الثقة بالنفس هي احساس الشخص بقيمة نفسه بين من حوله فتترجم هذه الثقة كل حركة
من حركاته وسكناته ويتصرف الانسان بشكل طبيعي دون قلق او رهبة فتصرفاته هو من يحكمها
وليس غيره …. هي نابعة من ذاته لا شان لها بالاشخاص المحيطين به وبعكس ذلك
هي انعدام الثقة التي تجعل الشخص يتصرف وكانه مراقب ممن حوله فتصبح تحركاته وتصرفاته بل
واراءه في بعض الاحياء مخالفة لطبيعته ويصبح القلق حليفه الاول في كل اجتماع او اتخاذ
قرار .
والثقة بالنفس هي بالطبع شيء مكتسب من البيئة التي تحيط بنا والتي نشانا بها ولا
يمكن ان تولد مع اي شخص كان .
ولا يخفى عليكم اننا نسمع من اناس كثيرون شكاوى من انعدام الثقة بالنفس ويرددون هذه
العبارة حتى اخذت نصيبها منهم !
النقطة الاولى والتي يجب ان نتعرف عليها هي اسباب انعدام الثقة بالنفس …. فعلينا قبل
كل علاج ان نضع ايدينا على موضع الداء …. ثم نشرع بالعلاج المناسب له .
هناك اسباب كثيرة منها التالي :
1- تهويل الامور والمواقف بحيث تشعر بان من حولك يركزون على ضعفك ويرقبون كل حركة
غير طبيعية تقوم بها .
2- الخوف والقلق من ان يصدر منك تصرف مخالف للعادة حتى لا يواجهك الاخرون باللوم
او الاحتقار .
3- احساسك بانك انسان ضعيف ولا يمكن ان تقدم شيء امام الاخرين بل تشعر بان
ذاتك لا شيء يميزها وغاليا من يعاني من هذا التفكير الهدام يرى نفسه انسان حقير
ويسرف في هذا التفكير حتى تستحكم هذه الفكرة في مخيلته وتصبح حقيقة للاسف .
والنقطة الثالثة والاخيرة هي اخطر مشكلة لانها تدمرك وتدمر كل طاقة ابداع لديك فعليك اولا
ان تتوقف عن احتقار نفسك والتكرير عليها ببعض الالفاظ التي تدمر شخصيتك مثل ” انا
غبي ” او ” انا فاشل ” او ” انا ضعيف ” فهذه العبارات تشكل
خطرا جسيما على النفس وتحطمها من حيث لا يشعر الشخص بها .. فعليك ان تعلم
اخي / اختي بان هذه العبارات ما هي الا معاول هدم وعليك من هذه اللحظة
التوقف عن استخدامها لانها تهدم نفسيتك وتحطمها من الداخل وتشل قدراتها ان استحكمت على تفكيرك.
ولا تنسى ايضا اخي / اختي ان تحدد مصدر هذه المشكلة والاحساس بالنقص ….
هناك اسباب كثيرة ومنها تستطيع اخي تحديد مصدر هذه المشكلة تمهيدا للقضاء عليها:
1- قد يكون هذا الاحساس هو بسبب فشل في الدراسة او العمل وتلقي بعض الانتقادات
الحادة من الوالدين او المدير بشكل مؤذي اوجارح.
2- التعرض لحادث قديم كالاحراج او التوبيخ الحاد امام الاخرين او المقارنة بينك وبين اقرانك
والتهوين من قدراتك ومواهبك.
3- نظرة الاصدقاء او الاهل السلبية لذاتك وعدم الاعتماد عليك في الامور الهامة … او
عدم اعطائك الفرصة لاثبات ذاتك .
هذه باختصار هي بعض اسباب عدم الثقة بالنفس ولابد اخي بعد مراجعتها وتحديد ما يخصك
بينها …. عليك بعدها مصارحة نفسك فليس كالصراحة مع النفس وعدم اغضاء الطرف او تجاهل
المشكلة بايهام النفس انها لا تعاني من مشكلة … فالتهرب لا يحل المشاكل بل يزيد
النار اشتعالا …. ونفسك هي ذاتك …. وانت محاسب عليها امام الله فلا تهملها يا
اخي المسلم …
الخطوة القادمة بعد تحديد مصدر المشكلة ابدا اخي بالبحث عن حل وحاول ان تجده فلكل
داء دواء …
اجلس مع نفسك وصارحها وثق بانك قادر على التحسن يوما بعد يوم …. عليك ان
توقف كل تفكير يقلل من شانك … ويجب عليك ان تعلم بانك انسان منتج لم
تخلق عبثا …. فالله عندما خلقنا لم يخلقنا عبثا …. انت لك هدف وغاية يجب
ان تؤديها في هذه الحياه ما دمت حيا على وجه الارض …. الله سبحانه وتعالى
عندما خاطب المؤمنين في القران الكريم لم يخص مؤمن دون الاخر ولم يخص مسلم دون
الاخر ذلك لان كل البشر سواسية اخي الكريم ولا فضل لاحد على احد الا بالتقوى
… ويكفي ان تعلم بانك مسلم فهذا اكبر ما يميزك عن ملايين البشر الغارقين في
ضلالاتهم واهوائهم .
” النقطة الاولى ” والتي يجب ان تفخر بها هي كونك انسان ملتزم خالفت من
اتبع الشيطان وخالفت كل امعة خلف اعداء الاسلام يجري تاركا عقله وراء ظهره.
” النقطة الثانية ” والتي يجب ان تكون سببا في تعزيز ثقتك بنفسك هو ان
احساسك بالظلم والاحتقار من قبل الاخرين سواء اهلك او اقاربك او زملائك لن يغير في
الوضع شيئا بل قد يزيد في هدم ثقتك بنفسك فعليك الخلاص من هذا التفكير الساذج
واستبداله بخير منه، فحاول استبدال الكلمات السيئة التي اعتدت اطلاقها على نفسك بكلمات تشجيعية تزيد
من قوتك وتحسن من نفسيتك وتزيد من راحتها ….
يجب ان تقنع نفسك اخي مع الترديد بانك انسان قوي ويجب ان تتعرف على قدراتك
الكامنة في نفسك …. وانك تملك ثقة عالية وعليك من اليوم ان تخرجها.
” الامر الثالث ” هو اقتناعك واعتقادك الكامل انك حقا انسان ذا ثقة عالية لانها
عندما تترسخ في عقلك فانها تتولد وتتجاوب مع افعالك … فان ربيت افكار سلبية في
عقلك اصبحت انسان سلبي …. وان ربيت افكار ايجابية فستصبح حتما انسان ايجابي له كيانه
المستقل القادر على تكوين شخصية مميزة يفتخر بها بين الاخرين.
يجب ان تعمل على حب ذاتك وعدم كراهيتها او الانتقاص منها …. وعدم التفكير في
الماضي او استرجاع احداث مزعجة قد انتهت وطواها الزمن يجب عليك ان لا تحاول استرجاع
اي شيء مزعج بل حاول ان تسعد نفسك وتفرح بذاتك لانك انسان ناجح له مميزاته
وقدراته الخاصة .
ويجب عليك ان تتسامح مع من اخطا في حقك او انتقدك حديثا او قديما ولا
تكن مرهف الحس الى درجة الحقد او تهويل الامور تاقلم مع من ينتقدك وقل رحم
الله امرء اهدى الي عيوبي …. ليس كل من انتقدك هو بالطبيعة يكرهك هذه مغالطة
احذر منها اخي كل الحذر لان التفكير بهذه الطريقة يقود للشعور بالنقص وان كل من
يوجه لي انتقاد هو عدو لي … لا …. لا تشعر نفسك بان كل ما
يقوله الاخرون هو بالضرورة حق …. لا …. عليك اولا ان لا تجعل هذا الشيء
ياثر عليك بل تقبله واشكر الطرف الاخر عليه واثبت له بانه مخطئ ان كان مخطئ
…. ولا تجعل كلام الاخرين يؤثر سلبا على نفسيتك لانك تعلم بان الاراء والاحكام تختلف
من شخص لاخر فمن لم يعجبه تصرفي هذا لابد وان اجد شخص يوافقني عليه ….
وان فشلت في هذا العمل فلن افشل في غيره …. وكلام البشر ليس منزلا كي
اؤمن به واصدقه واجعله الفاصل.
اخي وكما قلنا …. لا تعطي نفسك المجال للمقارنة بين ذاتك وبين غيرك ابدا احذر
من هذه النقطة لانها تدمر كل ما بنيته ….. لا تقل لا يوجد عندي ما
قد وهبه الله لفلان … بل تذكر ان لكل شخص منا ما يميزه عن الاخر
وانه لا يوجد انسان كامل … ولا بد ان تعي ايضا ان الله قد وهبك
شيئا قد حرمه الله من غيرك ….. يجب ان تعيش مع ذاتك كانسان كريم حاله
حال ملايين البشر لك موقع من بينهم لا تعتقد بانك لا شيء في هذا الكون
بل انت مخلوق قد اكرمك الله وفضلك على كثير من خلقه .
وهنا نقطة مهمة الا وهي التركيز على قدراتك ومهاراتك الذاتية وهواياتك وابرازها امام الاخرين والافتخار
بذاتك ( والافتخار اخي لا يعني الغرور ) فهناك فرق بينهما …. فكر بعمل كل
ما يعجبك ويستهويك ولا تسرف في التفكير بالاخرين وانتقاداتهم … لا تهتم ولا تعطي الاخرين
اكبر من احجامهم … عليك ان ترضي نفسك بعد رضى الله … وما دمت اخي
تعمل ما لم يحرمه الله فثق بانك تسير في الطريق المستقيم ولا تلتفت للاخرين.
ان الاشخاص الذين يعانون من فقدان الثقة بانفسهم هم يفقدون في الحقيقة المثال والقدوة الحسنة
التي يجب ان يقتدوا فيها حق الاقتداء ….. ولنا في رسول الله صلى الله عليه
وسلم واصحابه رضوان الله عليهم اسوة حسنة وامثلة عظيمة … عليك اخي ان تقرا هذه
السير وتدرسها وتتعمق بها وتقتفي اثرها …. حتى تكون شخصية اسلامية قوية ذات ثقة كبيرة
بذاتها قادرة على مواجهة الظروف الصعبة القاسية.
وعليك من اللحظة ان تتذكر جميع حسناتك وترمي بجميع مساوئك البحر وحاول ان لا تعرف
لها طريقا ….. تذكر نجاحاتك وابداعاتك ….. وتجنب تذكر كل ما من شانه ان يحطمك
ويحطم ثقتك بذاتك كالفشل او الضعف.
اعطي نفسك اخي فرصة اخرى للحياه بشكل افضل …. اقبل بالتحدي …. وقلها صريحة لزميلك
… او صديقك …. ” سانافسك واتفوق عليك باذن الله تعالى ” ولا تعتذر ابدا
عن المنافسة مهما كانت ومهما مررت بفشل سابق بها …. تجنب قول انا لست كفء
لهذه المنافسة او اني لست بارعا في هذه الصنعة … بل توكل على الله عز
وجل واقتحم وحاول بكل ثقة …. حينها اضمن لك بانك ستنجح بالتاكيد.
افعل ما تراه صعبا لك تجد كل الدروب فتحت لك …. فتش عن كل ما
يخيفك واقتحمه ستجد بان الخوف قد تلاشى ولا وجود له …..
حاول ان تكون انسان فاعل ولك اعمال مختلفة ونشاطات واضحة ابرز ابداعاتك ولا تخفيها ابدا
حتى لو واجهت انقادا من احد فحتما ستجد من يشجعك وتعجبه اعمالك …. هذه قاعدة
يجب ان تتخذها ” لولا اختلاف الاذواق لبارت السلع ” فلا تظلم نفسك بالاستماع لما
يحطمك ويحطم كل ابداع تحمله .
ابدا يومك بقراءة الاذكار والقران الكريم وان استطعت كل صباح بعد صلاة الفجر قراءة سورة
ياسين فافعل فلها تاثير عظيم على النفس وتبعث الهدوء والطمانينة كما هو الحال في باقي
الايات الكريمة.
فكر بجدولك لهذا اليوم ….. وماذا ستخرج منه لما يعود على ذاتك بالنفع والحيوية.
حدث نفسك وكن صديقها وتمرن على الحديث الطيب فالنفس تالفه وتطمئن له وتركن له ….
فلا تحرم نفسك من هذا الحق لانك احق الناس بسماعه والتدرب على قوله لذاتك …..
الكلام الايجابي الذي من شانه ان يبني ثقتنا بانفسنا ويدفعنا لمزيد من التفائل بحياة افضل
بعون الله تعالى.
عند كل مجلس حاول ان يكون لك وجود وحاور وناقش مرة تلو الاخرى سوف تعتاد
وسيصبح الحديث بعدها امرا يسرا …. درب نفسك وقد تلاقي بعضا من الصعوبة في ذلك
بداية الامر ولكن احذر من ان تثني عزيمتك التجربة الاولى بل اجعلها سلما تصعد به
الى اهادفك وغاياتك وابرز وجودك بين من حولك فهذا يزيد من ثقتك بنفسك ويعزز الشعور
باهمية ذاتك.
مساعدتك للاخرين تعزز ثقتك بنفسك ….. الظهور بمظهر حسن لائق يعزز من ثقتك بنفسك …..
فلا تهمل ذاتك فتهملك .
ولا تنسى اخي ان القران فيه شفاء فالزمه ولا تحيد عنه واتبعه وتوكل على الله
في كل امر واعلم بان الله بيده كل شيء فلا داعي للقلق من المستقبل او
الهلع من الحاضر فكل هذا لو اجتمع على قلب مؤمن ما هز في جسده شعرة
وهذا داب المؤمن وحاله في كل زمان ومكان …. هادئ البال …. مطمئا لجنب الله،
متوكل على الحي الذي لا يموت … مرطبا لسانه بذكر الله ( الا بذكر الله
تطمئن القلوب ) .