رحمه الله تعالى: معنى قوله تعالى (ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا) ان
كل من اعرض عن ذكر الله وهذا يشمل الاعراض عن ذكره الذي هو القران والوحي
الذي انزله على انبيائه ورسله ويشمل الذكر الذي هو ذكر الله تعالى بالقلب وباللسان وبالجوارح
فمن اعرض عن هذا وهذا فانه يعاقب بهذه العقوبة العظيمة فان له معيشة ضنكا وهذه
المعيشة الضنك قيل ان المراد بها تضييق القبر عليه بعد موته وقيل ان المراد بها
ما هو اعم وحتى وان بقي في دنياه فانه لا يكون منشرح الصدر ولا يكون
مطمئن القلب وذلك لانه لا عيش انعم ولا اطيب من عيش من امن بالله وعمل
صالحا كما قال الله تعالى (من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه
حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون) وقال بعض السلف لو يعلم الملوك وابناء
الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف لان الايمان مع العمل الصالح يوجب للانسان الانشراح
والطمانينة ويكون في قلبه نور ويكون راضيا بقضاء الله وقدره في المكاره والمحاب فلا يوجد
احد انعم منه وهذا القول اقرب الى الصواب ان المعيشة الضنك تشمل هذا وهذا في
القبر وكذلك في الدنيا اما بعد الحشر فانه يحشر والعياذ بالله يوم القيامة اعمى كما
قال الله تعالى (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ماواهم جهنم كلما خبت
زدناهم سعيرا) وحينئذ يسال لا سؤال استعتاب ولكن سؤال استظهار لم حشرتني اعمى وقد كنت
بصيرا وهذا لاجل اقامة الحجة عليه وخزيه والعياذ بالله يوم القيامة فيقول الله له (كذلك
اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) وكذلك نجزي من اسرف ولم يؤمن بايات ربه).