مفاتيح الفرج هي ستة مفاتيح تفرج عن قلب المؤمن كل هم وغم، يلجا اليها كوسيلة
لاستجلاب رحمة الله وقدرته العلية في اجابة دعواته وحفظه من كل مكروه، او تلبية حاجة
من حوائج الدنيا او الاخرة. اما المفاتيح فهي القران الكريم، واسماء الله الحسنى، والصلاة، والصلاة
على الرسول عليه الصلاة والسلام، والدعاء، والتوسل والاستغفار. لكن رغم ان هذه السبعة مفاتيح وجدت
للتفريج عن المؤمن، الا انها لا تجاب منه الا بيقينه التام باجابة دعائه وصدقه التام
مع ربه.
القران الكريم:
فالقران من اكبر المعجزات التي اوجدها الله عز وجل، او قد نستطيع القول انه مجموعة
من المعجزات معا في كتاب واحد؛ فهو مليء بالاسرار والخواص الربانية التي تشفي كل مؤمن
على اختلاف حاجته او جنسه او مكانه، فمعجزاته تبدا من طريقة قراءته، فهو على قدر
من البلاغة والقوة بحيث يريح قلب المؤمن حين يتلوه ويستمع لقراءته مجودا من الاخرين، ويصلح
من شان المؤمن في اتباع اياته والعمل بها، فهو دستور حياة كامل لحياة المؤمن سياسيا
واقتصاديا وصحيا، وكل اية من ايات القران بمثابة اما محادثة الله للقارئ ليحاوره، او دعوة
مستجابة حين يقراها القارىء يستجيب الله لها، ففيه ايات الغنى لمن اراد الغنى، وفيه ايات
التيسير لمن ان اراد ان يتيسر له شيئا، وفي ايات الاجابة لمن اراد ان يستجاب
دعاؤه، وفيه ايات الشفاء لمن اراد ان يشفى من العلل والضر، وفيه ايات النصر لمن
اراد النصر، وايات لقضاء الديون ودفع الهموم، قال تعالى: “وننزل من القران ما هو شفاء
ورحمة للمؤمنين ۙ ولا يزيد الظالمين الا خسارا ” سورة الاسراء، الاية 82.
اسماء الله الحسنى:
واسماء الله تسع وتسعون اسما ذكرهم النبي عليه الصلاة والسلام في حديث له، عن ابي
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ان لله تسعة وتسعين اسما مائة
الا واحدا من احصاها دخل الجنة، انه وتر يحب الوتر”، رواه البخاري (2736) ومسلم (2677).
وقد امرنا الله بتوجيه الدعاء له بها تحببا اليه، قال تعالى: “ولله الاسماء الحسنى فادعوه
بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون”، سورة الاعراف، الاية 180. وقال
تعالى: “قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ” سورة
الاسراء، الاية 111. وليست اسماء الله محصورة بهذه التسعة وتسعين اسما، لكنهم يتميزون بخواص عجيبة
بالمداومة على الدعاء بها وتكرارها فان ابواب خير مغلقة تفتح لمن يدعو بها وتضيء حياته
وتبعد عنه الغم والهم.
الصلاة:
قال تعالى: “ياايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين”، سورة البقرة، الاية
153. فللصلاة تاثير قوي على النفس، فهي حديث بين العبد وربه وصلته به، لذلك كانت
ركنا من اركان الاسلام. وكلما كان المصلي صادقا مع ربه كان تاثير الصلاة عليه وعلى
حياته اكثر ظهورا في غمره بالخير ودفع الشرور عنه وتوفيقه في اموره. وللحفاظ على صلة
التواصل بين العبد وربه، وجدت الصلوات المسنونة المتنوعة؛ من صلاة الحاجة والاستخارة والشكر …الخ.
الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام:
قال تعالى: “ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا
تسليما”، سورة الاحزاب، الاية 56. وبذلك طلب صريح من الله بالصلاة والسلام على النبي، فالنبي
هو رسول الرحمة للامة، هدية الله لعباده، وبالصلاة والسلام عليه وكثرة ذكره تفريج للكروب وشرح
للقلوب وتيسير الامور .
الدعاء:
قال تعالى: “وقال ربكم ادعوني استجب لكم ۚ ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
داخرين”، سورة غافر، الاية 60، وقال سبحانه وتعالى: “واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب
دعوة ٱلداع اذا دعان”، سورة البقرة، الاية 186. في هاتين الايتين الكريمتين دعوة صريحة من
الله الى عبده ليدعوه وتكفل صريح باجابة الدعاء، فاذا اراد المؤمن استجابة دعواته يجب عليه
ان يصدق بعبوديته لله، وان يصدق بعمله ونيته. وكم من شخص فرج الله عنه ضيق
حاله وكربته وسجنه بدعوة واحدة.
التوسل:
فيكون بطلب الحاجة من الله عز وجل مباشرة مع الاستشفاع اليه بما يحب او بمن
يحب، اي الطلب مباشرة من الله مع ذكر ما يحب من الاشخاص او ذكر عمل
صالح قام به المتوسل، او بذكر المتوسل لحالته التي تحتاج الى قدرة الله ورحمته لاصلاحها،
وما كان من زيارة للاضرح والقبور فهو من البدع. قال تعالى: “يا ايها الذين امنوا
اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون”، سورة المائدة، الاية 35.
الاستغفار:
قال تعالى: “فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا (10) يرسل السماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم
باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا” سورة نوح، الايات 10-12، وقال سبحانه وتعالى:
“ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة الى قوتكم”
سورة هود، الاية 52. وفي ذلك دليل صريح من الله عز وجل على مدى قوة
الاستغفار في در الرزق وتفريج الهم، فهو صلة من صلات العبد بربه وتقوية العلاقة بينهما،
فالاستغفار هو توبة من ذنب وطلب المغفرة من الله، وكثرة طلب المغفرة من الله الغفار
في مقام طلب الدعاء في التفريج.
اما من وجهة نظر الشيخ الشعراوي، فان مفاتيح الفرج هي ايات من القران الكريم تعتبر
كنوزا من كنوزه، تبدا بوصف حالة وتنتهي بالاجابة، وهذه الايات قد علمها وفهمها جعفر الصادق
(وهو عالم جليل وعابد فاضل من ذرية الحسين بن علي بن ابي طالب-جعفر بن محمد
بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب) وتسمى بايات العجب، وهذا القول مقتبس
عن جعفر الصادق رضي الله عنه: “عجبت لمن خاف ولم يفزع الى قوله سبحانه “حسبنا
الله ونعم الوكيل”، فاني سمعت الله بعقبها يقول: “فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم
سوء”، وعجبت لمن اغتم ولم يفزع الى قوله سبحانه “لا اله الا انت سبحانك اني
كنت من الظالمين”، فاني سمعت الله بعقبها يقول: فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي
المؤمنين”، وعجبت لمن مكر به ولم يفزع الى قوله سبحانه: “وافوض امري الى الله ان
الله بصير بالعباد”، فاني سمعت الله بعقبها يقول: “فوقاه الله سيئات ما مكروا”، وعجبت لمن
طلب الدنيا كيف لا يفزع الى قول الله: “ما شاء الله لا قوة الا بالله”،
فاني سمعت الله بعقبها يقول: “ان ترن انا اقل منك مالا وولدا فعسى ربي ان
يؤتين خيرا من جنتك” “، رضى الله عن جعفر الصادق، ورحم الله الشيخ الشعراوي.