معلومات عن خلق الانسان

معلومات عن خلق الانسان almstba.com 13342551891

ا نشاه الانسان:

سورة الحج(22)

قال الله تعالى: {ياايها الناس ان كنتم فريب من البعث فانا خلقناكم من تراب بعدها من نطفه بعدها من علقه بعدها من مضغه مخلقه و غير مخلقه لنبين لكم و نقر فالارحام ما نشاء الى اجل مسمي بعدها نخرجكم طفلا بعدها لتبلغوا اشدكم و منكم من يتوفي و منكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا و تري الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت و ربت و انبتت من جميع زوج بهيج(5)}

سورة المؤمنون(23)

وقال ايضا: {ولقد خلقنا الانسان من سلاله من طين(12) بعدها جعلناة نطفه فقرار مكين(13) بعدها خلقنا النطفه علقه فخلقنا العلقه مضغه فخلقنا المضغه عظاما فكسونا العظام لحما بعدها انشاناة خلقا احدث فتبارك الله اقوى الخالقين(14) بعدها انكم بعد هذا لميتون(15) بعدها انكم يوم القيامه تبعثون(16)}

/ و مضات:

نتبين من الايات الكريمه ان الله تعالى خلق ادم من مواد متوافره فالتراب،
ثم توالت عملية الخلق لهذا النموذج الانسانى بعد ابي البشريه ادم عليه السلام بواسطه الحيوان المنوي،
الذى يحمل فمركباتة كلا من الصفات و المورثات الانسانية،
التى تنتقل من الاباء الى الابناء و على مر الاجيال لحفظ النوع الانسانى و تكاثره.

تمر النطفه فرحم الام بمراحل تكوينيه بالغه فالاعجاز الى ان ياخذ الجنين صورتة الانسانيه الكاملة،
وقد صور القران الكريم تلك المراحل بدقة،
استطاعت اكتشافات العلم المعاصر ان تتوصل اليها مؤخرا،
متخلفه عما اثبتة القران الكريم قرونا متطاولة.

كما يمر الجنين فرحم امة بمراحل مختلفة الى ان يكون و ليدا،
فانة يعيش حياتة الاخرى كذلك،
ويمر بها باطوار تتراوح ما بين طفوله بريئة..
وشباب متوقد..
وشيخوخه مترديه عند بعضهم..
وهكذا الى ان تنتهى دوره الحياة هذه.

يبعث الانسان يوم القيامه حيا بعد موته،
كما تحيا البذور بالماء بعد زرعها،
وهذا من اعجاز الله تعالى و قدرتة على الاحياء بعد الاماتة،
وهو الخالق القدير.

/ فرحاب الايات:

الانسان ابن هذي الارض،
من ترابها نشا،
وفوقة عاش و منه تغذى،
وكل عنصر فجسمة له نظيرة فعناصر امة (الارض) {والله انبتكم من الارض نباتا} (71 نوح ايه 17)،
اللهم الا هذا السر اللطيف الذي اودعة الله و نفخة به و هو الروح،
قال تعالى: {..ونفخت به من روحي…} (15 الحجر ايه 30)..
وقد اثبت العلم الحديث ان جسم الانسان يحتوى ما تحتوية الارض من عناصر؛
فهو يتكون من الكربون،
والاوكسجين،
والهيدروجين،
والفوسفور،
والكبريت،
والازوت،
والكالسيوم،
والبوتاسيوم،
والصوديوم،
والكلور،
والمغنزيوم،
والحديد،
والمنغنيز،
والنحاس،
واليود،
والفلورين،
والكوبالت،
والزنك،
والسلكون،
والالمنيوم،
وكل هذي العناصر هي العناصر نفسها المكونه للتراب ايضا،
وان اختلفت نسبها بين الانسان و التراب،
ومن انسان لاخر.
ايضا فان نسبة الماء من جسم الانسان،
تعادل نسبة البحار الى اليابسة فالكره الارضية،
وهذا ما يؤكد خلق ادم من تراب الارض.
وهكذا فان التراب هو الطور الاول و الانسان هو الطور الاخير،
وهذه الحقيقة نعرفها من القران،
ولا نطلب مصداقا لها من النظريات العلميه التي تبحث فنشاه الانسان،
او نشاه الاحياء.

والقران يقرر هذي الحقيقة ليجعلها محلا للتدبر فصنع الله و التامل فالنقله البعيده بين التراب و الانسان المنحدر فنشاتة من هذا التراب،
وبعض النظريات العلميه تحاول اثبات سلم معين للنشوء و الارتقاء لوصل حلقات السلسله بين الحيوان و الانسان،
وفى ذلك حط من قدر الانسان،
ولكن القران يكرم الانسان و يقرر ان به نفخه من روح الله هي التي جعلت من سلاله الطين انسانا،
ومنحتة خصائص ميزتة عن غيرة من المخلوقات.

لقد جرت سنه الله ان يتم تناسل الانسان و تكاثر افراده،
عن طريق دفقه ما ئيه تظهر من صلب الرجل و تشق طريقها لتثبت فالرحم،
الغائره بين عظام الحوض؛
التى تحميها من التاثر باهتزازات الجسم،
ومن كثير مما يصيب ظهر الام و بطنها من كدمات و اهتزازات.

اما المسافه التي تعبر عن درجه التطور و الارتقاء التي تفصل بين عناصر التراب الاوليه و بين النطفه المؤلفه من الخلايا المنويه الحية،
فهي مسافه هائله تنطوى على السر الاعظم؛
سر الحياة الذي لم يعرف البشر عنه حتي الان شيئا يذكر،
والذى لا سبيل لهم الى اكثر من ملاحظتة و تسجيله،
دون الوصول الى معرفه سرة و كنهه.

والتعبير القرانى يجعل النطفه طورا من اطوار النشاه الانسانية،
وهي حقيقة جميلة تدعو الى التامل،
فالانسان يختصر و يختزل بكل عناصرة و خصائصة فالحيوان المنوي،
ذلك الكائن المتناهى فالصغر الذي لا يري بالعين المجردة،
ويشكل واحدا من مئات ملايين الحيوانات المنويه الموجوده فالنطفة.
هذا الكائن الذي يلتقى بالبويضه فيتحول معها الى نقطه صغار عالقه بجدار الرحم تتغذي من دم الام،
وتختزن كل خصائص الانسان المقبل: سواء فذلك صفاتة الجسديه و سماتة الخلقية؛
من طول و قصر،
وضخامه و ضالة،
وقبح و وسامة،
وافه و صحة،
او صفاتة النفسيه و الخلقية،
من ميول و نزعات،
وطباع و اتجاهات،
ومواهب و استعدادات.
فما اعظم ذلك الاعجاز!
وما اعظم ان يصبح هذا كله كامنا فتلك النقطه الضئيله التي سماها القران الكريم (علقة)!
تلك النقطه الصغيرة فالحجم،
الهائله فالقدرة،
عليها يرتكز تكوين ذلك الانسان المعقد تركيبا… و المعجز بناء و تكوينا… الواحد اصلا و نشاة… و المختلف السنه و الوانا،
وخصائص و طباعا،
فلا ممكن ان يتطابق شخصان من السلاله البشريه على و جة هذي الارض تطابقا تاما و على امتداد العصور و الاجيال.

وهكذا تستمر الايه الكريمه فالتعريف بحلقات السلسله التكوينيه لخلق الانسان.
فمن التراب الى النطفه و من النطفه الى العلقه و من العلقه الى المضغة،
حيث تكبر تلك النقطه العالقة،
وتتحول الى قطعة من دم غليظ مختلط على هيئه مضغه لا تحمل سمه و لا شكلا.
ثم تتابع المضغه طريقها فتمضى فخط ثابت من النمو لا ينحرف و لا تتوقف حركتة المنتظمه حتي تجيء مرحلة العظام،
فمرحلة كسوه العظام باللحم.
وهنا يقف الانسان مشدوها امام ما كشفة القران عن مراحل تكوين الجنين،
والذى لم يعرف على و جة الدقه الا مؤخرا بعد تقدم علم الاجنه التشريحي: فخلايا العظام هي غير خلايا اللحم،
وقد ثبت ان خلايا العظام تتكون اولا فالجنين،
ولا تشاهد خليه واحده من خلايا اللحم الا بعد ظهور خلايا العظام،
وتمام الهيكل العظمى للجنين.
وقد اخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بعض هذي المراحل التي يمر فيها جميع جنين،
فقد جاء فالصحيح عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «ان احدكم يجمع خلقة فبطن امة اربعين يوما نطفة،
ثم يصبح علقه كذلك،
ثم يصبح مضغه كذلك،
ثم يرسل الملك فينفخ به الروح،
ويؤمر باربع كلمات: بكتب رزقة و اجلة و عملة و شقى او سعيد..»؛
وهذه الكتابة ليست كتابة اجبار و قهر،
ولكنها كتابة علم بما سيصبح عليه ذلك المخلوق فالمستقبل،
فالانسان مخير فاقوالة و افعالة و معتقداتة و ليس مسيرا و لا مجبرا.
فهذا الانسان ذو الخصائص المتميزة،
والذى يشبة جنينة جنين الحيوان فاطوارة الجسدية،
ومع هذا فانه ينشا خلقا اخر،
ويتحول الى مخلوق مستعد للارتقاء (المعرفى و الروحي)،
بينما يبقي جنين الحيوان فالمراتب الدنيا،
مجردا من خصائص الارتقاء و الكمال التي يمتاز فيها الانسان.

والايات التي تحدثت عن الخلق توحى بعظمه الخالق و قدرتة و كانة تعالى يقول فيها: لقد خلقناكم على ذلك النمط البديع،
لنبين لكم رائع نظامنا،
وعظيم حكمتنا،
ونبين لكم بهذا التدرج قدرتنا،
وان من قدر على خلق البشر من تراب اولا،
ثم من نطفه ثانيا و لا تناسب بين التراب و الماء قادر على ان يجعل النطفه علقه و بينهما تباين ظاهر بعدها يجعل العلقه مضغة،
والمضغه عظاما،
وقادر كذلك على اعاده ما بداه،
بل ذلك ادخل فالقدرة،
واهون فالقياس.
وهو الذي يثبت الحمل فارحام الامهات،
ويقر ما يشاء من ذلك الحمل حتي يتكامل خلقة الى زمن معين هو وقت الوضع،
ثم يظهر ذلك الجنين طفلا ضعيفا فبدنة و سمعة و بصرة و حواسه،
ثم يكتسب القوه باذن الله شيئا فشيئا حتي يبلغ كمال قوتة و عقله.
فكم بين الطفل الوليد و الانسان الشديد من مسافات فالمميزات ابعد من مسافات الزمان،
تتم بيد القدره المبدعه التي اودعت الطفل الوليد جميع خصائص الانسان،
وكل الاستعدادات الكامنه التي تتبدي به و تتكشف فاوانها،
كما اودعت النقطه العالقه بالرحم جميع خصائص الطفل،
وهي من ماء مهين.

ثم يخبرنا تعالى عن عظيم حكمته،
فقد جعل اعمار الناس متباينه كتباين صفاتهم و سماتهم؛
فمن الناس من يتوفي شابا،
ومنهم من يطول فيه العمر؛
فيكون صفحة مفتوحه للتدبر،
فبعد العلم و الرشد و بعد الوعى و الاكتمال،
اذا فيه يرتد عند شيخوختة طفلا فعواطفة و انفعالاته،
وايضا فذاكرتة التي ربما تعينة حينا و تخونة احيانا،
وقد يرهق ذهنة و يثقل فينفلت من عقال،
بعد ان كان يختال بهذا العلم فشبابة و يتطاول،
ويظن ان الشباب و القوه دائمان،
قال تعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف بعدها جعل من بعد ضعف قوه بعدها جعل من بعد قوه ضعفا و شيبة..} (30 الروم ايه 54) لذا كان النبى صلى الله عليه و سلم يدعو فيقول: «اللهم انني اعوذ بك من البخل و اعوذ بك من الجبن،
واعوذ بك ان ارد الى ارذل العمر و اعوذ بك من فتنه الدنيا و عذاب القبر» (رواة النسائي عن سعد رضى الله عنه ).

ب الغايه من خلق الانسان:

سورة الذاريات(51)

قال الله تعالى: {وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون(56) ما اريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون(57) ان الله هو الرزاق ذو القوه المتين(58)}

سورة الانسان (76)

وقال ايضا: {هل اتي على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا(1) انا خلقنا الانسان من نطفه امشاج نبتلية فجعلناة سميعا بصيرا(2)}

/ و مضات:

لقد شاءت الاراده الالهيه خلق الانسان و ايجادة من العدم،
لغايه تتجلي فناحيتين:

1 معرفه الله و عبادته.

2 اختبار الانسان و امتحانة على و جة الارض من حيث مدي اهليتة بصفتة خليفه لله عليها.

منح الله عز و جل الانسان نعمه الامداد الى جانب نعمه الايجاد.
فامدة بمفاتيح المعرفه و الهدايه و العلم كالسمع و البصر،
وبكل ما يضمن له الاستمراريه فالحياة الى ما شاء الله.

/ فرحاب الايات:

لم تكن الغايه من خلق الله تعالى للثقلين (انسا و جنا) لحاجة فيه اليهم،
فهو الغنى عنهم جميعا و هم المحتاجون الية ابدا.
ولما كان الله تعالى لا يخلق شيئا عبثا و لا يتركة سدى،
فقد اوضح لنا فكتابة الكريم الغايه من خلق الانسان فقال: {وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون} (اى ليعرفوني)؛
ولهذا قال بعضهم: [العباده هي معرفه الله و الاخلاص له فذلك].

ولتاكيد سمو الغايه من ذلك الخلق جاء قوله تعالى موضحا: {ما اريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون} اي لا اريد من خلقهم جلب نفع لي،
ولا دفع ضر عني.
فالله هو الغنى المطلق،
والرزاق المعطى الذي يرزق كل مخلوقاتة و لا ينسي منهم احدا،
ويقوم بما يصلحهم،
وهو صاحب القدره و القوة،
بل هو شديد القوه فكيف يحتاج اليهم و هو المتفضل عليهم بقضاء حوائجهم.

ولما كان الامر كذلك؛
توجب على العباد افرادة بالعباده و القيام بتكاليفها.
وقد و رد فالاثر ان الله تعالى يقول: [ابن ادم خلقتك لعبادتى فلا تلعب،
وتكفلت برزقك فلا تتعب،
فاطلبنى تجدني،
فان و جدتنى و جدت جميع شيء،
وان فتك فاتك جميع شيء،
وانا احب اليك من جميع شيء].
وفى ذلك تلميح للمؤمن ان يجعل من نيتة و قصدة فجميع اعمالة و نشاطاته،
وفى سائر شؤون حياته،
رضاء الله و التقرب اليه.

اما قوله تعالى: {هل اتي على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * انا خلقنا الانسان من نطفه امشاج نبتلية فجعلناة سميعا بصيرا}،
ففية تقرير بمرور مرحلة سابقة على وجود الانسان لم يكن بها شيئا يذكر،
ولم يكن ادم و بنوة يتمتعون بوجود او حياة او استقرار على و جة الارض.
وقد تاكدت هذي الحقيقة من قبل علماء طبقات الارض الذين قالوا: لم يوجد الانسان على الارض الا بعد خلقها باحقاب طوال.
ولو ان الانسان و جد بعامل التطور الطبيعي،
كما يدعى بعضهم،
لاحتاج هذا ملايين السنين زياده عن عمر الارض… لذا لا يعقل ان يصبح الانسان و ما حولة من كائنات ربما تطوروا ففراغ،
ثم هبطوا على الارض بعد اكتمال نموها الجيولوجي.

ثم تاتى الايه ببيان عن خلق الانسان و تكاثر نوعة بعد خلق ادم بواسطه ما ده واحده مختلطه ممتزجه بين ما ءى الرجل و المراة،
لتحقق الاراده و الغايه من ذلك الخلق؛
وهي ابتلاء الانسان و اختبارة بالخير و الشر،
بعد ان امدة الله و زودة بطاقات الفهم و الوعى و الادراك و التخاطب،
بواسطه السمع و البصر و اللسان،
ليتمكن من حمل امانه التكليف التي شرفة الله بها،
وليستطيع اجتياز الامتحان بالفوز و الفلاح.
وعلي ذلك تكون الدنيا دار الابتلاء،
والاخره دار الجزاء قال تعالى: {..ليجزى الذين اساؤوا بما عملوا و يجزى الذين احسنوا بالحسنى} (53 النجم ايه 31).

فالانسان العاقل الموفق،
هو من يسلك سبيل الهدي بعد ان بينة الله له و رغبة فيه،
ويجتنب سبيل الضلال الذي و ضحة له و حذرة منه،
ومنحة اولا و اخرا حريه الاختيار لاى من السبيلين شاء،
قال تعالى: {انا هديناة السبيل اما شاكرا و اما كفورا} (76 الانسان ايه 3).
وقد اخرج ابو داود و ابن جرير و الحاكم و ابن مردوية عن ابن عمر رضى الله عنه قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذي الايه {..ليبلوكم ايكم اقوى عملا..} (67 الملك ايه 2) فقلت ما معني هذا يارسول الله؟
قال: ليبلوكم ايكم اقوى عقلا.
ثم قال: و احسنكم عقلا اورعكم عن محارم الله،
واعلمكم بطاعه الله».

فمن اثناء هذي الايات و ما سبقها يتبين لنا ان الله تعالى ربما خلق الناس و اوجدهم ليمتحنهم و يختبرهم ايهم اخلص عبوديه له،
واقوى عملا لنفسه،
مع علمة الازلى بما هو كائن و بما سيصبح منهم.

وهنا ربما نجد من يقول: لماذا الاختبار،
ولماذا الثواب و العقاب و النتيجة معروفة لله تعالى مسبقا؟
والجواب: ان الاختبار مرتبط بعلم الله الازلى بما هو كائن و بما سيكون،
وان عقل الانسان و سلوكة هما نواه الاختبار و ما دته،
فلا عمل دون قرار و اراده من الانسان،
و لذا فلا حساب على من فقد عقله.
ولولا وجود هذا الاختبار،
وظهور نتيجته،
لساء العبد ان يحكم سلفا دون ان يبتلي و يختبر.

ولكن حكمه الله تعالى قضت بالامتحان و الابتلاء سدا لهذه الذريعه على العصاه و الكافرين،
انة هو العليم الحكيم سبحانة و تعالى عن الظلم علوا كبيرا.

وتجدر الاشاره فخاتمه ذلك البحث الى ان العلاقه التي تربط بين الغايه من خلق الانسان و الغايه من خلق غيره،
هى علاقه تستوجب التامل و التفكير.
فالله عز و جل انعم على الانسان بنعمه الايجاد اولا،
وبتوالى الامداد ثانيا،
فسخر له ما فالكون جميعا منه،
وعند نعمه التسخير هذي سنقف و قفه قصيرة لنتعرف عظمتها من اثناء الايات الاتية:

سورة لقمان(31)

قال الله تعالى: {الم تروا ان الله سخر لكم ما فالسموات و ما فالارض و اسبغ عليكم نعمة ظاهره و باطنه و من الناس من يجادل فالله بغير علم و لا هدي و لا كتاب منير(20)}

/ و مضات:

تتراءي و حدانيه الله تعالى و قدرتة فايات خلقة البديع،
وتسخير كل ما فالسموات و الارض للانسان،
للاستفاده من هذا التسخير فتيسير امورة الدنيويه و رقيها نحو الافضل.

كثرة النعم التي تحف بالكائنات دليل على وجود المنعم،
سواء ما كان منها تحت المشاهدة و العيان كالصحة و المال،
والجاة و الجمال… او ما كان منها من المعقولات و المجردات كالمعرفه و العقل،
والعلم و الدين و الايمان.

ايات الله و دلائل قدرتة تهدى الى الايمان.
وعلي الرغم من و ضوحها و كثرتها فلا يزال فريق من الناس يجادلون فتوحيد الالوهية،
دون برهان عقلي،
او سند نقلي،
مستسلمين لما يلقية الشيطان فروعهم من عناد و استكبار..
قال تعالى: {..وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم..} (6 الانعام ايه 121).

/ فرحاب الايات:

تبدا الايه الكريمه بعبارة {الم تروا} و الرؤية هنا بمعني العلم و الاستفهام،
اى الم تعلموا؟
استفهام انكارى يتكرر استعمالة كثيرا فالقران الكريم،
الا ان تكرارة يعطية مضمونا جديدا،
وبما انه استفهام عن ظواهر الكون فانه لا يزال يتجدد فالحس و النفس كلما تفكر الانسان فيه،
وتدبر اسرارة التي لا تنفد،
وهي تبدو فكل نظره بلون جديد و ايقاع جديد.
والسياق يعرضها هنا من زاويه التناسق بين اشياء الانسان على الارض و تركيب ذلك الكون،
مما يقطع بان ذلك التناسق لا ممكن ان يصبح مصادفة،
وانة لا مفر من التسليم بالقدره الواحده المدبره التي تنسق بين تركيب ذلك الكون الهائل،
واشياء البشر على ذلك الكوكب الصغير،
الذى يسمي بالارض،
والذى لا يساوى ذره صغار من حجم الكون،
والانسان فهذه الذره الكونيه مخلوق صغير،
هزيل ضعيف بالقياس الى حجمها،
والي ما بها من قوي و خلائق حيه و غير حية.
فهو لا يعد من ناحيه حجمة و وزنة و قدراتة الماديه شيئا بالمقارنة بها،
لكن فضل الله على ذلك الانسان،
وتكريمة له على كثير من خلقة عظيم و كبير؛
فقد جعل منه مخلوقا ذا وزن فنظام الكون و حسابه،
وزودة بالقدره على استعمال العديد من طاقات ذلك الكون و قواه،
ومن ذخائرة و خيراته،
وهذا هو التسخير المشار الية فالايه فمعرض التذكير بنعم الله الظاهره و الباطنة.

فوجود الانسان ابتداء نعمه من الله و فضل،
وتزويدة بطاقاتة و استعداداتة و مواهبة منحه و هبة،
وارسال الله للرسل و تنزيل كتبة اكبر فضل و اجل نعمة،
ووصلة بروح الله منه و كرم،
وكل نفس يتنفسه،
وكل خفقه يخفقها قلبه،
وكل منظر يسترعى انتباهة و نظره،
وكل صوت تترنم فيه اذنه،
وكل خاطر يهجس فضميره،
وكل فكرة يتدبرها عقله،
ان هي الا نعمه ما كان لينالها لولا فضل الله عليه.

ونعم الله على الانسان منها ما هو ظاهر للعيان ممكن ادراكة مباشره بعين البصر،
كالمال و الجاة و الجمال،
ومنها ما هو خفى يدركة الانسان ادراكا غير مباشر و بعين البصيره كالعلم بالله،
وحسن اليقين به،
وما يدفع عنه من الافات و النقم.
ومن النعم ما يصبح فباطن الارض،
وفى اعماق البحار،
وعلينا ان نتحري البحث عنها و نعرف خصائصها لننتفع بها.
وفى مقابل هذي النعم كافه يتوجب على الانسان ان يؤدى دورة فهذه الحياة بالشكل المعبر عن انسانيته،
فيساهم فبناء المجتمع المتعاون المعتصم بحبل الله بكل اخلاص و حب و تجرد.

ومع ذلك،
فان فريقا من الناس لا يتدبرون ما حولهم من الايات،
ولا يؤمنون بالمنعم المتفضل؛
فهم يجادلون فالله بغير علم،
مجادله عقيمه على الرغم من البراهين الكونيه الواضحة،
وهم يتنعمون بنعم الله السابغة.
ويبدو ذلك الفريق الذي يجادل فحقيقة الله منحرفا عن الفطرة،
لا يستجيب لايات الكون من حوله،
جاحدا النعم،
لا يستحيى ان يشكك فو جود المنعم،
متهربا من تحمل المسؤوليه الاخلاقيه و العلمية،
منهمكا فجدال لا يستند الى علم،
ولا يهتدى بهدى،
ولا يعتمد على اساس،
وانما تسول له نفسة و شيطانة من الضلال و التخاذل،
ما يهوى فيه و يهوى معه غيرة من ضعاف النفوس فالكفر و ظلمات الجهل و الفقر و الهوان.

ج قصة الخلق:

سورة البقرة(2)

قال الله تعالى: {واذ قال ربك للملائكه انني جاعل فالارض خليفه قالوا اتجعل بها من يفسد بها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال انني اعلم ما لا تعلمون(30) و علم ادم الاسماء كلها بعدها عرضهم على الملائكه فقال انبئونى باسماء هؤلاء ان كنتم صادقين(31) قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم(32) قال ياادم انبئهم باسمائهم فلما انباهم باسمائهم قال الم اقل لكم انني اعلم غيب السموات و الارض و اعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون(33) و اذ قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس ابي و استكبر و كان من الكافرين(34) و قلنا ياادم اسكن انت و زوجك الجنه و كلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذي الشجره فتكونا من الظالمين(35) فازلهما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا به و قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم فالارض مستقر و متاع الى حين(36) فتلقي ادم من ربة عبارات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم(37)}

سورة الاعراف(7)

وقال ايضا: {ولقد خلقناكم بعدها صورناكم بعدها قلنا للملائكه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس لم يكن من الساجدين(11) قال ما منعك الا تسجد اذ امرتك قال انا خير منه خلقتنى من نار و خلقتة من طين(12) قال فاهبط منها فما يصبح لك ان تتكبر بها فاخرج انك من الصاغرين(13) قال انظرنى الى يوم يبعثون(14) قال انك من المنظرين(15) قال فبما اغويتنى لاقعدن لهم صراطك المستقيم(16) بعدها لاتينهم من بين ايديهم و من خلفهم و عن ايمانهم و عن شمائلهم و لا تجد اكثرهم شاكرين(17) قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لاملان جهنم منكم اجمعين (18) و ياادم اسكن انت و زوجك الجنه فكلا من حيث شئتما و لا تقربا هذي الشجره فتكونا من الظالمين(19) فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما و ورى عنهما من سوءاتهما و قال ما نهاكما ربكما عن هذي الشجره الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين(20) و قاسمهما انني لكما لمن الناصحين(21) فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجره بدت لهما سوءاتهما و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنه و ناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجره و اقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين(22) قالا ربنا ظلمنا انفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين(23) قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم فالارض مستقر و متاع الى حين(24) قال بها تحيون و بها تموتون و منها تظهرون(25)}

سورة الحجر(15)

وقال ايضا: {ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حما مسنون(26) و الجان خلقناة من قبل من نار السموم(27) و اذ قال ربك للملائكه انني خالق بشرا من صلصال من حما مسنون(28) فاذا سويتة و نفخت به من روحى فقعوا له ساجدين(29) فسجد الملائكه كلهم اجمعون(30) الا ابليس ابي ان يصبح مع الساجدين(31) قال ياابليس ما لك الا تكون مع الساجدين(32) قال لم اكن لاسجد لبشر خلقتة من صلصال من حما مسنون(33) قال فاخرج منها فانك رجيم(34) و ان عليك اللعنه الى يوم الدين(35) قال رب فانظرنى الى يوم يبعثون(36) قال فانك من المنظرين(37) الى يوم الوقت المعلوم(38) قال رب بما اغويتنى لازينن لهم فالارض و لاغوينهم اجمعين(39) الا عبادك منهم المخلصين(40) قال ذلك صراط على مستقيم(41) ان عبادى ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين(42) و ان جهنم لموعدهم اجمعين(43) لها سبعه ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم(44)}

/ و مضات:

الله تعالى هو الخالق المبدع،
وهو الواسع العليم،
الحكيم الفعال لما يريد.
خلق الارض بعدها خلق ادم،
ووضع لكل منهما نواميس و موازين تتواءم و تتلاءم لتصلح حياة ادم على الارض،
ولتصلح الارض بحياة ادم؛
فيتجلي بذلك اعجاز الله تعالى فخلقة و دقه صنعه.

ان فتعليم الله لادم اسماء الحاجات كلها {وعلم ادم الاسماء كلها} اشاره دقيقه الى قدره الانسان على الوصول الى درجات عليا من المعرفه و الكمال،
والي اهمية العلم و ضرورتة للحياة الانسانيه حسب المنهج الالهي.

اعطي الله ادم القدره على الكلام منذ خلقة و علمة {قال ياادم انبئهم}.

كرم الله الانسان المؤمن بالله،
الممتثل لامره؛
علي سائر مخلوقاتة بما فيهم الملائكه و الجن،
و لذا امرهم الله بالسجود لابي البشريه ادم عليه السلام سجود تكريم و تقدير؛
للروح الالهيه المودعه فيه،
وللعلم الذي اكرمة الله به،
فسجدوا الا ابليس ابى.

داب الملائكه و شغلهم الشاغل التسبيح لله،
وتنزيهة عن جميع ما لا يليق بذاتة القدسية.

عرض الله تعالى علينا فالايات السابقة صورتين متشابهتين فالبداية متعارضتين فالنهاية،
هما صورتا ادم المذنب،
وابليس المتمرد.
فاشتركت الصورتان فانهما تمثلان مخالفه لامر الله تعالى،
الا ان الاولي انتهت باعتراف ادم بذنبة و طلبة الصفح و الغفران من الله تعالى،
بينما انتهت الاخرى باصرار ابليس على ذنبة و تمادية فغيه،
ولذا فقد نال ادم العفو و المغفره من الله الغفور الرحيم،
واستحق ابليس الوعيد و العقاب من الله الشديد العقاب،
وهكذا فالبشر جميعا لهم مطلق الاختيار لاحد النموذجين فسلوكهم فهذه الحياة و لاشك انه سينال الجزاء الذي يتناسب مع اختياره.

من تواضع لله رفعه،
ومن تكبر عليه و ضعه.

ان الله عز و جل يقبل التوبه من عبادة المنيبين اليه،
ويحفهم برحمتة ان كانوا صادقين فالرجوع الى بابه،
ملتزمين باداب التوبه بين يديه.

/ فرحاب الايات:

خلق الله تعالى الارض و اودع بها ما شاء من سبب الحياة و النعيم،
فابدع خلقها و احسنه،
وكانت الملائكه بتسبيحها و تقديسها لله تعالى تري لنفسها مكانه خاصة عنده،
فلما خلق ادم بيدة و نفخ به من روحه،
اخبر الملائكه انه سيجعل من ذلك المخلوق خليفه له فالارض،
فتعجبوا من امر استخلافة عليها بعد ان ادركوا بعلم الله ما سيصبح عليه حال ذريه ادم من فساد فالارض و سفك للدماء،
وعلي الرغم من معرفتهم و ادراكهم لطبيعه البشر فقد تعذر عليهم ادراك الحكمه من خلقهم؛
وهي ان الله تعالى اراد ان يودع الارض لدي ذلك المخلوق الفريد و يملكة زمامها،
ويطلق يدة فيها،
ليكل الية من و راء هذا مهمه اظهار اعجازة تعالى فالخلق و الابداع،
وكشف ما اختزنتة هذي الارض من قوي و طاقات،
وكنوز و خامات،
وتسخير ذلك كله باذن من الله فالمهمه الجليلة التي اولاها الله له،
وهي بناء هذي الارض و عمارتها،
وتحقيق اراده الخالق فتطويرها و ترقيتها،
قال تعالى: {والي ثمود اخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من الة غيرة هو انشاكم من الارض و استعمركم بها فاستغفروة بعدها توبوا الية ان ربى قريب مجيب} (11 هود ايه 61) (استعمركم فيها: اي كلفكم باعمارها)،
و لهذا فقد جاءهم القول الفصل من الله تعالى: {انى اعلم ما لا تعلمون} ليضع حدا لتساؤلاتهم و استفساراتهم.

ويستشف من سياق هذي الايات الكريمه ان الله تعالى خلق الجن من نار بعدها خلق ادم من طين،
ووهبة من العلوم ما لم يهبة لغيرة من خلقه،
فعلمة اسماء الحاجات و الاجناس و غيرها مما شاء،
وبذلك شرفة و رفعة الى مكانه سامية.
وفى ذلك تشريف للعلم و العلماء،
ورفع لمكانه العابد العالم على العابد الجاهل.

والملائكه ما خلقوا الا ليعبدوة عز و جل و يسبحوة و ينفذوا ما يوكل اليهم من مهمات محددة،
بينما خلق ادم و بنوة ليسلكوا سبل العلم الموصله الى معرفه الخالق،
وعبادتة حق العبادة.

وتعرض الايات صورة الاختبار الذي اقام به تعالى الحجه البينه على ملائكتة بسعه علمه،
وتفردة فتصريف شؤون خلقه،
وذلك قبل ان يامرهم بالسجود لادم،
وفى ذلك درس تعليمى لطيف فاداب المناظره و تصريف الامور،
فالله تعالى مع استغنائة عن اقامه الحجه و الدليل لمخلوقاتة على شموليه علمه،
لم يمنعهما عن ملائكتة تكريما لهم،
وتعليما للناس كى يحسنوا محاكمه الامور من جهة،
ولكي يحلم قويهم على ضعيفهم،
ويتواضع كبيرهم لصغيرهم و ياخذة بالرفق و الحكمه من جهه اخرى.
فقد عرض الله تعالى على الملائكه حاجات بعدها امرهم ان يخبروة باسمائها فما استطاعوا الى هذا سبيلا،
واعترفوا بعجزهم و بانه لا علم لهم الا ما علمهم اياه،
وعند هذا امر عز و جل ادم ان يخبرهم بالاسماء التي يجهلونها،
فلما اخبرهم ادركوا السر فخلافه ادم و ذريته.

لقد كان هذا السر يكمن فصلاحيه البشر للاشتغال بالماديات التي لا تقوم الدنيا الا بها،
وذلك لان المادة جزء من اجزاء تركيبهم الخلقي،
فقد خلق ادم عليه السلام من تراب،
فاختلف بهذه النشاه هو و ذريتة عن الملائكة،
وعلي اساس ذلك الاختلاف اختلفت الحكمه فخلق جميع منهما.
فبعد ان اقيمت الحجه على الملائكه بسعه علم الله،
وعظيم حكمتة فو ضع علمة حيث يشاء،
قال تعالى لهم: {الم اقل لكم انني اعلم غيب السموات و الارض و اعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون}،
ثم امرهم و ابليس ان يسجدوا لادم،
سجود تحيه و تكريم،
واحترام و تقدير،
للقدره الالهيه المودعه فيه،
لا سجود عباده و تقديس و تعظيم،
فامتثلوا للامر جميعا،
عدا ابليس و ذلك الاسم معناة الايس البعيد من رحمه الله الذي عصي امرة تعالى بالسجود لادم حسدا و استكبارا،
واعتد باصل تكوينة و هو النار،
فقال لربة متبجحا و مغترا: {انا خير منه خلقتنى من نار و خلقتة من طين} فباء بغضب من الله لارتكابة خطيئتين من اكبر الخطايا،
اولاهما: عصيان امر الله تعالى و الاصرار على ذلك الذنب،
والثانية: التكبر و الاعتداد بمادة خلقة مقارنة بمادة خلق ادم،
جاهلا بان مكونات التراب اروع من تكوين النار،
وان عناصر التراب لا ينجم عنها الا الخير،
وان فالنار قوي مهلكه و مدمرة.
واصبح بعصيانة و اصرارة مخلوقا لا يستطيع العمل الا و فق اتجاة واحد و هو الشر المطلق.

وبهاتين الخطيئتين استحق ابليس العقوبه العادله من الله تعالى،
وهي الهبوط من الجنه التي كان فيها،
وخروجة من دائره الرحمه الالهية.
وعند هذا طلب من ربة ان يمهلة الى يوم القيامه ليثار من ادم و ذريتة باغوائهم،
فاجابة تعالى الى طلبه: {قال فانك من المنظرين * الى يوم الوقت المعلوم} فلما اخذ الوعد من الله بذلك،
واستوثق من الامهال اخذ يتمادي فالعناد و التمرد على خالقه،
واقسم بعزه الله ليفسدن فالارض عن طريق اضلال ذريه ادم و تزيين المعصيه لهم،
وتلبيس الحق عليهم بالباطل،
حتي يكون اكثرهم عصاه كافرين.
فاعلمة الله بانه لا سلطان له على عبادة المخلصين المصطفين،
من رفعوا شعار التوحيد،
واخلصوا الايمان و العمل لله،
فهم يستظلون فظلاله،
يعصمهم و يكلؤهم برعايتة فالدنيا،
ويدخلهم جنتة فالاخرة.
اما من يتبع الشيطان من عبادة فقد اقسم الله ليعذبنة و اياهم فقال تعالى: {لاملان جهنم منك و ممن تبعك منهم اجمعين} (38 ص ايه 85) و هذا عقابا لهم لانهم اعموا بصائرهم عن الحقيقة بعد ان تبدت لهم و اضحه جلية،
فضلوا و اضلوا.

ويطوي ذلك المشهد و ابليس يتحرق غيظا من ادم،
متمنيا غوايتة و سلبة النعم التي منحة الله اياها،
ليعرض مشهد احدث هو مشهد ادم و ربما خلق الله تعالى له زوجه تسكن اليها نفسه،
وتطيب فيها حياته،
{ومن اياتة ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم موده و رحمة…} (30 الروم ايه 21)،
ويامرهما بالدخول الى الجنه حيث النعيم الخالد،
ويبيح لهما ان ياكلا من ثمار الجنه و من خيراتها ما شاءا،
الا شجره واحده حرمها عليهما لغايه يعلمها الله عز و جل.
وهذا اول تكليف الهى لادم و زوجه،
فية امر بعدم الاقتراب من شجره معينة،
سبقة توضيح مدي حقد ابليس عليهما،
وعداوتة لهما..
وفية انذار لادم بان التجاوب مع ابليس لن ينجم عنه الا الشقاء،
قال تعالى: {فقلنا يا ادم ان ذلك عدو لك و لزوجك فلا يظهرنكما من الجنه فتشقى} (20 طة ايه 117) و بطبيعه الحال،
فقد اغتاظ ابليس و هو يري ادم يرفل فنعيم الجنه المقيم،
وراحت نيران العهد الذي قطعة على نفسة باغواء ادم و ذريتة تتاجج فصدره،
ما دامت الحياة قائمة.

وياكل ادم و زوجة من الشجره المحظوره مدفوعين بوسوسه الشيطان،
ومنخدعين بمسوح التدين الذي ظهر فيه امامهما و هذي اخطر نقطه ضعف ممكن ان يستغل فيها الاناس الطيبون حيث صار يقسم لهما الايمان على صدقه،
واراده الخير لهما،
{وقاسمهما انني لكما من الناصحين}،
وانساب اليهما من نقطه ضعفهما،
بعد ان عرف هذي النقطة،
وهي الانقياد لغريزتى حب التملك و البقاء،
وهما من احسن النزعات التي تتملك الانسان و اهمها،
فقال له: {..ياادم هل ادلك على شجره الخلد و ملك لا يبلى} (20 طة ايه 120) فاستجاب ادم و زوجة لاغوائة و اكلا من الشجره ناسيين،
وما كادا يفعلان،
حتي انكشف ما خفى عليهما من سوء عاقبه مخالفه امر الله سبحانة و تعالى،
وادركا فداحه خطئهما،
عندها تدخلت الذات الالهيه معاتبه مؤنبة؛
بان كنت ربما نهيتكما عن الطعام من هذي الشجرة،
وبينت لكما ان الشيطان عدو لكما،
فلم المعصية؟.

علي ان سرعه الانزلاق نحو المعصيه عند ادم،
قابلتها سرعه الرجوع و الانابه الى الله،
وهذا هو الفرق بين ادم و ابليس،
فالاول احاط بخطيئتة و رجع عنها،
والثاني احاطت فيه خطيئتة باصرارة عليها.
وهكذا ندم ادم على مخالفته،
واعلن و زوجة التوبه و الانابه كما علمهما سبحانة فقالا: {ربنا ظلمنا انفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين} فقبل تعالى توبتهما و اجتباهما.
اما ابليس فقد اصر على ذنبه،
وركبة الغرور،
فامهلة تعالى الى يوم الدين،
ومكنة من ان يري بنى ادم من حيث لا يرونه،
وان ياتيهم من بين ايديهم و من خلفهم و عن ايمانهم و شمائلهم،
ولكنة حصنهم فمواجهتة بالهدايه و الايمان،
واعد لابليس فالاخره جحيما دائما و عذابا مقيما.

واما ما كان من امر ادم عليه السلام فان الله بعد ان تاب عليه،
امرة هو و زوجة و ابليس ان يهبطوا الى الارض،
وحذر ادم من مهادنه ابليس او الركون اليه،
وبين له ان الارض هي مسكنة فالدنيا الى ان ينقضى اجلة فيها.
وبذلك اذن تعالى ببدء المعركه بين الخير و الشر الى احدث الزمان،
ثم يصبح يوم الحساب و تكون العاقبه الحسني للمتقين الاخيار.

وختاما لهذا الفصل اري ان ناخذ العبره من هذي الايات الكريمة،
دونما حاجة الى الدخول فجدل عقيم حول حقيقة الجنه التي عناها الله تعالى و مكانها؛
افى الارض هي ام فالسماء،
وعلينا ان نبتعد عن المخاصمه الفلسفيه لئلا نهبط فمتاهات تفرق القلوب و تشتت العقول؛
والاهم من هذا كله ان نصدق فامتثال اوامر الله و تجنب نواهيه؛
متجملين بادب الحوار الايجابي المثمر،
وان ندرك ان جميع فرد منا مسؤول شخصيا عن ادارة الخلافه الربانيه على هذي الارض،
وان و اجبة الاهم ان يتعلم {..وعلم ادم الاسماء كلها..} و ان يقوم بالتالي بمهمه تعليم الاخرين {قال يا ادم انبئهم باسمائهم .
.}،
وان يصبح النموذج الصادق فتطبيق ما تعلم،
وان يصبح النموذج الاصدق فحسن تعليمة للاخرين بالحكمه و الموعظه الحسنة.

ومن الاشارات اللطيفه التي يحسن ذكرها فختام ذلك البحث؛
ان الله تعالى عندما حذر ادم من التجاوب مع ابليس ذكر له ان نتيجة هذا سوف تكون خروجة مع زوجة من الجنة،
وشقاؤة بذلك؛
قال تعالى: {… فلا يظهرنكما من الجنه فتشقى} و لم يقل تعالى: (فتشقيا)،
وهذا يعني ان الرجل سيكون هو المكلف فهذه الدنيا بالتعب و المشقة،
تلبيه لاشياء المراة،
وصونا لها و تامينا لرفاهيتها.

 

  • لقد خلقنا الانسان ولقد خلقنا الانسان من ايه من ايه 25 الى ايه 35


معلومات عن خلق الانسان