الاية الثانية والخمسون : قوله تعالى : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة
الله والله رءوف بالعباد } فيها مسالتان :
المسالة الاولى : في سبب نزولها اربعة اقوال :
الاول : نزلت في الجهاد .
الثاني : فيمن يقتحم القتال ; ارسل عمر رضي الله عنه جيشا فحاصروا حصنا [
ص: 203 ] فتقدم رجل عليه فقاتل فقتل ، فقال الناس : القى بيده للتهلكة
، فبلغ ذلك عمر فقال : كذبوا ; او ليس الله تعالى يقول : {
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله } وحمل هشام بن عامر على الصف
حتى شقه ، فقال ابو هريرة : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة
الله } .
الثالث : نزلت في الهجرة وترك المال والديار لاجلها ; روي ان صهيبا اخذه اهله
وهو قاصد النبي صلى الله عليه وسلم فافتدى منهم بماله ، ثم ادركه اخر فافتدى
منه ببقية ماله ، وغيره عمل عمله فاثنى عليهم .
الرابع : انها نزلت في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ; قاله عمر ، وقرا
هذه الاية واسترجع ، وقال : قام رجل يامر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل .
ويروى ان عمر رضي الله عنه كان اذا صلى الصبح دخل مربدا له ، فارسل
الى فتيان قد قرءوا القران ، منهم ابن عباس وابن اخي عنبسة فقرءوا القران ،
فاذا كانت القائلة انصرفوا . قال : فمروا بهذه الاية : { واذا قيل له
اتق الله اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء
مرضاة الله والله رءوف بالعباد } فقال ابن عباس لبعض من كان الى جانبه :
اقتتل الرجلان . فسمع عمر رضي الله عنه ما قال ، فقال : اي شيء
قلت ؟ قال : لا شيء . قال : ماذا قلت ؟ قال : فلما
راى ذلك ابن عباس قال : ارى هذا اخذته العزة بالاثم من امره بتقوى الله
، فيقول هذا : وانا اشري نفسي ابتغاء مرضاة الله فيقاتله ، فاقتتل الرجلان .
فقال عمر : لله تلادك يا ابن عباس .