عندما تتعرض علاقة الحب بين الرجل والمراة لانتكاسة، يجد البعض صعوبة في نسيان الحبيب، ولسان
حاله يقول: “كيف انسى الذكريات الجميلة والاحلام المشتركة؟” فهل صحيح ان من الصعب محو شريط
ذكريات العلاقات العاطفية؟
لاسباب خارجة عن السيطرة، او عن قرار شخصي، قد تتوقف علاقة حب بين شخصين في
منتصف الطريق ولا تكلل بالزواج، لتبقى المشاعر حبيسة داخل كل منهما، مثل هاجس يطاردهما او
ندب يخلق في النفس احساسا مستمرا بالشجن. هكذا، تبقى الذاكرة تموج بكثير من المواقف التي
لا تنسى. وغالبا ما يتعذب الشخص، وتتجسد معاناته في كلمات على شاكلة: “النسيان صعب”، او
“انا مؤكدة مريض”، او “الذي يحب عمره ما يكره” وما الى ذلك. لكن، وعلى الرغم
من كل هذه الكلمات، فان المحب يجد نفسه غير قادر على نسيان الاماكن والذكريات، وغير
قادر على محو رقم هاتف المحبوب، او التخلص من الاشياء التي تربطه به. وربما يظل
على هذه الحال سنوات وسنوات. فهل هذه الحالة مرضية؟ ام ان النسيان ممكن؟ وهل تختلف
درجة تاثر المراة عن تاثر الرجل في حال تازم العلاقة وفشلها؟
– معاناة ابدية:
قصة حب عمرها 7 سنوات عاشها محمد حسن (اعلامي، متزوج ولديه 3 اطفال)، لكن، على
الرغم من مرور 14 عاما على انتهاء هذه القصة ومن زواجه بفتاة غير التي احبها،
الا انه لا يزال يعاني وغير قادر على النسيان. اختار محمد ان يسترجع ذكريات قصة
حبه، مؤكدا عدم مقدرته على النسيان، على الرغم من مرور كل هذه السنوات. فكان ان
تدفقت كلماته التي تعكس مدى معاناته، واخذ يتذكر: “صادف ان يكون يوم التقائيا الاول عام
1992 يوم عيد ميلادها. وعلى الرغم من مرور السنوات، مازلت اتذكر الاماكن التي جلسنا فيها،
الطرق مررنا بها، كل لحظة وكل همسة وكل حركة”. يضيف: “في الحقيقة، ان تاريخ ميلادها
هو الرقم السري الذي استخدمه في تعاملاتي البنكية، فهي، بكل تفاصيلها، لاتزال تعيش معي لغاية
الان”. يتابع: “14 عاما مرت على انتهاء العلاقة، تزوجت وانجبت، ولكن النسيان صعب”. يستطرد: “صحيح
ان درجة تاثري بالذكريات تراجعت عن السنوات الاولى ولكنها لم تنته”. يكمل محمد حسن اعترافاته
قائلا: “كنت اعيش حالة مرضية، لم اترك صديقا الا وحكيت له معاناتي، وكانت حالتي النفسية
متدهورة، حيث اعدت لها كل ما يذكرني بها، الغيت رقم هاتفها، لم يعد لدي ما
يربطني بها، ولكن المشكلة انها موجودة في داخلي، وعلى الرغم من انني عشت اكثر من
قصة حب بعدها وتزوجت، الا انني لم اقدر على نسيانها”.
– تصغير المشكلة:
في سياق متصل، يبدو ان معاناة عمار صدقة (استشاري انظمة كمبيوتر، متزوج) مع النسيان لم
تنته الا بنصيحة احد اصدقائه، التي قال فيها: “الكون مليء بالنجوم والكواكب وبملايين الناس، وانت
نقطة في هذا الكون، فتعامل مع مشكلتك بالطريقة نفسها، حاول تصغير حجم المشكلة وستنسى بمرور
الايام”.
يصف عمار تجربته بانها “كانت عبارة عن قصة حب رائعة”. ويقول: “عشنا 4 سنوات مليئة
بالذكريات الجميلة، لكن عوامل خارجة عن ارادتنا، حالت دون ارتباطنا”. يضيف: “تزوجت بعد فترة قصيرة
من انتهاء العلاقة، عانيت بعضا من الوقت، وكان الفضل لصديقي الذي نصحني بتصغير المشكلة، ويوما
بعد يوم تعايشت مع حياتي الجديدة ونسيت ما كان”.
– الصبر:
ايضا، تتشابه قصة احمد مبروك (استشاري نظم المعلومات، متزوج) مع الحب والنسيان مع قصة صديقه
(عمار). ويقول: “في الحقيقة ان من احببتها هي التي تزوجتها، ولكن بعد طول عناء، اذ
وقعت في البداية مشاكل، حالت دون ارتباطنا، فابتعدنا بعضا من الوقت، وحاولت النسيان ولكنني لم
استطع”. يضيف: “كنت اشعر بان كل شيء يذكرني بها، الاغاني التي كنا نسمعها معا، الافلام
التي تحبها او التي تصادف وجودنا معا اثناء عرضها، كل الاماكن التي كنا نقصدها معا،
واستمرت المعاناة حتى انفرج الغم وتزوجنا، وها نحن نعيش معا الان احلى ايامنا”.
– فشل:
بعد فشل قصة الحب التي عاشها، يعترف محمد الحديدي (موظف استقبال، عازب) بانه عانى كثيرا
لينسى، لكنه عجز عن النسيان. ويقول: “عام ونصف العام، هو عمر قصة الحب التي عشتها”،
لافتا الى ان “ضعف شخصية الفتاة التي احببتها، كان السبب في عدم استكمال العلاقة”. يضيف:
“4 سنوات مرت ولاتزال تعيش معي بكل تفاصيلها، لقد كانت حبي الاول”. ويعترف قائلا: “حاولت
ان اعيش قصة اخرى لكي انساها ولكنني فشلت، لم اجد الشخصية التي تشبهها”. ويشير محمد
الى ان “المفاجاة السعيدة حصلت مؤخرا، عندما التقيتها بالصدفة، فهي تعيش في باريس واتت بغرض
السياحة، ويا لها من مفاجاة فتحت مجددا ابواب الذكريات”.
– الثانية تنسيك الاولى:
لا صعوبة لدى الشاب محمد حمو (موظف، عازب) في ان ينسى علاقة انتهت. فهو من
انصار الحكمة القائلة: “داوها بالتي كانت هي الداء”. يقول حمو في هذا السياق: “لا توجد
صعوبة في نسيان الحب، فعندما تفشل علاقة، عليك ان تبدا علاقة اخرى لكي تنسي العلاقة
الاولى”. يضيف: “لا افهم لماذا يصعب ذلك على الناس، فالمسالة من وجهة نظري لا تحتمل
كل تلك المعاناة التي يتحدثون عنها”.
– ما اسهل النسيان:
بدورها، لا ترى نشوى محمود (تعمل في مجال التسويق)، اي صعوبة في نسيان الحب. وتتحدث
عن تجربتها الشخصية في هذا الخصوص، وتقول: “صحيح ان الحب الاول من الصعب نسيانه بسهولة،
الا ان الحياة لابد ان تسير، فانا مررت بتجربة حب فاشلة في مرحلة مبكرة من
حياتي، ولكن الطرف الاخر لم يكن يستحق كل هذا الحب. لذلك، طويت تلك المرحلة من
حياتي، واصبحت لا اؤمن بوجود الحب الحقيقي، فالموجود هذه الايام هو حب المصلحة، وما اسهل
النسيان في هذه الحالة”.
– الاطلال:
اما مريم محمد (موظفة)، فترى ان “النسيان ممكن لو وجد البديل”. وتقول: “ان اي انسان،
سواء اكان شابا ام فتاة من السهل ان ينسى، لو وجد البديل الذي يعوضه عن
قصة حبه الفاشلة”. ولكنها تعود لتعترف بان “من الصعب نسيان الجرح”، لافتة الى ان “الانسان
الذي يخرج من قصة حب، مهما تكن الاسباب التي ادت الى فشلها، فانه يعيش على
الاطفال، فلو وجد من ياخذ بيده وينتشله من الواقع المرير الذي يعيش فيه، من المؤكد
ان سينسى”. تتابع: “في الحقيقة انني مررت بالتجربة وفشلت في النسيان، فجروحي تؤلمني بين وقت
واخر، والشخص نفسه نسيته تماما، ولكن الجرح الذي سببه لي من الصعب نسيانه”.
– حاولت وفشلت:
في المقابل، لا تعترف فيرا (موظفة، متزوجة)، التي تزوجت بالرجل الذي احبته، بوجود صعوبة في
النسيان، “خصوصا اذا باع احد الطرفين الطرف الاخر”. وتقول: “علينا ان ندرك ان المراة اكثر
اخلاصا في الحب من الرجل. بالتالي، فهي تتعذب بدرجة اكبر منه”.
– نعمة النسيان:
وتتفق حلا امين (موظفة، متزوجة)، مع ما ذكرته فيرا، لافتة الى ان “الانثى حساسة بطبيعتها
عكس الرجل، ما يجعل النسيان اصعب عليها، ولكن الله منحنا نعمة النسيان، ولولاها لكانت درجة
تاثرنا اكبر بمراحل، في حال فشلت قصة حبنا، وان كنت ارى ان الحب الحقيقي لا
وجود له في هذه الايام”.