الحديث النبوي او السنة النبوية عند اهل السنة والجماعة هو ما ورد عن الرسول محمد
بن عبد الله من قول او فعل او تقرير او صفة خلقية او صفة خلقية
او سيرة سواء قبل البعثة (اي بدء الوحي والنبوة) او بعدها.[1][2][3][4] والحديث والسنة عند اهل
السنة والجماعة هما المصدر الثاني من مصادر التشريع الاسلامي بعد القران.[5] وذلك ان الحديث خصوصا
والسنة عموما مبينان لقواعد واحكام الشريعة ونظمها، ومفصلان لما جاء مجملا في القران، ومضيفان لما
سكت عنه، وموضحان لبيانه ومعانيه ودلالاته. كما جاء في سورة النجم: Ra bracket.png وما ينطق
عن الهوى Aya-3.png ان هو الا وحي يوحى Aya-4.png La bracket.png. فالحديث النبوي هو بمثابة
القران في التشريع من حيث كونه وحيا اوحاه الله للنبي، والحديث والسنة مرادفان للقران في
الحجية ووجوب العمل بهما، حيث يستمد منهما اصول العقيدة والاحكام المتعلقة بالعبادات والمعاملات بالاضافة الى
نظم الحياة من اخلاق واداب وتربية.[6]
قد اهتم العلماء على مر العصور بالحديث النبوي جمعا وتدوينا ودراسة وشرحا، واستنبطت حوله العلوم
المختلفة كعلم الجرح والتعديل وعلم مصطلح الحديث وعلم العلل وغيرها، والتي كان الهدف الاساسي منها
حفظ الحديث والسنة ودفع الكذب عن النبي وتوضيح المقبول والمردود مما ورد عنه. وامتد تاثير
هذه العلوم الحديثية في المجالات المختلفة كالتاريخ[7] وما يتعلق منه بالسيرة النبوية وعلوم التراجم والطبقات،
بالاضافة الى تاثيره على علوم اللغة العربية والتفسير والفقه وغيرها.[8
تعريف الحديث[عدل]
مخطوطة تتناول الحديث النبوي ترجع للقرن الرابع عشر الميلادي.
يطلق على الحديث عدة اصطلاحات، فمنها السنة، والخبر، والاثر. فالحديث من حيث اللغة هو الجديد
من الاشياء، والحديث: الخبر، ياتي على القليل والكثير، والجمع احاديث،[9] فالحديث هو الكلام الذي يتحدث
به، وينقل بالصوت والكتابة. والخبر: هو النبا، وجمعه اخبار.[10] وهو العلم،[11] والاثر هو بقية الشيء،
وهو الخبر، والجمع اثار.[9] ويقال: اثرت الحديث اثرا اي نقلته.[12] ومن هنا فان الحديث يترادف
معناه مع الخبر والاثر من حيث اللغة.
اما اصطلاحا، فان الحديث هو ما ينسب الى رسول الله محمد Mohamed peace be upon
him.svg من قول او فعل او تقرير او وصف.[13] والخبر والاثر لفظان اخران يستعملان بمعنى
الحديث تماما، وهذا هو الذي عليه اصطلاح جمهور العلماء.[14]
ولكن بعض العلماء يفرقون بين الحديث والاثر، فيقولون: الحديث والخبر هو ما يروى عن النبي،
والاثر هو ما يروى عن الصحابة والتابعين واتباعهم.[15][16]
وقيل: الحديث ما جاء عن النبي والخبر ما جاء عن غيره.[17]
وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل حديث خبر وليس كل خبر حديثا.[18]
الحديث والسنة[عدل]
الله
هذه المقالة جزء من سلسلة الاسلام عن:
اهل السنة والجماعة
Ahlul Sunnah.png
العقائد السنية◄
شخصيات محورية◄
مصادر التشريع الاسلامي السني◄
المذاهب الفقهية السنية◄
مناهج فكرية◄
التاريخ والجغرافيا◄
اعياد ومناسبات◄
الحركات والتنظيمات◄
كتب الصحاح◄
انظر ايضا◄
السنة في اللغة هي السيرة، والطريق القويم،[9] وقد وردت في القران الكريم بمعنى الطريقة المتبعة:
Ra bracket.png سنة من قد ارسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا Aya-77.png La
bracket.png – سورة الاسراء وRa bracket.png قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد
سلف وان يعودوا فقد مضت سنة الاولين Aya-38.png La bracket.png – سورة الانفال. وكلمة السنة
اذا اطلقت فهي تنصرف الى الطريقة المحمودة، وقد تستعمل في الطريقة المذمومة ولكنها تكون مقيدة،
كقول النبي:
««من سن في الاسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل اجر من عمل
بها. ولا ينقص من اجورهم شيء. ومن سن في الاسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده،
كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من اوزارهم شيء» [19]»
فالسنة هنا ضد البدعة،[20] والبدعة هي طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشريعة،[21] وهي ما احدث
مما ليس له اصل في الشريعة يدل عليه.[22] قال ابو منصور الهروي الازهري:
«السنة: الطريقة المحمودة المستقيمة[23]»
وقال الشاطبي:
«ويطلق اي: لفظ السنة في مقابلة البدعة؛ فيقال: فلان على سنة اذا عمل على وفق
ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب او
لا، ويقال: فلان على بدعة اذا عمل على خلاف ذلك” [24]»
وقال ابن رجب الحنبلي:
«السنة هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم
وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات والاعمال والاقوال، وهذه هي السنة الكاملة ” [22]»
ومن ذلك قول النبي:
«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضوا عليها بالنواجذ[25]»
وقال:
«فمن رغب عن سنتي فليس مني[26]»
ففيما يتعلق بمصطلحي الحديث والسنة، فانهما يجتمعان في مواضع، ويفترقان في مواضع اخرى، فان ما
يروى عن النبي من قول او فعل او تقرير يطلق عليه “حديث” كما يسمى ايضا
“سنة”، يقول الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع:
«السنة في المعنى الاصولي مساوية للحديث بالتعريف المتقدم عن اهل الحديث، دون قيد (او صفة)،
واستثناء الصفة النبوية من جملة السنن انما وقع من اجل ان محل الكلام في السنة
هو اعتبار كونها من مصادر التشريع، وهذا لا يندرج تحته الاوصاف الذاتية، وانما يستفاد من
الاقوال والافعال والتقريرات النبوية”.[27]»
وكذلك فان كتب الحديث تسمى ايضا بكتب السنة، كما ان اهل الحديث هم ايضا من
اهل السنة. فاذا اطلق لفظ السنة في الشرع فانما يراد بها ما امر به النبي
ونهى عنه وندب اليه قولا وفعلا، ولهذا يقال في ادلة الشرع: الكتاب والسنة، اي: القران
والحديث.[28] اما بالنسبة لمواضع الافتراق، فانه يطلق على هدي النبي المجمل الثابت في جميع شؤونه
“السنة”، اي طريقته ومنهجه وصراطه، ولا يطلق العلماء غالبا ههنا مصطلح “الحديث”، يقول العلامة سيد
سليمان الندوي الهندي:
«الحديث كل واقعة نسبت الى النبي عليه السلام ولو كان فعلها مرة واحدة في حياته
الشريفة، ولو رواها عنه شخص واحد، واما السنة فهي في الحقيقة اسم للعمل المتواتر –
اعني كيفية عمل الرسول عليه السلام – المنقولة الينا بالعمل المتواتر، بان عمله النبي عليه
السلام ثم من بعده الصحابة، ومن بعدهم التابعون وهلم جرا، ولا يشترط تواترها بالرواية اللفظية،
فطريقة العمل المتواترة هي المسماة بالسنة، وهي المقرونة بالكتاب في قوله عليه السلام : (تركت
فيكم امرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله تعالى وسنة رسوله) وهي التي
لا يجوز لاحد من المسلمين كائنا من كان تركها او مخالفتها والا فلا حظ له
في الاسلام” [29]»
وقد اختلف معنى السنة في اصطلاح المشرعين حسب اختلاف اختصاصاتهم، فهي عند الاصوليين والفقهاء غيرها
عند المحدثين. فعند الاصوليين والفقهاء، فتستعمل للدلالة على:
فيما ثبت عن النبي من غير وجوب، وهي حكم من الاحكام الخمسة: (الواجب، الحرام، السنة،
المكروه، المباح) مثال: صلاة ركعتين بعد المغرب. فاستعمال الفقهاء مصطلح “سنة” في بيان حكم استحباب
فعل معين، ولا يستعملون مصطلح “حديث”.
وتستعمل في مقابل كلمة البدعة. كقولهم: طلاق السنة كذا، وطلاق البدعة كذا.[14] قال النبي:
«من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد [30]»
اذن، فعلماء الفقه في استعمالهم للحديث ولمصطلح السنة، فانما بحثوا عن حكم الشرع في افعال
العباد، مستدلين بما ورد عن النبي من سنة (قول او فعل او تقرير).[31] كما يسمي
العلماء الالتزام بالقدر الوارد في الشريعة وعدم الزيادة والابتداع في الدين ب “السنة”، ولا يسمون
ذلك ب “الحديث”. ومنه مقولة عبد الرحمن بن مهدي المشهورة:
«سفيان الثوري امام في الحديث، وليس بامام في السنة، والاوزاعي امام في السنة، وليس بامام
في الحديث، ومالك بن انس امام فيهما جميعا[32]»
وحين يتكلم العلماء على الروايات تصحيحا او تضعيفا انما يستعملون مصطلح “الحديث”، ولا يستعملون مصطلح
“السنة”، فيقولون: هذا حديث ضعيف، ولا يقولون: هذه سنة ضعيفة.[33] اما عند المحدثين، فالسنة مرادفة
للحديث، وهي كل ما اثر عن النبي من اخبار واقوال وخلق وشمائل وافعال سواء اثبت
المنقول حكما شرعيا ام لا.[28] والصلة بين المعنيين (اللغوي والاصطلاحي) عندهم واضحة، لان قول النبي
وفعله وتقريره طريقة متبعة عند المسلمين لا يجوز الحياد عنها، ودليله ما جاء في القران:
Ra bracket.png وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم
الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا Aya-36.png La bracket.png –
سورة الاحزاب. وهنالك بعض الاحاديث التي تدل على ان هذا المعنى الاصطلاحي قد استعمل من
قبل النبي. فمن هذه الاحاديث قوله:
«تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي [34]»
اقسام السنة[عدل]
وتنقسم السنة الى:
1- قولية: وهي كل ما ورد من اقوال النبي من لفظه، في مختلف الاغراض والمناسبات
[28] فكل قول صحت نسبته الى النبي وجب اتباعه فيه بحسب صيغته وما يقتضيه من
وجوب ونحوه. ومثال عليها قوله:
«انما الاعمال بالنيات، وانما لكل امرىء ما نوى[35]»
او قوله في ماء البحر:
«هو الطهور ماؤه الحل ميتته [36]»
والاصل في حكم السنة القولية هو الوجوب. لان الاصل في الاوامر هو الوجوب، والاصل في
النواهي هو التحريم، ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك، وهذا هو المعتمد عند
اهل العلم.[37]
2- فعلية: وهي ما صدر عن النبي من افعال [38] في كل احواله، والتي نقلها
لنا الصحابة، مثل: كيفية اداء الصلاة، وكيفية وضوءه، وادائه لمناسك الحج، وما الى ذلك. وهي
عادة اقل في قوة التشريع من السنة القولية، فليس كل افعال النبي سنة يجب اتباعها،
الا فيما تعلق بالافعال المتعلقة بالتشريع. ولهذا انقسمت افعاله الى ثلاثة اقسام:[39]
ا- ما صدر عنه من افعال خاصة به:[40] وهذه ليس لغيره من الامة اتباعها، وذلك
كوصاله الصيام في شهر رمضان، فقد كان النبي يصوم اليومين واكثر من غير ان ياكل
بينهما، وهو في نفس الوقت ينهى اصحابه عن ذلك لاختلاف حاله غيره من الامة [41]،
وكتزوجه باكثر من اربع نساء، وكتهجده بالليل، حيث كان التهجد بالنسبة اليه يعد واجبا،[42] كما
يدل على ذلك القران: Ra bracket.png يا ايها المزمل Aya-1.png قم الليل الا قليلا Aya-2.png
نصفه او انقص منه قليلا Aya-3.png او زد عليه ورتل القران ترتيلا Aya-4.png انا سنلقي
عليك قولا ثقيلا Aya-5.png La bracket.png – سورة المزمل.
ب- ما صدر عن النبي بحكم بشريته كالاكل والشرب والنوم، وما الى ذلك، فهذا النوع
من الافعال، وان كان لا يعد تشريعا ولا يجب التاسي به، الا انه وجد من
الصحابة من كان يقتفي اثره في ذلك محبة فيه، وحرصا على اتباعه، كعبد الله بن
عمر.[39]
ج- ما صدر عنه وقصد به التشريع والاتباع، وهو نوعان:
افعال وردت بيانا لمجمل ما جاء في القران، فمثلا: فما صدر عنه من افعال خاصة
بالصلاة كانت بيانا لقول الله في القران: Ra bracket.png ان ربك يعلم انك تقوم ادنى
من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم ان
لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القران علم ان سيكون منكم مرضى واخرون
يضربون في الارض يبتغون من فضل الله واخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر
منه واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه
عند الله هو خيرا واعظم اجرا واستغفروا الله ان الله غفور رحيم Aya-20.png La bracket.png
– سورة المزمل. قال النبي:
«صلوا كما رايتموني اصلي[43]»
وما صدر عنه من افعال خاصة بمناسك الحج كانت بيانا لقول الله في القران: Ra
bracket.png فيه ايات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان امنا ولله على الناس حج البيت
من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين Aya-97.png La bracket.png –
سورة ال عمران. وما الى ذلك من الافعال التي تحمل الصبغة التشريعية.
افعال فعلها النبي ابتداء، فعلى الامة متابعته فيها، والتاسي به [39]، للاية: Ra bracket.png لقد
كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله
كثيرا Aya-21.png La bracket.png – سورة الاحزاب. وهذا اذا علمت صفته الشرعية. مثال ذلك قول
عمر حينما كان يقبل الحجر الاسود في طوافه:
«اني اعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا اني رايت رسول الله يقبلك ما
قبلتك[44]»
3- تقريرية: وهي كل ما اقره النبي مما صدر عن بعض اصحابه من اقوال وافعال،
بسكوت منه وعدم انكار، او بموافقته واظهار استحسانه وتاييده.[28] ومثالها ما رواه ابو سعيد الخدري
قال:
«خرج رجلان في سفر وليس معهما ماء، فحضرت الصلاة فتيمما صعيدا طيبا، فصليا، ثم وجدا
الماء في الوقت، فاعاد احدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الاخر، ثم اتيا رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: «اصبت السنة»، وقال للاخر: «لك
الاجر مرتين» [45]»
4- وصفية: وهي تشمل نوعين:
الصفات الخلقية (بضم الخاء واللام): وهي ما جبله الله عليه من الاخلاق الحميدة وما فطره
عليه من الشمائل العالية المجيدة وما حباه به من الشيم النبيلة. ومثالها ما رواه البخاري
عن انس بن مالك قال:
«لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا[46]»
الصفات الخلقية (بفتح الخاء): وتشمل هياته التي خلقه الله عليها واوصافه الجسمية.[47] ومثالها حديث ام
معبد الذي اورده ابن كثير في البداية والنهاية بطوله، قالت ام معبد:
«”مر بنا رجل كريم مبارك، كان من حديثه كذا وكذا! قال: صفيه لى يا ام
معبد. فقالت: “انه رجل ظاهر الوضاءة، ابلج الوجه (اى ابيض واضح ما بين الحاجبين كانه
يضيء)، حسن الخلقة، لم تزر به صعلة (اى لم يعيبه صغر في راس، ولا خفة
ولا نحول في بدن)، ولم تعبه ثجلة (الثجلة: ضخامة البطن)، وسيما قسيما، في عينيه دعج
(شدة سواد العين)، وفى اشفاره عطف (طول اهداب العين)، وفى عنقه سطع (الطول)، وفى صوته
صحل (بحة)، وفى لحيته كثافة، احور اكحل، ازج اقرن (الزجج: هو تقوس في الحواجب مع
طول وامتداد، والاقرن: المتصل الحواجب)، ان صمت فعليه الوقار، وان تكلم سما وعلاه البهاء، اجمل
الناس وابهاه من بعيد، واحسنه واجمله من قريب…”[48]»
مكانة الحديث والسنة في الشريعة[عدل]
تعتبر السنة او الحديث عند اهل السنة والجماعة هما المصدر الثاني للتشريع في الاسلام بعد
القران الكريم، [49] فمكانة السنة رفيعة ولها قوة تشريعية ملزمة، واتباعها واجب،[50] وعليها يقوم جزء
كبير من كيان الشريعة،[14] ومعنى المصدر الثاني اي في العدد وليس في الترتيب فاذا صحت
السنة، او اذا صح الحديث – من حيث السند – عما ورد عن النبي، كان
بمنزلة القران تماما في تصديق الخبر والعمل بالحكم. وهذا ما اجمع عليه العلماء قديما وحديثا،
من السلف ومن جاء بعدهم.[51][52]
وتتبين منزلة السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي في عدد من النقاط، ابرزها:
ان السنة مبينة للقران: فقد كلف النبي بمهمة تبيين ما نزل الى الناس، وتادية الرسالة،
وتبيين المراد من ايات الله. كما جاء في سورة النحل: Ra bracket.png بالبينات والزبر وانزلنا
اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون Aya-44.png La bracket.png – سورة النحل
والسنة مفصلة لمجمل القران، ففي القران ايات تامر بالصلاة والزكاة امرا مجملا، كما جاء في
سورة النور: Ra bracket.png واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الرسول لعلكم ترحمون Aya-56.png La bracket.png
– سورة النور، فتاتي السنة النبوية فتفصل عدد الصلوات، واوقاتها، وعدد ركعاتها، ومبطلاتها، وتدل على
شروطها واركانها، كما تفصل السنة النبوية ذكر الاموال التي فيها زكاة، والتي لا زكاة فيها،
والامثلة على تفصيل السنة لما ورد في القران الكريم مجملا كثيرة، كاحكام الصوم والحج والبيع
وغيرها.[14] اخرج الخطيب البغدادي وابو سعد السمعاني بسنديهما الى عمران بن حصين:
«انه كان جالسا ومعه اصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدثونا الا بالقران. فقال له:
ادن. فدنا. فقال: ارايت لو وكلت انت واصحابك الى القران اكنت تجد فيه صلاة الظهر
اربعا، وصلاة العصر اربعا، والمغرب ثلاثا تقرا في اثنتين؟ ارايت لو وكلت انت واصحابك الى
القران اكنت تجد الطواف بالبيت سبعا والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال: اي قوم! خذوا عنا،
فانكم والله ان لا تفعلوا لتضلن.[53][54]»
وفي السنة احكام عليها جمهور المسلمين لم تات في القران، كتحريم نكاح المراة على عمتها
او خالتها [55]، وحد شرب الخمر، ورجم الزاني المحصن[14]، قال الشوكاني:
«ان ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الاحكام ضرورة دينية ولا يخالف في ذلك الامن
لا حظ له في الاسلام[56].»
وفي السنة تخصيص لعموم محكم القران[14]، ومن ذلك تخصيص الحديث:
««لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم».[57]»
لاية: Ra bracket.png يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فان كن نساء فوق
اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس
مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث
فان كان له اخوة فلامه السدس من بعد وصية يوصي بها او دين اباؤكم وابناؤكم
لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما Aya-11.png
La bracket.png – سورة النساء، قال الخطيب البغدادي:
«”فكان ظاهر هذه الاية يدل على ان كل والد يرث ولده، وكل مولود يرث والده،
حتى جاءت السنة بان المراد ذلك مع اتفاق الدين بين الوالدين والمولودين، واما اذا اختلف
الدينان فانه مانع من التوارث.”[54]»
والقران الكريم نفسه يرد الى السنة، ويوجب على المسلمين ان يطيعوا الرسول، ويعد طاعة الرسول
طاعة لله. كما جاء في سورة النساء: Ra bracket.png من يطع الرسول فقد اطاع الله
ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا Aya-80.png La bracket.png – سورة النساء، ويقرر القران ان
النبي اسوة حسنة لكل من امن بالله واليوم الاخر: Ra bracket.png لقد كان لكم في
رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا Aya-21.png La
bracket.png – سورة الاحزاب، واوجب الله في القران النزول على حكم النبي في كل خلاف،
واقسم الله على نفي الايمان عن كل من لا يحكمه ولا يرضى بحكمه، حتى يحكمه
ويرضى بحكمه، جاء في سورة النساء: Ra bracket.png فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما
شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما Aya-65.png La bracket.png
– سورة النساء، واخبر الله ان النبي اوتي القران والحكمة (التي هي السنة)[58] ليعلم الناس
احكام دينهم ويزكيهم: Ra bracket.png لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من
انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين
Aya-164.png La bracket.png – سورة ال عمران قال الشافعي في هذه الاية:
«سمعت من ارضى من اهل العلم بالقران يقول: الحكمة سنة رسول الله… فلم يجز ان
يقال الحكمة هنا الا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك انها مقرونة مع
الكتاب، وان الله افترض طاعة رسوله وحتم على الناس اتباع امره.[59][60]»
وهناك نصوص قرانية اخرى عديدة تلزم المسلم بطاعة الرسول وامتثال امره فمن ذلك: Ra bracket.png
قل اطيعوا الله والرسول فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين Aya-32.png La bracket.png –
سورة ال عمران، وRa bracket.png انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم
بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون Aya-51.png La bracket.png – سورة النور، وRa
bracket.png ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين
وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم
عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب Aya-7.png La bracket.png – سورة الحشر، وغيرها،
فدلت هذه الايات على ان السنة في رتبة تشريعية ملزمة.
اما في الحديث النبوي، فهناك طائفة كبيرة من الاحاديث الثابتة التي تصرح بمكانة السنة في
الشريعة، فمنها ما رواه البخاري قال:
«عن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: «كل امتي يدخلون
الجنة الا من ابى». قالوا: يا رسول الله، من يابى؟ قال: «من اطاعني دخل الجنة،
ومن عصاني فقد ابى».[61]»
وروى ابو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي عن العرباض بن سارية قال:
«وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون،
فقلنا: يا رسول الله! كانها موعظة مودع فاوصنا. قال: «اوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان
تامر عليكم عبد؛ فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، واياكم ومحدثات الامور؛ فان كل بدعة ضلالة» [62]»
واخرج احمد وابو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن حبان عن المقداد بن معد يكرب
قال:
«ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الا اني اوتيت الكتاب وما يعدله ويوشك
بشبعان على اريكته يقول : بيننا وبينهم هذا الكتاب، فما كان فيه من حلال احللناه
وما كان فيه من حرام حرمناه، وانه ليس كذلك» [63].»
ومن ذلك ما اخرجه البخاري عن ابي موسى الاشعري قال:
«ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انما مثلي ومثل ما بعثني الله به
كمثل رجل اتى قوما فقال يا قوم اني رايت الجيش بعيني واني انا النذير العريان
فالنجاء فاطاعه طائفة من قومه فادلجوا فانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فاصبحوا مكانهم
فصبحهم الجيش فاهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من اطاعني فاتبع ما جئت به ومثل من عصاني
وكذب بما جئت به من الحق» [64]»
وما اخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن حبان وابن خزيمة واحمد والحاكم وغيرهم عن
عدد من اصحاب النبي، منهم ابو ذر وابو هريرة وعبد الله بن عمر:
«ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اطاعني فقد اطاع الله، ومن عصاني
فقد عصى الله» [65].»
وقد اجمع الصحابة والتابعين والائمة المجتهدين وسائر علماء المسلمين من بعدهم على حجية السنة النبوية
ووجوب التمسك بها، ونقل هذا الاجماع الامام الشافعي فقال:
«اجمع الناس على ان من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لم يكن له ان يدعها لقول احد من الناس[66].»
وقال ابن تيمية:
«وليعلم انه ليس احد من الائمة المقبولين عند الامة قبولا عاما – : يتعمد مخالفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته دقيق ولا جليل، فانهم متفقون
اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول وعلى ان كل احد من الناس يؤخذ من قوله
ويترك الا رسول الله صلى الله عليه وسلم[67]»
الحديث القدسي[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: حديث قدسي
الحديث القدسي هو ما رواه النبي عن الله، او هو كل حديث يضيف فيه النبي
قولا الى الله.[28]. وقد يكون باي كيفية من كيفيات الوحي، كرؤيا النوم، والالقاء في الروع،
وعلى لسان الملك، او من وراء حجاب، او تكليما مباشرا. وقد ياتي في الحديث بعبارات
مثل: (قال الله تعالى)، او: (يرويه عن ربه تبارك وتعالى)، او: (ان روح القدس نفث
في روعي) [68] وهو كلام الله بالمعنى واللفظ للرسول.[14] قال الشريف الجرجاني:
«الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله تعالى ومن حيث اللفظ من رسول
الله صلى الله عليه وسلم فهو ما اخبر الله تعالى به نبيه بالهام او بالمنام
فاخبر عليه السلام عن ذلك المعنى بعبارة نفسه فالقران مفضل عليه لان لفظه منزل ايضا»
[69] وقال المناوي:
«الحديث القدسي اخبار الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام معناه بالهام او بالمنام فاخبر النبي
صلى الله عليه وسلم عن ذلك المعنى بعبارة نفسه [70]»
وقال محمد عبد العظيم الزرقاني:
«الحديث القدسي اوحيت الفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي اوحيت معانيه في غير ما
اجتهد فيه الرسول والالفاظ من الرسول [71]»
ونسبة الحديث الى القدس (وهو الطهارة والتنزيه) [9] لانه صادر عن الله من حيث انه
هو المتكلم به اولا والمنشيء له، واما كونه حديثا فلان النبي هو الحاكي له عن
الله.[28]
الفرق بين الحديث القدسي والنبوي[عدل]
والفرق بين الحديث القدسي والاحاديث النبوية الاخرى ان هذه نسبتها الى النبي، وحكايتها عنه، واما
الحديث القدسي فنسبته الى الله، والنبي يحكيه ويرويه عنه، ولذلك قيدت بالقدس او الاله، فقيل
: احاديث قدسية او الهية، نسبة الى الذات العلية، وقيدت الاخرى بالنبي، فقيل فيها:
«احاديث نبوية نسبة الى الرسول صلى الله عليه وسلم، وان كانت جميعها صادرة بوحي من
الله عز وجل، لان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول الا الحق [28]»
ومصداقه قول الله في سورة النجم: Ra bracket.png وما ينطق عن الهوى Aya-3.png ان هو
الا وحي يوحى Aya-4.png La bracket.png – سورة النجم.
ومن اهم الفروق بين الحديث النبوي والحديث القدسي:
الحديث القدسي ينسبه النبي الى الله، اما الحديث النبوي: فلا ينسبه اليه.[72][73]
الاحاديث القدسية اغلبها يتعلق بموضوعات الخوف والرجاء، وكلام الله مع مخلوقاته، وقليل منها يتعرض للاحكام
التكليفية. اما الاحاديث النبوية فيتطرق الى هذه الموضوعات بالاضافة الى الاحكام.[72][73]
الاحاديث القدسية قليلة بالنسبة لمجموع الاحاديث اما الاحاديث النبوية فهي كثيرة جدا.[72][73]
الاحاديث القدسية قولية فقط والاحاديث النبوية قولية وفعلية وتقريرية.[72][73]
عدد الاحاديث القدسية ونماذج منها[عدل]
ذكر العلامة ابن حجر الهيثمي ان عدد الاحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة، قال:
«ان مجموع الاحاديث القدسية المروية يتجاوز المائة، كما ان بعضهم جمعها في جزء كبير[74]»
وبلغ بها المناوي: 272 حديث قدسي. وبلغ بها الشيخ محمد المدني 863 حديثا.[75]
ومن الامثلة على الحديث القدسي:
ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابي هريرة قال:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان الله يقول: انا عند ظن عبدي بي،
وانا معه اذا دعاني»[76]»
وما رواه الترمذي عن معاذ: قال:
«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم
منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء[77]»»
وما رواه البخاري عن ابي هريرة قال:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة
رجل اعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فاكل ثمنه ورجل استاجر اجيرا فاستوفى منه
ولم يعط اجره.»[78]»
اهم كتب الحديث القدسي[عدل]
المقاصد السنية في الاحاديث الالهية – علاء الدين علي بن بلبان بن عبد الله الفارسي
الشهير بابن بلبان. (المتوفى 739ه)
الاتحافات السنية في الاحاديث القدسية – محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي. (المتوفى 1031ه)
وجمع فيه 272 حديثا قدسيا.
الاتحافات السنية في الاحاديث القدسية – محمد بن محمود الطربزوني الحنفي الشهير بالمدني. (المتوفى 1200ه)
وجمع فيه 863 حديثا.
ومن الكتب المعاصرة:
الجامع في الاحاديث القدسية – عبد السلام بن محمد علوش.
الصحيح المسند من الاحاديث القدسية – مصطفى العدوي.
الاحاديث القدسية – المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية/مصر.
علوم الحديث[عدل]
الحديث
تاريخ الحديث
علم الحديث
علم مصطلح الحديث
علم الرجال
علم التراجم
اهل الحديث
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: علم الحديث
اعتنت الامة الاسلامية بحديث النبي منذ بداياتها، وحاز حديث النبي من الوقاية والحفظ والمحافظة الشيء
الكثير، فقد نقل لنا الروة اقوال الرسول في الشؤون كلها العظيمة منها او اليسيرة، بل
في الجزئيات التي قد يتوهم انها ليست موضع اهتمام، فنقلوا لنا كل التفاصيل في احوال
النبي سواء في الطعام او الشراب او بكيفية نومه ويقظته او قيامه او قعوده، وكان
من حرصهم على الحديث ان يجتهدوا في التوفيق بين مطالب حياتهم اليومية والتفرغ للعلم [79]،
فعن عمر بن الخطاب انه قال:
«كنت انا وجار لي من الانصار في بني امية بن زيد وهي من عوالي المدينة
وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وانزل يوما فاذا
نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره واذا نزل فعل مثل ذلك [80]»
ويرجع للصحابة الفضل في بدء علم رواية الحديث، وذلك انه بعد وفاة النبي ومع انتشار
الاسلام واتساع البلاد الاسلامية اقام الصحابة في البلاد المتفرقة ينشرون العلم ويبلغون الحديث فصار الحديث
علما يروى وينقل، ووجد بذلك علم الحديث رواية[79]. وكان الصحابة يروي بعضهم عن بعض ما
سمعوه من النبي، وكذلك من جاء بعدهم من التابعين كانوا يروون عن الصحابة، ولم يكونوا
يتوقفون في قبول اي حديث يرويه صحابي عن النبي، وظل الامر على هذه الحال حتى
وقعت الفتنة التي ادت الى مقتل الخليفة عثمان بن عفان، وما تبع ذلك من انقسامات
واختلافات، وظهور الفرق والمذاهب المختلفة، فاخذ الدس على السنة يكثر شيئا فشيئا، وبدا كل فريق
يبحث عن ما يسوغ بدعته من نصوص ينسبها الى النبي، وعندها بدا العلماء من الصحابة
والتابعين يتحرون في نقل الاحاديث، ولا يقبلون منها الا ما عرفوا طريقها واطمانوا الى ثقة
رواتها وعدالتهم[81]. روى مسلم في صحيحه عن مجاهد قال:
«جاء بشير العدوي الى ابن عباس فجعل يحدث ويقول : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا ياذن لحديثه
– اي لا يستمع – ولا ينظر اليه، فقال: يا ابن عباس مالي لا اراك
تسمع لحديثي، احدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع؟ فقال ابن عباس:
انا كنا مرة اذا سمعنا رجلا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ابتدرته ابصارنا، واصغينا اليه باذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم ناخذ من الناس الا
ما نعرف[82]»
وقد اخرج مسلم في مقدمة صحيحه ايضا عن محمد بن سيرين انه قال:
«لم يكونوا يسالون عن الاسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم[82]»
واتبعهم في ذلك التابعون وتابعوهم، ووضعوا قواعد علمية في قبول الاخبار من غير ان ينصوا
على كثير من تلك القواعد، ثم جاء اهل العلم من بعدهم فاستنبطوا تلك القواعد من
منهجهم في قبول الاخبار ومعرفة الرواة الذين يعتد بروايتهم او لا يعتد بها، كما استنبطوا
شروط الرواية وطرقها، وقواعد الجرح والتعديل وكل ما يلحق بذلك.[28]
اذن فغاية علم الحديث هو معرفة صحيح الحديث من ضعيفه، وما يقبل وما يرد من
الحديث وذلك من خلال النظر في سند الحديث ومتنه، واحوال رجاله وما يتعلق بهم جرحا
او تعديلا، او فيما يتعلق بما يتصل بالحديث من احكام ودلائل ومعرفه ناسخه من منسوخه
ومعرفة رواتب نقلة الحديث من الصحابة والتابعين والتفاوت بينهم، والتفاوت في الاسانيد من حيث الاتصال
او الانقطاع منها والسلامة من العلل وما الى ذلك. قال السيوطي:
علم الحديث ذو قوانين تحد يدرى بها احوال متن وسند
فذلك الموضوع والمقصود ان يعرف المقبول والمردود [83]
مشاريع شقيقة يوجد في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: ملف:الفية السيوطي في
علم الحديث.pdf
ثم ما لبثت علوم الحديث ان تكاملت، وتفرعت منها علوم كثيرة جدا ومتنوعة، ذكر ابن
الصلاح منها خمسة وستين نوعا، ثم قال:
«وليس ذلك باخر الممكن فانه قابل للتنويع الى ما لا يحصى[84]»
حتى ان الحازمي قال:
«علم الحديث يشتمل على انواع كثيرة تبلغ مائة، كل نوع منها علم مستقل، لو انفق
الطالب فيه عمره، ما ادرك نهايته[85]»
ومن اهم علوم الحديث:
جزء من سلسلة مقالات عن
علوم الحديث
Mosque02.svg
عرض نقاش تعديل
تاريخ الحديث وعلومه
تدوين الحديث · رواة الاحاديث
علم الحديث · علم مصطلح الحديث
علم التراجم · علم الرجال
علم العلل · علم شرح الحديث
الناسخ والمنسوخ
كتب الاحاديث
عند اهل السنة
صحيح البخاري · صحيح مسلم
سنن ابن ماجة · سنن ابو داود
سنن الترمذي · سنن النسائي
سنن الدارمي · موطا مالك · سنن البيهقي
سنن الدارقطني · صحيح ابن حبان
صحيح ابن خزيمة · مستدرك الحاكم
مسند احمد · مسند الشافعي · مسند البزار
مصنف ابن ابي شيبة
مصنف عبد الرزاق
معاجم الطبراني
(الصغير · الاوسط · الكبير)
عند الشيعة
الكافي · من لا يحضره الفقيه · التهذيب · الاستبصار · بحار الانوار · وسائل
الشيعة
مصطلحات الحديث الاساسية
السند · المتن
انواع الاحاديث من حيث الصحة والضعف
الحديث الصحيح · الحديث الحسن
الحديث الضعيف · الحديث الموضوع
مصطلحات من حيث السند
الحديث المتواتر · الحديث الاحاد
الحديث المسند · الحديث المضطرب
الحديث المتصل · الحديث المرفوع
الحديث الموقوف · الحديث المعضل
الحديث المنقطع · الحديث المعلق
الحديث المسلسل
مصطلحات من حيث المتن
الحديث المتروك · الحديث المنكر
الحديث المطروح · الحديث المضعف
الحديث المدرج
علم مصطلح الحديث[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: علم مصطلح الحديث
ويطلق عليه ايضا علم الرواية، وبه يكون الدليل على ما يقبل وما يترك من احاديث،
وهو علم باصول وقواعد يعرف بها احوال السند والمتن من حيث القبول والرد [86]. ومعرفة
مرتبة الحديث (صحيح، حسن، ضعيف، او غيره). ومعرفة طريقة اخذ الحديث بين الرواة، ودراسة الفاظ
تقع في متن الحديث من حيث الغرابة والاشكال. ويقابله علم دراية الحديث، وهو علم تتعرف
منه انواع الرواية، واحكامها، وشروط الرواية، واصناف المرويات، واستخراج معانيها.
ومن المصطلحات المشهورة في علم الحديث:
السند: هو الطريق الموصلة الى المتن، اي رجال الحديث، وسموه بذلك لانهم يسندونه الى مصدره.[87]
الاسناد:هو الاخبار عن طريق المتن او رفع الحديث الى قائله.[88]
المتن:هو ما انتهى الى السند. (اي هو نص الحديث او الخبر او الاثر.[87]
المخرج (بضم الميم وكسر الراء): ذكر رواته، فالمخرج هو ذاكر رواة الحديث. كقولنا: اخرجه البخاري
او اخرجه مسلم.
المحدث (بضم الميم وكسر الدال): هو العالم الذي يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية ويحيط بطرق
الحديث واسماء الرواة والمتون.[89]
الحافظ:هو من حفظ مائة الف حديث متنا واسنادا ووعي ما يحتاج اليه. وهو ارفع درجة
من المحدث، ويكون ما يعرفه في الطبقة اكثر مما يجهله.[90]
الحاكم:هو من احاط لجميع الاحاديث المروية متنا واسنادا وجرحا وتعديلا وتاريخا، حتى لا يفوته منها
الا اليسير.[90]
واعلى منهم جميعا امير المؤمنين في الحديث: وبه يلقب شعبة بن الحجاج والبخاري وسفيان الثوري.[1][90]
ومن انواع الحديث المشهورة من ناحية السند:
الحديث الصحيح: هو ما اتصل اسناده بنقل العدل الضابط عن مثله، وخلا من شذوذ او
علة قادحة[91][92]. والحديث الصحيح ينقسم الى قسمين:
الصحيح لذاته: هو الحديث الذي اشتمل على اعلى صفات القبول بان كل متصل السند بنقل
العدول الضابطين ضبطا تاما عن مثلهم من مبدا الحديث الى اخره وخلا من الشذوذ والعلة،
ويسمى هذا القسم ((الصحيح لذاته)) لانه استوفى شروط الصحة ولم يكن في حاجة لمن يجبره،
فصحته نشات من ذاته لا من حديث اخر خارج عنه.
الصحيح لغيره: هو الحديث الذي قصرت شروطه عن الدرجة العليا بان كان الضبط فيه غير
تام. وانما سمي ((بالصحيح لغيره)) لان صحته نشات من غيره لشواهده ولكثرة طرقه.[15]، وهو الحديث
الحسن اذا تعددت طرقه، وسمي صحيحا لغيره؛ لانه انما وصل الى درجة الصحة من اجل
تعدد الطرق.[93]
الحديث الحسن: هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط ضبطا غير تام عن مثله، من
اوله الى اخره وسلم من الشذوذ والعلة، فهو ما جمع شروط الصحيح الا ان الضبط
اخف [94] ((العدل في الحديث الحسن خفيف الضبط وفي الحديث الصحيح تام الضبط)). وينقسم الحديث
الحسن الى قسمين:
الحسن لذاته: وهو ما اتصل اسناده بنقل عدل خفيف الضبط عن مثله من اول السند
الى اخره وسلم من الشذوذ والعلة، وسمي ((بالحسن لذاته)) لان حسنه لم ياته من امر
خارجي، وانما جاءه من ذاته. فهو الحديث الذي تطرق اليه ضعف انزله عن درجة الحديث
الصحيح، ولم يصل به الى درجة الحديث الضعيف [95]
الحسن لغيره: هو ما كان في اسناده مستور لم يتحقق اهليته غير مغفل ولا كثير
الخطا في روايته ولا متهم بتعمد الكذب فيها ولا ينسب الى مفسق اخر، او هو
((اي الحسن لغيره)) ما فقد شرطا من شروط الحسن لذاته ويطلق عليه اسم ((الحسن لغيره))
لان الحسن جاء اليه من امر خارجي بتعدد طرق الحديث، فهو الحديث الذي نزل عن
درجة الحسن لما كان فردا، ولكن بمجموع الطرق -وكلها لا تخلو من الضعف- يترقى الى
الحسن لا لذاته بل بالمجموع.[96][97]
الحديث الضعيف: وهو ما لم يجتمع فيه صفات الصحيح، ولا صفات الحسن[98]، فعلى هذا يكون
الحديث ضعيفا اما لانقطاعه وعمد اتصال سنده، او لضعف بعض رواته، او لشذوذ فيه او
علة قادحة، وقد يكون الحديث ضعيفا لاكثر من سبب في ذلك.[86] زالحاديث الضعيفة متفاوتة فبعضها
اشد ضعفا من بعض، وذلك انه لما كانت صحة الحديث راجعة الى تمكن شروط القبول
في الاسناد والمتن، فكذلك ضعف الحديث راجع الى فقد هذه الصفات، او بعضها، وليس الذي
فقد شرطا كالذي فقد شرطين، وليس الذي فقد شرطين كالذي فقد ثلاثة وهكذا، فكلما كثر
تخلف الشروط؛ كان الضعف اشد – في الجملة – وذلك ان الطعن في العدالة اشد
من فقد الضبط والاتصال، ونحو ذلك.[99]
اهم كتب علم المصطلح[عدل]
من اهم المؤلفات في علم مصطلح الحديث:
ادب الاملاء والاستملاء – المؤلف : السمعاني، ابو سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني التميمي
(المتوفى : 562ه)
الفية العراقي في علوم الحديث (التبصرة والتذكرة) – المؤلف : العراقي ابو الفضل زين الدين
عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن ابي بكر بن ابراهيم العراقي (المتوفى :
806ه)
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث – المؤلف : ابن كثير، ابو الفداء اسماعيل بن
عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى : 774ه)
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي – المؤلف : السيوطي، عبد الرحمن بن ابو بكر،
جلال الدين السيوطي (المتوفى : 911ه)
التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في اصول الحديث – المؤلف : النووي، ابو زكريا
محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676ه)
تيسير مصطلح الحديث – المؤلف : محمود الطحان
شرح التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير – المؤلف: السخاوي، شمس الدين محمد بن عبد
الرحمن السخاوي (المتوفى : 902ه)
معرفة علوم الحديث للحاكم – المؤلف : الحاكم النيسابوري، ابوعبد الله الحاكم محمد بن عبد
الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع
(المتوفى : 405ه)
مقدمة ابن الصلاح – المؤلف : ابن الصلاح، ابو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن
موسى الكردي الشهرزوري المشهور بابن الصلاح (المتوفى : 643ه)
نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح اهل الاثر – المؤلف : ابن حجر
العسقلاني، ابو الفضل احمد بن علي بن محمد بن احمد بن حجر العسقلاني (المتوفى :
852ه)
وللتفصيل، انظر: قائمة باهم كتب مصطلح الحديث عند اهل السنة والجماعة
علوم التراجم والرجال[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: علم التراجم
Crystal Clear app kdict.png طالع ايضا: علم الرجال
كتاب سير اعلام النبلاء، من تاليف الامام الذهبي،احد اشهر واكبر كتب التراجم والرجال، والكتاب مرتب
على التراجم بحسب الوفيات ابتداء من الصحابة الى نهاية القرن السابع الهجري، وهو كتاب مهم
وعظيم، يعمد المؤلف فيه الى البيان الكامل لاسم صاحب الترجمة، ونسبه ومكانته، وقيمته العلمية، ومولده،
ونشاته، وعلمه، وشيوخه، وتلامذته، وتاريخ المولد والوفاة، وتقديم النقد في مكانه المناسب، مع نقد الاحاديث
علم التراجم او علم تراجم الرجال، هو العلم الذي يتناول سير حياة الاعلام من الناس
عبر العصور المختلفة. وهو علم دقيق يبحث في احوال الشخصيات والافراد من الناس الذين تركوا
اثارا في المجتمع. ويتناول هذا العلم كافة طبقات الناس من الانبياء والخلفاء والملوك والامراء والقادة
والعلماء في شتى المجالات والفقهاء والادباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم. ويهتم بذكر حياتهم الشخصية، ومواقفهم واثرهم
في الحياة وتاثيرهم في التاريخ.[100]
كما ينظر في كل ما يتعلق بشؤون رواة الحديث وشيوخهم وتلاميذهم ورحلاتهم ومن اجتمعوا به
او لم يجتمعوا به من اهل عصرهم، ومركزهم العلمي في عصرهم وعاداتهم وطبائعهم وشهادة عارفيهم
لهم او عليهم، وسائر ما له صلة بتكوين الثقة والحكم عليهم جرحا او تعديلا [14]
فمثلا، من الامور المهمة جدا في علم الحديث وعلم الرواية، معرفة تاريخ ولادة الرواة وتاريخ
موتهم فبذلك يستدل العلماء على كون الراوي ادرك من يروي عنه ام لم يدركه. ومثال
ذلك ما رواه الخطيب البغدادي قال:
«قدم عمر بن موسى حمص، فاجتمع الناس اليه في المسجد، فجعل يقول: (حدثنا شيخكم الصالح)،
فلما اكثر ساله عفير بن معدان: من شيخنا الصالح؟ سمه لنا نعرفه. فقال: خالد بن
معدان. قال: قلت له: في اي سنة لقيته؟ قال: لقيته سنة ثمان ومائة. قلت: فاين
لقيته؟ قال: ليته في غزاة ارمينية. قال: فقلت: اتق الله يا شيخ ولا تكذب! مات
خالد بن معدان سنة اربع ومائة، وانت تزعم انك لقيته بعد موته باربع سنين! وازيدك
اخرى، انه لم يغز ارمينية قط. كان يغزو الروم.[54]»
اهم كتب التراجم والرجال[عدل]
ومن اهم المؤلفات في علم التراجم:
مشاريع شقيقة يوجد في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: سير اعلام النبلاء
الطبقات الكبرى – المؤلف : ابن سعد، ابو عبد الله محمد بن سعد بن منيع
البصري البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى : 230ه)
تذكرة الحفاظ – المؤلف : الذهبي، شمس الدين ابو عبد الله محمد بن احمد بن
عثمان بن قايماز الذهبي (المتوفى : 748ه)
التاريخ الصغير، والتاريخ الكبير – المؤلف : البخاري، ابو عبد الله محمد بن اسماعيل بن
ابراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري (المتوفى : 256ه)
سير اعلام النبلاء – المؤلف : شمس الدين ابو عبد الله محمد بن احمد بن
عثمان بن قايماز الذهبي (المتوفى : 748ه)
الوافي بالوفيات – المؤلف : صلاح الدين الصفدي، صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي (المتوفى
: 764ه)
تاريخ بغداد – المؤلف : الخطيب البغدادي، ابو بكر احمد بن علي بن ثابت بن
احمد بن مهدي الخطيب البغدادي (المتوفى : 463ه)
تاريخ دمشق – المؤلف : ابن عساكر، ابوالقاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن
عساكر الدمشقي (المتوفى : 571ه)
اما علم الرجال ويطلق عليه ايضا علم الجرح والتعديل، فيبحث فیه عن احوال رواة الحديث
من حيث اتصافهم بشرائط قبول رواياتهم او عدمه[101]. وقيل في تعريفه ايضا : هو علم
وضع لتشخيص رواة الحديث، ذاتا ووصفا، ومدحا وقدحا.وهو علم يدرس سير رواة الاحاديث النبوية ليتم
الحكم على سندها اذا كانت صحيحة او حسنة او ضعيفة او موضوعة.[15]
فعلم الرجال، او علم الجرح والتعديل، والجرح:هو ان يذكر الراوي بما يوجب رد روايته من
اثبات صفة رد، او نفي صفة قبول مثل ان يقال: هو كذاب، او فاسق، او
ضعيف، او ليس بثقة، او لا يعتبر، او لا يكتب حديثه. وغر ذلك، والتعديل هو
ان يذكر الراوي بما يوجب قبول روايته: من اثبات صفة قبول او نفي صفة رد،
مثل ان يقال: هو ثقة، او ثبت، او لا باس به، او لا يرد حديثه.[102]،
اذن فالجرح هو الطعن في الراوي من ناحية فاكثر، والتعديل هو توثيق الراوي وقبول روايته.
فخلاصة هذا العلم هو نقد الرواة، والتنقيب عن احوالهم وخفايا امورهم، والافصاح بما فيهم من
العيوب التي تسبب عدم الثقة باخبارهم، من باب النصيحة للامة.[103]، فقد اجمع الجماهير من ائمة
الحديث والفقه, انه يشترط فيه ان يكون عدلا ضابطا, بان يكون مسلما، بالغا، عاقلا، سليما
من اسباب الفسق وخوارم المروءة.[104].
وقد وقع الاتفاق بين العلماء ان الجرح جائز تبيانا للواقع ولم يعدوا ذلك من الغيبة.
قال الخطيب البغدادي:
«…لان اهل العلم اجمعوا على ان الخبر لا يجب قبوله الا من العاقل الصدوق المامون
على ما يخبر، وفي ذلك دليل على جواز الجرح لمن لم يكن صدوقا في روايته.[54]»
وقال الدارقطني:
«فان ظن ظان او توهم متوهم ان التكلم فيمن روى حديثا مردودا غيبة له؛ يقال
له: ليس هذا كما ظننت، وذلك ان اجماع اهل العلم على ان هذا واجب ديانة
ونصيحة للدين والمسلمين[105]»
وروى ابن عدي عن ابي بكر بن خلاد انه قال ليحيى القطان:
«اما تخشى ان يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة؟فقال: لان يكونوا
خصمائي احب الي من ان يكون خصمي رسول الله يقول لي لم لم تذب الكذب
عن حديثي؟[106]»
وقال الترمذي في كتاب العلل:
«وقد عاب بعض من لا يفهم على اهل الحديث الكلام في الرجال وقد وجدنا غير
واحد من الائمة من التابعين قد تكلموا في الرجال… وانما حملهم على ذلك عندنا والله
اعلم النصيحة للمسلمين لا يظن بهم انهم ارادوا الطعن على الناس او الغيبة انما ارادوا
عندنا ان يبينوا ضعف هؤلاء لكي يعرفوا لان بعض الذين ضعفوا كان صاحب بدعة وبعضهم
كان متهما في الحديث وبعضهم كانوا اصحاب غفلة وكثرة خطا فاراد هؤلاء الائمة ان يبينوا
احوالهم شفقة على الدين وتثبيتا لان الشهادة في الدين احق ان يتثبت فيها من الشهادة
في الحقوق والاموال[107]»
اهم كتب الجرح والتعديل[عدل]
ومن اهم الكتب المتعلقة بعلوم الرجال والجرح والتعديل:
اكمال الكمال – المؤلف : ابن ماكولا، ابو نصر علي بن هبة الله بن جعفر
بن ماكولا (المتوفى : 475ه)
اكمال تهذيب الكمال في اسماء الرجال – المؤلف:ابو عبد الله علاء الدين مغلطاي بن قليج
بن عبد الله البكجري المصري الحكري الحنفي (المتوفى: 762ه)
تهذيب التهذيب – المؤلف : ابن حجر العسقلاني، ابو الفضل احمد بن علي بن محمد
بن احمد بن حجر العسقلاني (المتوفى : 852ه)
تهذيب الكمال – المؤلف : المزي، جمال الدين ابو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي
(المتوفى : 742ه)
الثقات لابن حبان – المؤلف : ابن حبان، محمد بن حبان بن احمد بن حبان
بن معاذ بن معبد، التميمي، ابو حاتم، الدارمي، البستي (المتوفى : 354ه)
الكامل في ضعفاء الرجال – المؤلف : ابن عدي، ابي احمد عبد الله بن عدي
الجرجاني (المتوفى : 365ه)
الجرح والتعديل – المؤلف : ابن ابي حاتم، ابو محمد عبد الرحمن بن محمد بن
ادريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن ابي حاتم (المتوفى : 327ه)
الضعفاء – المؤلف : ابو نعيم الاصبهاني، احمد بن عبد الله بن احمد بن اسحاق
بن موسى بن مهران الاصبهاني (المتوفى : 430ه
الضعفاء الصغير – المؤلف : البخاري، ابو عبد الله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن
المغيرة بن بردزبة الجعفي البخاري (المتوفى : 256ه)
الضعفاء الكبير – المؤلف : ابو جعفر العقيلي، ابو جعفر محمد بن عمرو بن موسى
بن حماد العقيلي (المتوفى : 322ه)
الضعفاء والمتروكين – المؤلف : النسائي، ابو عبد الرحمن احمد بن شعيب بن علي الخراساني
النسائي (المتوفى : 303ه)
معرفة الثقات – المؤلف : العجلي، ابو الحسن احمد بن عبد الله بن صالح العجلي
الكوفي (المتوفى : 261ه)
ميزان الاعتدال في نقد الرجال – الذهبي، المؤلف : شمس الدين ابو عبد الله محمد
بن احمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (المتوفى : 748ه)
وللتفصيل، انظر: قائمة باهم كتب علوم التراجم والرجال عند اهل السنة والجماعة
علم العلل[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: علم العلل
علم العلل هو العلم الذي يبحث في الاسباب الخفية الغامضة التي يمكن ان تقدح في
صحة الحديث، كان يكون الحديث منقطعا فيروى على انه موصول، او ان يدخل حيث في
حديثا او ان يكون في الحديث تدليس او ما اشبه ذلك.[14] فعلم العلل يدرس كل
سبب يقدح في صحة الحديث سواء كان غامضا او ظاهرا، وكل اختلاف في الحديث سواء
كان قادحا او غير قادح.[108] فقد يكون الحديث ظاهره الصحة من نواحي اتصال السند، وعدالة
الرواة، وضبطهم، وعدم الشذوذ، فظاهر الحديث انه صحيح، لكن فيه علة لا يعرفها الا المتخصص.
والعلة الخفية تجيء غالبا في سند الحديث، وقد تجيء في متنه، وقد تجيء في السند
والمتن معا، وهي (العلة الخفية) غالبا في السند، وقليلا في المتن، فالاحاديث المعلة متونها اقل
بكثير من الاحاديث التي اعلت في اسانيدها.[109]
قال الالباني في تعليقه على احد الاحاديث:
«ان ابن حزم نظر الى ظاهر السند، فصححه ؛ وذلك مما يتناسب مع ظاهريته، اما
اهل العلم والنقد، فلا يكتفون بذلك، بل يتتبعون الطرق، ويدرسون احوال الرواة، وبذلك يتمكنون من
معرفة ما اذا كان في الحديث علة او لا ؛ ولذلك كان معرفة علل الحديث
من ادق علوم الحديث، ان لم يكن ادقها اطلاقا…[110]»
قال السيوطي في تعريفه للعلل:
وعلة الحديث: اسباب خفت تقدح في صحته، حين وفت
مع كونه ظاهره السلامة فليحدد المعل من قد رامه
ما ريء فيه علة تقدح في صحته بعد سلامة تفي
يدركها الحافظ بالتفرد والخلف مع قرائن، فيهتدي[83]
كتاب شرح علل الترمذي للامام ابن رجب الحنبلي، وهو يبحث في اقسام الرواة، وانواع عمل
الحديث وحكم الرواية بها، والاحتجاج بالمرسل، ودرجات الحديث : الصحيح، والحسن، والحسن الصحيح، والغريب، وشرط
الترمذي في السنن. ثم اضاف ابن رجب فوائد وقواعد كمعرفة اعيان الثقات الذين تدور غالب
الاحاديث الصحيحة عليهم، وكثقات لا يذكرون غالبا في اكثر كتب الجرح والتعديل، ومن عرف بالتدليس،
وعبارات التدليس
وعلم العلل ممتد من مرحلة النقد الحديثي الذي ابتدات بواكيره على ايدي كبار الصحابة، حيث
كان ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب يحتاطان [111] في قبول الاخبار، ويطلبان الشهادة على
الحديث احيانا ؛ من اجل تمييز الخطا والوهم في الحديث النبوي، ثم اهتم العلماء به
من بعد؛ لئلا ينسب الى السنة شيء ليس منها خطا. فعلم العلل له مزية خاصة،
فهو كالميزان لبيان الخطا من الصواب، والصحيح من المعوج، وقد اعتنى به اهل العلم قديما
وحديثا عناية بالغة.
ولا تتاتى معرفة العلة في الحديث الا من خلال معرفة قرائن احوال الحديث وجمع طرقه
كلها ودراستها ومقارنتها، قال الامام مسلم:
« فبجمع هذه الروايات ومقابلة بعضها ببعض، تتميز صحيحها من سقيمها، وتتبين رواة ضعاف الاخبار
من اضدادهم الحفاظ[112]»
وقال الخطيب البغدادي:
«والسبيل الى معرفة علة الحديث ان يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم
من الحفظ، ومنزلتهم في الضبط والاتقان.[113]»
فان كل حديث له قرائن ومرجحات خاصة تحف به وتوجب الوقوف على علة الحديث الخفية.
قال الحافظ العلائي:
« ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر ولا ضابط لها بالنسبة الى جميع الاحاديث بل كل
حديث يقوم به ترجيح خاص، وانما ينهض بذلك الممارس الفطن الذي اكثر من الطرق والروايات[91]»
ومن الامثلة على انواع العلل في الحديث[86]:
ان يروي المحدث عن احد شيوخه فيغلط الراوي عليه فيروي حديثه عنه من غير ذلك
الطرق.
ان يتكلم احد الصحابة او التابعين في فقه مسالة او حادثة فيغلط الراوي فيرويه عنه
مسندا مرفوعا الى النبي، فياتي بعض العلماء الى الاسناد المرفوع فيصححه.
ومن انواع العلل: حديث الراوي الذي في اصله ثقة، ولكن روايته عن بعض الشيوخ ضعيفة.
ومن العلل الخفية: سقوط احد الرواة من الاسناد.
ومن العلل الخفية: الارسال الخفي (وهو ان يروي الراوي عن شيخ لم يسمع منه)، لتعاصر
الراوي وشيخه في بلد واحد ووقت واحد.
ومعرفة علل الحديث من اجل علوم الحديث وادقها واشرفها، وانما يضطلع بذلك اهل الحفظ والخبرة
والفهم الثاقب.[15] وهو علم دقيق لم يقم به الا قلة من المتقدمين من الفحول الكبار،
واقل منهم من المتاخرىن، وذلكم لغموضه، وقد يعلون الحديث من غير بيان لوجه العلة، وهذا
يجعل الامر في غاية الصعوبة لمن اراد دراسة هذا الفن [13]. فقد روى الحاكم قال:
«عن ابي زرعة الرازي، ان رجلا قال له: ما الحجة في تعليلكم الحديث؟ قال: الحجة
ان تسالني عن حديث له علة فاذكر علته، ثم تقصد ابن وارة – يعني: محمد
بن مسلم بن وارة – وتساله عنه، ولا تخبره بانك قد سالتني عنه، فيذكر علته،
ثم تقصد ابا حاتم فيعلله، ثم تميز كلام كل منا على ذلك الحديث، فان وجدت
بيننا خلافا في علته، فاعلم ان كلا منا تكلم على مراده، وان وجدت الكلمة متفقة
فاعلم حقيقة هذا العلم، قال: ففعل الرجل فاتفقت كلمتهم عليه، فقال: اشهد ان هذا العلم
الهام.[114]»
وقال الحاكم ايضا:
«ان الصحيح لا يعرف بروايته فقط، وانما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع، وليس لهذا النوع
من العلم عون اكثر من مذاكرة اهل الفهم والمعرفة، ليظهر ما يخفى من علة الحديث،
فاذا وجد مثل هذه الاحاديث بالاسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الامامين البخاري ومسلم رضي
الله عنهما، لزم صاحب الحديث التنقير عن علته، ومذاكرة اهل المعرفة به لتظهر علته[114]»
اهم كتب علم العلل[عدل]
ومن اهم الكتب المتعلقة بعلم علل الحديث:
الالزامات والتتبع – المؤلف : الدارقطني، ابو الحسن علي بن عمر بن احمد بن مهدي
بن مسعود بن دينار البغدادي الدارقطني (المتوفى : 385ه)
التمييز – المؤلف : ابو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كرشان
القشيري العامري النيسابوري (المتوفى : 261ه)
شرح علل الترمذي – ابن رجب الحنبلي زين الدين عبد الرحمن بن احمد بن عبد
الرحمن السلامي البغدادي الدمشقي (المتوفى : 795ه)
العلل – المؤلف : علي بن المديني ابوالحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن
نجيح بن بكر بن سعد (المتوفى : 234ه)
العلل – المؤلف : احمد بن حنبل، ابو عبد الله احمد بن محمد بن حنبل
بن هلال بن اسد الشيباني (المتوفى : 241ه)
المنتخب من العلل للخلال – المؤلف : ابن قدامة، موفق الدين ابو محمد عبد الله
بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر المقدسي (المتوفى : 620ه)
علل الحديث – المؤلف : ابن ابي حاتم، ابو محمد عبد الرحمن بن محمد بن
ادريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن ابي حاتم (المتوفى : 327ه)
الجامع في العلل والفوائد – المؤلف : ماهر ياسين الفحل.
وللتفصيل، انظر: قائمة باهم كتب العلل عند اهل السنة والجماعة
علوم اخرى[عدل]
ومن العلوم الاخرى المهمة المتعلقة ايضا بالحديث النبوي:
علم شرح الحديث
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: علم شرح الحديث
ويسمى هذا العلم بفقه الحديث، او علم شرح الحديث، او علم معاني الحديث، او علم
اصول تفسير الحديث، موضوع هذا العلم هو حديث النبي من جهة القواعد الكلية والمسائل المتعلقة
ببيان معاني الحديث، والمراد منه، ومسائله تحرير هدف الحديث ومقصده، ومعناه على جهة الاجمال، وسلامته
من المعارض والناسخ، وتفسير الالفاظ، وبيان معانيها والمراد منها. وما يتعلق بها من الاحكام، مع
بيان اقوال العلماء في ذلك.[115]
تخريج الحديث:
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: تخريج الحديث
هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الاصلية التي اخرجته بسنده، ثم بيان مرتبته عند
الحاجة. وقيل: عزو الحديث الى من اخرجه من ائمة وعلماء الحديث المعتبرين، والكلام عليه بعد
التفتيش عن حاله ورجال مخرجه.[116] وقال السخاوي: “التخريج هو اخراج المحدث الاحاديث من بطون الاجزاء،
والمشيخات والكتب ونحوها، وسياقها من مرويات نفسه او بعض شيوخه او اقرانه او نحو ذلك
والكلام عليها وعزوها لمن رواها من اصحاب الكتب والدواوين”، وقال ايضا: “وقد يتوسع في اطلاقه
على مجرد الاخراج والعزو.”[117]
الناسخ والمنسوخ:
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الناسخ والمنسوخ
والنسخ هو رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متاخر[118]. اي:الغاء حكم شرعي ورد في
حديث ما (وهو المنسوخ)، واحلال حكم اخر محله(وهو الناسخ)[119]. والنسخ منه انواع: كتخصيص العام، وتقييد
المطلق، والاستثناء.[66] ولا يصار للقول بالنسخ الا اذا تعذر الجمع بين الاحاديث. فات تعارضت الادلة،
فالواجب اولا هو الجمع ان امكن، فاعتبار الناسخ والمنسوخ، فالترجيح ان تعين، ثم التوقف عن
العمل باحد الحديثين.[120]
تدوين الحديث[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: تدوين الحديث
مر تدوين الحدث النبوي بمراحل متعددة ومنتظمة، وقد بدا الصحابة في تدوين الحديث في عهد
النبي، وكانت هناك مجموعات من الاحاديث لعدد من الصحابة منها “الصحيفة الصادقة” لعبد الله بن
عمرو بن العاص، وكان لعلي بن ابي طالب صحيفة، وكان لانس بن مالك ولعبد الله
بن عباس وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله، لكل منهم صحيفة[121]. وقد بلغ
الصحابة احاديث النبي للتابعين ومن بعدهم، فحذوا حذوهم في حفظها وكتابتها حتى ازدهر عصر التدوين
مع بداية القرن الثاني ونهاية القرن الاول للهجرة واخذ تدوين الحديث يتسع وياخذ صفة رسمية،
ويصبح منهجا عاما لحفظ العلوم[122]، وكان الدافع للتدوين هو حفظ الحديث من الاندثار بموت الائمة
الحفاظ، ومن التحريف والوضع الذي بدا يظهر، فقام الائمة الحفاظ يجمعون ما صح عن النبي
من احاديث.
الاحاديث الواردة في التدوين[عدل]
قد ورد النهي عن كتابة الحديث في احاديث مرفوعة وموقوفة، كما ورد الاذن بها صريحة
عن النبي. فمن الاحاديث الواردة في النهي ما رواه الامام مسلم بن الحجاج في صحيحه،
قال:
«حدثنا هداب بن خالد الازدي حدثنا همام عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار
عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكتبوا عني
ومن كتب عني غير القران فليمحه وحدثوا عني ولا حرج»[123]»
وما رواه احمد في مسنده قال:
«حدثني اسحاق بن عيسى حدثنا عبد الرحمن بن زيد عن ابيه عن عطاء بن يسار
عن ابي هريرة قال: كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم
فخرج علينا فقال: «ما هذا تكتبون»؟ فقلنا: ما نسمع منك. فقال: «اكتاب مع كتاب الله»؟
فقلنا: ما نسمع. فقال: «اكتبوا كتاب الله، امحضوا كتاب الله، اكتاب غير كتاب الله. امحضوا
كتاب الله او خلصوه». قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ثم احرقناه بالنار قلنا:
اي رسول الله، انتحدث عنك؟ قال: «نعم، تحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي متعمدا
فليتبوا مقعده من النار».[124]»
ومن الاحاديث الواردة في اباحة الكتابة ما رواه ابو داود والحاكم والدارمي واحمد وابن ابي
شيبة عن عبد الله بن عمرو، قال:
«كنت اكتب كل شيء اسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم اريد حفظه فنهتني
قريش وقالوا: اتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في
الغضب والرضا؟ فامسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاوما باصبعه
الى فيه فقال: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه الا حق».[125]»
وما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابي هريرة انه قال:
«ما من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم احد اكثر حديثا عنه مني الا ما
كان من عبد الله بن عمرو فانه كان يكتب ولا اكتب.[126]»
وما رواه البخاري ومسلم وابو داود والترمذي وغيرهم من حديث ابي هريرة قال:
«لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله
واثنى عليه ثم قال: «ان الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين فانها
لا تحل لاحد كان قبلي وانها احلت لي ساعة من نهار وانها لا تحل لاحد
بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها الا لمنشد ومن قتل له
قتيل فهو بخير النظرين اما ان يفدى واما ان يقيد» فقال العباس: الا الاذخر فانا
نجعله لقبورنا وبيوتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الا الاذخر» فقام ابو شاه
رجل من اهل اليمن فقال: اكتبوا لي يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «اكتبوا لابي شاه».[127]»
وقد حمل النهي عن كتابة الحديث ان ذلك خاص باول الاسلام، ليشتغلوا بحفظ القران ويقبلوا
على دراسته من الالواح والصحف، ويكون اخذهم للحديث بالممارسة والمجالسة.[103] وقيل: ان حديث النهي منسوخ
بهذه الاحاديث، وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقران فلما امن ذلك اذن في الكتابة، وقيل
: انما نهى عن كتابة الحديث مع القران في صحيفة واحدة ; لئلا يختلط، فيشتبه
على القارئ في صحيفة واحدة.[128]
تاريخ التدوين[عدل]
نسخة مغربية من مخطوطة لموطا مالك
اما فيما بعد وفاة النبي فقد اختلف الصحابة في تدوين الحديث، فكرهه بعضهم كعمر بن
الخطاب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابو موسى الاشعري وابو سعيد الخدري، بينما
راى بعضه جوازه ومنهم علي بن ابي طالب وابنه الحسن وانس بن مالك وعبد الله
بن عمرو بن العاص.[129] وقد روي عن عمر انه هم بتدوين الحديث فاستشار الصحابة فاشاروا
عليه بذلك، ثم استخار الله شهرا، ثم قال:
«اني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا، فاكبوا عليها وتركوا كتاب الله عز وجل، واني
والله لا البس كتاب الله بشيء ابدا[130]»
وقد استدل العلماء من هذا ما يؤكد ان النهي انما كان في بداية الامر لعلة
خشية وخوفا من اختلاط الكلام النبوي بكلام الله عز وجل،، ثم لما انتفت العلة ابيحت
الكتابة.[131]. قال ابن الصلاح:
«ثم انه زال ذلك الخلاف واجمع المسلمون على تسويغ ذلك واباحته.[15]»
مخطوطة لكتاب غريب الحديث لابي عبيد القاسم بن سلام يرجع تاريخها لحوالي السنة 319ه (931م)
اما عن التدوين الرسمي وجمع السنة والاحاديث بشكل عام، فيكاد يجمع المؤرخون انه بدا على
راس المائة من القرن الاول للهجرة،[28] حيث امر عمر بن عبد العزيز العلماء بجمع الحديث
وتدوينه، فكتب الى اهل المدينة يقول :
«انظروا ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه، فاكتبوه، فاني خفت دروس العلم
وذهاب العلماء[132]»
فاستجاب العلماء لدعوة الخليفة، فالف الامام مالك بالمدينة، والف ابو محمد عبد العزيز بن جريج
بمكة والاوزاعي بالشام، ومعمر بن راشد باليمن، وسعيد ابن ابي عروبة وحماد بن سلمة بالبصرة،
وسفيان الثوري بالكوفة، وعبد الله بن المبارك بخراسان، وهشيم بن بشير بواسط،وغير هؤلاء كثيرون.[133] وكان
منهج المؤلفين في هذا القرن جمع الاحاديث مختلطة باقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ويظهر ذلك بجلاء
في موطا الامام مالك.
ثم حدث طور اخر في تدوين الحديث، وهو افراد حديث النبي خاصة وكانت تلك الخطوة
على راس المائتين، وهؤلاء الذين خطوا هذه الخطوة، منهم من الف على المسانيد، كاحمد بن
حنبل، وابن ابي شيبة واسحاق بن راهويه وغيرهم، واصحاب المسانيد لم يتقيدوا بالصحيح بل خرجوا
الصحيح والحسن والضعيف. ومنهم من الف على الابواب الفقهية كاصحاب الكتب الستة المشهورة وهؤلاء منهم
من تقيد في جمعه الاحاديث بالصحاح كالامامين البخاري ومسلم ومنهم من لم يتقيد بالصحيح بل
جمع الصحيح والحسن والضعيف مع التنبيه عليه احيانا ومع عدم التنبيه احيانا اخرى، اعتمادا على
معرفة القارئ لهذه الكتب ومقدرته على النقد وتمييز الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود وذلك
مثل اصحاب السنن الاربعة: ابي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.[133]
رواة الحديث[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: المكثرون لرواية الحديث
اصطلح العلماء على ان من روى اكثر من الف حديث عد مكثرا، ولقد اشتهر سبعة
رواة من صحابة رسول الله بكثرة رواياتهم للحديث النبوي وعدوا من المكثرين وهم حسب الترتيب:[134]
رقم مسلسل اسماء الصحابة عدد الاحاديث
1 ابو هريرة 5374
2 عبد الله بن عمر 2630
3 انس بن مالك 2286
4 ام المؤمنين عائشة 2210
5 عبد الله بن عباس 1660
6 جابر بن عبد الله 1540
7 ابو سعيد الخدري 1170
كتب الحديث[عدل]
مسند اسحاق بن راهويه، لهذا الكتاب اهمية كبرى حيث ضم عددا كبيرا من الاحاديث النبوية
المسندة بالاضافة الى علو اسناده فهو متقدم على من صنف بعده من اصحاب الكتب الستة
تنقسم كتب الحديث عند اهل السنة والجماعة الى: صحاح، وسنن، ومسانيد، ومعاجم، ومصنفات، واجزاء حديثية،
وجوامع، ومستدركات، ومستخرجات، وزوائد، واطراف. وتصنف عادة حسب الابواب (الموضوعات) او حسب اسماء الرواة.
الصحاح: وهي الكتب التي التزم مؤلفوها الا يذكروا فيها الا الاحاديث الصحيحة عندهم.[79][135][136]
السنن: هي الكتب التي تجمع احاديث الاحكام المرفوعة مرتبة على ابواب الفقه. وهم لا يشترطون
في كتبهم الصحة بل اغلبهم يشترط القوة في الجملة لان هذه الكتب مصنفة على الابواب
الفقهية فالاصل فيها انها انما الفت للاحتجاج بما فيها.[79][135][136]
المسانيد: وهي الكتب الذي تذكر الاحاديث على ترتيب الصحابة بحيث توافق حروف الهجاء، او السوابق
الاسلامية، او شرافة النسب.[79][135][136]
المعاجم: جمع معجم. والمعجم في اصطلاح المحدثين: الكتاب الذي ترتب فيه الاحاديث على مسانيد الصحابة
او الشيوخ او البلدان او غير ذلك. والغالب ان يكون ترتيب الاسماء فيه على حروف
المعجم.[79][135][136]
المصنفات: وهي كالسنن ولكنها تمتاز بالسعة والشمول وكثرة ما فيها من الاثار غير المرفوعة. اي
انها تحتوي على الاحاديث النبوية واقوال الصحابة والتابعين.[79][135][136]
الاجزاء: وهي المصنفات المشتملة على الاحاديث المتعلقة في جانب من جوانب الدين او باب من
ابوابه، او المصنفات التي اختصت في جمع الاحاديث المروية من طريق واحد، او بجمع الاحاديث
المتعلقة بموضوع واحد.[79][135][136]
الجامع: الجامع هو ما يوجد فيه من الحديث جميع الانواع المحتاج اليها من العقائد والاحكام
والرقاق واداب الاكل والشرب والسفر والمقام وما يتعلق بالتفسير والتاريخ والسير والفتن والمناقب والمثالب وغير
ذلك.[79][135][136]
المستدرك: وهو كل كتاب جمع فيه مؤلفه الاحاديث التي استدركها على كتاب اخر مما فاته
على شرطه.[79][135][136]
المستخرج: المستخرجات هي ان ياتي المصنف الى الكتاب فيخرج احاديثه باسانيد لنفسه من غير طريقة
صاحب الكتاب فيجتمع معه في شيخه او من فوقه.[79][135][136]
الزوائد: هي المصنفات التي يجمع فيها مؤلفها الاحاديث الزائدة في بعض الكتب عن الاحاديث الموجودة
في كتب اخرى.[79][135][136]
الاطراف: الاطراف جمع طرف، وطرف الحديث، الجزء الدال على الحديث، او العبارة الدالة عليه، وكتب
الاطراف: كتب يقتصر مؤلفوها على ذكر طرف الحديث الدال عليه، ثم ذكر اسانيده في المراجع
التي ترويه باسنادها، وبعضهم يذكر الاسناد كامل، وبعضهم يقتصر على جزء من الاسناد، لكنها لا
تذكر متن الحديث كاملا، كما انها لا تلتزم ان يكون الطرف المذكور من نص الحديث
حرفيا.[79][135][136]
كتب الصحاح[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الكتب الستة
صحيح البخاري والذي يعتبر عند اهل السنة والجماعة اصح كتاب بعد القران الكريم
مشاريع شقيقة يوجد في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: صحيح البخاري مشاريع
شقيقة يوجد في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: صحيح مسلم مشاريع شقيقة
يوجد في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: سنن ابي داود مشاريع شقيقة
يوجد في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: سنن النسائي مشاريع شقيقة يوجد
في ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: سنن الترمذي مشاريع شقيقة يوجد في
ويكي مصدر كتب او مستندات اصلية تتعلق ب: سنن ابن ماجه
ومن اشهر المصنفات في الحديث النبوي عند اهل السنة والجماعة ما يعرف بالكتب الستة، ومصطلح
الكتب الستة لقب اطلق على ستة مؤلفات في علم الحديث لكونها هي اصح الكتب المؤلفة
في هذا الفن، وهذه الكتب هي: الصحيحان: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، والسنن الاربعة: سنن النسائي،
وسنن الترمذي، وسنن ابي داود، وسنن ابن ماجه.[137] واول من عد ابن ماجة سادسا: الحافظ
محمد بن طاهر المقدسي في القرن السادس الهجري.[138]. وفد اعتنى العلماء عناية بالغة بهذه الكتب
والفت حولها المصنفات العديدة كالشروح، ومنها فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني والمنهاج
شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي وعون المعبود شرح سنن ابي داود لمحمد شمس الحق
العظيم ابادي وشرح سنن النسائي لجلال الدين السيوطي وتحفة الاحوذي شرح سنن الترمذي لصفي الرحمن
المباركفوري، وكذلك اهتم العلماء بدراسة اسانيد هذه الكتب ومعرفة رجالها، فالفت الكتب حول ذلك ومنها
الكمال في اسماء الرجال لعبد الغني المقدسي والذي هذبه وزاد عليه الحافظ المزي في كتابه
تهذيب الكمال في اسماء الرجال، ومن ثم اختصره ابن حجر العسقلاني في كتابه تهذيب التهذيب.
وميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي وغيرها الكثير. كما الفت المصنفات في جمع اطراف الاحاديث
الواردة في الكتب الستة وهي كتب يقتصر مؤلفوها على ذكر طرف الحديث الدال عليه، ثم
ذكر اسانيده في المراجع التي ترويه باسنادها[139]، ومنها كتاب تحفة الاشراف بمعرفة الاطراف للمزي واتحاف
المهرة باطراف العشرة لابن حجر العسقلاني، كما الفت الكتب التي تهتم بجمع احاديث الكتب كلها
في مصنف واحد، ومنها جامع الاصول في احاديث الرسول لابن الاثير وجامع المسانيد والسنن الهادي
لاقوم سنن لابن كثير، وغيرها.
الاسم المؤلف الحجم
صحيح البخاري الامام البخاري (256 ه870) 7167 حديث
صحيح مسلم الامام مسلم (261 ه875) 5505 حديث
سنن ابو داود ابو داود (275 ه888) 5274 حديث
سنن الترمذي الترمذي (279 ه892) 3956 حديث
سنن النسائي النسائي (303 ه915) 5754 حديث
سنن ابن ماجة ابن ماجة (273 ه886) 4341 حديث
ومن اهم كتب الحديث ايضا:
مجموعة من كتب الحديث تتضمن طبعات مختلفة لصحيحي البخاري ومسلم
الموطا
صحيح ابن حبان
صحيح ابن خزيمة
صحيح ابن عوانة
سنن الدارقطني
مسند احمد
سنن البيهقي
مستدرك الحاكم
المعجم الكبير والمعجم الاوسط والمعجم الصغير للطبراني
مسند الدارمي
مسند البزار
مسند ابي حنيفة
مسند الشافعي
مسند الحميدي
مسند ابي يعلى الموصلي
مصنف عبد الرزاق الصنعاني
مصنف ابن ابي شيبة
مسند الطيالسي
مسند اسحاق بن راهويه
مسند ابن ابي اوفى
مسند الحميدي
وللتفصيل، انظر: قائمة باهم كتب الحديث عند اهل السنة والجماعة
انظر ايضا[عدل]
اجزاء حديثية
كتب الجوامع
قائمة باهم كتب اهل السنة والجماعة
وجهة نظر القرانيين[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: قرانيون
يعتقد القرانيون ان القران هو المصدر الشريعة الاسلامية الوحيد ومن ثم فهم لا يعترفون بالسنة
ولا يؤمنون بنسبتها للنبي محمد بل يعتقدون ان معظم الاحاديث المنسوبة لمحمد مكذوبة ومختلقة من
قبل العديد من الجهات لاغراض مختلفة، حيث يقول د.احمد صبحي منصور ان الامويون حاولوا ترسيخ
حكمهم من خلال تلفيق احاديث ترفع من شان معاوية بن ابي سفيان جد الامويين والتقليل
من شان معارضيهم مثل علي بن ابي طالب وذريته وعبد الله بن الزبير وغيرهم حيث
كان يرويها القصاصين في الشوارع والمساجد، كما قام بمثل ذلك العباسيين في تمجيد ابن عباس
والتعظيم من شانه. وعمل ملوك الدولتين من خلال الكهنوت الديني التابع للسلطة بخلق احاديث ونسبتها
للنبي تساعد على تثبيت وجودهم في الحكم واحاديث اخرى تسمح لهم بالتخلص من المعارضين مثل
احاديث قتل المرتد، كما كان لهذه الاحاديث الاثر في ظهور الجبرية في العصر الاموي التي
اعتبرت كل شيء مقدر على الانسان ومن هذه الاشياء وجود الحاكم في السلطة. ويرى د.
منصور ان الهدف من وراء هذه الاحاديث الهاء الشعب بامور فرعية عن المطالبة بحقوقه وتقييد
حرية الراي. كما يعتقد القرانيين ان بعض الاحاديث دستها بعض الجماعات الفارسية التي دفعتها نظرتهم
الشعوبية للعرب ورغبتهم لاعادة السيطرة للقومية الفارسية.[140]
وتعتقد بقية الفرق الاسلامية على اختلافها ان القرانيين بهذا قد خالفوا القران نفسه[141][142] حيث جاء
فيه امر من الله للمسلمين فقال: Ra bracket.png ما افاء الله على رسوله من اهل
القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الاغنياء
منكم وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب
Aya-7.png La bracket.png – سورة الحشر. ففي قوله: ﴿وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا﴾ امر واضح من الله بطاعة النبى، ويفسرون هذه الايات على ان طاعة النبي تتمثل
في الالتزام بسنته الواردة في الاحاديث النبوية.[143][144][145][146]
وقد عارضهم اهل السنة والجماعة قديما وحديثا. فمن المتقدمين ابن حزم الاندلسي، حيث قال:
«ولو ان امرا قال: لا ناخذ الا ما وجدنا في القران، لكان كافرا باجماع الامة،
ولكان لا يلزمه الا ركعة ما بين دلوك الشمس الى غسق الليل، واخرى عند الفجر؛
لان ذلك هو اقل ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للاكثر في ذلك، وقائل
هذا كافر مشرك حلال الدم والمال.[147]»
وقال الشاطبي:
«والرابع ان الاقتصار على الكتاب راى قوم لا خلاق لهم خارجين عن السنة اذ عولوا
على ما بنيت عليه من ان الكتاب فيه بيان كل شئ فاطرحوا احكام السنة فاداهم
ذلك الى الانخلاع عن الجماعة وتاويل القران على غير ما انزل الله [148]»
وممن رد على القرانبيين من المعاصرين الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف المصري السابق، الذي
قال في مقال له:
«ان السنة النبوية هي البيان النبوي للبلاغ القراني، وهى التطبيق العملي للايات القرانية، التي اشارت
الى فرائض وعبادات وتكاليف وشعائر ومناسك ومعاملات الاسلام. فالتطبيقات النبوية للقران – التي هي السنة
العملية والبيان القولي الشارح والمفسر والمفصل – هي ضرورة قرانية، وليست تزيدا على القران الكريم.
وتاسيا بالنبي، وقياما بفريضة طاعته – التي نص عليها القران الكريم. والعلاقة الطبيعية بين البلاغ
الالهي – القران – وبين التطبيق النبوي لهذا البلاغ الالهي – السنة النبوية – فهى
اشبه ما تكون بالعلاقة بين الدستور وبين القانون. فالدستور هو مصدر ومرجع القانون. والقانون هو
تفصيل وتطبيق الدستور، ولا حجة ولا دستورية لقانون يخالف او يناقض الدستور. ولا غناء ولا
اكتفاء بالدستور عن القانون.”[149]»
وقال المفكر النمساوي محمد اسد:
«ان العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عمل على حفظ كيان الاسلام،
وعلى تقدمه، وان ترك السنة هو انحلال الاسلام… لقد كانت السنة الهيكل الحديدي الذي قام
عليه صرح الاسلام، وانك اذا ازلت هيكل بناء ما افيدهشك بعدئذ ان يتقوض ذلك البناء
كانه بيت من ورق؟”[150]»
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز:
«اما هؤلاء المتاخرون فجاءوا بداهية كبرى ومنكر عظيم وبلاء كبير، ومصيبة عظمى حيث قالوا :
ان السنة برمتها لا يحتج بها بالكلية لا من هنا ولا من هنا، وطعنوا فيها
وفي رواتها وفي كتبها، وساروا على هذا النهج الوخيم واعلنه كثيرا العقيد القذافي الرئيس الليبي
المعروف فضل واضل، وهكذا جماعة في مصر، وغير مصر قالوا هذه المقالة فضلوا واضلوا وسموا
انفسهم بالقرانيين، وقد كذبوا وجهلوا ما قام به علماء السنة لانهم لو عملوا بالقران لعظموا
السنة واخذوا بها، ولكنهم جهلوا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم فضلوا واضلوا”[151]»
وجهة نظر الشيعة[عدل]
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الحديث عند الشيعة
يعرف الحديث عند الشيعة بانه: كلام يحكي قول المعصوم، او فعله، او تقريره.[152] حيث يعتقد
الشيعة بان اهل البيت فقط وهم الرسول محمد وعلي بن ابي طالب وزوجته فاطمة بنت
محمد واحد عشر اماما من ابنائهم، وحدهم يعلمون كل الحديث ناسخه ومنسوخه، ويرون العصمة لهم
ووجوب العمل بما ورد عنهم، فيرون بان ما قاله الامام المعصوم فكان النبي قد قاله[153]،
بينما يرى اهل السنة ان العصمة للنبي فقط، وانه ليس احد الا يؤخذ من قوله
ويترك الا النبي.[154] وبينما يتفق الشيعة مع اهل السنة والجماعة على ان الحديث هو ثاني
مصدر للتشريع بعد القران الكريم[155]، فان المرجعية في الحديث النبوي عند الشيعة تختلف عن اهل
السنة، ويرجع ذلك لاختلاف الرؤية السنية والشيعية حول موثوقية وعدالة الرواة، ففي حين يروي اهل
السنة والجماعة الحديث عن جميع الصحابة حيث وقع الاجماع بين جمهور علماء اهل السنة من
محدثين وفقهاء واصوليين على عدالة الصحابة كلهم [156][157] ونقل هذا الاجماع ابن عبد البر[158] وغيره،
فانه من وجهة النظر السنية فان عدالة الصحابة[ملاحظة 1] ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، واخباره
عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القران [54]، الا ان الشيعة اتخذوا موقفا سلبيا من
معظم الصحابة الا نفرا قليلا ومنهم عبد الله بن عباس وسلمان الفارسي وابو ذر الغفاري
وابو رافع وعمار بن ياسر والمقداد بن الاسود وبلال بن رباح والبراء بن عازب وبضعة
اخرون [159]، حيث لا يرى الشيعة جواز نقل الحديث عن معظم الصحابة وذلك لانه ومن
وجهة النظر الشيعية، لا تاخذ الشيعة برواية اي صحابي، لان لها رؤيتها في الصحبة تختلف
عن رؤية السنة، فليس كل صحابي عند السنة هو صحابي عند الشيعة، بالاضافة الى ان
فكرة عدالة جميع الصحابة في فكرة مرفوضة وغير معترف بها عندهم.[160].
اقسام الحديث عند الطائفة الاثنا عشرية: ينقسم الحديث الى عدة اقسام حسب درجة الصحة، فالمتواتر
هو ما ينقله جماعة بلغوا من الكثرة حدا يمتنع اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب وهذا النوع
من الحديث حجة يجب العمل به، والاحاد فهو ما لا ينتهي الى حد التواتر سواء
اكان الراوي واحدا ام اكثر وينقسم حديث الاحاد الى اربعة اقسام (الصحيح والحسن والموثق والضعيف)،
الحديث الصحيح وهو ما اذا كان الراوي اماميا ثبتت عدالته بالطريق الصحيح، الحديث الحسن وهو
ما اذا كان الراوي اماميا ممدوحا ولم ينص احد على ذمه او عدالته، الحديث الموثق
وهو ما اذا كان الراوي مسلما غير شيعي ولكنه ثقة امين في النقل، الحديث الضعيف
وهو يختلف عن الانواع المتقدمة كما لو كان الراوي غير مسلم او مسلما فاسقا او
مجهول الحال او لم يذكر في سند الحديث جميع رواته.
ونتج عن هذه الخلافات زيادة الهوة بين المعتقدات السنية والشيعة فيما يتعلق بالحديث كمصدر للتشريع
بالاضافة للخلافات في العقيدة والمسائل الفقهية وغيرها.
Crystal Clear app kdict.png طالع ايضا: خلاف سني شيعي
ولا يعتمد الشيعة على جميع الاحاديث الواردة في كتب الحديث السنية كمصدر لهم، وانما يعتمدون
على اربعة كتب احاديث جمعها علماؤهم يسمونها الكتب الاربعة، وهي:
الكافي في الاصول والفروع – لمحمد بن يعقوب الكليني.
الاستبصار – لنصير الدين الطوسي.
من لا يحضره الفقيه – لعلي بن بابويه القمي.
تهذيب الاحكام – لنصير الدين الطوسي.
ومن الكتب المهمة عندهم ايضا:
بحار الانوار – لمحمد باقر المجلسي.
وسائل الشيعة – لمحمد بن الحسن الحر العاملي.
مستدرك الوسائل – للطبرسي.
الوافي – للفيض الكاشاني.
مقالات ذات صلة[عدل]
القران الكريم.
الاسلام.
اركان الاسلام.
توحيد.
محمد بن عبد الله.
اهل السنة والجماعة.
اهل الحديث.
السلف الصالح.
مدارس اهل السنة.
مصادر التشريع الاسلامي.
صحابة.
الاجماع.
كتب الصحاح.