سدوم وعمورة بحسب ما جاء في القران والعهد القديم هي مجموعة من القرى التي خسفها
الله بسبب ما كان يقترفه اهلها من مفاسد وفق ما جاء للنصوص الدينية. القصة مذكورة
بشكل مباشر وغير مباشر في الديانات السماوية الثلاث الاسلام والمسيحية واليهودية. يعتقد كثير من الباحثين
وعلماء الدين ان القرى التي خسفها الله تقع في منطقة البحر الميت وغور الاردن. بحسب
المصادر العبرية القرى هي :سدوم، عمورة، ادومة، صبييم. صب الله غضبه على هذه القرى وخسفها
باهلها حسبما جاء في النصوص الدينية، بسبب سوء خلقهم واتيانهم الذكور من دون النساء.
قوم لوط والمدينة التي قلبت راسا على عقب
عاش النبي لوط في نفس زمن النبي ابراهيم مرسلا الى بعض الاقوام المجاورة لابراهيم، كان
هؤلاء القوم كما يخبرنا القران الكريم يمارسون نوعا من الشذوذ الجنسي لم تعرفه البشرية قبلهم،
وهو السدومية / اللواط. عندما نصحهم لوط بان يقلعوا عن ممارسة هذا الشذوذ وانذرهم ببطش
الله وعقابه، كذبوه وانكروا نبوته ورسالته، وتمادوا في شذوذهم وغيهم، وفي النهاية هلك القوم بما
وقع عليهم من كارثة مريعة.
في العهد القديم يشار الى المنطقة التي اقام فيها لوط على انها سدوم، وحيث ان
هذه المنطقة تقع الى الشمال من البحر الاحمر، فقد كشفت الابحاث ان الدمار قد لحق
بها تماما كما جاء في القران الكريم، تدل الدراسات الاثرية ان تلك المدينة كانت في
منطقة البحر الميت التي تمتد على طول الحدود الاردنية الفلسطينية.
هدد القوم لوطا عندما دعاهم الى اتباع الطريق الصحيح، لقد ابغضوه لانه يدعوهم الى الحق
والطهر، وعزموا على طرده هو والذين امنوا معه. وعرض لوط على قومه الحقيقة واضحة وانذرهم
بشكل واضح وصريح، الا انهم لم يكترثوا لاي تهديد او وعيد، واستمروا في نكرانهم وتكذيبهم
بالوعيد الذي جاء به
توجه لوط الى الله يساله العون فاستجاب الله لرسوله، فارسل ملكين في صورة رجلين، مر
هذان الملكان على ابراهيم قبل ان يصلوا لوطا، واعطوه البشرى بان امراته ستلد له غلاما،
وشرح الملكان لابراهيم سبب ارسالهم الى قوم لوط: لقد حكم على قوم لوط المتغطرسين بالهلاك.
وبعد ان غادر الملكان – وهما على هيئة رسولين – ابراهيم وصلوا لوطا، اغتم لوط
لمجيء الرسل في بادئ الامر لانه لم يكن قد راهم قبلا، الا انه هدا بعد
ان تكلما معه.
في هذه الاثناء عرف القوم ان لوطا يستضيف ضيوفا، فلم يترددوا في ايذائهم بممارساتهم البشعة،
فطوقوا منزل لوط ينتظرون خروجهم، خاف لوط على ضيوفه من ان يلحق بهم الاذى فخاطب
قومه، طالبا منهم الا يلحقوا الاذى بضيوفه
ظن لوط انه اصبح وضيوفه معرضين الى تلك الممارسة الشيطانية الا ان ضيوفه ذكروه بانهم
رسل الله اليه. وعندما وصل شذوذ القوم الذروة، انقذ الله لوطا بمساعدة الملكين، وفي الصباح
اهلك القوم بالكارثة المدمرة التي انذرهم بها لوط من قبل.
وعندما دمر القوم لم ينج منهم الا لوط ومن امن معه، وهؤلاء جميعا لم يكونوا
يتعدون عدد افراد الاسرة الواحدة. الا ان امراة لوط لم تكن من المصدقين فهلكت مع
الهالكين.
وكما ورد في التوراة : هاجر لوط مع ابراهيم بعد ان هلك القوم الضالون ومسحت
منازلهم وجه الارض.
القصة في الكتاب المقدس
تكوين 18
17 فقال الرب هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله. 18 وابراهيم يكون امة كبيرة
وقوية ويتبارك به جميع امم الارض. 19 لاني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده
ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي ياتي الرب لابراهيم بما تكلم به. 20
وقال الرب ان صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جدا. 21 انزل وارى
هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الاتي الي.والا فاعلم. 22 وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو
سدوم.واما ابراهيم فكان لم يزل قائما امام الرب 23 فتقدم ابراهيم وقال افتهلك البار مع
الاثيم. 24 عسى ان يكون خمسون بارا في المدينة.افتهلك المكان ولا تصفح عنه من اجل
الخمسين بارا الذين فيه. 25 حاشا لك ان تفعل مثل هذا الامر ان تميت البار
مع الاثيم فيكون البار كالاثيم.حاشا لك.اديان كل الارض لا يصنع عدلا.26 فقال الرب ان وجدت
في سدوم خمسين بارا في المدينة فاني اصفح عن المكان كله من اجلهم. 27 فاجاب
ابراهيم وقال اني قد شرعت اكلم المولى وانا تراب ورماد. 28 ربما نقص الخمسون بارا
خمسة.اتهلك كل المدينة بالخمسة.فقال لا اهلك ان وجدت هناك خمسة واربعين. 29 فعاد يكلمه ايضا
وقال عسى ان يوجد هناك اربعون.فقال لا افعل من اجل الاربعين. 30 فقال لا يسخط
المولى فاتكلم.عسى ان يوجد هناك ثلاثون.فقال لا افعل ان وجدت هناك ثلاثين. 31 فقال اني
قد شرعت اكلم المولى.عسى ان يوجد هناك عشرون.فقال لا اهلك من اجل العشرين. 32 فقال
لا يسخط المولى فاتكلم هذه المرة فقط.عسى ان يوجد هناك عشرة.فقال لا اهلك من اجل
العشرة. 33 وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع ابراهيم ورجع ابراهيم الى مكانه
تكوين 19
1 فجاء الملاكان الى سدوم مساء وكان لوط جالسا في باب سدوم.فلما راهما لوط قام
لاستقبالهما وسجد بوجهه الى الارض. 2 وقال يا سيدي ميلا الى بيت عبدكما وبيتا واغسلا
ارجلكما.ثم تبكران وتذهبان في طريقكما.فقالا لا بل في الساحة نبيت. 3 فالح عليهما جدا.فمالا اليه
ودخلا بيته.فصنع لهما ضيافة وخبز فطيرا فاكلا 4 وقبلما اضطجعا احاط بالبيت رجال المدينة رجال
سدوم من الحدث الى الشيخ كل الشعب من اقصاها. 5 فنادوا لوطا وقالوا له اين
الرجلان اللذان دخلا اليك الليلة.اخرجهما الينا لنعرفهما. 6 فخرج اليهم لوط الى الباب واغلق الباب
وراءه. 7 وقال لا تفعلوا شرا يا اخوتي. 8 هوذا لي ابنتان لم تعرفا رجلا.اخرجهما
اليكم فافعلوا بهما كما يحسن في عيونكم.واما هذان الرجلان فلا تفعلوا بهما شيئا لانهما قد
دخلا تحت ظل سقفي. 9 فقالوا ابعد الى هناك.ثم قالوا جاء هذا الانسان ليتغرب وهو
يحكم حكما.الان نفعل بك شرا اكثر منهما.فالحوا على الرجل لوط جدا وتقدموا ليكسروا الباب. 10
فمد الرجلان ايديهما وادخلا لوطا اليهما الى البيت واغلقا الباب. 11 واما الرجال الذين على
باب البيت فضرباهم بالعمى من الصغير الى الكبير.فعجزوا عن ان يجدوا الباب 12 وقال الرجلان
للوط من لك ايضا ههنا.اصهارك وبنيك وبناتك وكل من لك في المدينة اخرج من المكان.
13 لاننا مهلكان هذا المكان.اذ قد عظم صراخهم امام الرب فارسلنا الرب لنهلكه. 14 فخرج
لوط وكلم اصهاره الاخذين بناته وقال قوموا اخرجوا من هذا المكان.لان الرب مهلك المدينة.فكان كمازح
في اعين اصهاره. 15 ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان لوطا قائلين قم خذ امراتك
وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك باثم المدينة. 16 ولما توانى امسك الرجلان بيده وبيد امراته وبيد
ابنتيه لشفقة الرب عليه واخرجاه ووضعاه خارج المدينة. 17 وكان لما اخرجاهم الى خارج انه
قال اهرب لحياتك.لا تنظر الى ورائك ولا تقف في كل الدائرة.اهرب الى الجبل لئلا تهلك.
18 فقال لهما لوط لا يا سيد. 19 هوذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك
وعظمت لطفك الذي صنعت الي باستبقاء نفسي.وانا لا اقدر ان اهرب الى الجبل.لعل الشر يدركني
فاموت. 20 هوذا المدينة هذه قريبة للهرب اليها وهي صغيرة.اهرب الى هناك.اليست هي صغيرة.فتحيا نفسي.
21 فقال له اني قد رفعت وجهك في هذا الامر ايضا ان لا اقلب المدينة
التي تكلمت عنها. 22 اسرع اهرب الى هناك.لاني لا استطيع ان افعل شيئا حتى تجيء
الى هناك.لذلك دعي اسم المدينة صوغر 23 واذ اشرقت الشمس على الارض دخل لوط الى
صوغر. 24 فامطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء. 25
وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الارض. 26 ونظرت امراته من وراءه
فصارت عمود ملح 27 وبكر ابراهيم في الغد الى المكان الذي وقف فيه امام الرب.
28 وتطلع نحو سدوم وعمورة ونحو كل ارض الدائرة ونظر واذا دخان الارض يصعد كدخان
الاتون. 29 وحدث لما اخرب الله مدن الدائرة ان الله ذكر ابراهيم وارسل لوطا من
وسط الانقلاب.حين قلب المدن التي سكن فيها لوط
سدوم وعمورة
كان من المعتقد ان تدمير سدوم وعمورة من الامور الخيالية. حتى كشف الدليل الاثري ان
الخمس مدن المذكورة بالتوراة كانت بالفعل مراكز تجارية نشطة بالمنطقة، وكانت مواقعها الجغرافية هي بالضبط
كما وصف الكتاب المقدس. وكذلك يظهر ان وصف التوراة لنظام الحكم يبدو انه ليس اقل
دقة. تشير الادلة ايضا الى تواجد نشاط بركاني، وان طبقات الارض المختلفة قد انفجرت وتشتت
عاليا في الهواء. فالبيتوفين منتشر بدرجة عالية هناك، والوصف الدقيق يبرهن على ان الكبريت (احد
مخلفات البيتوفين) قد سقط على تلك المدن التي رفضت الله، وهناك ادلة اخرى توضح ان
الصخور الرسوبية قد اختلطت مع بعضها البعض بفعل الحرارة الهائلة. وهناك دلائل نراها فوق جبل
سدوم تؤكد ان الحريق والتدمير الهائل الذي حدث في ذلك الزمن البعيد، ربما حدث بسبب
انفجار خزان بترولي اسفل البحر الميت واشتعل ودمر، مثل هذا التفسير لا يقلل من شان
القيمة الاعجازية للحدث، لان الله يسيطر على قوى الطبيعة كما ان وقت حدوث اي حادث،
كذلك شكل الانذار وظهور الملائكة، كل هذا يوضح الطبيعة الاعجازية للحدث.