لمدخل تعد الكاتبة العراقية لطفية الدليمي واحدة من ابرز القاصات لا على مستوى العراق حسب
، بل على مستوى الوطن العربي ، فهي ابنة الجيل الستيني الذ هبي الذي قدم
ادبا عربيا جديدا بطعم مختلف سواء على مستوى الشعر ام على مستوى السرد ، ومن
يقرا نتاجاتها الادبية بدءا من مجموعتها القصصية الاولى عام ١٩٦٩ ( ممر الى احزان الرجال
) وصولا الى مجموعتها الاخيرة عام ١٩٩٩( ما لم يقله الرواة ) سيكتشف دينامية خاصة
للكت ابة السردية لديها وتنوعا كبيرا في موضوعاتها على الرغم من هيمنة موضوع ة المراة
على قصصها ، كذلك تكشف قصصها عن ثقافة عالية وخيال خصب وعمق في التفكي ر
ودراية باصول الكتابة السردية الراقية. تحاول هذه الدراسة ان تسلط الضوء على ظاهرة فنية جمالية
اسلوبية في قصص هذه الكاتبة ا لعراقية المبدعة هي ظاهرة توظيف ( الحواس الخمس )
كادوات بنائية في تشييد عالمها الفني القصصي ، وقد يثير هذا العنوان اكثر من علامة
استفهام لدى القارئ على اساس ان الحواس هي الوسيط المنطقي العلمي بين الانسان والعالم ويدخل
عمل ها من باب تحصيل الحاصل كما يقال ، وهذا الكلام صحيح اذا نظرنا الى
الحاسة ضمن وظيفتها المرجعية ذات البعد الواحد ، الا انها في قصص الدليمي استطاعت ان
تتجاوز تلك الصورة المرجعية الى صور اخرى ذات دلالات وابعاد تنتمي في جوهرها الى عالم
الفن لا الى الواقع ، فتحولت الحواس ضمن البناء ال سردي الى ادوات ذات وظائف
جديدة استطاعت ان تشارك في عملية الخلق الفني الابداعي من خلال امتلاكها الفاعلية التعبيرية فاصبحت
تشكل ظاهرة او ملمحا اسلوبيا لدى القاصة على الصعيدين المجازي والواقعي . ان المقصود ب
التوظيف المجازي للحاسة هو استدعاؤها لمحسوسات لا تنتمي منطقي ا ولاوظيفيا الى طبيعتها العضوية فالانف
على سبيل المثال بوساطة الشم يستقطب رائحة الحزن او الحقد او الحب وهكذا ، استطاعت
ان تؤشر تميز النسيج اللغوي السردي للقاصة ومن ثم تطور ا سلوب الكتابة لديها ،
اما وظيفتها الواقعية فقد اشرت امكانات الكاتبة في امتلاكها ادواتها الفنية المتنوعة المبتكرة لبناء عوالمها
الفنية . اما المقصود با لتوظيف الواقعي فهو استخدام الية عمل الحواس كما في صورتها
الواقعية المرجعية وتوظيفها في بناء الحدث القصصي لكن بالقدر الذي يحقق للنص وظيفته الفنية الجمالية
( الشعرية ) ، على هذا النحو ستكون امامنا طريقتان في التحليل ترتبط ا لواحدة
بالا خرى ارتباطا كبيرا ، ففي الاولى سيكون الجهد منصبا على بنية النسيج اللغوي الذي
سيقودنا الى انتاج الدلالة ، اذ سيكون عملنا ا قرب الى تحليل النص الشعري من
خلال التركيز على ( اللغة ) ، اما ال طريقة الاخرى فسنبحث في مدى ارتباط
الحاسة بالنص وبنائه الفني ، وبقدر هذه العلاقة تحقق الحاسة وظيفتها الشعرية . ما تجدر
الاشارة اليه بعد ان انهينا دراسة المجموعات القصصية للدليمي ان الالفاظ التي تصف فعل الحواس
المختلفة تشكل مجموعة من المحاور ، كل محور يم ثل معجما لفظيا خاصا بالحاسة المعينة
، ف ( حاسة الشم ) تشكل معجما لفظيا خاصا اصطفت في ه مجموعة من
الالفاظ : ( الشم رائحة عبير عطر شذى استنشاق .. ) ، وحاسة الس مع
تمثل معجما خاصا اصطفت فيه مجموعة اخرى من الالفاظ : ( اسمع Click here to
buy ABBYY PDF Transformer 2.0 www.ABBYY.com Click here to buy ABBYY PDF Transformer 2.0 www.ABBYY.com
مجلة كلیة التربیة العدد التاسع ___________________________________________________________________________________ ˺˾́ موسيقى صوت راديو … ) ، و حاسة
الذوق : ( حلو مر اتذوق طعم طيب … ) وهكذا بالنسبة لالفاظ الحواس الاخرى.
لقد قامت الدراسة على ثلاثة مباحث هي ، الاول ( التوظيف المجازي للحواس الخمس )
الذي سنتناول فيه الادوار البنائية المجازية لكل حاسة ضمن البنى السردية المهمة : الشخصية والزمان
والمك ان ، وقد بدانا بالتوظيف المجازي للحواس لهيمنتها على مستوى المجاميع القصصية للكاتبة التي
كانت جميعها ضمن دائرة البحث ابتداء من مجموعتها الستينية ( ممر الى احزان الرجال ١٩٦٩
) وانتهاء بمجموعتها القصصية ( ما لم يقله الرواة ١٩٩٩ ) ، اما المبحث الثاني
( التوظيف الواقعي للحواس الخمس ) فاننا سنتناول فيه ايضا الادوار البنائية لهذه الحواس بصورتها
المرجعية الواقعية ضمن البنى السردي ة ذاتها التي درسنا فيها الحواس مجازيا ، ففي الحضور
الواقعي للحواس
بدراسة الظواهر الفنية التي ميزت الكتابة السردية للكاتبة لطفية الدليمي فجاء بعنوان ( التحولات الدلالية
وشعرية الخطاب القصصي ) ، وقد جاء على شقين اثني ن ، الاول ، خاص
با لتحولات الدلالية الصغيرة التي درسنا فيها شعرية التشبيه وشعرية تراسل الحواس وشعرية الكناية ،
اما الشق الاخر ، فاختص بدراسة الوسائط التي تحركت على مستوى الوحدات الكبرى ، ودرسنا
فيها المفارقة والعلامات السيميائية والمعادل الموضوعي فضلا عن استخدام المرايا وايضا الحوار الخارجي . ختاما
اتمنى ا ن تكون هذه الدراسة قد قدمت موضوعا جديدا في مجال النقد القصصي سيما
اننا درسنا الحواس بطريقة سعت للافادة من المنهجيات النصية لاسيما الفنية و الاسلوبية ، كما
انها انفتحت على فنون ادبية اخرى كالشعر والسينما . كما ا شير ايضا الى اننا
ابتعدنا قدر المستطاع عن الخوض في الجوانب النظرية التي تتعلق ببعض العناصر السردية ضمن الجانب
التنظيري لاننا نعتقد ان من سبقنا قد قد م الشيء الكثير في ذلك ، كما
ان ا همية دراسة الحواس تكمن في الجانب الا جرائي التحليلي ، لذا كان الجهد
م نصبا عل ى مستوى التحليل فكان تعرضنا لها بالقدر الذي يتعلق بموضوعنا ويجنبنا التكرار
.