كيف تتغلب على الخوف والقلق النفسي
القلق والخوف والوقوع فريسة لافكار معينة، والميل نحو القيام بعمل او سلوك معين، كرد فعل
لموقف او ظرف معين حدث فعلا او على وشك الحدوث، يعتبر شيئا طبيعيا في حياة
الانسان اليومية، حيث ان هذه المشاعر حسب راي خبراء الصحة النفسية ما هي سوى صمام
الامان، والذي يقوم بتحذير الانسان من وجود خطر ما يهدد الجسم وضرورة تجنب هذا الخطر
من خلال سلوك او ردود فعل معينة.
وفي الواقع فان الجسم يقوم عند حدوث مشاعر الخوف والقلق، بسلسلة من التغييرات الفسيولوجية الداخلية
والتي من شانها مساعدة الانسان على التعامل مع موقف الخطر الوشيك سواء بالهرب من الموقف
او مواجهة الموقف.
على اي حال، عندما تصبح مشاعر الخوف والقلق شيئا دائما في حياة الانسان اليومية وتزداد
حدتها والى درجة التاثير سلبيا على قدرة الانسان على القيام بوظائفه اليومية الحياتية بصورة طبيعية
وبالكفاءة المعتادة، فان هذه المشاعر السلبية تتحول الى مرض او بالاحرى مجموعة من الامراض تسمى
مجتمعة بامراض القلق النفسي.
وهذه الامراض متفاوتة في الشدة وفي درجة الخطورة التي تشكلها على صحة الانسان الجسمية (البدنية)
او النفسية.
فيما يلي امراض القلق النفسي الشائعة وسبل الوقاية والعلاج.
مرض القلق العام
مرض القلق العام عبارة عن مشاعر خوف ورهبة مبالغ فيها او غير مبررة لعدم وجود
سبب واضح لها، وتستمر هذه المشاعر المبالغ بها او الوهمية لمدة تزيد عن ستة اشهر.
اعراض المرض:
· توتر عضلي وعصبي واضح.
· النشاط الزائد وعدم القدرة على التزام الهدوء.
· النرفزة وسرعة الغضب.
· الشعور بتعب واجهاد وزيادة عدد دقات القلب.
· التعرق الزائد.
· الشعور بالبرودة والرطوبة في اليدين.
· جفاف في الفم مع صعوبة في بلع الطعام او الشراب.
· اسهال وكثرة التبول.
· فقدان القدرة على التركيز.
· الغثيان والشعور بالدوخة.
وان شرائح المجتمع الاكثر عرضه للاصابة بالقلق والتوتر العام تشمل الاطفال والمراهقين من كلا الجنسين
ولكن بشكل عام البالغون من الجنسين ما بين من العشرين والثلاثين هم اكثر شرائح المجتمع
عرضة للاصابة بالمرض.
سبل العلاج:
سبل علاج مرض القلق النفسي العام تشمل:
– علاج نفسي.
– علاج سلوكي.
– العلاج بالعقاقير: العقاقير المستخدمة في العلاج تسمى العقاقير المضادة للقلق والتوتر Antianxiety drugs ومنها
عقار (Buspirone Buspar) ومجموعة العقاقير التي تندرج تحت اسم Benzodiaodiazepines والتي تشمل عقاقير الفاليوم واتيفان
وعقار ليبريوم.
امراض نوبات الهلع والذعر الشديد
ان اي مشاعر خوف وذعر شديد والخوف من خطر وهمي لا وجود له تسمى طبيا
بامراض نوبات الهلع والذعر الشديد غير المبررة.
اعراض المرض:
– ضيق في التنفس.
– زيادة عدد دقات القلب بشكل كبير.
– مشاعر ضيق والم في منطقة الصدر.
– الشعور بالاختناق.
– الدوخة والدوار وعدم القدرة على المحافظة على التوازن.
– وخز والم خفيف وضعف مفاجئ في اليدين والساقين.
– افراز العرق بشكل سريع وكثيف.
– الارتجاف والقشعريرة وربما الاغماء.
– القيئ، والغثيان، والاسهال.
– الشعور بقرب الاصابة بالجنون (فقدان العقل) او حتى الموت.
وتحدث امراض نوبات الهلع والذعر الشديد عادة في فترة المراهقة او السنين الاولى بعد البلوغ،
والاسباب تتراوح بين الوراثة وعوامل كيميائية حيوية اضافة للاسباب النفسية مثل خوف وذعر قديم مكبوت
داخل المريض.
وان تناول كميات كثيرة من الكافيين (قهوة، شاي، مشروبات غازية) حسب راي اطباء الصحة النفسية
يؤدي الى تنشيط وحفز حدوث نوبات الذعر والخوف الشديد.
وان حوالي 75% من حالات الخوف والذعر الشديد تحدث اثناء الليل بحيث ينهض المريض ودقات
قلبه سريعة وقوية ويشعر وكانه مصاب بنوبة قلبية بسبب الام الصدر وافراز العرق الشديد ونشاط
القلب غير الطبيعي التي تصاحب نوبات الذعر والخوف الشديد.
سبل العلاج:
– علاج نفسي.
– علاج سلوكي.
– تمرينات التنفس وذلك للتخفيف من هذه الاعراض المصاحبة للنوبة.
– العقاقير مثل العقاقير المضادة للقلق والمضادة للاكتئاب.
وعادة، ثلاثة اشهر من العلاج تكفي لحدوث تحسن كبير في حالة المريض وحوالي 50% من
المرضى يشفون تماما من المرض بعد تلقي العلاج لمدة 3 اشهر، حيث ان في حالة
عدم تلقي المساعدة والعلاج، فان المرض قد يتطور الى لجوء المريض للانتحار او محاولة الانتحار.
امراض الخوف غير الطبيعي(الفوبيا)
امراض الخوف غير الطبيعي هي نوع خاص من امراض نوبات الهلع والذعر الشديد ويعرف مرض
الخوف غير الطبيعي او الفوبيا على انه خوف كامن مزمن وغير مبرر (غير منطقي) من
شيء او مكان او سلوك معين يؤدي لقيام المريض بمحاولات واضحة للهروب من موقف، لمواجهة
الشيء او الظرف الذي يعتبره المريض خطرا على حياته.
وحسب الاحصاءات الرسمية فان امراض الخوف غير الطبيعي هي اكثر انواع امراض القلق النفسي شيوعا
بين النساء الاميركيات ومن مختلف الاعمار بينما ياتي بين الرجال في المرتبة الثانية.
وتكون انواع الفوبيا كثيرة وعديدة ولكن اكثرها شيوعا ما يلي:
1- الخوف من المساحات الخالية او الخلاء الواسع الفسيح.(Agorophibia)
2- الخوف من الاماكن والمناطق المرتفعة. (Acrophobia)
3-الخوف من القطط Ailurophobia
4- الخوف من مشاهدة الازهار والورود Anthophobia
5- الخوف من الانسان وبشكل خاص من الرجال Anthrophobia
6- الخوف من الماء Aquaphobia
7- الخوف من البرق Astraphobia
8- الخوف من الجراثيم والبكتيريا ( وسوسة النظافة) Bacteriophobia
9- الخوف من الرعد Bronophobia
10- الخوف من المناطق المغلقة Claustrophobia
11- الخوف من الكلاب Cynophobia
12- الخوف من الشياطين والجن والارواح الشريرة Demonophobia
13- الخوف من الخيل (الحصان) Equinophobia
14- الخوف من الزواحف ( افاعي، عقارب، صراصير، سحالي، الخ) Herpetophobia
15- الخوف من اي شيء يمكن ان يلوث جسم او ثياب الانسان او يلوث (روح)
الانسان. Mysophobia
16- الخوف من الارقام (التشاؤم من الارقام) Numero phobia
17- الخوف من الظلام بما يلي في ذلك الغرف المعتمة حتى في وضح النهار.
18- الخوف من الافاعي بشكل خاص وليس بقية الزواحف Ophidio phobia
19- الخوف من النار pyro phobia
20- الخوف من الحيوانات بانواعها zoo phobia
اسباب المرض:
ليس هناك في الوسط الطبي النفسي تحديد واضح لاسباب المرض، فبعض الاطباء النفسيين يعطي فرضية
كون المرض نابعا من داخل الفرد اي مشاعر خوف داخلية من ممارسات محرمة وممنوعة مثل
الجنس ، ومشاعر الخوف الداخلية هذه يتم نقلها وتحويلها الى اشياء خارجة تصبح مصدر الخطر
لمريض وبالتالي فان رؤية هذه الاشياء الخارجية تؤدي الى اثارة مشاعر الخوف والذعر الداخلية الكامنة
في الانسان.
وهناك فرضيات اخرى مثل فرضية الصدمة والاذى، وحسب هذه الفرضية فان تعرض المريض لخبر او
حادثة مؤلمة وقاسية مع مصدر الهلع والخوف يؤدي الى مشاعر خوف دفينة يتم خزنها في
ذاكرة الفرد ومشاعره وبالتالي رؤية الشيء او المكان الذي سبب الاخبار الاليمة والقاسية يثير مشاعر
الخوف الدفينة هذه.
سبل العلاج:
حسب راي خبراء الصحة النفسية، فان معظم امراض الخوف والذعر من اشياء واماكن معينة يمكن
علاجها من خلال العلاج السلوكي لانها امراض نفسية خفيفة.
وان اكثر انواع العلاج السلوكي المستخدمة في علاج المرض هي العلاج بالمواجهة الذي يقوم على
قيام المريض وبصحبة الطبيب المعالج بالتعرض للموقف او الظروف المؤدية للهلع والذعر الشديد، وذلك بشكل
منتظم بحيث تؤدي هذه المواجهة او بالاحرى سلسلة المواجهات هذه الى زوال تدريجي لمشاعر الخوف
والهلع المرتبطة برؤية او التعرض للاشياء والمواقف التي كانت تسبب قبل العلاج الذعر والخوف والهلع
الشديد للمريض.
بشكل عام سياسة المواجهة هذه تتم اما بالتدريج وتسمى طريقة العلاج المتدرج او تتم المواجهة
راسا وبدون مقدمات مع مصدر الخوف والذعر.
امراض ما بعد الصدمة النفسية
الافراد الذين يتعرضون لمحنة نفسية قاسية مثل، الزلازل، تحطم الطائرات، حوادث سيارات، فظائع الحروب وويلاتها،
الاغتصاب، وغيرها من الحوادث المؤلمة التي يكون فيها الموت قاب قوسين او ادنى من الشخص
او سبب له اذى بدنيا ونفسيا شديدا، ربما يتعرضون الى نوبات من تذكر هذه المواقف
والاحداث المؤلمة سواء اثناء اليقظة او النوم بحيث يتصرف المريض خلال هذه النوبة وكانه “يعيش
حقيقة” نفس الموقف الذي سبب له الاذى النفسي او البدني او كليهما.
في نفس الوقت، مثل هؤلاء الاشخاص، وبسبب هذه الخبرة المؤلمة والقاسية، ربما يصابون بنوع من
الكبت والخمول في المشاعر والاحاسيس الطبيعية بحيث تختفي البسمة والبهجة من حياة المريض والذي ايضا
يلجا للانعزال عن الاخرين والمجتمع، وبعض المرضى ربما يشعرون بعقدة الذنب لكونهم نجوا من الموت
بينما الاخرون، عادة الاهل والاحبة، فقدوا حياتهم في الحادثة.
وانه اضافة للعقاقير المهدئة، فان العلاج الجماعي مع افراد اخرين تعرضوا لنفس الظروف والاحداث المؤلمة
هي اكثر وسائل العلاج المستخدمة في علاج المرض.
الامراض الجسدية- النفسية
عبارة عن امراض جسدية لا يوجد لها سبب فسيولوجي يبرر حدوث المرض، وتحدث غالبا لاسباب
نفسية. بشكل عام الامراض الجسدية النفسية تتقسم الى قسمين هما:
– الامراض المحولة او المنقولة.
– امراض فقدان الاتصال بالواقع.
فيما يلي شرح مختصر لكلا النوعين:
الامراض المحولة او المنقولة: تسمى ايضا بالامراض النفسية الهستيرية، وتكون بسبب المشاكل الصحية التي قد
يتعرض لها المريض مثل:
1- فقدان مفاجئ للنظر.
2- الاصابة فجاة بفقدان السمع.
3- التخدر وعدم الاحساس بالجسم واجزائه.
4- عدم القدرة على المشي او صعوبة المشي.
5- الشلل.
امراض فقدان الاتصال بالواقع: عبارة عن خلل يحدث في الذاكرة او الوعي بما حول الشخص
من اشياء واحداث، او في قدرة الشخص على التصرف على ذاته وهويته الشخصية، فعلى سبيل
المثال، قد يقوم المريض بسلوك شائن خلال نوبة المرض ولكن بعد زوال النوبة، فانه لا
يتذكر ما فعل.
ازدواج او تعدد الشخصية هي ايضا من الامراض التي تندرج تحت هذه المجموعة من الامراض.
وان كلا النوعين من الامراض الجسدية تنجم عن وجود حاجة ماسة عند المريض للتكيف على
ظرف او حدث سيسبب ضغطا نفسيا كبيرا على المريض، او يسبب ضغوطا نفسية مستمرة على
المريض وبالتالي يلجا المريض اما الى نقل وتحويل هذا الالم النفسي الى مرض جسدي مثل
الاصابة بفقدان القدرة على الابصار (النظر) او السمع نتيجة مشاهدة حدث او ماساة مروعة تحدث
لشخص عزيز وبالتالي يتم تحويل الاذى النفسي الى اذى عضوي او جسدي (النوع الاول) او
يقوم المريض بفك الارتباط مع الماضي والحاضر للتخلص من الضغوط النفسية الكبيرة التي يعاني منها
(النوع الثاني).
امراض الهوس والاستحواذ النفسي السلوكي:
مرض الهوس والاستحواذ السلوكي هو احد امراض القلق النفسي وهذا المرض يصيب الافراد من الجنسين
وفي مختلف المراحل العمرية، فالمرض بحد ذاته عبارة عن مرضين متلازمين هما:
1.مرض الهوس والاستحواذ النفسي: وهو عبارة عن افكار ومشاعر معينة تسيطر على الانسان وتتحكم به
نفسيا بحيث يصبح الانسان سجينا وعبدا لهذه الافكار والمشاعر غير الحقيقية وغير المبررة والتي تؤدي
لشعور دائم بالضيق عند المريض.
2.مرض الهوس والاستحواذ السلوكي: عبارة عن مشاعر الانسان الداخلية التي لا يستطيع المريض مقاومتها وكبتها
وذلك باتجاه القيام بعمل معين.
وان مشاعر عقدة الذنب، وسلوكيات الفرد نحو نفسه (عقاب النفس) او نحو الاخرين هي احد
اكثر امراض الهوس والاستحواذ النفسي السلوكي الشائعة جنبا الى جنب مع مرض الخوف الشديد من
السمنة.