احلى مواضيع جديدة

وكل اتيه يوم القيامة فردا

وكل اتيه يوم القيامة فردا A231Cce1Cf267A3C61406E7F74Cbf99B

وكل اتيه يوم القيامة فردا A231Cce1Cf267A3C61406E7F74Cbf99B

لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسى عليه السلام، وذكر خلقه من مريم
بلا اب، شرع في مقام الانكار على من زعم ان له ولدا، تعالى وتقدس وتنزه
عن ذلك علوا كبيرا فقال: { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم} اي في قولكم،
هذا { شيئا ادا} ، قال ابن عباس: اي عظيما، وقوله: { تكاد السماوات يتفطرن
منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا ان دعوا للرحمن ولدا} اي يكاد يكون ذلك عند
سماعهن هذه المقالة من فجرة بني ادم اعظاما للرب واجلالا، لانهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده
وانه لا اله الا هو، قال ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: { تكاد
السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا . ان دعوا للرحمن ولدا} قال: ان
الشرك فزعت منه السماوات والارض والجبال وجميع الخلائق الا الثقلين، وكادت تزول منه لعظمة الله،
وكما لا ينفع مع الشرك احسان المشرك كذلك نرجو ان يغفر الله ذنوب الموحدين، وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم شهادة ان لا اله الا الله، فمن
قالها عند موته وجبت له الجنة)، فقالوا: يا رسول الله فمن قالها في صحته؟ قال:
(تلك اوجب واوجب)، ثم قال: (والذي نفسي بيده لو جيء بالسماوات والارضين وما فيهن وما
بينهن وما تحتهن فوضعن في كفة الميزان ووضعت شهادة ان لا اله الا الله في
الكفة الاخرى لرجحت بهن) “”هكذا رواه ابن جرير ويشهد له حديث البطاقة والله اعلم””، وقال
الضحاك { تكاد السماوات يتفطرن منه} اي يتشققن فرقا من عظمة الله. وقال عبد الرحمن
بن زيد { وتنشق الارض} اي غضبا له عز وجل، { وتخر الجبال هدا} ،
قال ابن عباس: هدما، وقال سعيد بن جبير: هدا ينكسر بعضها على بعض متتابعات. عن
عون بن عبد الله: قال ان الجبل لينادي الجبل باسمه: يا فلان هل مر بك
اليوم ذكر الله عز وجل؟ فيقول: نعم ويستبشر، قال عون: لهي للخير اسمع، افيسمعن الزور
والباطل، اذا قيل ولا يسمعن غيره؟ ثم قرا { تكاد السماوات يتفطرن منه} “”اخرجه ابن
ابي حاتم””الاية وعن ابي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (لا احد اصبر على اذى سمعه من الله ان يشرك به ويجعل له ولد،
وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم) اخرجاه في الصحيحين. وفي لفظ: (انهم يجعلون له ولدا وهو
يرزقهم ويعافيهم). وقوله: { وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا} اي لا يصلح له ولا
يليق به لجلاله وعظمته، لانه لا كفء له من خلقه، لان جميع الخلائق عبيد له،
ولهذا قال: { ان كل من في السماوات والارض الا اتى الرحمن عبدا . لقد
احصاهم وعدهم عدا} اي قد علم عددهم، منذ خلقهم الى يوم القيامة، ذكرهم وانثاهم وصغيرهم
وكبيرهم، { وكلهم اتيه يوم القيامة فردا} اي لا ناصر ولا مجير الا الله وحده
لا شريك له، فيحكم في خلقه بما يشاء، هو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة
ولا يظلم احدا.

تفسير الجلالين
{ وكلهم اتيه يوم القيامة فردا } بلا مال ولا نصير يمنعه .
تفسير الطبري
{ وكلهم اتيه يوم القيامة فردا } يقول : وجميع خلقه سوف يرد عليه يوم
تقوم الساعة وحيدا لا ناصر له من الله , ولا دافع عنه , فيقضي الله
فيه ما هو قاض , ويصنع به ما هو صانع . { وكلهم اتيه يوم
القيامة فردا } يقول : وجميع خلقه سوف يرد عليه يوم تقوم الساعة وحيدا لا
ناصر له من الله , ولا دافع عنه , فيقضي الله فيه ما هو قاض
, ويصنع به ما هو صانع .’
تفسير القرطبي
قوله تعالى { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} يعني اليهود والنصارى، ومن زعم ان الملائكة بنات
الله. وقرا يحيى وحمزة والكسائي وعاصم وخلف { ولدا} بضم الواو واسكان اللام، في اربعة
مواضع : من هذه السورة قوله تعالى : { لاوتين مالا وولدا} [مريم : 77]وقد
تقدم قوله وقوله { ان دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا} .
وفي سورة نوح { ماله وولده} [نوح : 21] ووافقهم في { نوح} خاصة ابن
كثير ومجاهد وحميد وابو عمرو ويعقوب. والباقون في الكل بالفتح في الواو واللام وهما لغتان
مثل والعرب والعرب والعجم والعجم قال : ولقد رايت معاشرا ** قد ثمروا مالا وولدا
وقال اخر وليت فلانا كان في بطن امه ** وليت فلانا كان ولد حمار وقال
في معنى ذلك النابغة : مهلا فداء لك الاقوام كلهم ** وما اثمر من مال
ومن ولد ففتح. وقيس يجعلون الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحد قال الجوهري الولد قد
يكون واحدا وجمعا وكذلك الولد بالضم ومن امثال بني اسد ولدك من دمى عقبيك وقد
يكون الولد جمع الولد مثل اسد واسد والولد بالكسر لغة في الولد النحاس وفرق ابو
عبيدة بينهما فزعم ان الولد يكون للاهل والولد جميعا قال ابو جعفر وهذا قول مردود
لا يعرفه احد من اهل اللغة ولا يكون الولد والولد الا ولد الرجل، وولد ولده،
الا ان ولدا اكثر في كلام العرب؛ كما قال : مهلا فداء لك الاقوام كلهم
** وما اثمر من مال ومن ولد قال ابو جعفر وسمعت محمد بن الوليد يقول
: يجوز ان يكون ولد جمع ولد كما يقال وثن ووثن واسد واسد، ويجوز ان
يكون ولد وولد بمعنى واحد كما يقال عجم وعجم وعرب وعرب كما تقدم. قوله تعالى
{ لقد جئتم شيئا ادا} اي منكرا عظيما؛ عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. قال الجوهري
: الاد والادة الداهية والامر الفظيع ومنه قوله تعالى { لقد جئتم شيئا ادا} وكذلك
الاد مثل فاعل. وجمع الادة ادد. وادت فلانا داهية تؤده ادا (بالفتح). والاد ايضا الشدة.
[والاد الغلبة والقوة] قال الراجز : نضون عني شدة وادا ** من بعد ما كنت
صملا جلدا انتهى كلامه. وقرا ابو عبدالله وابو عبدالرحمن السلمي { ادا} بفتح الهمزة النحاس
يقال اد يؤد ادا فهو اد والاسم الاد؛ اذا جاء بشيء عظيم منكر وقال الراجز
قد لقي الاقران مني نكرا ** داهية دهياء ادا امرا عن غير النحاس الثعلبي وفيه
ثلاث لغات { ادا} بالكسر وهي قراءة العامة { وادا} بالفتح وهى قراءة السلمي و
{ اد} مثل ماد وهي لغة لبعض العرب رويت عن ابن عباس وابي العالية؛ وكانها
ماخوذة من الثقل [يقال] : اده الحمل يؤوده اودا اثقله. قوله تعالى { تكاد السماوات}
قراءة العامة هنا وفي { الشورى} بالتاء. وقراءة نافع ويحي والكسائي { يكاد} بالياء لتقدم
الفعل. { يتفطرن منه} اي يتشققن وقرا نافع وابن كثير وحفص وغيرهم بتاء بعد الياء
وشد الطاء من هنا وفي { الشورى} ووافقهم حمزة وابن عامر في { الشورى} وقرا
هنا { ينفطرن} من الانفطار وكذلك قراها ابو عمرو وابو بكر والمفضل في السورتين. وهي
اختيار ابي عبيد تعالى { اذا السماء انفطرت} [الانفطار : 1] وقوله { السماء منفطر
به} [المزمل : 18] وقوله { وتنشق الارض} اي تتصدع { وتخر الجبال هدا} قال
ابن عباس : (هدما اي تسقط بصوت شديد) وفي الحديث (اللهم اني اعوذ بك من
الهد والهدة) قال شمر قال احسد بن غياث المروزي الهد الهدم والهدة الخسوف. وقال الليث
هو الهدم الشديد كحائط يهد بمرة يقال هدني الامر وهد ركني اي كسرني وبلغ مني
قاله الهوري الجوهري وهد البناء يهده هدا كسره وضعفه وهدته المصيبة اي اوهنت ركنه وانهد
الجبل انكسر. الاصمعي : والهد الرجل الضعيف يقول الرجل للرجل اذا اوعده اني لغير هد
اي غير ضعيف وقال ابن الاعرابي : الهد من الرجال الجواد الكريم واما الجبان الضعيف
فهو الهد بالكسر وانشد : ليسوا بهدين في الحروب اذا ** تعقد فوق الحراقف النطق
والهدة صوت وقع الحائط ونحوه تقول هديه (بالكسر) هديدا والهاد صوت يسمعه اهل الساحل ياتيهم
من قبل البحر له دوي الارض وربما كانت منه الزلزلة ودويه هديه النحاس { هدا}
مصدر لان معنى { تخر} تهد وقال غيره حال اي مهدودة { ان دعوا للرحمن
ولدا} { ان} في موضع نصب عند الفراء لان دعوا ومن ان دعوا فموضع {
ان} نصب بسقوط الخافض وزعم الفراء ان الكسائي قال هي في موضع خفض بتقدير الخافض
وذكر ابن المبارك : حدثنا عن واصل عن عون بن عبدالله قال قال عبدالله بن
مسعود : ان الجبل ليقول للجبل يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله؟ فان
قال نعم سر به ثم قرا عبدالله { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} الاية قال افتراهن
يسمعن الزور ولا يسمعن الخير؟! قال وحدثني عوف عن غالب بن عجرد قال حدثني رجل
من اهل الشام في مسجد منى قال ان الله تعالى لما خلق الارض وخلق ما
فيها من الشجر لم تك في الارض شجرة ياتيها بنو ادم الا اصابوا منها منفعة
وكان لهم منها منفعة، فلم تزل الارض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني ادم تلك
الكلمة العظيمة قولهم { اتخذ الرحمن ولدا} فلما قالوها اقشعر الارض وشاك الشجر وقال ابن
عباس اقشعرت الجبال وما فيها من الاشجار والبحار وما فيها من الحيتان فصار من ذلك
الشوك في الحيتان وفي الاشجار الشوك وقال ابن عباس ايضا وكعب فزعت السموات والارض والجبال
وجميع المخلوقات الا الثقلين وكادت ان تزول وغضبت الملائكة فاستعرت جهنم وشاك الشجر واكفهرت الارض
وجدبت حين قالوا { اتخذ الله ولدا} وقال محمد بن كعب لقد كاد اعداء الله
ان يقيموا علينا الساعة لقوله تعالى { تكاد لسموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال
هدا ان دعوا للرحمن ولدا} قال ابن العربي وصدق فانه قول عظيم سبق به القضاء
والقدر ولولا ان الباري تبارك وتعالى لا يضعه كفر الكافر ولا يرفعه ايمان المؤمن ولا
يزيد هذا في ملكه كما لا ينقص ذلك من ملكه لما جرى شيء من هذا
على الالسنة ولكنه القدوس الحكيم الحليم فلم يبال بعد ذلك بما يقول المبطلون قوله تعالى
{ وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا} فيه اربع مسائل: الاولى: قوله تعالى { وما
ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا} نفى عن نفسه سبحانه وتعالى الولد لان الولد يقتضي الجنسية
والحدوث على ما بيناه في { البقرة} اي لا يليق به ذلك ولا يوصف به
ولا يجوز في حقه لانه لا يكون ولد الا من والد يكون له والد واصل
والله سبحانه يتعالى عن ذلك ويتقدس قال في راس خلقاء من عنقاء مشرفة ** ما
ينبغي دونها سهل ولا جبل { ان كل من في السماوات والارض} { ان} نافية
بمعنى ما اي ما كل من في السموات والارض الا وهو ياتي يوم القيامة مقرا
له بالعبودية خاضعا ذليلا كما قال { و كل اتوه داخرين} [النمل : 87] اي
صاغرين اذلاء اي الخلق كلهم عبيده فكيف يكون واحد منهم ولدا له عز وجل تعالى
عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا و { اتي} بالياء في الخط والاصل التنوين فحذف
استخفافا واضيف. الثانية: في هذه الاية دليل على انه لا يجوز ان يكون الولد مملوكا
للوالد خلافا لمن قال انه يشتريه فيملكه ولا يعتق عليه الا اذا اعتقه وقد ابان
الله تعالى المنافاة بين الاولاد والملك فاذا ملك الوالد ولده بنوع من التصرفات عتق عليه
ووجه الدليل عليه من هذه الاية ان الله تعالى جعل الولدية والعبدية في طرفي تقابل
فنفى احدهما واثبت الاخر ولو اجتمعا لما كان لهذا القول فائدة يقع الاحتجاج بها وفي
الحديث الصحيح (لا يجزي ولد والدا الا ان يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه) اخرجه مسلم فاذا
لم يملك الاب ابنه مع مرتبته عليه فالابن بعدم ملك الاب اولى لقصوره عنه. الثالثة:
ذهب اسحاق بن راهويه في تاويل قول عليه الصلاة والسلام (من اعتق شركا له في
عبد) ان المراد به ذكور العبيد دون اناثهم فلا يكمل على من اعتق شركا في
انثى وهو على خلاف ما ذهب اليه الجمهور من السلف ومن بعدهم فانهم لم يفرقوا
بين الذكر والانثى لان لفظ العبد يراد به الجنس كما قال تعالى { ان كل
من في السموات والارض الا اتي الرحمن عبدا} فانه قد يتناول الذكر والانثى من العبد
قطعا، وتمسك اسحاق بانه حكى عبدة في المؤنث الرابعة: روى البخاري عن ابي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول الله تبارك وتعالى كذبني بن ادم ولم
يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه اياي فقول ليس يعيدني كما
بداني وليس اول الخلق باهون علي من اعادته واما شتمه اياي فقول اتخذ الله ولدا
وانا الاحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لي كفوا احد) وقد تقدم في
{ البقرة} وغيرها واعادته في مثل هذا الموضع حسن جدا. قوله تعالى { لقد احصاهم}
اي علم عددهم { وعدهم عدا} تاكيد اي فلا يخفى عليه احد منهم. قلت ووقع
لنا في اسمائه سبحانه المحصي اعني في السنة من حديث ابي هريرة خرجه الترمذي. واشتقاق
هذا الفعل يدل عليه وقال الاستاذ ابو اسحاق الاسفرايني ومنها المحصي ويختص بانه لا تشغله
الكثرة عن العلم مثل ضوء النور واشتداد الريح وتساقط الاوراق فيعلم عند ذلك اجزاء الحركات
في رقة وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق وقد قال { الا يعلم من خلق
وهو اللطيف الخبير} ووقع في تفسير ابن عباس ان معنى { لقد احصاهم وعدهم عدا}
يريد اقروا له بالعبودية وشهدوا له بالربوبية. قوله تعالى { وكلهم اتيه يوم القيامة فردا}
اي واحدا لا ناصر له ولا مال معه ينفعه كما قال تعالى { يوم لا
ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم} فلا ينفعه الا ما قدم
من عمل وقال { وكلهم اتيه} على لفظ وعلى المعنى اتوه وقال القشيري وفيه اشارة
الى انكم لا ترضون لانفسكم باستعباد اولادكم والكل عبيده فكيف رضيتم له مالا ترضون لانفسكم
وقد رد عليهم في مثل هذا في انهم لا يرضون لانفسهم بالبنات ويقولون الملائكة بنات
الله تعالى الله عن ذلك وقولهم الاصنام الله وقال { فما كان لشركائهم فلا يصل
الى الله وما كان لله فهو يصل الى شركائهم} [الانعام : 136].

السابق
حساب اسابيع الحمل بالميلادي
التالي
حبك قتلني