، وقضى الاعوام العشرة، فاوفى بوعده على خير وجه.وبعدها
عاد بزوجته الى مصر.
رابعا: الزوجة الوفية:-
فى غزوة بدر، اسر المسلمون عددا كبيرا من المشركين، وكان من بين هؤلاء الاسرى ابو
العاص ابن الربيع زوج السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم .
وكان الاسلام قد فرق بين زينب- رضى الله عنها-وزوجها؛ لانه مشرك، فلما وقع فى الاسر،
خلعت عقدها الذى اهدته اليها امها السيدة خديجة رضى الله عنها- عند زواجها، وارسلته الى
الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتفتدى به ابا العاص وفاء له.
فلما راى النبى صلى الله عليه وسلم العقد عرفه، واحس بوفاء ابنته لزوجها، فاستشار اصحابه
فى ان يطلق سراح ابى العاص، واستاذنهم فى اعادة العقد الى زينب – رضى الله
عنها-، فوافق الصحابة.
فاطلق الرسول صلى الله عليه وسلم سراحه.فلما عاد ابو العاص الى مكة اعلن اسلامه، ثم
ذهب الى المدينة، فاعاد اليه الرسول صلى الله عليه وسلم زوجته الوفية زينب- رضى الله
عنها-.
خامسا:وفاء وايثار:-
فى احد الايام، اشتد الجوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وابى بكر وعمر-
رضى الله عنهما-، فانطلقوا الى بيت ابى الهيثم بن التيهان الانصارى- رضى الله عنه-وكان رجلا
غنيا؛ فاطعمهم طعاما شهيا، فوعده النبى صلى الله عليه وسلم ان يعطيه خادما عندما تاتى
الغنائم والسبى (الاسرى من الرجال والنساء).
ومرت الايام، وجاء ثلاثة من الاسرى للرسول صلى الله عليه وسلم ، فاعطى اثنين منهم
للمسلمين؛ فاتخذوهما كخادمين، وبقى واحد.
فجاءت فاطمة بنت النبى صلى الله عليه وسلم تطلب خادما؛ لكى يساعدها، ويخفف عنها متاعب
العمل، فرفض صلى الله عليه وسلم ان يمنحه لها؛ لانه وعد به ابا الهيثم- رضى
الله عنه – من قبل.
وقال:(كيف بموعدى لابى الهيثم؟)، واثره بالخادم على ابنته؛ لانه صلى الله عليه وسلم كان حريصا
على الوفاء بعهده ووعده.
سادسا:نذر ووفاء:-
كانت امراة عمران عقيما لاتجلد، فدعت الله -تعالى-ان يرزقها بمولود، فاستجاب الله -عز وجل-دعاءها، فحملت.
فنذرت ان تجعل هذا المولود خادما لبيت المقدس.قالت: رب انى نذرت لك ما فى بطنى
محررا فتقبل منى انك انت السميع العليم، ولم تكن امراة عمران تعلم نوع الجنين الذى
فى بطنها؛ ذكرا كان ام انثى فلما وضعتها قالت رب انى وضعتها انثى والله اعلم
بما وضعت.
وبرغم ذلك، عزمت امراة عمران على ان توفى بنذرها، فسمت المولودة مريم، واعاذتها وذريتها بالله
من الشيطان الرجيم، وفرغتها للعبادة وخدمة بيت الله، فتقبل الله-تعالى-مريم، وانبتها نباتا حسنا، وجعلها من
الصالحات القانتات العابدات، وجعلها من سيدات نساء اهل الجنة
سابعا:وفاء عند الموت:-
يحكى ان رجلا قابل عبد الله بن عمرو- رضى الله عنهما-وطلب منه ان يزوجه ابنته،
فرد عليه عبد الله- رضى الله عنه-قائلا:ان شاء الله.وهو بذلك لم يوافق، ولم يرفض.
وبعد فترة، حدث ان رقد عبد الله- رضى الله عنه-على فراش الموت، فقال لمن حوله:انظروا
فلانا، فانى قد قلت له فى ابنتى قولا يشبه الوعد (اى:لم اصارحه بالموافقة او الرفض)
فما احب ان القى الله بثلث النفاق، فاشهدكم انى قد زوجته ابنتى.
يقصد ان اخلاف الوعد من صفات المنافقين، فقد قال صلى الله عليه وسلم :(اية المنافق
ثلاث:اذا حدث كذب، واذا وعد اخلف، واذا ائتمن خان).
ثامنا:وفاء مع المشركين:-
فى العام السادس الهجرى، عقد المشركون مع المسلمين صلح الحديبية، وكان من شروط الصلح انه
اذا اسلم احد من المشركين، وذهب الى الرسول صلى الله عليه وسلم رده الى قومه.
وبعد عقد الصلح مباشرة، جاء ابو جندل بن سهيل بن عمرو- رضى الله عنه-واعلن اسلامه،
فلما راه ابوه قام اليه وعنفه، ثم طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ان
يرد ابا جندل؛ تنفيذا لشروط الصلح فوافق صلى الله عليه وسلم .
فقال ابو جندل- رضى الله عنه-:يا معشر المسلمين، اارد الى المشركين يفتنونى عن دينى؟
فاخبره صلى الله عليه وسلم :بالعهد الذى اخذه على نفسه، وانه يجب عليه الوفاء به،
فقال:(يا ابا جندل، اصبر واحتسب، فان الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا،
واننا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا).
تاسعا: الخليفة الوفى:-
ذات يوم، قال النبى صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله- رضى الله عنه-:(لو
قد جاء مال البحرين (اى:الزكاة التى تجمع من البحرين) اعطيتك هكذا وهكذا وهكذا).ومات الرسول صلى
الله عليه وسلم قبل ان تصل اموال الزكاة من البحرين.
فلما تولى ابو بكر الصديق- رضى الله عنه- الخلافة، وجاءت الاموال من البحرين، امر رجلا
ان ينادى:من كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد وعده بشىء فليات.
فذهب جابر- رضى الله عنه-اليه، واخبره بوعد الرسول صلى الله عليه وسلم له ان يعطيه
من مال البحرين اذا جاء (ثلاث مرات)، فاعطاه الخليفة- رضى الله عنه- كيسا من المال.فعدها
جابر- رضى الله عنه-فاذا هى خمسمائة، فاعطاه الخليفة مثلها مرتين؛ وفاء بوعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم.